الفصل السابع وبداية النهاية

د. حسام الدين خلاصي

بعد أن وافق مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة بالإجماع على قرار يستهدف إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وأدرج المجلس أسماء ستة «متشدّدين».

بدأت الرواية تأخذ منحنى آخر، إنه ذات الخطاب السوري والذي تبنته السياسة السورية وقيادتها منذ بداية الربيع العربي، بأن القادم إلى المنطقة يشبه الوباء وأنه زلزال سيجتاح المنطقة وأن المطلوب موقف دولي واضح وليس مشوهاً مما يجري في المنطقة وأنه من الضروري الانتباه للعبة الخطرة التي يلعبها الكيان الصهيوني وأعوانه الأعراب والأغراب، لذلك كان لا بد من فصل سابع بعد ثلاث سنوات ونصف عجاف، حملت للمنطقة هذا الوباء الأصفر داعش وتنبهت مراكز القرار بأن طباخ السم سيأكل منه عاجلاً أم آجلاً.

إلى هناك يبدو كل شيء في سياقه الطبيعي الذي يروج له إعلامياً ويفهم بسهولة، ولكن الحكاية في تفاصيلها تحمل الكثير من التأويل الآخر.

إنّ ملف الإسلام السياسي ومنذ نشأته تسلمته ورعته بريطانيا العظمى وأوكلته للإخوان المسلمين في مصر والمنطقة لتشوّه به صورة الأزهر الذي نحى نحو الاعتدال بصورة ما في تلك الفترة ولأنها استشعرت خطورة مصر عبد الناصر القادمة بقوة، ومن ثم وحتى الثمانينات مروراً بنكسة حزيران واغتيال عبد الناصر في السبعينات بسم فائق الجودة، ظهرت في الثمانينات مراجعات الإخوان بعد اغتيال السادات وتفشت ظاهرة الإخوان ممهدة للوهابية والسلفية في كامل العالم العربي، وهنا انتقل في أثنائها ملف الإسلام السياسي لأيد أميركية مهتمة بصهينة الشرق الأوسط انتقالاً لشرق آسيا لتعلن أميركا بدء الحرب مع الروس عبر الطالبان ولعبة القاعدة ووصولاً لمحاربة الإرهاب الدولي واقتحام العراق وتدميره، وبعد انتفاء المصلحة وهرم الملف بالأيدي الأميركية الكلية نقل الملف إلى الصهيونية العالمية لتبدأ به مشروع الربيع العربي غازية للشرق الأوسط ولتستعمله أبشع استعمال عبر إيقاظ وحش الفتنة والنزاع الدموي وعلى أرض الرافدين وسورية تحديدا ًتسلسلاً على النحو التالي:

تظاهرات إسقاط النظام الجيش الحر يحميني كتائب إسلامية جبهة النصرة داعش.

ومع ظهور داعش كان من المتوقع أن تسقط سورية خلال المراحل السابقة ولكنها كانت عصية على السقوط فلا التظاهرات ولا الجيش الحر ولا الكتائب الإسلامية ولا النصرة. فما كان من الكيان الصهيوني إلا أن أظهر داعش رغماً عن أنفه وفي التوقيت غير المناسب لكل من أميركا وبريطانيا ومن لف لفيفهم، وساعد الكيان الصهيوني في تسريع هذه الخطوات والتي بعد يأسهم اضطروا للمساندة العلنية في البداية كل من دول الخليج والسعودية وتركيا وقطر وفرنسا، لكن قبل ظهور قرار الفصل السابع سارع الجميع للانسحاب الظاهري من الدعم والتمويل لتبرئة أنفسهم ولو تحسباً.

هنا لا بد من القول أن أميركا أوباما والمصطدمة مع إرادة التيار الصهيوني الأميركي الجمهوري غالباً قد تعبت من شدة التورط، خصوصاً أن الانتخابات الأميركية لاحت في الأفق بالنسبة للحزب الديموقراطي وأرادت أن تأخذ استراحة المهاجم الشرير وتكتفي بما تيسر من مرابح النفط والغاز في العراق وتتسبب لنفسها بقدر من الراحة أمام الضغط الروسي والإيراني والصيني بصورة عامة، خصوصاً أنها اكتشفت المستنقع الضخم الذي تنوي «إسرائيل» الغاصبة جر العالم إليه في منطقة الشرق الأوسط، فطرحت أميركا أوباما وأوروبا العجوز شعار تهديم الشرق الأوسط بدلا ً من شعار تقسيم الشرق الأوسط .

لذلك نجد مونيكا لوينسكي الجديدة تطلّ على أوباما البريء عبر تظاهرات الشارع الأميركي بعد مقتل المتظاهر الأميركي الأسمر البشرة، وبذلك يذوق أوباما نقمة من يعادي الرغبات الدفينة للتيار الصهيوني الأميركي في انهيار أميركا.

إذاً المنطقة بين صراع تيارين الأول صهيوني أميركي ذاهب للنهاية لتقسيم العراق وباقي المنطقة في تركيا وسورية ومصر وظهور «إسرائيل» الكبرى والثاني أميركي اقتصادي استعماري يكتفي بتهديم الشرق الأوسط ويحافظ على الهيبة والاقتصاد الأميركيين، وما بين هذا وذاك وأتباعهما يظهر الفصل السابع الخجول والذي لا يقر بأحقية سورية في محاربة الإرهاب الدولي داعش والنصرة وما بين هذا وذاك تضيع الحقوق الفلسطينية ما بين غزة والضفة والتفاوض.

من هنا تنبع أهمية محور المقاومة المدافع عن الوجود الإنساني ورأس الحربة في هذا المحور سورية الدولة الصامدة التي تنتظر أن يخلع الأميركي والبريطاني سروالهما على الآخر وليعترفوا بخطئهم الفادح لأن البلل الإرهابي سيصل لأرضهم عبر منظمات صهيونية وبأيدي إسلامية متطرفة قد تحاول تفجيراً هنا وتفجيراً هناك بحجة محاربة الشيطان الأكبر.

محور المقاومة الآن على منعطف التاريخ لأنه صاحب النظرية الثالثة مقابل الحرب العالمية الثالثة، والتي تنص على أن هزيمة الإرهاب واقع يحتاج لحشد طاقات ولوعي سياسي كبير وصبر على المعركة إلى اللحظة التي يقر فيها مجلس الأمن بأن سورية وقائدها وشعبها هم قادة محاربة الإرهاب الدولي في العالم. وبقي أن تبرز روسيا أنيابها الاستراتيجية في وجه الصلف الأميركي الغبي وأن تنضم إيران النووية سلمياً للمجاهرة في اللحظة المناسبة بالوقوف عسكرياً وراء العراق أيضاً لمنع تقسيمه ولنصرته على الإرهاب الواقف على الأبواب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى