أبو خليل: الكيان الصهيوني الهشّ مصيره مزابل التاريخ حين تُستبدل النيّات بالأفعال

محمد أبو سالم

نظّمت منفذية صور في الحزب السوري القومي الاجتماعي، بالاشتراك مع جبهة التحرير الفلسطينية وحزب الشعب الفلسطيني، لقاءً تضامنياً عنوانه «فلسطين و غزّة عصيّتان على الانكسار»، وذلك في مركز المنفذية، بحضور حشدٍ من الفاعليات الفلسطينية والجنوبية، وجمع كبير من القوميين والمواطنين.

الجمعة

بدايةً، وقف المتضامنون دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء غزّة، ثم ألقى عضو المكتب السياسي في جبهة التحرير الفلسطينية عباس الجمعة كلمة جاء فيها: «نلتقي وإياكم هنا في مقر حزب مقاوِم، حزب يحتضن فلسطين، وهو شريك في المقاومة على أرض فلسطين ولبنان وبلاد الشام، حزب القائد الفذّ أنطون سعاده، الحزب السوري القومي الاجتماعي، لنقول ها هو الدم الفلسطيني الذي ينزف في غزّة، ويروي تراب فلسطين على مذبح الحرية والاستقلال والعودة. ها هو الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة يدافعان عن الأمّة من محيطها إلى خليجها، في مواجهة النازيين الصهاينة، وفي ظلّ صمت عربيّ ودوليّ، إذ يصمّ حكام النفط العربي، القيّمون على جامعة الدول العربية، آذانهم عن استغاثة أهلنا في غزّة، ويناقشون مع الأميركيين والأوروبيين في الصالونات العربية والعالمية سيناريوات الدعم العسكري والمالي لمجموعات الإرهاب التكفيري، لضرب الدول العربية، من أجل إتمام مخطّط التفتيت الطائفي، ومن أجل الإجهاز على مقوّمات الصمود العربي المقاوم للإمبريالية والصهيونية».

وأضاف: «ها نحن نرى الصفقة التي تجري مع الأميركيين والصهاينة من أجل الوصول إلى مبادرة لوقف إطلاق النار، يلعب القطريون والسعوديون دور السمسار لمقايضة الدم الفلسطيني باتفاقٍ للحفاظ على مصالحهم. لكننا نقول إنّ محور المقاومة سينتصر حتماً، فأسطورة فلسطين تحمل معنى العزّة مع الجراح، اعتادت العدوان والمجازر، كما اعتادت أن تُسطّر النصر تلو النصر، فها هم أهلنا الصامدون في معركة الكرامة والعزّة والشرف، يلتفون حول خيار المقاومة الباسلة التي تتصدّى لأشرس عدوان صهيوني ممنهج، يستهدف الأطفال والعائلات. فدماء أطفال فلسطين وكلّ شهدائها الأحرار وحدها تغيّر المسار وتكتب حرية فلسطين وتصنع ملاحم النصر».

وتابع: «لم نسمح بتوقيع تتفاقيات تهدئة على حساب دماء الشهداء، فإذا كان صراع أمتنا العربية مع العدو الصهيوني المدعوم من الدوائر الاستعمارية والإمبريالية الاميركية يستحضر دائماً الشعور بالألم والمرارة بسبب التواطؤ العربي الذي أدّى إلى هزائم ونكسات كثيرة في تاريخنا لا تستحقها هذه الأمة العظيمة، فإننا اليوم، نقول إن معادلة الصراع قد تغيّرت منذ سنوات، بعد انتصارات المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله وصمود قوى المقاومة على امتداد المنطقة، وها نحن نشعر اليوم بأنّ هذه المعادلة تتغير بصمود فلسطين كل فلسطين، بصمود غزّة وتضحياتها، على رغم سياسة المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين، فها أنتم ترون ملحمة الصمود والبطولة التي يسطرّها أبطال المقاومة الفلسطينية في غزّة والمدن الفلسطينية، الذين أخذوا هذه المرة القضية بأيديهم من دون أوهام، ليشكلوا رأس حربة لأمتنا العربية المتعطشة للنهوض والانتصار. إن صمود أبناء شعبنا على امتداد أرض فلسطين، يضيء ودماء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الغزيرة الطاهرة الطريق من جديد أمام هذه الأمة، وها نحن نعيش شعوراً بأن هذه المعركة ستؤسّس لانتصارات أمتنا العربية وقواها الحية، ولاستعادة الكرامة والعزّة، إذ اكدت المقاومة دورها».

وختم الجمعة موجّهاً التحية إلى شعب لبنان ومقاومته الوطنية الباسلة، وإلى شعب فلسطين وصموده وتضحياته، داعياً إلى الحرّية لجميع الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.

أبو فراس

ثم ألقى عضو اللجنة المركزية في حزب الشعب الفلسطيني أيوب الغراب أبو فراس كلمة الحزب وجاء فيها: «اسمحوا لي أن أوجّه تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا الذين استشهدوا من جرّاء العدوان الصهيوني «الاسرائيلي الغاشم» المستمر منذ ستة عشر يوماً على قطاع غزّة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن أوجّه التحية أيضاً لكل شهداء العالم العربي، وأخصّ بالذكر شهداء الشعب اللبناني ومقاوِمته الباسلة، الذين استشهدوا من أجل فلسطين وقضيتها الوطنية، ونقول لهم إنّ دمائكم الزكية التي سالت لن تذهب هدراً، فإننا نعاهدكم بأن نستمر بالكفاح والنضال حتى دحر الاحتلال البغيض عن كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن المجازر البشعة التي تطاول الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء المدنيين الآمنين العُزَّل، ستكون لعنة تلاحق كافة المتآمرين على شعبنا وقضيته الوطنية».

وأضاف: «إن المجازر التي يندى لها الجبين والتي تجاوزت كل المحرّمات السماوية والدنيوية بكافة أعرافها وقوانينها وشرعة حقوق الانسان، ما كان لها أن تحصل لولا التأييد والدعم الاميركيين السافرين، وتآمر الانظمة الرجعية العربية، والصمت المريب لدى ما يسمّى دول العالم المتحضر. إننا على ثقة أن أهداف العدوان الصهيوني ستفشل وتتحطم على صخرة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، التي تسطّر اليوم بوحدتها أروع ملاحم البطولة والفداء، ومهما بلغ حجم التضحيات، فإن شعبنا لن تنكسر إرادته، وسيواصل النضال حتى تحقيق اهدافه الوطنية بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس».

وتابع أبو فراس: «إن هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم واسع النطاق على شعبنا، جاء كتعبير عن عجز سياسية الكيان الصهيوني وفشله في فرض مشروعه لتصفية القضية الفلسطينية بعد فشل العملية السلمية العقيمة، بسبب رفض إسرائيل الانصياع، والقبول بتطبيق قرارات الشرعية الدولية لحلّ القضية الفلسطينية، واعتباره أن الاراضي الفلسطينية هي أرض متنازع عليها وليست أرضاً محتلة، ومحاولته فرض مفهوم يهودية الدولة وخطة كيري للحل سيئة الصيت التي لا تلبي الحد الادنى لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمشروعة».

وختم أبو فراس مطالباً بالتصدي للعدوان وإفشال مخططاته من خلال التأكيد على وحدة الموقف الفلسطيني، والفعل الكفاحي، والحفاظ على الوحدة الوطنية التي تحققت عبر تشكيل حكومة الوفاق. كما طالب بالتمسك بالمبادرة الفلسطينية التي طرحتها القيادة الفلسطينية وعدم السماح باستغلال شلال الدم الفلسطيني، ورفض أيّ تجاذبات إقليمية وغيرها. وطالباً أيضاً بضرورة الاتفاق على استراتيجية فلسطينية موحّدة لمواجهة العدوان وإفشال أهدافه بما يضمن الاستمرار في النضال لدحر الاحتلال وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني. وبالإسراع في الانضمام إلى كافة المؤسسات والهيئات والوكالات الدولية، خصوصاً محكمة العدل الدولية، لمقاضاة قادة الاحتلال على ارتكابهك الجرائم التي ما زالوا يرتكبونها بحق شعبنا الفلسطيني.

داود

والقى كلمة الاحزاب اللبنانية، مسؤول الإعلام في حركة أمل ـ إقليم جبل عامل صدر داود وجاء فيها: «هكذا هي غزّة اليوم، وهكذا هي فلسطين، حكاية شعب لا يعرف الركوع، يجوع ويعرّى ويُقتل، لكنه لا يبيع كرامته وحريته.

إنّ هذه الهجمة الصهيونية الدموية لهي تعبير طبيعي عن سلوك المحتل وممارسته، لكن غير الطبيعي، هذا الصمت العربي الذي بلغ حدّ التواطؤ. غزّة تختنق، غزّة تُذبح أطفالاً ونساءً وشيوخاً وزرعاً ومواسم… والعرب عميان لا يرون.

إن هذه المجزرة المفتوحة على كل أشكال القتل والتنكيل والتدمير، تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، أنظمةً وحكومات وشعوباً كي لا يصبح الدم العربي رخيصاً ويتم التعاطي مع العرب بمنطق وراثة تركة الرجل المريض، إذ تنعدم كل أشكال التضامن العربي، ما يشجّع العدوّ على الامعان في حروبه التدميرية التي يشنّها في قلب الامة المتمثل بفلسطين».

وتابع: «آن لنا أن ننهض من سباتنا ومن تردّدنا، لنُفهم العالم أننا أمّة لا تنحني، أنّ دمنا ليس مستباحاً، وأرضنا وقضايانا ليست سائبة. فلتخرق هذه الدماء التي تسيل اليوم على أرض غزّة وهذه القبضات المرفوعة جدار الصمت من أجل أوسع تحرّك رسميّ وشعبيّ ينتصر لأطفال فلسطين.

ما تزال صور الشهداء والأشلاء والأجساد من جرّاء المجازر الجماعية ضدّ الشعب االلبناني عام 2006، وفي هذه الأيام تتكرّر مشاهد القتل والمجازر في غزّة، قتل الأطفال والنساء والشيوخ وكل مشاهد الدمار التي أصابت كل المؤسسات الحيوية والبنى التحتية في قطاع غزّة. ومع ذلك، فإنّ العالم يشاهد إلى جانب كل هذا، أروع المواقف الوطنية لأبناء غزّة وهم يرفعون شعارات التحدّي والإصرار على الصمود والمواجهة.

غزّة اليوم تؤكد أنّها على رغم الحصار والمجازر والحرب المفروضة عليها، ستكون المثال الذي يتلائم مع تجارب الشعب الفلسطيني في مواجهة الغزو «الإسرائيلي» لأراضي فلسطين، والمثال الأكثر إيلاماً لهذا العدو وآلته العسكرية وجبروته، وستنتصر غزّة ومقاومتها كما انتصر الشعب اللبناني ومقاومته. بين تموز الانتصار عام 2006 في لبنان وتموز الصمود والتحدي 2014، فاصل تاريخيّ بسنوات، سطرت المقاومة في لبنان وفلسطين أروع آيات البطولة والاستشهاد وأكدت للجميع أنّ هذا الكيان الغاصب لا يمكن التعامل معه إلا بالحديد والنار ولا يمكن القبول به كغدة سرطانية في جسم هذه الامة».

وختم داود قائلاً: «اليوم، التاريخ يعيد نفسه في غزّة، إذ يؤكد أبناؤها يومياً أنّهم سائرون على خطى المقاومة في لبنان، وأنّهم واثقون من قدرة الشعب والمقاومة، على رغم كل الخسائر والمجازر وقتل الاطفال».

أبو خليل

ختاماً، ألقى منفذ عام منفذية صور في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور محمود أبو خليل كلمة الحزب واستهلّها مخاطباً غزّة: «غزّة يا قبلة الاحرار، ستبقين عصيّة على الغاصبين، وإن كنت مزنّرة بحزام نار. حاولوا إيهامك بصحة خديعتهم ومزاعمهم، ربيع عالم عربي ينوء تحت ثقل الخيانة، والتضرّع لغير الله ودموع التماسيح التي تزرف في غير ساح، صراخ من دون جدوى ونحيب وطبل وزمر لا يستساغ. فانتفضت من الركام تصارعين، حتى أضحيت محجّة المقاومين الشرفاء الساهرين على قداسة التراب بغير حسابات النفط الاسود، ودواعش العصر الرديء.

غزّة، عيوننا إليك شاخصة. أنت المنارة والهِداية. وقلوبنا ملؤها الفخر بإنجازات أبطالك. وأطفال قانا اليوم يحاكونك وأشلاؤهم في عليائها تعانق أشلاء أطفالك. نراك تصارعين التنّين وحدك فلا تيأسي، فقلوب الاحرار معك وأصابع الثوار على الزناد يمنّون النفس أن يردّوا وديعة الأمة فيهم، ألا وهي دماؤهم التي تجري في عروقهم.

غزّة، لقد أثبتت المقاومة فيك مرّة أخرى بثباتها وإرادة رجالها الأشاوس، أنّ هذا الكيان الهشّ مصيره مزابل التاريخ، حين تستبدل الأماني والنيّات بالأفعال والوقائع».

وقال: «إن مراقب مجرى الأحداث والمعارك في العقدين المنصرمين، يدرك بما لا يقبل الشكّ، أن جيش العدو أصبح عاجزاً عن أيّ مواجهة حقيقية مع رجال المقاومة التي حققّت توازن رعب في نوعية السلاح وإدارته. إنّ حكومة العدو ومن خلال حربها على غزّة، تتوخّى فرض واقع جديد يعيدنا إلى نقطة البداية بوساطة قرار منتزع من الأمم المتحدة، يكبّل حركة المقاومة ويجعلها رهينة مواقف بعض الأنظمة العربية الملتحقة بالمشروع الغربي ـ «الإسرائيلي» في المنطقة، وبالتالي يحرجها فيخرجها من محور المقاومة الممتدة على مساحة الأمة. هذا المحور الذي تخوضه أميركا وحلفاؤها حرباً ضروساً لتقويض قدرته على التأثير في مجرى الأحداث في بلادنا.

إن المقاومة الوطنية والإسلامية في غزّة وعت هذه الحقيقة، وهي تشكل اليوم قدوة لكل أحرار أمتنا، وعلى كل المواطنين المغرّر بهم في العراق والشام والأردن ولبنان أن يقتدوا بأبطال غزّة الذين حدّدوا عدوّهم بدلاً من السير في دهاليز ربيع موهوم لم يأت عليهم إلا بالدمار والخزي والعار».

وأضضاف أبو خليل: «إن ما نشهده من دمار نفسي ومادي في هذه الكيانات يتطلّب من كل الواعين والمتنوّرين، مضاعفة الجهود لفضح المؤامرة المدفوعة علينا بوساطة شذّاذ الآفاق الذين جاءت بهم الولايات المتحدة لتفتيت مجتمعنا من الداخل، كي لا يستطيع بناء القوة المنظمة الوحيدة القادرة على إزالة هذا الكيان اليهودي الغاصب الجاثم على أرضنا. نعم إن معركة غزّة هي امتداد لنصر المقاومة في لبنان وصمود الشام، وبهذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نوجّه سؤالاً برسم المتابعين: أين نصرة غزّة وأهلها الصامدين من مدّعي الإسلام وقاطعي الأعناق وأكَلة الأكباد ومهجّري شرائح واسعة من أهلنا، من دورهم وأراضيهم وجوامعهم وكنائسهم، أليس أبناء غزّة من أبناء جلدتهم ومذهبهم؟ كفانا رياءً».

وختم أبو خليل: «غزّة، أنت الحكم فاحكمي والنصر لك والحق إلى جانبك. ولقاؤنا حتميّ مع أبنائك وكل مقاوميك لنصلّي سوياً في كنيسة القيامة والمسجد الأقصى في القدّس المحررة من رجس قَتَلة الأنبياء ومنتهكي الحرمات. غزّة، حق الصراع هو حق التقدّم، فلسنا بمتنازلين عن هذا الحق للذين يبشّروننا بالسلام ويهيّئون للحرب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى