بوتين: لا يحقّ لأحد استغلال مأساتها لأغراضه السياسية الضيّقة

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن لا أحد يملك الحق باستغلال مأساة تحطم الطائرة الماليزية لتحقيق غاياته السياسية الضيقة، مجدداً الدعوة لإجراء تحقيق دولي موضوعي في أسباب الكارثة.

وفي كلمة متلفزة بثت بعد منتصف ليل أمس، انتهز بوتين حادث سقوط الطائرة الماليزية ليجدد التذكير بموقف موسكو من الأزمة الأوكرانية بالقول: «لقد دعونا مراراً طرفي النزاع في أوكرانيا لوقف إراقة الدماء، والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وأضاف: «أقول بكامل الثقة أنه لو لم تُستأنف العملية العسكرية ضد مناطق شرقي أوكرانيا في 28 حزيران الماضي لما وقعت هذه المأساة بكل تأكيد، ومع ذلك لا أحد يملك الحق باستغلال هذه المأساة لتحقيق غاياته السياسية الضيقة .. مثل هذه الأحداث ينبغي أن توحدنا لا أن تفرقنا».

وأكد بوتين أن التحقيق في أسباب تحطم طائرة البوينغ الماليزية في أوكرانيا يجب أن يتم بإشراف المنظمة الدولية للطيران المدني، ويجب على جميع الأطراف أن تعمل ما بوسعها لضمان أمن خبراء التحقيق الدوليين في مكان الكارثة وتفتح ممرات إنسانية آمنة لتأمين عملها.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق: «إن صندوقي الطائرة المتحطمة شرق أوكرانيا سيتم تسليمهما للخبراء الماليزيين». مؤكداً أن «سلطات بلاده توصلت إلى اتفاق مع ألكسندر بوروداي رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية، بشأن إتاحة إمكان وصول الخبراء الماليزيين إلى موقع تحطم طائرة بوينغ.

و أشار إلى أن «السيد بوروداي وجماعته يتعاونون معنا. أرجو من جميع الأطراف مواصلة العمل معاً من أجل التأكد من أن الاتفاقية يتم الالتزام بها، وأن جثامين مواطنينا والصندوقين الأسودين تُسلم إلينا، وأن يتاح للفريق الدولي الوصول إلى موقع التحطم».

و في السياق، قالت وزارة الخارجية الروسية يوم أمس إن «التحقيق في تحطم طائرة الركاب الماليزية من طراز بوينغ 777 معقد بسبب عدم وجود اتفاق بين الأطراف المتحاربة في جنوب شرقي أوكرانيا».

ونقلت وكالة «ايتار تاس»الروسية عن الوزارة قولها: إن «تحقيقاً واسع النطاق بشأن حادث تحطم الطائرة واجه معوقات بسبب عدم وجود اتفاق بين الأطراف المتحاربة في النزاعات الداخلية الأوكرانية، بشأن ضمان أمن المتخصصين الأجانب الذين لا يزالون يقيمون في كييف وخاركوف». وأضافت: أنه «لم يتم تأكيد التقارير المتاحة لدى الوزارة بشأن مشاركة ممثلين من ماليزيا في التحقيق في موقع تحطم الطائرة في 20 تموز الجاري».

وفي السياق، قدمت روسيا إلى مجلس الأمن الدولي أمس مشروع قرار يطالب بإجراء تحقيق دولي موضوعي في أسباب تحطم الطائرة الماليزية شرقي أوكرانيا.

وأكد فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة للصحافيين أن «مشروع القرار الروسي بهذا الشأن يتخلف عما قدمته أستراليا». وقال: إن «الاختلاف الرئيسي بين المشروعين هو أن مشروعنا يطالب بوضوح بإجراء تحقيق دولي موضوعي، تحت إشراف المنظمة الدولية للطيران المدني».

ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار تقدمت به أستراليا يدعو بشكل رئيسي إلى « تأمين ممر إلى منطقة الكارثة»، حسب مندوب فرنسا الدائم لدى المنظمة الدولية، ويدعو إلى دعم الجهود لإجراء «تحقيق دولي دقيق ومستقل في الحادث بما يتماشى ومبادئ الطيران المدني الدولي».

ويطالب المشروع كذلك قوات الدفاع الشعبي شرقي أوكرانيا، التي تسيطر على منطقة سقوط الطائرة الماليزية بـ « الامتناع عن أي تحركات يمكن أن تلحق الضرر بسلامة الأدلة»وكذلك بتأمين «دخول آمن وكامل وفوري»للمحققين إلى منطقة الحادث.

كذلك ينص المشروع على أن الطائرة المدنية أُسقطت، ويطالب بمحاكمة جميع المتورطين، كما يطالب جميع دول المنطقة بالامتناع عن القيام بأي أعمال عدوانية ضد الطائرات المدنية.

لكن تشوركين اعتبر أن «المشروع الاسترالي يحوي عبارات «فضفاضة بعض الشيء وعلينا أن نفسرها»حسب تعبيره، و قال: إن «موسكو ستؤيد مشروع القرار الأسترالي إذا نص صراحة على إجراء تحقيق دولي موضوعي تحت إشراف المنظمة الدولية للطيران المدني، معيدا إلى الأذهان أن مجلس الأمن الدولي تبنّى، حينما دمرت البحرية الأميركية طائرة مدنية إيرانية عام 1988، قراراً يطالب فيه بإجراء تحقيق تحت إشراف المنظمة الدولية للطيران المدني».

وقال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة ليال غرانت: إن «العمل على مشروع قرار مجلس الأمن حول تحطم الطائرة الماليزية في أوكرانيا انتهى»، مشيراً إلى أنه «تم إدخال تعديلات على مشروع القرار الأسترالي،من دون أن يذكر ماهيتها».

إلا أن مصادر في الأمم المتحدة ذكرت أنه ادخل على مشروع القرار الأسترالي أجزاء من نص مشروع القرار الروسي الذي تقدمت به موسكو في وقت لاحق.

و في السياق، رحب الرئيس الأميركي باراك أوباما باستعداد روسيا للمساهمة في إجراء تحقيق نزيه لحادث الطائرة الماليزية، لكنه طلب منها أن تقنع من سمّاهم «الانفصاليين»بالتعاون مع المحققيقن.

وفي خطاب ألقاه في واشنطن يوم أمس قال أوباما: إن «روسيا بموجب نفوذها الكبير لدى «الانفصاليين»في شرق أوكرانيا، «مسؤولة مباشرة عن كفّ الانفصاليين عن تزوير الأدلة ومنع الخبراء من الوصول إلى مكان تحطم الطائرة»، حسب قوله، مشيراً إلى أنه في ظل الوضع القائم يجب أن يتمتع الخبراء بإمكان إجراء «تحقيق شفاف»لكارثة الطائرة الماليزية.

وفي تطرقه إلى الأزمة الأوكرانية بشكل عام، أشار الرئيس الأميركي الى إن «واشنطن كانت ولا تزال تفضّل إيجاد حل دبلوماسي في أراضي أوكرانيا، معرباً عن اعتقاده بأن مثل هذا الحلّ لا يزال ممكناً».

إلى ذلك، أمر الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو «قواته المسلحة بوقف الأعمال العسكرية في دائرة قطرها 40 كيلومتراً حول مكان سقوط طائرة الركاب الماليزية»، وقال في تصريح للصحافيين أثناء زيارته لسفارة ماليزيا في كييف: «أعطيت تعليماتي للعسكريين الأوكرانيين بوجوب عدم إجراء عمليات وعدم إطلاق النار فوراً في منطقة قطرها 40 كيلومتراً حول مكان المأساة، من أجل تأمين عمل الخبراء».

من جهة أخرى، أشار الرئيس الأوكراني إلى أنه أعطى تعليماته بدعوة خبراء روس للمشاركة في التحقيق لمعرفة أسباب الكارثة الجوية لطائرة الركاب الماليزية «بوينغ 777»في مقاطعة دونيتسك، موضحاً «دعوت بصفتي رئيساً لأوكرانيا منذ الدقائق الأولى ممثلي الدول المتضررة من الكارثة الجوية، وفي المقام الأول ممثلي هولاندا وماليزيا وألمانيا وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة، كما أعطيت تعليماتي بدعوة ممثلين عن روسيا لكي يجري كل ذلك بأقصى شفافية».

وأكدت جمهورية لوغانسك الشعبية أن «القوات الأوكرانية فشلت في الاستيلاء على تجمعات سكنية استراتيجية جراء الهجوم الذي شنته على ضواحي مدينة لوغانسك شرقي أوكرانيا».

و قالت: إن «القوات الأوكرانية شنت هجوماً جديداً لكنها فشلت في الاستيلاء على أي مدينة أو بلدة استراتيجية، وأشارت إلى أن بلدتي غيورغيفكا ويوبيليني لا تزالان تحت سيطرة جمهورية لوغانسك الشعبية».

وقال ممثلون من جيش جمهورية لوغانسك الشعبية إن «المقاتلات الأوكرانية حاولت قصف مدينة ليسيتشانسك، وأن القوات الأوكرانية تحاصر التجمّع السكني روبيجنويه وقصفت مدينة سفيردلوفسك».

وأعلن مجلس بلدية لوغانسك أن مدنيين قتلا وأصيب 12 شخصاً بجروح مختلفة أمس إثر إطلاق النار على روضة للأطفال ومدرسة ومنازل سكنية من قبل الجيش الأوكراني.

وكانت وكالة «نوفوروسيا»أعلنت في وقت سابق بدء اشتباكات بين قوات الدفاع الشعبي ووحدات الجيش الأوكراني في منطقة مطار دونيتسك في إطار العمليات العسكرية القمعية التي تقوم بها سلطات كييف في مناطق شرق أوكرانيا منذ أشهر عدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى