«إسرائيل» تستجيب للأمم المتحدة لكن حماس يجب أن تبقى!

عامر نعيم الياس

تناول الإعلام الغربي العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة من زاويتين، الأولى تعتمد على التركيز على قطاع غزة وحركة حماس باعتبارهما المعنيين جغرافياً وسياسياً بالعمليات التي يقودها الكيان الصهيوني وجهود الوساطات الدولية لإنهاء هذا العدوان. أما الثانية فتتعلق بتوزيع الأدوار بين المقالات وغرفة التحرير للإيحاء بوجود موقف متوازن وموضوعي للإعلام الغربي من العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال على القطاع والذي تجاوزت فيه حصيلة الشهداء من فلسطينيي القطاع الألف.

وفقاً لما سبق بدأت «لوموند» الفرنسية تقريرها عن انهيار الهدنة في قطاع غزة بالآتي «بعد قبولها إسرائيل طلب الأمم المتحدة والدبلوماسية الدولية بتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة حتى منتصف ليل 27 تموز الجاري، الجيش «الإسرائيلي» يعود خطوة إلى الوراء». أما هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بدأت تقريرها بالقول «انهارت الهدنة التي أعلنتها «إسرائيل» من طرف واحد وقصفت قطاع غزة بعد أن أطلقت حماس صواريخ على أراضيها».

الصورة السابقة تركّز على حركة حماس باعتبارها الحاملة الوحيدة للسلاح، وباعتبارها المتمردة على قرارات المجموعة الدولية وطلبات الأمم المتحدة «بهدنة إنسانية» ساهم قبول الكيان الصهيوني لها في ظهوره بمظهر المنسجم والمتجاوب مع كل ما هو إنساني، فهل الهدنة جزء من التفاوض، بمعنى أنها أداة ضغط إعلامي ودولي على الحركة، مقابل تركيز كل السلطات وفعل الأمر والنهي في يدها وحدها؟

جرى الحديث في بعض الإعلام العربي عن افتراق في قرارات الجناح العسكري لحركة حماس عن جناحها السياسي في توجيه آليات الفعل على الأرض وعلى المستويات كافة، فرضية لا تلاقي سنداً منطقياً على أرض الواقع، فعلى رغم الخطاب المهادن لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، إلا أن توزيع الأدوار بين جناحي الحركة كان ولا يزال الصفة الغالبة على تفسير آليات عمل حركة حماس على مدى العقود الماضية، وعلى رغم الحديث عن خلافات إلا أن خيارات المكتب السياسي لا يمكن أن توضع من دون الأخذ في الاعتبار الرأي الراجح لقادة الجناح العسكري في الحركة، ولنا في السنوات الأربع الماضية مثال محسوس على اصطفاف المقاومة التي تعمل حركة حماس تحت رايتها، وهنا لا يمكن الالتفاف على الصراع الذي أفرزه الربيع الأميركي بين محاور المنطقة على تفسير مفهوم المقاومة بين ثابت على مقارعة الاحتلال ورافض للطاعون الذي ألم بالمنطقة، وبين انتهازي يوظف قدراته التي عززها خلال العقد الماضي في خدمة مشروع لا يخفي غاياته بتطويع حركة حماس في إطار أوسلو جديد حتى لو كان هذا الأوسلو المفترض قائماً على هدنة طويلة الأمد من الواضح أن حماس ترغب في إقرارها ضمن حد أدنى من الشروط، يقوم على «انسحاب الآليات العسكرية «الإسرائيلية» من المناطق التي توغلت بها، ووقف الهجمات، وعودة النازحين»، وفي هذا السياق تحضر تصريحات اللفتنانت جنرال مايكل فلين رئيس وكالة دفاع الاستخبارات الأميركية المنتهية ولايته في منتدى أسبين للأمن في ولاية كولورادو والتي جاء فيها «لو دمرت حماس وانتهت ربما ينتهي بنا الأمر إلى شيء أسوأ بكثير. سينتهي الأمر لمواجهة المنطقة لشيء أسوأ بكثير».

إن صورة المشهد الحالي في غزة تقوم على الخيار بين مقاومتين الأولى ثابتة على مواقفها والثانية تراهن على التخفيف من التداعيات السلبية لخياراتها السياسية المؤيدة للربيع الأميركي، مستغلةً مزاجاً دولياً مؤيداً لهذا الخيار بهدف تعزيز جبهة محور «الاعتدال» في المنطقة، فتدمير حماس لن يؤدي سوى إلى ظهور شيء أخطر منها وربما تعزيز أوراق محور المقاومة في سياق الرهان على حركة مقاومة تضع مصالح الشعب الفلسطيني أولاً وأخيراً في المقدمة من دون الخوض في بازار سياسي يهدف إلى تعزيز أوراق سياسية تأتي متقدمةً على تضحيات الفلسطينيين.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى