مَن هنَّأ أوباما في عيد الفطر؟

جمال العفلق

يقولون إنها من الأعراف الدبلوماسية. ويقولون إنها من اللياقة والتهذيب الدبلوماسي…

سيد البيت الأبيض يهنّئ المسلمين والعالم الإسلامي لمناسبة حلول عيد الفطر السعيد! والذين نشروا برقيتة أو كلمتة هذه، عدا عن وسائل الإعلام الأميركية، هم المروّجون العرب الذين تناقلوا كلمتة بهذه المناسبة، شاكرين لسيدهم في البيت الأبيض هذه «اللفتة الجميلة» والمعبرة عن «رفعة وسموّ أخلاق»! أو هكذا يعتقدون – فنقلَ خطابه ما يُسمّى بـ«ائتلاف الدوحة» وهو الخادم التابع الأمين لاستخبارات أميركا و«إسرائيل».

سيد البيت الأبيض الذي هنّأ المسلمين لمناسبة عيد الفطر السعيد لم يذكر لنا عن أي مسلمين يتحدث؟

هل هم «داعش» المدعومون منه ومن حلفائه في الشرق؟ أم هم «النصرة» البديل الآخر للتخريب؟ أم هم «الإخوان المسلمون» الذين يهدّدون مصر والخليج؟

وقد يكون من قصدهم السيد أوباما هم المسلمون التابعون للوهابية؟ الرجل لم يحدّد ولم يقل من المقصود! لكننا نفهم أنه هنأ المسلمين لمناسبة عيد الفطر وتحدث عن شهر الصوم والتأمل والتجديد الروحي؟

لكننا من باب اللياقة والعرفان، وجب علينا شكره، وقبل أن نشكره يجب أن نذكّر السيد أوباما بأنّ العصابات الصهيونية قتلت في أول أيام العيد عشرة أطفال من فقراء المسلمين كانوا يحاولون الفرح بالعيد في فلسطين المحتلة… وأنّ الصهاينة يمنعون المسلمين في فلسطين من الوصول الى بيت المقدس لأداء فريضة الصلاة، وأنّ «داعش» حليفته وصنيعته قطعت عشرات الرؤوس لجنود مسلمين وعلّقتها على الأعمده في سورية!! وأن المسلمين يُقتلون بالمال الخليجي الذي أمر هو وإدارته بنقله إلى المنظمات الإرهابية التي درّبها جنوده في معسكرات الأردن وأماكن أخرى في هذا العالم، لتقوم بدور القاتل المأجور لتحقيق المكاسب السياسية للسيد أوباما… الذي لم يخبرنا عن أي عيد فطر يتحدث؟

في العراق مئات الضحايا وتهجير جماعيّ وتصفية عرقية… وفي سورية لا يقل المشهد دموية، فالمسلمون في سورية يتعرّضون اليوم أكثر من أي يوم مضى للتعذيب والتنكيل على يد تلك المجموعات الإرهابية التي تحمل السلاح الأميركي ويحميها غطاء سياسي تركي سعودي قطري.

السيد أوباما لم يذكر شهداء فلسطين ولا أطفال فلسطين ولا أطفال جنوب السودان… وجميعهم ضحية سياسة أميركا والصهيونية.

هل تقضي الأعراف الدبلوماسية تلك بأن يمشي القاتل في جنازة القتيل؟

إنّ الترويج لكلمة السيد أوباما من قبل من يخدمه ويعمل في دوائر الاستخبارات لديه ويقبض ثمن خيانتة لأمته، ليس إلا جريمة أخرى تضاف إلى جرائم الذين خانوا هذه الأمة.

أن يلقي السيد أوباما كلمة في هذا الظرف الأمني وأطفال فلسطين تحت وابل القصف الصهيوني هو أشدّ من القتل، فهذه الكلمة ليست سوى إهانة أخرى لجميع المسلمين والأحرار في العالم.

هل يعلم السيد أوباما كم عدد المساجد التي دمّرتها «إسرائيل» في فلسطين؟

وهل يعلم أوباما كم مسجداً دمّر في العراق وسورية وليبيا؟

قد تكون هذه الأسئلة كثيرة جداً، لكني أضمن لكم أنّ عدد من سقطوا يصله يومياً، فهذه حرب أميركا على المنطقة حتى وإنْ لم نشاهد جنود المارينز على الأرض وجهاً لوجه.

هذا غيض من فيض، فهل نجد إجابة شافية لنا تخبرنا إلى مَنْ أرسل السيد أوباما والسيدة زوجتة بطاقة المعايدة تلك؟

إن «المتأسلمين» الذين صنعتهم أميركا هم وحدهم المعنيون بتلك «المعايدة الأخوية والإنسانية» من أوباما، اما المسلمون الضحايا فلا تعنيهم هذه التفاهات الدبلوماسية، وإن كنت أخشى أن نرى أوباما يوماً مؤدياً دور الإمام ويصلي بهذه الأمة!

هذه الأمة التي تخلّت عن نفسها، هذه الأمة التي تركت أهل فلسطين يقاومون الطيران الصهيوني بصدور عارية، هذه الأمة التي يقُال إن لها جامعة عربية ومنظمة عمل إسلامي… لم تصدر حتى اليوم بياناً أخلاقياً أو إنسانياً واحداً لأجل أطفال فلسطين وشعبها.

لكن، ولأنها الأعراف الدبلوماسية التي لا نجيدها أنا وغيري كثيراً، وجب أن نذكّر السيد أوباما بأن بطاقته لم تصل، فالذين يخدمون أميركا لا يجيدون القراءة وليسوا بمسلمين ولا مؤمنين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى