عبد اللهيان لملف غزة وجنبلاط لتفاهمات بيروت

كتب المحرر السياسي

لأنها فلسطين وفي بلادنا كلّ الحروب عنوانها فلسطين، ولا تكتمل الحلول التي لا تبدأ منها، ولأنّ المقاومة قابلة للتأويل في السياسة وفي غيرها، أما هناك فكلّ ما هو قابل للتأويل يصير مقاومة عندما تدقّ الساعة وتضيع التسميات والملامح ليصير كلّ شيء لأجل فلسطين، ولأنها عند الغرب «إسرائيل» فلا قيمة لقانون دولي يحاسبها ولا لتسوية تتجاهلها ولا لخريطة ترسم من دون أن تحفظ وجودها ومصالحها وأمنها.

في هذه النقطة بالتحديد وفي نقطة موازية من توازن رعب القدرات التي أظهرتها الحرب، ومن قبلها توازن العجز عن النصر الكامل في كلّ حروب المنطقة، وصعوبة تبلور النهاية بصيغة يعلن فيها المنتصر والمهزوم، صارت التسويات منذ مدة قدراً، لكنها بقيت تنتظر فلسطين.

عند هذه النقطة حضر معاون وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت والتقى بقادة المقاومة الفلسطينية، وتشاور مع السيّد حسن نصرالله من موقعه كراع لمشروع المقاومة في لبنان وفلسطين، وباعتباره الحليف الأبرز إقليمياً مع سورية والعراق لإيران.

وعند هذه النقطة زار النائب وليد جنبلاط السيّد نصرالله لتثمير ما تبلور بين يديه من مناخات سعودية جديدة، تتيح البدء بمشاورات حاز الضوء الأخضر المتعدّد الاتجاهات للقيام بها، لصياغة تسوية تشمل أغلب الملفات العالقة لبنانياً، باستثناء ملف الفراغ الرئاسي المؤجل إلى ما بعد نضج التسويات الكبرى في المنطقة.

تمديد وقف النار في غزة، على إيقاع متقطع، سيحقق بطريقه تمديداً للمجلس النيابي اللبناني بمعارضات معلنة، والحلحلة التي ستطاول آليات وقف النار من تفاهمات يجري إنضاجها بصمت وهدوء، حول نشر وحدات مدمجة من الشرطة الفلسطينية والمراقبين الدوليين، على المعابر وداخل غزة وإنهاء المظاهر المسلحة، سترافقه حلحلة في شأن سلسلة الرتب والرواتب لبنانياً، والقطاف سيكون حكماً في الملفين في حضانة كلّ من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري.

يجري هذا بينما المعلومات المتوافرة، تشير إلى بدء الاتصالات السعودية الإيرانية حول لبنان وفلسطين وتمدّدها نحو اليمن والعراق، انطلاقاً من بلوغ التوازنات المرحلة التي لا إضافات فيها، وبلوغ الستاتيكو مرحلة غير قابلة للتحريك خارج السياسة، خصوصاً أنّ تمديد التفاوض حول الملف النووي الإيراني بالتزامن مع الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمّدة، يؤكد وظيفة التمديد في بناء جسور ثقة أكثر من مجرّد كونه حاجة تفاوضية.

الاستحقاقات الداخلية

في ظلّ هذه الأجواء، وعلى رغم عطلة عيد الفطر، فقد توحد لبنان وراء الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة في مواجهة العدوان «الإسرائيلي» الوحشي المستمرّ منذ 20 يوماً، وفي مواجهة إرهاب تنظيم «داعش» بحق أهالي الموصل، خصوصاً المسيحيين والأقليات هناك.

وحملت الساعات الماضية ثلاث محطات أساسية دعماً لصمود أهالي غزة ومقاومتها من انعقاد جلسة مجلس النواب رفضاً للعدوان على غزة وإرهاب «داعش» في الموصل إلى زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت واللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، بعد ساعات من كلمة السيد نصرالله بيوم القدس العالمي، والتي أكد فيها أنّ غزة ستنتصر بمنطق المقاومة.

مجلس النواب يتوحّد دعماً لغزة والموصل

إذاً، فقد توحد مجلس النواب في جلسته يوم السبت بجميع كتله على التضامن مع غزة على رغم الخلافات التي تعيق انتخاب رئيس للجمهورية، وعقد جلسة تشريعية لإقرار بعض الملفات الحيوية، وتحدث في الجلسة رؤساء الكتل أو من ينوب عنهم، حيث أجمعت الكلمات على رفض العدوان «الإسرائيلي» على غزة والدعوة إلى دعم صمود أبناء القطاع ومقاومتهم، كما نددت الكلمات بما يقوم به تنظيم «داعش» من تهجير للمسيحيين وتهديم للمقامات الدينية، بما يتناقض مع الديانات السماوية والإسلام بشكل خاص.

واختُتمت الجلسة بكلمة لرئيس مجلس النواب نبيه بري أكد فيها تضامن المجلس مع الشعب الفلسطيني إزاء الإرهاب «الإسرائيلي» ودعماً لمحاكمة قادة كيان العدو أمام محكمة جرائم الحرب، وطالب برفع الحصار عن غزة ووقف العدوان وإطلاق سراح كل الأسرى، كما دان الجرائم الإرهابية التي ينفذها «داعش» عبر التهجير القسري لأبناء الموصل، خصوصاً المسيحيين، ودعا مجلس الأمن لوقف هذه الجريمة المنظمة.

عبد اللهيان في بيروت: المقاومة استخدمت 3 في المئة

كذلك شهدت الساحة الداخلية زيارة لافتة لنائب وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان الذي التقى الرئيسين نبيه بري وتمام سلام والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ووزير الخارجية جبران باسيل، حيث أكد الديبلوماسي الإيراني وقوف إيران بكل الإمكانات مع الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة وقال: «إن إيران تبذل وتسخّر كل الطاقات والإمكانات للحيلولة دون استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق المدنيين في غزة ولن تسمح باستمراره، وكشف أن المقاومة لم تستخدم سوى ثلاثة في المئة من مخزون الصواريخ الذي لديها».

وفي السياق ذاته، تلقى السيد نصرالله أمس اتصالاً من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تداولا خلاله في أوجُه العمل وأشكال الدعم المطلوب لوقف العدوان ولرفع الحصار عن غزة.

لقاء بين نصرالله وجنبلاط

وكان اللافت أمس الزيارة التي قام بها رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا. وتم التباحث خلال اللقاء في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة ولا سيما ما يجري في غزة من جرائم صهيونية بحق الشعب الفلسطيني، حيث أكد الطرفان أن فلسطين تبقى القضية المركزية وهي تعلو فوق كل الخلافات السياسية، مؤكدين التضامن مع الشعب الفلسطيني وأهل غزة في صمودهم في مواجهة ا حتلال.

وذكر بيان صادر عن «حزب الله» أن النقاش تناول ما يجري في العراق وبالتحديد ما تشهده منطقة الموصل من تهجير للمسيحيين وقتل لهم وللمسلمين على أيدي التكفيريين ا مر الذي كان موضع استنكار الطرفين وجرى التأكيد على ضرورة البحث في السبل الكفيلة بحماية وحدة العراق وتنوعه السياسي.

وبحث الطرفان أيضاً خلال اللقاء في الأوضاع الداخلية، ولا سيما موضوع العمل الحكومي وأهمية تفعيله وتنشيطه، مشددين على ضرورة الإسراع في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لإنهاء حالة الشغور القائمة. كما تم التباحث في الوضع الأمني في لبنان، حيث جرى التوافق على ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي وتعزيز الإجراءات المتخذة من أجل تمتين حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد من خلال رفع مستويات التنسيق بين ا جهزة ا منية.

وتطرق البحث إلى موضوع العلاقات الثنائية بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث عبر الطرفان عن رضاهما عن حسن سير هذه العلاقة وأكدا على ضرورة تطويرها بما فيه مصلحة الطرفين والمصلحة الوطنية العامة.

المستقبل إلى السعودية والتمديد على نار حامية

إلى ذلك، غادر عدد من القيادات السياسية في تيار المستقبل إلى المملكة السعودية للقاء الرئيس سعد الحريري، لوضعه في حصيلة الاتصالات الجارية مع كتلة التحرير والتنمية في إطار المساعي لعقد جلسة تشريعية للبت في سلسلة الرتب والرواتب، وللبحث في التمديد للمجلس النيابي مع اقتراب المهلة الدستورية للدعوة إلى الإنتخابات النيابية والتي تبدأ في 20 آب المقبل.

وعُلم أنّ موضوع التمديد لمجلس النواب يحظى بتحركات واتصالات جدية في ظل تعثر انتخاب رئيس الجمهورية في المدى القريب، نتيجة عدم التوصل إلى قانون جديد للانتخابات، بالإضافة إلى الحوادث الجارية في المنطقة.

وفي معلومات خاصة لـ»البناء» أنّ هذه الاتصالات قطعت شوطاً مهمّاً وحاسماً، وأن النائب جنبلاط يتولى هذه المهمّة في ظل موافقة ضمنية من أطراف أساسية.

وتضيف المعلومات أن هناك غطاءً وقبولاً إقليمياً ودولياً لهذا التوجّه، إذ يتوقع أن ينعقد مجلس النواب في جلسة خلال شهر آب المقبل، وربما قبل العشرين منه الموعد المبدئي لدعوة الهيئات الناخبة، وتقول المعلومات أيضاً إن هذه الجلسة ستبدأ باستكمال مناقشة سلسلة الرتب والرواتب في ظل معلومات تشير للتوصل إلى تسوية لهذا الملف.

ولم يتضح بعد مصير الملف المالي الشامل المتعلق بتداعيات الصرف غير القانوني السابق وبالتحوّط للوقت بالنسبة لرواتب الموظفين، مع العلم أن هناك ملامح تسوية لهذا الموضوع ستترجم بمشروع قانون سيُرسل من الحكومة إلى مجلس النواب.

التنسيق النقابية عند رعد

مطلبياً، تابعت هيئة التنسيق النقابية جولتها على الكتل النيابية من أجل اقرار سلسلة الرتب والرواتب، وزار وفد الهيئة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في مجلس النواب، ناقلاً إليه مطالب الهيئة بالعمل على إقرار السلسلة.

الوفد اللبناني إلى مالي

وغادر الوفد اللبناني المؤلف من المدير العام للمغتربين هيثم جمعة ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير وضابط من الأمن العام اللبناني والبروفسور فؤاد أيوب، الخبير بفحوص الـDNA، المكلّف متابعة قضية الضحايا اللبنانيين على الطائرة الجزائرية المنكوبة، صباح أمس، متوجهاً إلى مالي من طريق باريس، للمشاركة في الكشف عن ملابسات هذه الكارثة والبحث مع المسؤولين هناك في وضع الترتيبات لإعادة جثث الضحايا اللبنانيين إلى لبنان في أسرع وقت ممكن. وسيجري الوفد أيضاً عدة لقاءات مع المسؤولين في مالي ومع الفريق الفرنسي المكلّف متابعة التحقيقات بهذه القضية.

لواء أحرار السنة يهدد بجعل لبنان كتلة حديد ونار

من جهة أخرى، رد أمير «لواء أحرار السنة- بعلبك» سيف الله الشياح على المعلومات التي أوردتها رئيسة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية الرائد سوزان الحاج من أنه تم تحديد من يقف خلف حساب لواء «أحرار السنة – بعلبك» على موقع «تويتر» والمنطقة التي كان يدار منها وأنه سيتم توقيفهم قريباً.

وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «رداً على سوزان الحاج لا أنت ولا جرائم المعلوماتية التي تتباهين بها قادرون على تحديد أماكن تواجدنا وإلحاق الضرر بنا، ونصيحة لك أن تتوقفي عن اللعب بالنار واهتمي بعائلتك وقومي بمجالسة النساء أمثالك».

وأضاف الشياح: «لأجهزة الدولة الصليبية وللمرتدّ نهاد المشنوق إن توقفنا عن تنفيذ العمليات الجهادية سببه التخطيط الدقيق والمركّز وفي حال تم التعرض بأي أذى لأيٍ من عناصرنا من قبل الأجهزة الصليبية سنحوّل ولاية لبنان في ظرف ساعات لكتلة حديد ونار».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى