56 في المئة نسبة الزيادة في أعداد الفرنسيين «الجهاديين» في سورية

عامر نعيم الياس

نشرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية تقريراً للصحافي جورج مالبرونو المختص في شؤون الشرق الأوسط جاء فيه «بحسب وزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف، فإن 800 فرنسي يريدون الذهاب إلى القتال في سورية»، ونقل الصحافي عن مصدر خاص في الشرطة الفرنسية إقراره بوجود «330 متطوعاً فرنسياً للقتال في سورية و150 في طريقهم للالتحاق برفاقهم، فيما يوجد حوالى 200 فرنسي يرغبون في الذهاب إلى سورية للقتال». نحن هنا في مواجهة زيادة مقلقة في أعداد الفرنسيين المتطرفين الراغبين في الانخراط «في الحرب المقدسة»، بحسب تعبير الصحافي الفرنسي المتطابق مع الاستراتيجية الغربية السياسية والإعلامية للتخلص من المتطرفين الموجودين على أراضي الدول الأوروبية، كل ذلك يأتي في وقت لا تزال الجمعية العمومية الفرنسية تناقش قانون وزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف لتشديد إجراءات مكافحة «الشبكات الجهادية في سورية»، ذلك القانون الذي يشمل في أحد بنوده منع المشتبه بهم سواء كانوا بالغين أو مراهقين من الذهاب إلى الجهاد في سورية أو أي مكان آخر، خصوصاً في الشرق الأوسط. لكن ألا تطرح هذه الزيادة 56 في المئة علامات استفهام حول جدوى هذه القوانين، في ظل موقف سياسي غربي مزدوج يمكن لحظه من طريقة التعاطي مع العدوان «الإسرائيلي» على غزة؟

خضنا كثيراً في تحليل الاستراتيجية الغربية لإدارة الأزمة السورية والذي مثّل فيها الموقف الفرنسي جناح اليمين الأكثر تشدداً وتوقاً لتدمير الدولة السورية وتقديم الغطاء القانوني الدولي وحتى الأخلاقي لظاهرة الجهاديين، وها هي فرنسا تحتل اليوم موقع الصدارة في الدول الأوروبية الموردة لمغول العصر الجديد إلى سورية، هذا الموقف ينسحب على الملف الفلسطيني والمجازر الإسرائيلية المرتكبة في غزة، شأنه شأن مسيحيي الموصل الذين هجّروا من دون أن يكون هناك أي تحرك غربي للتشويش على خطوة داعش باعتبار هذا التنظيم هديةً للغرب واستراتيجياته، لا يمكن بأي شكل من الأشكال تطويقها في الوقت الحالي.

إن إعلان دولة الخلافة والتزامن في الزيادة المذهلة لأعداد المقاتلين الأوروبيين في سورية، تتيح لنا الربط بين الحدثين على اعتبار أن إعلان الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين في العالم أجمع عوّم أنموذج البطل الخارق المنتصر الذي استطاع سحق كل من يواجهه سواء من الجيوش النظامية أو التنظيمات المتطرفة من الإسلام السياسي، وبالتالي دفع هذا الأنموذج المتطوعين من الإرهابيين إلى الالتحاق بركب المنتصر وتقوية شوكته في دولتين فشلت الدول الغربية في تطويعهما وحكمهما بما يحقق مصالحها، ففي سورية والعراق المطلوب خلق أساس لاستمرار الفوضى والحرب الطاحنة على أرضهما إلى حين نضوج حلٍّ ما يحفظ المصالح الغربية بالحد الأدنى.

مالبرونو يقول في تقريره: «إنه قد أوقفت امرأة ورجلان في مدينة آلبي جنوب فرنسا، أحدهم يدعى توماس بارنوين أسلم عام 2000 والتحق عام 2007، بعد إجازة له في المملكة العربية السعودية، بالجهاديين في العراق لمقاتلة القوات الأميركية عبر سورية، وفي تموز 2009 حكمت عليه الدولة السورية بالسجن مدة خمس سنوات وسُلّم إلى السلطات الفرنسية».

وهنا يطرح تساؤل إضافي حول ما يريد الغرب الترويج له من وجود حالات منفردة تلتحق بالجهاد تدعى «الذئاب المستوحدة»، وذلك بهدف خداع رأيه العام وخفض منسوب القلق من اللعبة السياسية الخطرة التي يقودها الغرب منذ ثمانينات القرن الماضي، التي بدأت مع إخوان سورية وتنظيم القاعدة في أفغانستان ضد الوجود السوفياتي هذا من جهة، ومن جهة أخرى يطرح تساؤلاً حول دور الدولة السورية في مكافحة الإرهاب الدولي عكس ما يريد له الغرب.

إن التوجه المعلن للغرب عموماً وأوروبا خصوصاً يقوم على أساس التحذير من خطر عودة الجهاديين، ومحاولة تشديد الإجراءات والقيود على سفرهم، لكن المعطيات الملموسة تؤكد عكس ذلك، فالمعركة مستمرة والغرب لم ييأس بعد ولنا في داعش دولة باتت موجودة شئنا أم أبيْنا.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى