بدء الانتفاضة الثالثة… والاحتلال بلا استراتيجية خروج

كتب المحرر السياسي

معظم التقارير الديبلوماسية التي وصلت الى بيروت، تتضمن حيزاً لنقل انطباعات غربية عن ما يحدث في غزة وعن مقدار كبير من المفاجأة بإنجازات المقاومة الفلسطينية العسكرية.

مصدر اطلع على هذه التقارير يلخص أبرز عناصر تقدير الموقف الغربي عن حرب غزة المستمرة:

اولاً – ابرز معايير القياس في هذه اللحظة من حرب غزة يفيد بأن الجيش الاسرائيلي بذل أعلى حد من قدراته بالضغط على حماس وأطياف المقاومة الاخرى. هناك نحو ثلاثة آلاف هدف تم قصفها علماً ان مجمل الخطة الاسرائيلية لحرب الجرف الصلب، كانت تتضمن بنك اهداف من 2500 هدف. هذا يعني ان بنك الاهداف «الاسرائيلية» نضب. وما يحدث الآن هو قصف عشوائي او انتقامي ولا يملك أفقاً عسكرياً.

ثانيا – الجبهة الداخلية «الاسرائيلية» تعاني مشكلة مرشحة للتفاقم مع إطالة أمد الحرب، مع الاشارة ان حدة هذه المشكلة مختلفة في منسوب حدتها بين منطقة وأخرى داخل اسرائيل. فالمدن البعيدة من غزة، لم تعد آمنة ولكنها لا تزال بنسبة معينة مطمئنة لكونها تعيش في ظل أمن نسبي توفره القبة الحديدية. ولكن مع استمرار الحرب فإن قيادة الجبهة الداخلية ستصارح سكانها بأن عليهم ان يختبئوا حينما يسمعون صفارات الإنذار والا يعتمدوا بالمطلق على القبة الحديدية. مذيعة احد البرامج السياسية في القناة العاشرة «الاسرائيلية» وجهت هذه النصيحة مباشرة خلال بث مباشر لسكان «تل أبيب». واللافت ان الرقابة العسكرية لم توجه لها اية ملاحظة. وهذا اثبات على ان المذيعة لم توجه هذه النصيحة من تلقاء ذاتها، بل تم الإيحاء بها اليها من مصادر عسكرية بهدف تكييف الرأي العام «الاسرائيلي» في المدن الرئيسة مع اقتراب اعلان رسمي من الجيش «الاسرائيلي» يفيد «اختبئوا ولا تعتمدوا الى حد كبير على القبة الحديدية».

اما على مستوى منطقة غلاف غزة الاستيطانية، فإنها تعيش مع صواريخ المقاومة الفلسطينية وواقع الأنفاق التي حفرتها باتجاهها، حالة تهديد امني وجودي. فالحياة هناك بالنسبة الى المستوطنيين لم تعد قابلة للاستمرار مع صواريخ المقاومة وإنفاقها.

ثالثاً – اداء كل من حماس والجهاد الاسلامي العسكري كان صادماً حتى بالنسبة الى الخبراء العسكريين الأميركيين الذين اشرفوا على مناورة كوبرا المشتركة حصلت قبل اعوام بين الجيشين الأميركي و»الإسرائيلي» منذ أعوام والتي اعتبرت بمثابة درة التنسيق العسكري بين الطرفين بمواجهات تحديات قتالية كالتي تتبعها كل من حماس وحزب الله. ويتوقف هؤلاء الخبراء عند تكتيكات قيام فدائيي المقاومة الفلسطينية بالخروج من أنفاق حسنة التمويه والسير داخل الدوريات العسكرية «الإسرائيلية» من دون ان تلحظ الاخيرة ذلك. والابداع في مثل هذه العمليات يتمثل بغير عنصر، اولاً الجراة القتالية، ثانياً ان عناصر المقاومة لديها معلومات تفصيلية عن الكيفية التي تتصرف بها مجموعات الجنود الاسرائيليين عندما يكونون في اطار مهمات قتالية ولذلك ينجحون في الانخراط في صفوفهم من دون لفت النظر اليهم.

ثالثاً- كان لافتاً ان عناصر حماس الذين انخرطوا بين صفوف دوريات «اسرائيلية» كانوا يلبسون ثياباً مشابهة تماماً لثياب الجنود «الاسرائيليين»، حتى اربطة احذيتهم كانت متشابهة.

رابعاً- معادلة الهدوء مقابل الهدوء التي خرج رئيس الوزراء «الاسرائيلي» الى حرب غزة لفرضها، لم يعد لها مكان ضمن موازين قوى الحرب الراهنة في غزة. لماذا؟ ببساطة لأن حماس تقاتل بزخم فيما «اسرائيل» تقاتل في وضع تراجعي معنوي، وايضاً في مقابل ان «اسرائيل» كانت تهدد بأنها ستقاتل في غزة من دون قفازات، فان المفاجأة التي صدمت التهديد «الاسرائيليط، هي ان حماس من اول ساعة في حرب غزة اعلنت عملياً انها تقاتل من دون قفازات، بدليل استهداف اول دفعات صواريخها مدينة «تل أبيب» ومناطق حساسة امنياً في «اسرائيل».

خامساً- تحليق طائرة حماس من دون طيار فوق مؤسسات سيادية امنية «إسرائيلية»، تذكر بطائرة ايوب التي ارسلها حزب الله الى فضاء ديمونا النووي «الاسرائيلي». ومثل هذه الرسائل تصبح حقائق عسكرية لأخذها في الاعتبار عندما يفكر المخطط العسكري «الاسرائيلي» بأي قرار حربي تصعيدي.

وبنظر التقارير الآنفة انه داخل حرب غزة هناك رسائل عسكرية كتبت بالحبر السري وهي محل تمحيص الآن لدى محافل «الناتو» وكل محافل القوى العسكرية الرئيسة المعنية بالمنطقة. ومن هذه الرسائل ما يتردد حول قيام «اسرائيل» بغارة جوية على موقع داخل السودان خلال القتال في غزة، تدعي انه يحتوي على صواريخ لمصلحة حماس. لكن «اسرائيل» عبر هذه الغارة تحذر من ان الحرب في غزة في حال وصلت الى نقطة خطرة على امنها فإنها ستذهب بعيداً في الرد.

وتختتم هذه التقارير الديبلوماسية بالإشارة الى ان التفاوض بين المقاومة الفلسطينية و»إسرائيل» انتقل منذ نحو 48 ساعة الى تفاوض بالواسطة بين نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي جون كيري. فالسؤال الأميركي لنتنياهو ما هو الثمن الذي ستدفعه لمبادرة كيري حتى نساعدك على النزول عن الشجرة؟ اما السؤال الذي يوجهه نتنياهو لكيري فهو ما هو الحد الأقصى الذي يمكن اميركا ان تذهب اليه لتغطية «اسرائيلط في مسعاها لرد التحدي الامني الذي يواجهها.

حتى اللحظة لم تنضج الاجابة «الاسرائيلية» ولا الاميركية، على السؤالين المتقابلين الآنفين. والاحتمال ان يستمر التصعيد لأيام مقبلة ضمن ستاتيكو في الأداء «الاسرائيلي» واحتمالات مفاجآت جديدة في اداء المقاومة الفلسطينية. وكل الأمل «الاسرائيلي» حالياً معقود على تنازلات تنتزعها من ضغوط عربية على حماس.

الضفة الغربية تنتفض

وعشية يوم القدس العالمي، اشتعلت ليل الخميس الجمعة انتفاضة عارمة في أحياء وبلدات وأزقة مدينة القدس المحتلة، حيث خرج عشرات آلاف الفلسطينيين في اكبر مسيرة تضامنية تشهدها الضفة الغربية مع قطاع غزة امتدت على طول خمسة كيلومترات باتجاه حاجز قلنديا، حيث جرت على أثرها مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال الصهيوني.

وقد أجمع المراقبون من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على وصف الانفجار الذي تكرّر شعبياً في أكثر من مكان بأنه بداية الانتفاضة الثالثة، التي لم تكن خارج التوقعات، على خلفية انسداد أفق المفاوضات من جهة، وحجم الغضب الناجم عن الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني من جهة أخرى.

الى ذلك، وفيما تحدث اعلام العدو عن اصابة شرطيين في المواجهات مع الفلسطينين في مدينة القدس المحتلة، تحدثت مصادر فلسطينية عن إصابات في صفوف الفلسطينيين خلال المواجهات المستمرة على حاجز قلنديا أكبر الحواجز العسكرية الصهيونية التي اقامها جيش الاحتلال «الاسرائيلي» عقب الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت نهاية ايلول 2000، وهو يقع جنوب مدينة رام الله على الطريق التي تصلها بمدينة القدس المحتلة ، عجزت سيارات الاسعاف التي هرعت الى المكان عن نقل المصابين الى المستشفيات، فضلاً عن وقوع اصابات اخرى في المواجهات مع جنود وشرطة العدو في سلوان وشعفاط وباب العامود ووادي الجوزو الثوري والصوانة.

حماس تقصف حيفا

وكانت حركة «حماس» دعت ليلاً في بيان لها أهالي الضفة الغربية الى نصرة فعلية لغزة بإشعال انتفاضة عارمة والاشتباك مع العدو على المحاور كافة.

وفي غزة، ورداً على المجازر الصهيونية المتواصلة، أعلنت كتائب القسام التابعة لحركة حماس عن قصف مدينة حيفا بصاروخ R160، فيما أعلنت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الاسلامي عن دك عسقلان بـ4 صواريخ غراد ومعبر إيرز بـ3 قذائف هاون.

ومساء اعلنت كتائب «القسام» في بيان لها عن إطلاق 65 صاروخاً منها 1 باتجاه حيفا و2 باتجاه «تل أبيب» و2 باتجاه مطار بن غوريون، كما أعلنت عن تفجير 7 آليات واستهداف قوات خاصة عدة بـ7 عبوات، و6 قذائف وقنص جنديين.

مقتل 4 جنود صهاينة

واعلنت سرايا القدس ان قوة خاصة للعدو وقعت في كمين محكم لمجاهديها شرق الشجاعية، ودارت اشتباكات ضارية بين المقاومين والقوة المعادية. واكدت سرايا القدس مقتل 4 جنود صهاينة وإصابة آخرين.

وقصفت كتائب أبو علي مصطفى وكتائب عبد القادر الحسيني بئر السبع بصاروخي غراد.

الى ذلك، استشهد 16 فلسطينياً وجرح 200 آخرين بعضهم بحالات متوسطة وخطيرة جراء القصف الصهيوني الذي استهدف نازحين داخل مدرسة تابعة لوكالة الأونروا الدولية في بيت حانون التفاصيل في الصفحتين 12 و13 .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى