كيري هو من اتصل بالأتراك والقطريين!

ناصر قنديل

– كان الشغل الشاغل للمراقبين والصحافيين معرفة الهدف الذي أراده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من مؤتمره الصحافي، فتفسير أسباب العدوان بالمزايدات الانتخابية الداخلية الإسرائيلية غير مقنع وضعيف وانتقاص من كون المقاومة وضربها هدفاً دائماً للاحتلال، ولا يجوز أن يكون في اليوم السابع عشر للعدوان المدمر والإجرامي موضوعاً لمؤتمر صحافي، أما التوجه لأبطال المقاومة والشد على أيديهم وتقبيل جباههم والفخر بإنجازاتهم فموعده الطبيعي في اليوم الثاني لتدمير نخبة لواء جولاني وليس بعد ثلاثة أيام، وتعزية أسر الشهداء في الشجاعية كذلك متأخرة عن موعدها.

– المبرر الوحيد للمؤتمر الصحافي لمشعل هو بالتوقيت دخول المساعي الدولية والإقليمية للوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب مراحل متقدمة، والمتوقع في مثل هذه الحالة أحد أمرين بالنسبة لقيادة المقاومة، أن تعلن التوصل لتفاهم يراد تفسيره وتقديم المبررات لقبوله أو الإعلان عن وصول المساعي لطريق مسدود والذهاب لجولة مواجهة جديدة مفتوحة تستدعي تفسير ما بذلته المقاومة من جهود صادقة لمنح الوسطاء كل الفرص الممكنة من دون التنازل عن ثوابتها، والإعلان هنا عن الوصول لفشل المساعي لأن الثمن المراد أن تدفعه المقاومة هو خيانة لشعبها وتضحياته والمقاومة وانتصاراتها، ومشعل لم يقل هذه ولا تلك بل قال إن الجهود مستمرة وتتقدم لكنها لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوة.

– بقي أن نحاول فهم مبرر المؤتمر الصحافي وتوقيته بالصلة مع ما يجري من جهود للتوصل لاتفاق، من بعض ما ورد في كلام مشعل، وهو محصور بنقطتين، الأولى أن المقاومة والمقصود بصورة خاصة حماس مستعدة لهدنة إنسانية وهذا يعني سياسياً التمهيد لحل وسط بين طروحات المقاومة بالحل المتكامل واشتراطها أن لا وقف للنار من دون التزامن والتلازم مع إجراءات فك الحصار، والطرح الإسرائيلي بالفصل بينهما تنفيذاً لما ورد في المبادرة المصرية الأصلية التي رفضتها المقاومة وقبلتها إسرائيل، وتتضمن الإعلان والبدء بتنفيذ وقف النار للبدء بعدها بوقت معقول بالإعلان عن تفاهمات على إجراءات فك الحصار، والحل الوسط الذي يشتغل عليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون صار محدداً بالإعلان عن هدنة إنسانية لأربع وعشرين ساعة بداعي سحب الجرحى والشهداء وتمديدها لأربع وعشرين ساعة أخرى يجري خلالها الإعلان عن التوصل لاتفاق شامل لوقف الحرب.

– الأمر الثاني الذي أعلن عنه مشعل هازئاً من الذين يقولون إن هناك مسعى تركياً قطرياً لاستثمار ما يجري في غزة لانتزاع دور، فقال إن جون كيري هو الذي اتصل بكل من الأتراك والقطريين وليس هم من اتصلوا بكيري، وقد كان لافتاً أن تهتم قيادة تحمل إنجازات بحجم إعجاز غزة وأبطالها للدفاع عن سياسات حكومات، وتجعل سمعة هذه الحكومات مهمتها في لحظة يذبح فيها المئات من أبناء شعبها، وينتظر الناس مواقف من الحكومات تعلن فيه التمويل والدعم والفتاوى بالجهاد وإرسال السلاح كي تستحق مجرد التنويه من قيادة المقاومة، فكيف لا يستطيع مشعل أو قادة تركيا وقطر إنكار طبيعة العلاقة التي يترجمها وجود قاعدتي إنجرليك والعيديد الأميركيتين على الأراضي القطرية والتركية وهما أكبر القواعد الأميركية في الشرق الأوسط، أما أن يكون دفاع مشعل محوره أن كيري هو من اتصل فإن المتحدثين عن سعي قطري تركي لانتزاع دور على ظهر تضحيات وبطولات غزة لم يقولوا إن حكام الدوحة وأنقرة سيتصلون بكيري، طلباً للدور، بل سيتصلون بقيادة حماس وبالسيد مشعل شخصياً لطلب التشدد في المفاوضات حتى يصل إلى أنقرة والدوحة اتصال كيري فيكون الدور قد جرى انتزاعه بقوة التضحيات والانتصارات.

– المهم الآن وقد أدخلت حماس القطري والتركي على خط التفاوض أن لا تفرط بسقف المطالب الفلسطينية المتفق عليه مع سائر فصائل المقاومة، فتعرض الإنجاز التاريخي للتصدع، فالضغط الأميركي على القطري والتركي فعال ومؤثر خصوصاً بربطه بمقابل منح الدور، والضمانة هنا هي أن حماس صنعت لهم الدور وعليهم أن يسددوا لها الفاتورة، بتبني شروط المقاومة حيث لا وقف للنار إلا بفك الحصار، وحيث القبول بالهدنة الإنسانية كمخرج للفصل بين البندين يخشى أن يتحول لاختزال مضمون فك الحصار بمجموعة إجراءات شكلية وضوابط وضمانات تعجيزية تجهض الإنجاز.

– كلمات صعبة في لحظة صعبة نأمل أن تقرأ بسهولة وتفهم ببساطة وتؤخذ على محمل الجدّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى