سياسة «إسرائيلية» ثابتة… ضرب القطاع لإبقائه ومقاومته ضعيفين

جاك خزمو

تعدّدت أسباب شنّ «إسرائيل» حربها العدوانية الثالثة على قطاع غزة، ومن أهمها ضرب المقاومة الوطنية والإسلامية في هذه البقعة الصغيرة من فلسطين التاريخية، وإبقاؤها ضعيفة قدر الإمكان. ويندرج هذا السبب ضمن استراتيجية «إسرائيلية» واضحة المعالم أنه لا يجوز السماح بتحويل القطاع الى جنوب لبنان آخر، إذ أن «إسرائيل» انسحبت من الجنوب اللبناني في 25 أيار 2000، وكانت الخطة أنه في حالة وقوع أي اعتداء من المقاومة اللبنانية، ترد «إسرائيل» عليه بضربات جوية. والخطة نفسها وضعت أيضاً عند الانسحاب «الإسرائيلي» الأحادي من القطاع في آب 2005، لكن في تموز 2006 شنت إسرائيل» حرباً ضارية على لبنان بذريعة اختطاف جنديين على الحدود الشمالية، وتبين في هذه الحرب أن المقاومة خلال السنوات عززت قدراتها وإمكاناتها، وظهر سلاح الصواريخ الذي نقل المعركة الى داخل «إسرائيل».

من «حظ القطاع» أنّ الانسحاب «الإسرائيلي» تم قبل حرب تموز بعام، ولو لم يتخذ شارون قراره بالانسحاب الأحادي عام 2005 وكانت ولو لم تكن تموز 2006 لبقيت «إسرائيل» موجودة في القطاع، خاصة في منطقة «غوش قطيف»، فاتفاق أوسلو سلم جزءاً من القطاع ولم يسلم كلّه إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.

وانطلاقاً من استراتيجية أو عقلية عدم السماح للمقاومة في القطاع بتعزيز ومضاعفة قدراتها وإمكاناتها فرضت حصاراً على القطاع لمنع دخول السلاح إليه، وقررت شن حرب بين فترة وأخرى لاستنزاف قوة المقاومة «الصاروخية والقتالية». وقد واجه القطاع ثلاثة حروب عدوانية في السنوات التسع الماضية، أي بمعدل عدوان كل ثلاث سنوات تقريباً. وتبين لـ»إسرائيل» أيضاً أن الضربات الجوية لا تكفي، وذلك من دروس حرب تموز 2006 على لبنان وعِبَرها، لذا اضطرت إلى استخدام الاجتياحات البرية أيضاً. لكن الحرب الثالثة اختلفت عما عن الحربين العدوانيتين السابقتين على القطاع أواخر عام 2008 وفي خريف عام 2012.

لذلك فإن الادعاء بأن «إسرائيل» قد «جُرّت» الى هذه الحرب هو ادعاء باطل، وعملية اختطاف المستوطنين الثلاثة مساء 12/6/2014 كانت مجرد ذريعة ملفّقة، وفما حمّس «إسرائيل» على ضرب المقاومة وشن هذه الحرب عدد من العوامل، أبرزها تحقيق اتفاق المصالحة وتشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية، فـ»إسرائيل» لا تريد أن تكون هناك أيّ مصالحة، وتريد أن تكون «الدويلة» الفلسطينية مستقبلاً عدة دويلات أو كانتونات مقسمة جغرافياً، ومنقسمة سياسياً، إضافة الى مطالب اليمين «الإسرائيلي» حول ضرورة القيام بهذه الحرب ضد القطاع لحسابات حزبية. كما أراد نتنياهو، كرئيس لحكومة الائتلاف الوزاري، إبقاء هذا الائتلاف قائماً، وإبقاء حكومته الى حد ما مستقرة بعد وقوع خلافات عديدة حول مواضيع داخلية مختلفة. فكان العدوان على قطاع غزة أسلوباً أو طريقاً للحفاظ على هذه الحكومة، ما يعني أن القطاع هو «كبش الفداء» و»الضحية» لأجل استقرار حكومته وإرضاء اليمين المتطرف الذي راح يزايد عليه.

كذلك من يَدّعي أن «إسرائيل» أجبرت على شن هذه الحرب هو ساذج وواهم ومضلل، لأن سياسة «إسرائيل» المرسومة والمتبعة تعتمد على ألا تقوم أيّ قيامة للقطاع لا سياسياً ولا عسكرياً، ولا بدّ من شن العدوان عليه بين فترة وأخرى!

استناداً إلى ما ذكر آنفاً، فان مطالبة المقاومة بإنهاء الحصار على القطاع ووقف «إسرائيل» عدوانها المتواصل عليه كشرط لوقف إطلاق النار، كان رداً على هذه السياسة «الإسرائيلية» لإنهاء معاناة أبناء شعبنا هناك، أي أن المطالب التي تطرحها المقاومة شرعية ومنطقية تهدف إلى وقف هذه السياسة «الإسرائيلية»، إنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» غير المباشر على القطاع، ومنع حرب عدوانية جديدة على القطاع.

هذه أبرز أسباب العدوان، وهناك بالطبع أسباب اقتصادية ملحة ومهمة كانت وراء شنّ هذه الحرب العدوانيّة.

رئيس تحرير «البيادر» ـ القدس المحتلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى