تونس وخطر الإرهاب

حميدي العبدالله

شنّت الجماعات الإرهابية هجوماً على مواقع للجيش التونسي في جبل الشعانبي ذهب ضحيته أكثر من 14 جندياً وعشرات الجرحى، ولم يكن الهجوم الأول، بل هو حلقة في سلسلة هجمات، رغم أن الجيش التونسي نفّذ عمليات عسكرية ضدّ مواقع الإرهابيين على امتداد أشهر طويلة.

حصل هذا الهجوم بعد محاولات كثيرة ادعت الحكومة التي يسيطر عليها حزب حركة النهضة أنها اتخذتها لتجفيف منابع الإرهاب والتضييق على الجماعات المسلحة، ما يعكس فشل هذه الإجراءات، أوعدم جديتها.

توقعات المحللين والمتابعين للشأن التونسي تؤكد أن الهجمات الإرهابية سوف تتصاعد مستقبلاً، والأرجح أنها لن تظل محصورة في مناطق محددة مثل الشعانبي حيث تتركز قواعد عسكرية مهمة للجماعات الإرهابية، بل يتوقع أن تشمل هذه الهجمات الجغرافية التونسية من أقصاها إلى أقصاها في ضوء العوامل التي تغذّي الإرهاب وتساعده في التجذر والاتساع:

– العامل الأول، عدد الأفراد المنتسبين إلى الجماعات الإرهابية، فالمقاتلون من أصول تونسية في سورية والعراق يحسبون بالآلاف لا بالمئات، وهؤلاء جميعهم أو بعضهم مرشح لأن يعود مجدداً إلى تونس بعدما امتلك الخبرة، وربما حصل على الإمكانات لتشكيل جماعات إرهابية جديدة أو رفد الجماعات القائمة وشنّ المزيد من الهجمات على مواقع حكومية، لا سيما على وحدات الجيش التونسي. ثم إن وزير الداخلية التونسي اعترف أكثر من مرة بأن الحكومة التونسية أحبطت محاولات ألوف التونسيين للذهاب إلى سورية والعراق، وبديهي أن هؤلاء لم يودعوا السجون وهم طلقاء، وبالتالي هم جزء من الجيش الاحتياطي للجماعات الإرهابية الذين اكتشفتهم الحكومة بالآلاف، لكن ثمّة توقعاً بأن يكون عدد الذين يؤيدون الإرهاب وقد ينخرطون في أعمال إرهابية يفوق عدد الذين يسعون إلى الذهاب إلى سورية والعراق للقتال إلى جانب التنظيمات الإرهابية في هذين البلدين المشرقيين.

– العامل الثاني محيط تونس المضطرب، إذ تقع على حدودها الشرقية ليبيا التي باتت معقلاً للتنظيمات الإرهابية التي تحصل على التمويل والعتاد العسكري من مخلفات الجيش الليبي، كما أن الحدود الطويلة المشتركة بين ليبيا وتونس تجعل السيطرة على الحدود ومنع تسلل الإرهابيين إلى داخل تونس أمراً صعباً. وعلى الحدود الغربية الجزائر، ومعروف أن المقلب الآخر من جبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية تتركز فيه تنظيمات «القاعدة» في بلاد المغرب العربي، وتقدّم هذه التنظيمات الدعم إلى الجماعات الإرهابية في تونس. أما الحدود الشمالية فهي مع دول أفريقية وينشط فيها الإرهاب، لا سيما مثلّث الحدود الجزائرية التونسية مع مالي.

– العامل الثالث وجود بيئة حاضنة داخل الحكومة التونسية ممثلة بحزب حركة النهضة الذي يشكل مظلة غير مباشرة للجماعات الإرهابية، ويعطل أي جهود حازمة لمكافحة الإرهاب خوفاً من اختلال المعادلات السياسية على حسابه، وبالتالي خروجه من المعادلة السياسية.

هذه العوامل مجتمعة تؤكد أن الإرهاب إلى تصاعد في تونس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى