إضاءة على «إنجازات» المعارضة السورية

جمال العفلق

منذ أربع سنوات، وتحديداً في السادس عشر من تموز 2011، عقد مؤتمر اسطنبول الذي جمع ما سُمّي «معارضة سورية»، وحضر المؤتمر نحو أربعمئة شخص دُعوا إلى حضور المؤتمر الذي انتهى بانقسام بين المشاركين واختلافات في الرؤية والأهداف. فأكثر الحاضرين لا تأثير شعبياً لهم ولا يملك أيّ منهم قاعدة شعبية يمكن الاعتماد عليها. وأكثر الأسماء التي تداولها الإعلام لم يسمع معظم السوريين عنها شيئاً قبل ذلك. ولأنّ المعارضة السياسية تعني تعريفاً «معارضة حزب ما أو فئة برلمانية لأعمال الحكومة والتصدي لها وكشف عيوبها»، لم تكن المعارضة السورية جاهزة آنذاك لإقناع الشعب السوري بمطالبها، وكلّ ما تحدثت عنه كان معظمه خطوطاً عريضة لا تستند الى وقائع وحقائق.والطبيعي في السياسة الإعلامية أن ينقل الإعلام الحدث ويأخذ التصريحات والمواقف من المعنيين. لكن ما حدث مع «المعارضة السورية» أنها كانت هي التي تنقل وتبني مواقفها مستندة إلى ما يبثه الإعلام وما تزوّدهم إيّاه قناتا «الجزيرة» و»العربية» والمحطات ووكالات الأنباء الدائرة في فلكهما.

لم تكتف «المعارضة السورية» بسطحية المطالب، بل سلّمت نفسها منذ بداية الحوادث الى السفارات الأجنبية التي مثلها السفير الأميركي آنذاك بأبشع الصور والخرق للأعراف الدبلوماسية، وكان المال العربي يدير معركة أخرى تهدف الى إشعال حرب طائفية وضرب مواقع الجيش التي كانت بنك أهداف «إسرائيل».

اليوم لا يمكن أن نجد لدى «المعارضة» إجابة عن سؤال محدّد: لماذا كانت الميليشيات والعصابات المسلحة تضرب مواقع الدفاع الجوي دون سواها؟ ثم انتقلت الى ضرب البنية التحتية للدولة وهي أساساً ملك الشعب السوري وتخدم الشعب السوري لا سواه، مثل شبكات الماء والكهرباء والمواصلات… ووصل الأمر الى تهديد الطيران المدني العامل على الخطوط الخارجية لنقل السوريين من الوطن وإليه!

لا تملك «المعارضة السورية» اليوم إجابة عن أسئلة الشعب السوري حول قتل أطفال او أشخاص من فئات محددة وما سبب اغتيال أساتذة الجامعات، ومنع المزارعين من الوصول الى محاصيلهم، وإحراق بيوت المواطنين، والخطف على الهوية، وقصف الجامعات، ومنع الطلاب من التقدم الى الامتحانات أو متابعة الدراسة؟

أكثر من ثلاث سنوات ولم تتقدم «المعارضة» ببرنامج اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي يهمّ الشعب السوري، حتى الذين دُفعوا الى اللجوء ومُنعوا من قبل «المعارضة» نفسها من العودة، وخاصة في مخيمات تركيا والأردن. لم تستطع «المعارضة» تقديم أبسط الخدمات الانسانية إليهم. بل استثمرتهم أسوأ استثمار فكانت صورهم مصدر رزق لـ«المعارضة» التي تقيم في أفخم الفنادق والشقق المفروشة، عدا الذين انتقلوا إلى العيش في أوروبا بأموال المساعدات الإنسانية التي كانت تصل إليهم وجمعوها باسم اللاجئين السوريين.

«إنجازات المعارضة السورية» حتى اليوم خراب وقتل، فكيف يُسمّون أنفسهم «معارضة» ويدّعون أنهم يعملون لأجل الشعب السوري وكلّ كلمة في خطبهم تحمل سموم طائفية.

«المعارضة السورية» التي كانت تهاجم النظام وتتهكّم عليه بأنه لم يطلق طلقة واحدة على المحتلّ «الاسرائيلي» في الجولان هي نفسها أعطت الوعود والتطمينات للكيان الغاصب، ولم تتردّد رموزها في وصف الكيان الصهيوني بأنّه «جار» ويجب التعاون معه فرحّبت المعارضة بقصف الطيران «الإسرائيلي» للمواقع السورية، وتعاونت معه عسكرياً لضرب الشعب السوري من خلال عصابات تربّت وتزوّدت السلاح من الكيان الغاصب.

نشرت «المعارضة السورية» ثقافة ضرب المقاومة والتقليل من إنجازاتها كأنّ الإصبع تغطي الشمس.

«المعارضة السورية» لم تر حتى اليوم بحر الدماء في فلسطين، ولم يجرؤ أيّ من هذه «المعارضة» على إبراز إنسانيته ولو بسطر واحد قائلاً: اوقفوا قتل الشعب الفلسطيني.

لم تكتف «المعارضة السورية» بخيانة الوطن والشعب الذي تزعم أنها تقاتل لأجله فطلبت التدخل العسكري لها وقصف سورية وتسليمها إلى حاكم عسكري أميركي أو تركي!

«المعارضة السورية» في عامها الرابع لا إنجازات لها على الصعيد السوري، إنما لها إنجازات كبرى تستحق عليها الأجر من الذين خدمتهم، وفي مقدّمهم «إسرائيل» وأميركا، فإنجازات «المعارضة» كلّها ليست في مصلحة الشعب السوري بشيء.

يكفي أن نذكر أنّ «المعارضة السورية» المطالبة بالديمقراطية لا يمكنها قبول الرأي المخالف، وهي على استعداد لتصفية كلّ من يخالفها الرأي. فكيف ننتظر منها الخير وهي في حقيقة الأمر مجرّد أوراق صفراء سيأتي يوم وتوضع حيث يجب أن تكون؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى