نصرالله للصهاينة: أنتم في دائرة الفشل وتذهبون إلى الانتحار والسقوط

فاجأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جماهير المقاومة بإطلالته شخصياً بين الحضور في مهرجان يوم القدس والتضامن مع غزة شعباً ومقاومة في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، وألقى خطاباً تمحور حول صمود المقاومة وأهلها في غزة ومجريات العدوان الصهيوني عليها، مؤكداً: «أنّ غزة انتصرت بمنطق المقاومة»، وقال: «نرى أمامنا إنجازات المقاومة في غزة والفشل والإرباك «الإسرائيلي» في تحديد الهدف من الحرب»، مشدّداً على «أنّ غزة اليوم تقول لهم أنتم إذا ما واجهتم أبطالنا ومقاومينا سقطتم وسقط جيشكم». وأضاف: «نحن وكثيرون قاموا بإلغاء الإفطارات الجماعية والشعبية حرصاً على الناس وتخفيفاً للأعباء، لكنّ تطورات غزة وخصوصية يوم القدس العالمي فرض علينا وأوجب علينا أن نلتقي هنا اليوم، وفي هذا المكان الذي اعتدنا أن نشيّع فيه شهداءنا وأن نستقبل به أسرانا وأن نقيم أعراس النصر لمقاومتنا وأن نعبّر فيه عن مواقفنا». وقال: «عندما نتطلع اليوم إلى حالة الأمة نشعر بأهمية هذا اليوم وإحيائه»، مشيراً إلى أنّ «الهدف الأساسي للصهاينة هو تصفية القضية الفلسطينية واعتبار شعب فلسطين غير موجود وأرضهم كذلك، ولم يكن من الوارد في عقولهم أن يعيدوا شبراً واحداً من أرض فلسطين إلى أصحابها، ولا لاجئاً واحداً إلى دياره». وأضاف: «كانوا يعلمون أنّ قضية بهذا الحجم، وأرضاً مقدسة وشعباً لا يمكن حذفهما في سنة أو سنتين ولا في جيل أو جيلين، لذلك وضعت خطة طويلة الأمد لتحقيق هذا الهدف، ويمكن لأيّ منا أن يحلّل ما جرى منذ عام 1948 حتى اليوم ليكتشف معالم برنامج تصفية القضية الفلسطينية، وهذا الحلم الموجود عند الغرب والأميركيين والصهاينة». وتابع: «كانوا يفترضون أنّ الأرض العربية واسعة ويمكن توطين اللاجئين وتذويبهم في المجتمعات العربية المتعددة، فهذا الخطر كان قائماً، ولا يزال قائماً ويلاحق اللاجئين، كما أنّ العمل على اختراع قضايا مركزية لكلّ شعب ودولة لتغييب مركزية فلسطين ومركزية القدس، وفقوا فيه إلى درجة كبيرة جداً، وإنّ العدوان ليس فاشلاً دوماً، بل يفشل حين نريد إفشاله».

ولفت نصر الله إلى «أنّ هناك غرفاً سوداء تعمل كي لا يبقى أي صلة بين أي لبناني وأي مصري وأي سوري وفلسطين، وإنّ اختيار انتحاريين فلسطينيين في تفجيرات لبنان كان أمراً متعمداً، وهناك الكثير من الأمثلة يمكن الحديث عنها، وعلى رغم كل ما حصل وكلّ المؤامرات والتحديات بقيت هذه القضية تفرض نفسها على المنطقة والعالم، فما يجري في غزة الآن شاهد على هذا الاستنتاج لأسباب عدة أهمها: الشعب الفلسطيني، ومنها على سبيل المثال صمود بعض الدول العربية، وأبرزها سورية وعدم خضوعها لشروط التسوية، ومنها انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتبنيها القضية الفلسطينة، ومنها حركات المقاومة في لبنان وانتصارها في لبنان وإسقاطها مشاريع «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية، لكنّ الأهم هو الشعب الفلسطيني، لأنّه رغم كلّ شيء كان عصياً على اليأس والإخضاع والاستسلام».

وإذ أكد السيد نصر الله «أنّ خيار الصمود والمقاومة كان منذ البداية»، أشار إلى «أنّ الشعب الفلسطيني حمل هذه القضية وناضل من أجلها»، مشيراً إلى أنّ «ما نشهده هو تدمير للشعوب والجيوش والدول وتفكيكها نفسياً واجتماعياً وعاطفياً وإيجاد قضايا لا يمكن معالجتها في مئات السنين». واعتبر «أنّ سورية كانت الجدار المتين وستبقى في وجه المشروع الصهيوني، وكانت الحضن الكبير للمقاومة والقضية الفلسطينية. أما العراق التي دخلت النفق المظلم للأسف باسم الإسلام والخلافة فتهجرت فيها آلالف العائلات المسيحية، والسنة الذين يختلفون مع داعش لا خيار لديهم إما البيعة أو الذبح، أما الشيعة فلا خيار لديهم إلا الذبح».

وأعرب السيد نصر الله عن خشيته من أن يجهز «هذا المشهد من تدمير الكنائس ومراقد الأنبياء والجوامع، النفوس من أجل تدمير المسجد الأقصى، هناك خشية من أن يصبح ذلك أمراً عادياً بالنسبة الى تدمير الكنائس والمساجد». وقال: «أمتنا في أسوأ حال، والمستهدف الأول هي فلسطين، وعلينا جميعاً أن نعرف أين نضع أقدامنا في هذا الزمن، زمن الفتنة، وعلينا أن نعرف ماذا نفعل، وهذا هو التحدي الكبير الذي تواجهه أمتنا». وتابع: «في هذا السياق، تأتي الحرب «الإسرائيلية» على غزة، وفي هذا السياق كانت الحرب على لبنان 2006 وعلى غزة في العام 2008، لكن في عامي 2006 و2008، كانت النتائج مختلفة واليوم أيضاً نحن في لبنان نستطيع أن نفهم وندرك في شكل كامل كل ما يحصل في غزة وما يتعرض له أهلنا في غزة، لأنه نفس ما جرى عندنا في تموز 2006، من حجة خطف المستوطنين الثلاثة وحجة خطف الجنديين، هذه حجج للحرب وليست سبباً، و«إسرائيل» اعتبرت أنّ قطاع غزة محاصر وهناك فرصة لإخضاعه وتدميره».

ودان السيد نصرالله «تواطؤ بعض المجتمع الدولي وأميركا والغرب ومجلس الأمن وبعض الأنظمة العربية، لكن في المقابل كان هذا الصمود الشعبي الرائع وتمسك أهل غزة بالمقاومة وهذا الأداء والصمود السياسي المميز لحركات المقاومة، لكن في نهاية المطاف أقول للجميع أنّ الذي يحسم الموقف سيحسم ثلاثية الميدان والصمود الشعبي والصمود السياسي». وأضاف: «في هذه الحرب القائمة، المستهدف هو سلاح المقاومة وإرادة المقاومة، وليس فقط حماس والجهاد الإسلامي بل كل المقاومة في فلسطين، وكل نفق في غزة وكل صاروخ في غزة بل كل دم مقاوم يجري في عروق أبناء أهل غزة، الأفق هو أن يصل «الإسرائيلي» إلى مكان يجد فيه أنه لا يستطيع أن يكمل وعندها يستطيع الاستعانة بالأميركي، اليوم أقول إنّ غزة انتصرت بمنطق المقاومة». وقال: «نجد أمامنا الفشل «الإسرائيلي» يقابله إنجاز المقاومة، وحتى اليوم هناك إرباك في تحديد الهدف من الجانب «الإسرائيلي»، وهم خائفون منذ البداية من الفشل، ولذلك لم يحددوا أهدافاً عالية وتعلموا من تجربة تموز 2006».

وأشار إلى أنّ «الإسرائيلي» لم «يبدأ من سقف عالٍ، بل يضع أهدافاً متواضعة، حتى إذا حققها يقول أنا انتصرت، لقد فشل في تحديد إمكانات المقاومة، وهذا فشل استخباراتي وفشل سلاح الجو «الاسرائيلي» في حسم المعركة، فهذا أمر مهم بالنسبة إلى أهل فلسطين ولبنان مع العلم أن قبل أشهر قليلة، قال قائد هذا السلاح، إنّ امكانات هذا السلاح قادرة على حسم المعركة في لبنان إذا حصلت خلال 24 ساعة وفي غزة خلال 12 ساعة. أما اليوم فنحن في اليوم 18 من العدوان على غزة، وهو يتحدث عن غزة المحاصرة».

ولفت السيد نصرالله إلى أنّ «هناك فشلاً إسرائيلياً في المساس بمنظومة القيادة والسيطرة في غزة، فهو يخترع قادة شهداء، ويتحدث عن اغتيال شهداء لا يزالون على قيد الحياة، كما أنه فشل في وقف إطلاق الصواريخ وفي العملية البرية، كما أنّ حجم الخسائر البشرية وتهيّب الدخول في عملية برية، نراهما في عيون المسؤولين «الإسرائيليين» لذلك لجأوا إلى قتل الأطفال والمدنيين من أجل كسر البيئة الحاضنة للمقاومة، وهذا ما كانوا يريدونه في لبنان عبر تقليب جمهور المقاومة عليها، لكن بفضلكم أنتم يا أشرف الناس لم يحصل في حرب تموز». وقال: «إنّ الجيش «الاسرائيلي» ذهب إلى غزة ليكون جيشاً قاتلاً، لا مقاتلاً»، وأضاف: «هذا ما نعرفه عنه، لقد قال إيهود باراك بعد سنوات من العمل جملة صغيرة سقطت على بوابة غزة: أي حرب مقبلة ستخوضها «إسرائيل» ستكون سريعة وحاسمة ونصرها واضح، لكنّ غزة اليوم تقول لهم أنتم الجبناء الذين تقتلون الأطفال، فإذا ما واجهتهم أبطالنا وجهاً لوجه سقطتم أنتم وجيشكم». وتابع: «إنّ المقاومة وأهلها واحد منذ اليوم الأول، فالهدف واضح: رفع الحصار، ثبات في الميدان وإبداع في الميدان ومبادرة في الميدان، ومواصلة قصف الصواريخ تحت القصف «الإسرائيلي» الهائل، وإيصال الصواريخ إلى أماكن غير مسبوقة، وهذه هي المرة الأولى التي تنطلق فيها صواريخ من داخل فلسطين لتطاول كلّ أرض فلسطين، فهذا جهد كبير، وهناك ثقة عالية بالله وبالمقاومة، وهناك صمود شعبي. وحتى الآن إنّ الشعب مع المقاومة، وهناك صمود سياسي ورفض لكلّ الضغوط الهائلة إقليمياً ودولياً».

وأوضح السيد نصر الله: «رفضت قيادة المقاومة، منذ اليوم الأول، وقف إطلاق النار، وإنّ العدو يريد ذلك وصولاً إلى الهبّة الشعبية في الضفة، أما الأمور فستصل إلى فرض معادلات جديدة على العدو تحتاج إلى بعض الوقت، وليس من السهل أن يستسلم نتانياهو، فهناك بعض الحكام العرب الذين يطلبون منه الاستمرار، لكنّ المقاومة هي ستفرض على «الإسرائيلي» الحلّ، وسيصرخ «الإسرائيلي» طالباً من الأميركي الحلّ». ودعا إلى «وضع كلّ الحساسيات والخلافات والاختلافات حول القضايا الأخرى جانباً، لنقارب جميعاً ما يحصل في غزة كمسألة شعب ومقاومة وقضية عادلة لا اختلاط فيها بين حقّ وباطل، وهنا ليس هناك من التباس ولا يوجد نقاش، غزة الآن بدمائها ومظلوميتها وصمودها وبطولتها يجب أن تكون فوق كلّ اعتبار».

وأسف السيد نصر الله لـ «سماع بعض المواقف في الإعلام العربي تحمل المقاومة مسؤولية ما يحصل، ويصل الأمر إلى إعلان البعض التعاطف مع «الإسرائيلي»، وهذا أمر معيب ومحزن لا بل مخزٍ، أياً كانت الحسابات والحساسيات، في الحدّ الأدنى من لا يريد أن يتعاطف، ليسكت ولا يحمل نفسه وأمته هذا العار». ودعا: «الحكومات العربية والإسلامية إلى تبني خيار رفع الحصار عن غزة وحماية القيادة السياسية للمقاومة من الضغوط التي تريد وقف النار من دون تحقيق هذا الهدف».

كما دعا إلى «تأمين الدعم المالي والسياسي والمعنوي وصولاً إلى العسكري». وقال: «يجب التذكير هنا بأنّ إيران وسورية ومعهما المقاومة في لبنان على مدى سنوات طويلة لم يقصروا ولم يتوانوا عن دعم المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها على كل المستويات، وهناك اليوم من لا يقوم بأي عمل إيجابي لفلسطين سوى المزيدات، ولا أريد الدخول في أي مهاترات مع أحد، لكن يكفي أن نقارن على مدى عقود ماذا قدم محور المقاومة من أجل فلسطين على رغم كل الأعباء والتبعات، وماذا فعل هؤلاء من أجل فلسطين وماذا قدموا في كلّ الساحات الأخرى التي تخدم «إسرائيل» وتخدم هدف «إسرائيل»». وأضاف: «في مواجهة هذا الحدث، نحن في حزب الله كنا وسنبقى نقف إلى جانب كلّ الشعب الفلسطيني وإلى جانب المقاومة في فلسطين بكلّ فصائلها، ولن نبخل بأي شكل من أشكال الدعم التي نستيطعها ونقدر عليها، ونحن نشعر بأننا شركاء مع هذه المقاومة، وانتصارهم انتصار لنا جميعاً وهزيمتهم هزيمة لنا، نحن نتابع ما يجري بكل دقة ونواكبه ونتابع كلّ التطورات الميدانية والسياسية، ونقول لإخواننا في غزة نحن معكم وإلى جانبكم وواثقون من ثباتكم وسنقوم بكلّ ما يجب أن نقوم به».

وختم السيد نصرالله: «أقول للصهاينة أنتم اليوم في غزة في دائرة الفشل في بيت العنكبوت، فلا تذهبوا إلى أكثر من ذلك إلى دائرة الانتحار والسقوط».

وعبر عن أصدق «مشاعر المواساة للعائلات التي فقدت أعزاء وأحباء في الحادثة المؤسفة للطائرة الجزائرية»، كما توجه بالتحية إلى «أرواح شهداء غزة، وإلى جرحاها ومجاهديها وإلى شعبها الصامد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى