«اتجاهات الإنتاج السينمائي بين ثورتين» كتاباً لياقوت ديب عن أفلام مصريّة ذات ملمح سياسيّ

كتب حازم خالد: إذا كان الإنتاج الأدبي لأي شعب من الشعوب يحمل ذاكرة المجتمع التاريخية، فإن الإنتاج السينمائي يجسد الذاكرة التاريخية والبصرية والفنية، إذ تُعبر الصورة السينمائية في الحكاية والدراما والموسيقى والملبس والمأكل عمّا يحدث على أرض الواقع في زمن ما، وتنقل للأجيال المقبلة أزمنة لم يتمكنوا من معايشتها.

تحت عنوان «اتجاهات الإنتاج السينمائي من ثورة يوليو حتى ثورة يناير»، يرصد كتاب د. ياقوت الديب تميز الإنتاج السينمائي المصري بتعدد اتجاهاته وتباينها منذ ثورة يوليو 1952 إلى ثورة يناير 2011، نظراً إلى ثراء الحوادث التي شهدتها مصر والتي انعكست بشكل كبير على صناعة السينما. ويسعى الكتاب إلى رصد أبرز اتجاهات الإنتاج السينمائي في تلك المرحلة بالغة الأهمية من تاريخ المجتمع المصري، التي تشكل الكثير من الأنساق الفنية والحياتية لجموع المصريين، فليس أبرع من السينما في تتبع نبض الجماهير ورصد همومهم وأحلامهم والوقوف على فترات القوة والانكسار في مشوارهم الحياتي.

يحرص الكاتب على تقديم الكتاب على هيئة معاجم تشمل استعراض الأفلام في فترات زمنية معينة، أو في سلاسل سينمائية سنوية ترصد كمّ الأفلام التي أنتجت سنوياً من الحقبة المذكورة. إلى جانب هذا أنجزت بعض الدراسات التي تشير عَرَضاً إلى التوجهات الفكرية لبعض الأفلام، أو الحديث حول أحد الظواهر السينمائية الكبرى، من دون أن يتمحور الأمر حول الجانب النقدي والتحليلي الفني المسهب لكل فيلم على حدة.

يشير الكاتب إلى أنه اكتفى بوضع قوائم لنماذج مختارة من الأفلام وفق المنهج الإحصائي التي تمثل الحقب التاريخية الثلاث عبدالناصر- السادات – حسني مبارك ، كلٌّ على حدة، والتي تفي بغرض الدراسة ويخلص إلى خاتمة أورد فيها الخصائص التي ميزت أفلام كل مرحلة سياسية.

يكشف د. ياقوت أن إجمالي الأفلام الروائية الطويلة 936، بمعدل إنتاج 52 فيلماً في السنة في عهد جمال عبدالناصر، الممتد من عام 1952 إلى عام 1970، أي طوال 18 عاماً إذ سُجّل أعلى إنتاج سينمائي في عام 1954 وأُنتج 63 فيلما وشهدت حقبة عبدالناصر ما سمي آنذاك بسينما القطاع العام، خلال الستينيات، تحت مظلة المؤسسة العامة للسينما وشركاتها المتنوعة.

على مستوى المواضيع، تطرقت أفلام كثيرة إلى أهمية قيام ثورة يوليو وما أنجزته وكيف انعكس قيامها على الأوضاع الإجتماعية، وانتقدت أيضاً الحقبة الملكية ومرحلة الإقطاع والحكم الإنكليزي، ونجد مثل هذه الأفكار في «رد قلبي» و»الأيدي الناعمة» و»في بيتنا رجل» وغيرها. ولم تتطرق الأفلام السينمائية في تلك الحقبة إلى الأوضاع السياسية، إلا في ما ندر، مثل فيلم «القضية 68» للمخرج صلاح أبوسيف، و»جفت الأمطار» للمخرج سيد عيسى و»شيء من الخوف» للمخرج حسين كمال، و»ميرامار» للمخرج كمال الشيخ.

أما الأفلام الروائية الطويلة خلال حكم الرئيس السادات فبلغت 491 فيلما، بمعدل 50 فيلماً سنوياً، وسجّل أعلى إنتاج في هذه الحقبة عام 1978 بلغ 52 فيلماً خلال فترة حكم السادات وأنتجت في هذه المرحلة أفلام انتقدت الأوضاع السياسية في مصر مثل «المذنبون» و»على من نطلق الرصاص» و»عودة الابن الضال» و»العصفور» كما أنتج ما عُرف باسم أفلام حرب أكتوبر، إلى جانب الأفلام التي انتقدت مرحلة عبدالناصر ومراكز القوى مثل «الكرنك» و»حافية على جسر من الذهب» و»شيء في صدري» و»المشبوه».

شهد زمن حسني مبارك أدنى متوسط لإنتاج الأفلام إذ بلغ 40 فيلماً سنوياً، وظهرت موجة من أفلام المقاولات، كما ظهرت أفلام تتناول الخارجين على القانون والبلطجية كما في «فتوات السلخانة» و»فتوات بولاق» و»فتوات الحسينية» و»الشيطان يعظ» وغيرها. وظهرت في هذه المرحلة أيضاً السينما المستقلة والأفلام المستقلة، ومن أبرز تلك الأفلام: «العوامة 70» للمخرج خيري بشارة و»سواق الأتوبيس» و»البريء» للمرخج عاطف الطيب و»زوجة رجل مهم» للمخرج محمد خان و»أرض الخوف» للمخرج داود السيد.

صدر كتاب «اتجاهات الإنتاج السينمائي من ثورة يوليو حتى ثورة يناير» للدكتور ياقوت الديب ضمن مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى