واشنطن لا تزال في طور بلورة القناعة بعدم إمكانية التخلّص من مجموعات «داعش» في المنطقة من دون التعاون مع سورية

نور الدين الجمال

اعتبر مصدر دبلوماسي عربي أن الهم الأميركي الأكبر من وراء تدخّله المحدود في العراق، هو إبعاد تنظيم «داعش» عن المناطق الكردية، فهو تحرك عندما أصبحت أربيل مهددة مباشرة باعتبارها مركزاً أساسياً للاستخبارات الأميركية و«الإسرائيلية»، إضافة إلى موضوع النفط، مع العلم أن المجموعات الإرهابية الأخرى والتي تنسق مع «داعش» مواقفها سلبية من الأكراد ولا تعترف بأي استقلال ذاتي لهم. كما أن أحد أسباب الدخول الأميركي المحدود على خط ما تشهده الساحة العراقية هو الخوف على الممكلة العربية السعودية.

ويضيف المصدر: تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش» ليسا مجرد عميلين للولايات المتحدة الأميركية، هما عبارة عن مجموعات عقائدية متصلبة وإن حصلت معارك تصفيات في ما بينهم، خصوصاً «النصرة» و«داعش»، فهذا الأمر بسبب تقاسم مناطق النفوذ، ولكن مصالح هذه التنظيمات الإرهابية التكفيرية تتقاطع مع مصالح الولايات المتحدة والغرب، ولكن في النهاية هؤلاء لديهم مشروعهم وهم على استعداد لتنفيذه ولو تعاملوا مع جميع أجهزة الاستخبارات العالمية والعربية.

ويشير المصدر إلى أنه بعد «غزوة» الموصل وما رافقها من عمليات إجرامية ضد الشعب العراقي، خصوصاً الأقليات منه، بدأت مخاوف الدول الأوروبية تكبر إلى درجة أنها تفكر جدياً بإعادة النظر من التنظيمات الإرهابية. ومثلما صنعوا حركة طالبان، ومن ثم ارتدت عليهم، فالأمر نفسه يمكن أن ينسحب على تنظيم «داعش» ويرتد على الولايات المتحدة وأوروبا، وحتى على بعض دول الخليج العربي. ومن هنا بدأت الإدارة الأميركية من جانبها تعيد النظر في مواقفها من «داعش» وباقي المجموعات الإرهابية، لأن استمرار الوضع في العراق على ما هو عليه، سيشكل خطراً على المصالح الأميركية والأوروبية في ضوء المعلومات المتوافرة لهذه الدول من خلال عملية التواصل الأمني ولو بصورة محدودة مع سورية وما هو مستقبل هذه المجموعات في المستقبل وبعد حصول تسوية سياسية في كل من سورية والعراق.

وكشف المصدر الدبلوماسي عن أن الرئيس أوباما لديه المزيد من المخاوف حول التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط نتيجة تمدد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية في بعض دولها، فالرئيس الأميركي ليس في وارد القيام بأي تدخل عسكري أميركي بري لأن ذلك سينعكس عليه وعلى الحزب الديمقراطي سلباً في الداخل الأميركي، كما أنه مستعد للتعاون مع الجمهورية الإسلامية في إيران من دون أن تمسك الأخيرة بكل المفاصل فيه، ولذلك فإن الإدارة الأميركية تربط عملية ضرب «داعش» بالتوازي مع تشكيل حكومة عراقية يكون للسنّة دور فيها، ولذلك فإن الدعم الأميركي يقتصر حالياً على دعم البشمركة.

ويضيف المصدر: أن الرئيس الأميركي إذا ذهب حتى النهاية في محاربة «داعش» في العراق، فهو سيكون محرجاً في الموضوع السوري لناحية كيف يقاتل الأميركيون «داعش» في العراق ويدعمونه في سورية، وهو لذلك يحاول إقناع المسؤولين السعوديين بأنه لا يمكن حسم موضوع «داعش» حتى في العراق من دون التعاون مع سورية، ومن هنا فإن الأميركي لم يبلور خياره النهائي في التصدي ومحاربة «داعش» لأنه يربط الموضوع في كيفية تشكيل الحكومة العراقية. وفي هذا السياق يؤكد المصدر الدبلوماسي بأن لقاءً أميركياً ـ إيرانياً حصل في سلطنة عمان قبل تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة جرى خلاله البحث في الشأن العراقي على المستويات الأمنية والسياسية كافة، وكيفية مواجهة التنظيمات الإرهابية داخل العراق بعد التوصل إلى تشكيل حكومة وطنية لا تستبعد الأطراف السياسية الفاعلة على الساحة العراقية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى