غزة: أسباب فشل مفاوضات القاهرة

حميدي العبدالله

فشلت المفاوضات غير المباشرة التي تقودها القاهرة بين الوفدين الفلسطيني والصهيوني وعادت المواجهة إلى ما كانت عليه قبل التهدئة.

فشل المفاوضات يعود إلى أسباب فلسطينية وأخرى صهيونية.

الأسباب الفلسطينية تكمن في واقع أنّ فصائل المقاومة الفلسطينية التي رفضت في الأسبوع الأول من العدوان المبادرة المصرية لوقف العدوان، وضعت شروطاً قالت إنها لن تقبل بوقف إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني إذا لم تتمّ الاستجابة لها، ومن بين هذه الشروط رفع الحصار وفتح المعابر وفتح مطار وميناء في غزة.

وكان الوفد الفلسطيني في مفاوضات القاهرة موحداً حول هذه المطالب التي تعكس تقاطع مصالح بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، حماس لأنّ تلبية هذه المطالب يدفع عنها الإحراج بشأن مسؤوليتها عن الدماء والتضحيات الكثيرة التي قدمها سكان غزة بعد رفضها المبادرة المصرية في الأسبوع الأول على العدوان، والسلطة الفلسطينية التي تراهن على أنّ فتح المعابر والميناء والمطار والإشراف على عملية إعادة الإعمار، يؤمّن عودة فاعلة لها إلى القطاع، وتحدث توازناً أمنياً مع مقاتلي حركة حماس والأجهزة التابعة لحماس.

وحدة الموقف الفلسطيني على قاعدة تقاطع المصالح حدّ هذه المرة من أثر الضغوط الأميركية والمصرية والخليجية والتركية على الطرف الفلسطيني لتقديم تنازلات في المفاوضات تسهّل على نتنياهو العودة إلى التهدئة من دون دفع ثمن مغامرته العدوانية الجديدة الفاشلة التي ووجهت بردود فعل غاضبة في معسكر اليمين الصهيوني.

الأسباب الصهيونية تكمن في قناعة حكومة نتنياهو بأنّ الاستجابة لمطالب الفلسطينيين، ولاسيما فتح المطار والميناء، سوف يمثل انتصاراً سياسياً للوفد الفلسطيني، وهزيمة لحكومة نتنياهو، وسيضاف هذا الانتصار السياسي إلى الفشل العسكري في الحملة العدوانية على قطاع غزة، وسيقود قبول مثل هذه التنازلات إلى تفكك حزبه وتحالفه، وبالتالي سقوط الحكومة الحالية، وانزلاق الكيان الصهيوني إلى أزمة سياسية حادة يصعب حصر كلّ تجلياتها وتداعياتها، ولهذا سعى المفاوض الصهيوني إلى إقناع القاهرة والوفد الفلسطيني بتوزيع المطالب على مرحلتين، المرحلة الأولى، رفع الحصار وفتح معبر رفح، والمرحلة الثانية، تتضمّن البحث في فتح المرفأ والمطار على أن يتمّ البحث في موضوع الميناء والمطار بعد شهر من الآن. وبديهي أنّ هذه مناورة تفاوضية، حيث يقوم رهان حكومة العدو على تثبيت التهدئة من دون الاستجابة لمطالب المطار والميناء، وهذا يعني العودة إلى الوضع الذي تمّ على أساسه التوصل إلى التهدئة عام 2012 برعاية مصر، حيث كان القيادي في الإخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً لها، وهو أمر صعب تسويقه فلسطينياً.

أمام تباعد المواقف، وصعوبة جسر الهوة، وصعوبة تراجع أي طرف وتقديم تنازلات توازي ما يطلبه الطرف الآخر، كان لا بدّ من أن تصل المفاوضات إلى طريق مسدود، وتنهار الهدنة، ويعود الطرفان إلى المواجهة، وهذا ما كان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى