اجتماعات القاهرة ومهلة لنهاية الأسبوع لوقف النار لبنان: حلحلة في السلسلة ثمن التمديد للمجلس

كتب المحرر السياسي

مطحنة الدم المفتوحة في غزة لم تحرّك ساكناً في الحكومات التي أدمنت الذلّ وصناعة نظرية النعاج أمام «إسرائيل»، فالموقف السعودي الذي يقود الوضع العربي يضغط على مصر لعدم تسهيل أبواب الحلول التي تريح غزة ومقاومتها، ناشراً الخوف من نظرية تحوّل غزة قاعدة انطلاق إخوانية مسلحة للسيطرة على مصر، وبيد أخرى يشجع «إسرائيل» على تحمّل المزيد من الخسائر والصمود، ريثما يفعل الوقت والدم فعلهما في إفقاد المقاومة قدراً كافياً من مخزونها الصاروخي ورصيدها الشعبي، وقد صار واضحاً من الوثائق المنشورة في الصحافة الأميركية والبريطانية، وخصوصاً ما كتبه الصحافي والباحث ديفيد هيرست، أنّ السعودية كانت شريكاً كاملاً لـ«إسرائيل» في قرار الحرب – نشرت «البناء» نصّ مقالة هيرست قبل يومين – وعلى الضفة المقابلة الواضح أيضاً أنّ قطر وتركيا لن تتخذا أيّ خطوات مجاملة لعلاقتهما بحركة حماس نحو غزة، ولو بحدود ما فعلته دول أميركا اللاتينية من قطع علاقات بـ»إسرائيل» وتصعيد في الخطاب السياسي، بل صاغتا ترجمة موقعيهما في الحرب باستضافة القيادة السياسية لحماس كرهائن، وقياس درجة القدرة على الصمود السياسي لديها، لاغتنام اللحظة المواتية لفرض الشروط التي تنتظر «إسرائيل» سماعها.

خيار الانتحار بديلاً من الفشل صار طريقاً يتقدم في الحسابات «الإسرائيلية»، ضمن مقامرة عنوانها «بديل فشل التصعيد هو المزيد من التصعيد وبديل خسارة الزمن برفع السقوف هو خسارة المزيد من الزمن برفع المزيد من السقوف»، وبهذا يصير النزول عن شجرة الحرب شبه مستحيل، ويصير صمود المقاومة وشعبها مدخلاً لتوسيع جبهة الحرب كخيار وحيد.

توسيع جبهة الحرب تدلّ عليه وفقاً لمصادر وثيقة الصلة بقيادة المقاومة في فلسطين، عمليات استدعاء المزيد من الاحتياط الذي لا تتسع له جبهات غزة، ويفيض عن الحاجة لحربها، وحالة الاستنفار بذرائع وقائية على جبهتي الجولان وجنوب لبنان.

في المقابل تبدو قوى حلف المقاومة على جاهزية تامة لكلّ تطوّر من لبنان إلى سورية وصولاً إلى إيران، فعلى رغم كلّ الانشغالات الأخرى بالجبهات الأخرى، كما قال الأمين العام لحزب الله الذي حذر القيادة «الإسرائيلية» من قرار الذهاب من الفشل إلى الانتحار، فإنّ قدرات حلف المقاومة المرصودة للجبهة مع «إسرائيل» لم تتأثر لا معنوياً ولا مادياً وهي بكامل جاهزيتها.

هذه المعطيات كانت وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة موضع أكثر من اتصال بين واشنطن وموسكو، بدءاً من الممثلين الدائمين في مجلس الأمن والذي توّج باتصال بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومعاونة وزير الخارجية الأميركية آن ريتشارد، وأضافت المصادر أنّ التفاهم جرى على تقدير خطورة تصعيد الموقف في الشرق الأوسط، وبالتالي عدم إمكانية مواصلة الاكتفاء بالوقوف وراء المبادرة المصرية، التي دخلت مرحلة المراوحة في المكان، وصار التحرّك على مستوى مجلس الأمن لبلورة قرار قادر على تحقيق وقف شامل للنار ضرورياً، من ضمن معادلات يفترض أن يتشاور لصياغتها الديبلوماسيون الروس والأميركيون بالتنسيق كلّ مع حلفائه، قبل أن تتدحرج كرة النار لتشعل المنطقة وتخلق أوضاعاً خارج السيطرة.

في قلب هذا التطور واصلت واشنطن وموسكو ضغوطاتهما لإنجاح اجتماعات القاهرة المنتظرة بين الوفدين الفلسطيني و «الإسرائيلي» المفترض، وكما تقول المعلومات فإنّ نهاية الأسبوع آخر حظوظه لتحقيق تقدم حقيقي ينتقل بعدها الملف إلى مجلس الأمن.

لبنانياً وفي قلب الانتظار والقلق برزت الحلحلة في ملف سلسلة الرتب والرواتب ضمن معادلة التمديد لمجلس النواب، بصورة لا يخفى منها وجود مقايضة ما وحساب تبادل مطالب بين الكتل الكبرى، من دون التصريح بحدوث ذلك علناً من أحد.

الاستحقاقات الداخلية

أما في الملفات الداخلية، فقد تحركت الاتصالات على غير صعيد مع انتهاء عطلة الفطر، بحيث تمحور البحث العلني على سلسلة الرتب والرواتب ومعها مصير أكثر من مئة ألف طالب تقدموا للامتحانات الرسمية، كما تمحور البحث وراء الكواليس حول مصير الانتخابات النيابية، وتحديداً ما يتعلق بالتمديد لمجلس النواب الذي قطع شوطاً مهماً، على رغم أنّ القيادات المعنية تحاذر الكلام العلني عن هذا الموضوع.

ملف السلسلة على نار حامية

لكن يبدو واضحاً أن موضوع سلسلة الرتب وضع في سلّم الأولويات بعد أن دخل مصير طلاب الشهادات الرسمية المحظور، وبعد أن ارتبط انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب بإقرار السلسلة على اعتبار أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ترك الجلسة التشريعية السابقة مفتوحة، وأصبحت بالتالي البند الأول في أي جلسة تشريعية يعقدها المجلس.

السنيورة وخليل وأبو فاعور

ومن أجل ذلك تتواصل المشاورات السياسية بين كتلة التحرير والتنمية وجبهة النضال الوطني لإيجاد مخرج لملف سلسلة الرتب والرواتب. وعُقد مساء أمس اجتماع في منزل الرئيس فؤاد السنيورة ضمّه والوزيرين علي حسن خليل ووائل أبو فاعور، والنواب جمال الجراح جورج عدوان وابراهيم كنعان لتقريب وجهات النظر في شأن ملف سلسلة الرتب والرواتب.

وأكد مصدر نيابي مطلع في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» أنّ الرئيس نبيه بري يعوّل على هذا الاجتماع، وأبلغ وزير التربية أنّ هذا الاجتماع مهمّ جداً، ولفت المصدر إلى أنّ الاجتماعات ستتواصل لإيجاد حلّ للسلسلة وعقد جلسة تشريعية لإقرارها وإغلاق الملف، لا سيما أنّ الرئيس بري شدّد على أنّ أيّ جلسة تشريعية تمرّ عبر السلسلة.

وأشار المصدر النيابي إلى أنّ الاجتماعات الأخيرة في المجلس النيابي بين الرئيس بري والرئيس السنيورة والنائب بهية الحريري طرحت تقسيط السلسلة على مدى 3 سنوات والرئيس بري لم يعارض تخفيضها بنسبة 10 في المئة أيضاً، لا سيما انّ الاقتصاد في البلد لا يحتمل ان يدفع المبلغ دفعة واحدة، إلا انّ الخلاف بقي على زيادة الضريبة على القيمة المضافة التي يدور النقاش حولها. واعتبر انّ كلّ الأفرقاء باتوا في جو ضرورة إقرار السلسلة، لأنّ الاولوية لتخفيف التشنّج في الشارع وعودة الأساتذة الى التصحيح.

ثلاثة شروط للمستقبل!

وبحسب المعلومات فإن النقاش بين السنيورة وخليل تركز على ثلاث نقاط خلافية كانت لا تزال تُعيق حصول توافق بين الكتل النيابية، على السلسلة وهي مطالبة المستقبل بتخفيض التكاليف عشرة في المئة ورفع الضريبة على القيمة المضافة واحد في المئة على كل السلع، وأن يتم التقسيط على ثلاث سنوات.

وأضافت المعلومات أن جنبلاط يشترط بدوره أن يكون هناك توازن بين الإيرادات والتكاليف، بحيث تكون الإيرادات المقترحة تؤمّن المبالغ المطلوبة لتمويل السلسلة فعلياً وليس نظرياً.

لكن مصادر نيابية أكدت أن السنيورة لا يزال يمارس لعبة الابتزاز للسير بالسلسلة، فهو يرهن الموافقة بإقرارها بزيادة الـT.V.A واحدة في المئة والانقضاض على الحقوق للمعلمين والموظفين والعسكريين عبر الإصرار على تخفيضها بالكامل، وعدم السير ببعض الحقوق للمعلمين والعسكريين.

هل يوافق حزب الله على 1 في المئة

إلا انّ مصادر نيابية في تيار المستقبل أكدت لـ«البناء» انّ الاتصالات السياسية الحاصلة أكبر من ملف سلسلة الرتب والرواتب، معتبرة انّ اجتماعات الرئيس فؤاد السنيورة والوزير خليل تعكس جواً جديداً متفائلاً.

وإذ أشار المصدر إلى أنّ حزب الله سيوافق على زيادة واحد في المئة على الضريبة على القيمة المضافة على كامل السلع الاستهلاكية، لا سيما انّ الطبقة الفقيرة لا تتأثر بهذه الضريبة إلا بشكل بسيط جداً، اعتبر انّ موافقة حزب الله تعود لتجنبه الحديث في الأمور الداخلية، والتي تترافق مع الديبلوماسية الايرانية الجديدة التي تأخذ منحى ايجابياً في التعاطي مع الأفرقاء السياسيين، فالسفير الايراني الجديد محمد فتحعلي بدأ زياراته البروتوكولية بطريقة ملفتة للنظر، لجهة الانفتاح على كلّ الاطراف السياسيين.

هيئة التنسيق وبو صعب

وفي السياق التقت هيئة التنسيق النقابية أمس وزير التربية الياس بو صعب الذي ناشد السياسيين «النظر الى موضوع طلاب الشهادات الذين سيسافرون الى الخارج للالتحاق بالجامعات، ونحن دخلنا بالمحظور وفي المرحلة الخطيرة، وهناك طلاب سيخسرون المنح، وإذا لم نتفق على اقرار السلسلة بأسرع وقت سيذهب، مستقبل الطلاب الى المجهول، ومستقبل الطلاب بعين وحقوق الاساتذة بعين اخرى.

وأكد عضو هيئة التنسيق النقابية نعمة محفوض لـ«البناء أنّ الكتل السياسية باتت تتعاطى مع السلسلة بشكل إيجابي وجدي، آملاً ان ننتهي من السلسلة قبل نهاية الأسبوع المقبل ليعود الاساتذة الى التصحيح. وأعلن محفوض ان هيئة التنسيق ستعقد الاثنين المقبل مؤتمراً صحافياً تحدد فيه موقفها على ضوء نتائج الاتصالات بين القوى السياسية في شأن السلسلة، على أن تنفذ اضراباً في الادارات العامة واعتصاماً في رياض الصلح يوم 6 آب في رياض الصلح للمطالبة بإقرار السلسلة.

مصادر الهيئة لـ«البناء»

واستبعدت مصادر هيئة التنسيق لـ«البناء» أن يلجأ الوزير بوصعب إلى إجراءات أحادية بخصوص تصحيح الامتحانات الرسمية، وأوضحت أن وزير التربية يراهن على نجاح الاتصالات القائمة بين الكتل النيابية وعلى ما سمعه من الرئيس بري من أن لا جلسة تشريعية من دون السلسلة. لكن المصادر استخلصت من المداخلة التي قدّمها بو صعب أن لا شيء جدياً حتى يوم أمس بخصوص السلسلة، وإن كان لم يستبعد حصول «شيء إيجابي» قريباً يؤدي إلى دعوة رئيس المجلس إلى جلسة تشريعية بناء على ما سيصدر عن معظم الكتل النيابية التي تعلن استعداداً للسير بالسلسلة وإقرارها بما يعطي بعض الحقوق لأصحابها ويحفظ التوازن المالي.

وجددت المصادر رفض الهيئة لأي سلسلة لا تعطي كامل الحقوق للمعلمين والموظفين والعسكريين، موضحاً إذا كانت الهيئة رفضت «سلسلة» لجنة جورج عدوان فلا يمكن أن تقبل بسلسلة مخفضة بين عشرة و15 في المئة، وفي الوقت ذاته رفع قيمة الضريبة المضافة واحد في المئة.

خليل يوقع سلفة لمؤسسة الإسكان

من ناحية أخرى، وقع وزير المال علي حسن خليل اليوم، سلفة مالية بقيمة 10 مليارات ليرة لبنانية، لتغطية جزء من العجز التي تعانيه المؤسسة العامة للإسكان ليتسنى لها الاستمرار في دورها في المرحلة الحالية.

وأوضح أن توقيع سلفة الـ 10 مليارات تأتي كضرورة أساسية نظراً لأهمية استمرار القروض السكنية لذوي الدخل المتوسط والمحدود في هذا الظرف بالذات الذي يفرض إجراءات تخفف من الأعباء الاجتماعية، وتحسّساً أكبر بالمسؤولية تجاه شريحة واسعة من المواطنين. كما تأتي في إطار المعالجة التي تستوجب من المؤسسة نقاشاً جدياً مع المصارف وإعداد خطة متوسطة الأمد للتمويل وإقرار التشريعات اللازمة لها. وتبلغ طالبو القروض السكنية، باستمرار عمل مؤسسة الاسكان في تقديم القروض السكنية كالمعتاد بالتعاون مع جميع المصارف التي التزمت بروتوكول التعاون القائم بينها بكامل شروطه التفضيلية وبرعاية مصرف لبنان.

القوى السياسية أجمعت على التمديد

وفيما وضعت الانتخابات الرئاسية في ثلاجة الانتظار، يبدو أنّ التمديد للمجلس النيابي بات شبه مؤكد. وأكدت أوساط تيار المستقبل أن كافة القوى السياسية مجمعة على أن لا انتخابات نيابية، وأنّ التمديد حاصل لا محالة، مشيرة إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في لقائه مع رئيس جبهة النضال النائب وليد جنبلاط تحدثا عن التمديد للمجلس النيابي والانتخابات الرئاسية. وأشارت أوساط «المستقبل» إلى أنّ السيد نصر الله والرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط والرئيس سعد الحريري يريدون التمديد للمجلس النيابي، ويحظى ذلك بقبول من الغربيين والاقليميين.

الانتخابات النيابية صعبة بغياب رئيس للجمهورية

وأشارت مصادر عين التينة لـ«البناء» الى أنّ الانتخابات النيابية صعبة في ظل غياب رئيس للجمهورية، مشيرة إلى أن على الحكومة أن تأخذ قرارها وتدعو الى انتخابات وبعد ذلك لكل حادث حديث، فالتمديد للمجلس النيابي رهن التطورات الاقليمية.

قباني: لا لدريان

من جهة أخرى، لا تزال قضية دار الافتاء تتفاعل مع استمرار الاتصالات لتقريب وجهات النظر حول اسم المفتي المقبل للجمهورية في ظل رفض المفتي محمد رشيد قباني لرئيس المحاكم الشرعية عبد اللطيف دريان.

وأمس زار الوزير السابق عبد الرحيم مراد والقنصل المصري شريف البحراوي للبحث في انتخابات دار الافتاء. وأكد المفتي قباني بحسب ما أبلغت مصادر المجتمعين «البناء» ان القاضي دريان غير مناسب لهذا الموقع.

وتحدثت المصادر عن ان رئيس الحكومة تمام سلام سيدعو اليوم الهيئة الناخبة لمفتي الجمهورية لانتخاب مفت جديد في 10 آب، فيما دعا المفتي قباني الى انتخابات في 31 آب ولم يتقدم أحد الى الترشح.

وإذ دعا القنصل المصري المفتي قباني الى اعلان موافقته على القاضي دريان، مؤكداً على وحدة الموقف الاسلامي في هذه الظروف، أشارت مصادر المجتمعين الى ان قباني أبلغ مراد والبحراوي رفضه القبول بدريان.

وفي السياق أكدت مصادر مطلعة في 8 آذار أن دريان المدعوم من سلام ورؤساء الحكومات السابقين أعلن أنه على مسافة واحدة من الجميع، وتعهد بإجراء الاصلاحات التي نطالب بها، ونحن نؤيد ترشيحه انطلاقاً من ذلك، ومن أننا لا نريد مفتيين للجمهورية ولا نريد مجلسين، ولن نقبل أيضاً بإجراء انتخابات في 31 آب، لأننا لن نقبل بإجرائها مرتين.

«أحرار السنة» يهدّد بتطهير البقاع من المسيحيين

أمنياً، وبعد المجازر التي يرتكبها ما يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش في الموصل بحق المسيحيين، حذر ما يسمى بـ»لواء أحرار السنة بعلبك» عبر تويتر المسيحيين في البقاع ومعلناً «الانتهاء من الإعداد لعمليات تهدف إلى تطهير إمارة البقاع من المسيحيين وأن ساعة الصفر تقترب ودعاهم «إلى الخروج من المنطقة لأن الوقت يداهمهم».

جعجع يدعو لمواجهة «داعش»

واعتبر رئيس حزب القوات سمير جعجع أنّ ما يجري في العراق لا يمكن أن نقول عنه فقط إنه ما قبل الإسلام أو ما قبل الجاهلية، إنما هو ما قبل التاريخ حتى، فداعش تنظيم إرهابي بكلّ ما للكلمة من معنى». ودعا كلّ القوى السياسية في المنطقة على مختلف انتماءاتها لأن تجتمع لمواجهة هذه الظاهرة التي لا تملك بالطبع مقومات الاستمرار والتي لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالمسيحية. وفي حال استمرّت، ستقضي على الاسلام والمسيحية وعلى الشرق الأوسط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى