السيدة رباب الصدر : رفضه التوطين والتقسيم ودعمه الثورة الإيرانية أدّيا إلى إخفائه

حاورتها روزانا رمّال

اعتبرت رئيسة مؤسسات الصدر السيدة رباب الصدر «أنّ ما حصل في العالم العربي من ثورات هو جهنم عربي وليس ربيعاً عربياً، معتبرة أنّ الهدف منه إشغال المجتمعات العربية عن التطور والتقدم والإصلاح الاجتماعي».

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» لفتت الصدر إلى «أنّ نسب الداعشية إلى الإسلام خطأ كبير، لأنّ داعش غير خاضعة لقانون الإسلام وبعيدة كل البعد عن الإسلام والإنسانية وهي حالة غير طبيعية وتقف خلفها «إسرائيل» وتساعدها». ورأت أنّ «هناك مؤامرة من الغرب على مسيحيي الشرق لإبعادهم عن المسلمين ليفتكوا بهم»، معتبرة: «أنّ القادة المسيحيين في الشرق والفاتيكان مقصرون في معالجة هذا الخطر قبل حصوله».

وتوجهت الصدر بـ التحية والتهنئة إلى الشعب الفلسطيني بمناسبة الانتصار «الذي هو انتصار للفلسطينين ولكل العرب». وتطرقت إلى قضية شقيقها الإمام المغيب السيد موسى الصدر في الذكرى السنوية الـ 36 لإخفائه، مشيرة إلى «أنّ العالم العربي وإيران وسورية قصّرت تجاه قضيته بشكل مقصود أو غير مقصود»، مؤكدة «عدم وجود أي دليل على حصول أي مكروه للإمام».

وشدّدت الصدر على «أنّ العرب يعرفون مصير الإمام الصدر لكنهم متفقون على ألا يتكلموا لأنّ بعض رؤساء هذه الدول لهم دور في تغييبه»، كاشفة عن عرض تلقته عائلة الإمام قبل مقتل القذافي بإنهاء الملف في مقابل مبلغ مالي، وقالت: «سيف الإسلام طلب مواعيد ووساطات ورفضنا»، كما كشفت عن دور «لشاه إيران وأحد الرؤساء العرب في الجريمة». وقالت: «لقد أصدرت الدولة اللبنانية مذكرة تفاهم مع ليبيا في شأن قضية الإمام الصدر ووافقت ليبيا على أنّ الإمام ورفاقه جاؤوا إلى ليبيا ولا يزالون فيها، وهم يبذلون جهداً مع الدولة اللبنانية لكشف مصيرهم، لأنّ هناك لجنة رسمية لبنانية مؤلفة من قضاة وعسكريين وعائلة الإمام، تتابع هذه القضية مع الجهات المختصة في ليبيا».

مستجدات القضية

وحول آخر مستجدات القضية، قالت الصدر: «36 سنة مرت وما زلنا ننتظر كشف مصير الإمام وليس لدينا أي دليل على حصول أي كارثة أو تعرضه لأي مكروه، وقد تابعنا القضية مع المسؤولين في العالم العربي والعالم، وزرت رؤساء جمهورية عدة في العالم ممن كانوا أصدقاء للإمام واستمعت إليهم في هذه القضية وطلبت منهم المساعدة لكني لم أتمكن من الوصول إلى أية معلومات». وأضافت: «إنّ العائلة تقوم بدورها وتتابع مع القضاء، لكن للأسف، فإنّ هذا لا يكفي في قضية لها أبعادها المتعدّدة مثل قضية الإمام المغيب، وهي تحتاج الى تدخل دول كبيرة للمساعدة عبر أجهزة استخباراتها وعلاقاتها وغير ذلك من الوسائل».

وأعربت عن أسفها لأنّ «الجميع قصروا في قضية الإمام الصدر في شكل مقصود أو غير مقصود، وإيران وسورية والدول العربية والكثير من رؤساء الدول أصدقاء الإمام قصروا في هذه القضية، وأنا أؤكد أنّ العرب يعرفون مصير الإمام الصدر لكنهم متفقون على أن لا يتكلموا، لأنّ البعض من رؤساء هذه الدول كان لهم دور في الجريمة ولن نتحدث أكثر من ذلك لكي لا نرتب مسؤوليات، ونحن لا نريد أن نضرّ بهذه القضية بل ابتلعنا حزننا».

الدور الليبي

وعن دور ليبيا في تغييب الإمام، جزمت الصدر: «أنّ القضية حتماً أصبحت في ليبيا لأنّ الإمام كان مدعواً رسمياً لزيارة ليبيا وحينها كان يقوم بجولات عربية ويتحدث إلى الرؤساء والملوك العرب عن الحرب الأهلية في لبنان، وليبيا هي إحدى الدول التي كان ينوي السيد زيارتها ليبين الوضع الحقيقي في لبنان، وليوضح أنّ المساعدات والمال والسلاح التي ترسلها ليبيا لكي يقوم المسلمون بقتال المسيحيين هو تخريب وتأجيج للصراع، وكان السيد حريصاً على إيضاح الصورة، وأراد أن ينقل إلى المسؤولين الليبيين رسالة مفادها أن ليس بهذه الطريقة نساعد لبنان، بل هناك طرق أخرى، ومنذ لقائه مع القذافي لم نعد نعرف عنه شيئاً، واختفى مرافقوه وسياراتهم، لكنّ هناك مقربين من القذافي يعرفون مصير الإمام منهم ابنه سيف الإسلام وأحمد قذاف الدم وعبد السلام جلول». وأضافت: «لقد عمل سيف الإسلام على تنظيف ملفات والده من تفجير الملهى في ألمانيا وقتل مجموعة من الناس وتفجير طائرة لوكربي ثم دفع تعويض إلى كل المتضررين، وقد سعى جاهداً قبل مقتل والده إلى إقفال ملفّ قضية الإمام بالطريقة نفسها، وطلب مواعيد وعرض علينا الأموال لكنّنا رفضنا».

لماذا غيّب الإمام؟

وعن المستفيد من التغييب أشارت الصدر إلى «أنّ كل كوارث العالم تقف خلفها «إسرائيل»، لكن نحن متأكدون من أنّ النظام الليبي السابق هو المسؤول الأول، وربما كلف القذافي من قبل بعض الدول العربية بتنفيذ هذه الجريمة لأنه كان يملك الكفاءة في الإجرام». وتابعت: «عندما سقط نظام شاه إيران أصدر جهاز الاستخبارات التابع له كتابين، وهناك فصل كامل يتحدث عن الإمام الصدر ويذكر كيف أعرب الشاه لأحد الرؤساء عن انزعاجه من الإمام، فردّ عليه هذا الرئيس العربي: «سنرتب أمره خلال شهرين».

وعن أسباب التغييب قالت الصدر: «قبل إخفاء الإمام كانت قضية توطين الفلسطينيين مطروحة والإمام كان رافضاً وبذل جهوداً كبيرة لمنع ذلك، وطرح أيضاً تقسيم لبنان والإمام رفض ذلك، وحينها كانت الثورة الإسلامية في إيران في بداياتها، وهذه القضايا كانت مهمة جداً للدول الخارجية كما كان الإمام يقف خلف القادة الذين خططوا للثورة الإسلامية في إيران، وكان يعارض في القضايا المفصلية التي تحضر عالمياً واستطاع أن يمنع هذه المخططات».

الإمام ونصر غزة

وعن حال الإمام الصدر وشعوره لو شاهد ما حصل أمس من انتصار في فلسطين، قالت الصدر: «كنت أتساءل أمس وأنا أنظر إلى مشهد الانتصار في فلسطين لو كان الإمام الصدر موجوداً الآن ماذا كان ليفعل عندما يشاهد هذا النصر في غزة، بالتأكيد إنه يوم جميل له بسبب دوره الكبير في قضية فلسطين ولأنه تكلم في هذه القضية منذ الستينات وكان على تواصل دائم مع قادة المقاومة الفلسطينية، كما كان حاضناً للفلسطينيين وقيادة المقاومة وللقضية، ونحن نهنئ الفلسطينيين بهذا الانتصار الذي هو انتصار للفلسطينين ولكل العرب».

الإمام والربيع العربي

وحول ما سمي بـ«الربيع العربي» والشعارات التي قدمت من البعض بالحرية والديمقراطية وغيرها والنتائج التي وصلنا إليها الآن، لفتت الصدر إلى «أنّ القضايا السياسية التي حصلت وتحصل في العالم العربي هي أيضاً إنسانية لأنّ لها علاقة مع الإنسان الذي يشكو من الظلم وقمع الحريات، لكنّ ما روج له على أنه ربيع عربي هو جهنم عربي وليس ربيعاً وهو انشغال عربي، وها هي النتائج ماثلة أمامنا وليس هناك من بلد ينعم بالاستقرار والأمن في العالم العربي». وأضافت: «إنّ ما جرى ويجري من حروب وحوادث، هدفه إشغالنا عن قضايا تطوير وتنظيم حياتنا ومجتمعاتنا، وكل ذلك يرتب أثاراً نفسية على المواطنين، خصوصاً الأطفال، ما ينعكس ضرراً على تطور وتنمية وإنماء وإصلاح المجتمع وينعكس على المواطنين الآخرين، والربيع العربي هو مخطط وضعه من يرسم خرائط للعالم لخمسين سنة قادمة ويخلق المشاكل في المجتمعات وأزمات طائفية وسياسية واقتصادية، وهو مشروع بدأ منذ خمسين عاماً وخلق أرقاماً هائلة من الأيتام والفقراء».

مؤسسات الصدر والنازحون السوريون

وعن دور مؤسسات الصدر في مساعدة النازحين السوريين، أعلنت الصدر «أنّ القرى اللبنانية مملوءة بأعداد هائلة من النازحين السوريين، ونحن منذ البدء ساهمنا بطريقة مخفية بمساعدة هؤلاء النازحين ولم نتباهَ بذلك لأنه واجب إنساني واجتماعي، ولكن عندما دخلت البلديات على خط المساعدة في هذا المجال، أعلنا عن ذلك ولدينا اليوم 8 مراكز صحية في الجنوب تستقبل النازحين السوريين يومياً وتقدم لهم العلاج والمساعدات».

«داعش» والإسلام

وحول نَسبِ ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» إلى الإسلام، اعتبرت الصدر «أنّ ذلك خطأ كبير لأنهم غير خاضعين لقانون الإسلام، والإعلام يخطئ عندما يسمي داعش بالدولة الإسلامية لأنهم بعيدين كل البعد من الإسلام والإنسانية بل هم حالة غير طبيعية، و«داعش» لم تولد الآن بل عمرها خمسون سنة وقد تمّ العمل على إنشائها وتحضيرها منذ ذلك الحين و«إسرائيل» تقف خلفها وتساعدها تماماً كما يقف كثير من الدول خلف «إسرائيل» وتساعدها».

حزب الله قاتل في سورية دفاعاً عن لبنان

ورداً على سؤال عن مشاركة حزب الله في القتال في سورية، أجابت الصدر: «لا شك في أنّ ما يجري في سورية من حوادث كان سينتقل إلى لبنان بسبب شدة الحساسية والتعقيد فيه، لأنّ أي شيء يحصل في الدول المجاورة للبنان ينعكس عليه، ولكي لا تنتقل النار إلى لبنان ذهب هؤلاء الشباب اللبنانيون إلى سورية للدفاع عن لبنان وجميع اللبنانيين وليس عن الشيعة فقط وما حصل في عرسال نموذج يؤكد ما نقوله».

وعن اتهامات البعض لحزب الله بأنه ورط لبنان، قالت: «لقد حمى حزب الله لبنان من الإرهاب وما حصل في عرسال حصل في طرابلس ودخلوا إلى المخيمات فيها، خصوصاً في نهر البارد ولم يكن حزب الله حينها يقاتل في سورية ولكن هناك حالة مهيأة لتحصل في لبنان». وتابعت: «هناك مخطط معدّ للتنفيذ في لبنان وحاول المسلحون الدخول إلى طرابلس لكنّ الجيش منعهم، وحزب الله كان موجوداً في القرى الحدودية مع سورية وعندما منعهم من الدخول إلى لبنان لم يدخلوها ثانية، ويمكن الجميع أن يحلل كما يشاء لكن هناك وقائع لا أحد يستطيع أن يتجاوزها، وندعو جميع المسؤولين الشرفاء أن يقرأوا ويربطوا وأن لا يضعوا اللوم دائماً على الشيعة وأن لا يتم تحميل فئة معينة من الناس المسؤولية».

وشدّدت الصدر على «أنّ الشيعة في تاريخهم لم يشنوا هجوماً على أحد، بل كانوا في موقع الدفاع دائماً، وحتى خلال الحرب اللبنانية لم يتعرض الشيعة لأحد بل هرب المسيحييون إلى القرى الجنوبية وسكنوا فيها واحتضنهم سكان هذه القرى، وفي الثقافة الشيعية، الشيعة يقدمون حياتهم فداء لغيرهم وللوطن».

وعن الخطوات التي تقوم بها مؤسسات الصدر للتقريب بين المذاهب والطوائف والتخفيف من الاحتقان قالت: «نحن نتابع طريق الإمام الصدر، وهو أول رجل دين مسلم دخل إلى الكنيسة في أيام الصوم لدى المسيحيين، وهو أول من فتح باب الحوار الإسلامي – المسيحي والإسلامي – الإسلامي واتفق مع المرحوم المفتي محمد خالد لتوحيد السنة والشيعة في الأعياد والمناسبات والأذان والفكر وكان دوره توحيدي أي أنّ الإنسان واحد». وأضافت: «الأطفال والأولاد في مؤسسات الصدر يزورون المسيحيين ويلتقون معهم في المدارس وكل سنة في رمضان ندعو أيتام جميع الطوائف في لبنان على الإفطار، وأجيالنا يتربون على احترام الغير ونبذ الطائفية، فهم أبناء وطن واحد لهم حقوق وعليهم واجبات وحققنا نتائج جيدة، ونحن ساهمنا في إعادة إعمار الأشرفية بعد الانفجار الأخير بالتعاون مع جمعية «فرح العطاء» وذهبنا إلى الأشرفية وساعدنا وعزينا وواسينا، وسنظلّ نحمل رسالة الحق والإنسانية وسننتصر».

مسؤولية القادة المسيحيين

وحول ما يتعرض له المسيحيون من تهجير وقتل وتعذيب، رأت الصدر «أنّ هناك مؤامرة من الغرب على المسيحيين وقد أطلقوا عليهم تسمية مسيحيي الشرق لإبعادهم عن المسلمين ليفتكوا بهم، وشاهدنا ما حصل في سورية والعراق». ولفتت إلى أنّ «كل القادة المسيحيين في الشرق مقصرون وفي لبنان بالذات، وكان يجب أن يعالجوا الأمر قبل أن يصل الخطر إلى المسيحيين، وللفاتيكان دور كبير ولكنّ البابا أيضاً لم يمارس دوره على رغم أنّ الحرب لم تأتِ فجأة بل على مراحل، وكان على القادة أن يدركوا أنّ الخطر قادم على المسيحيين، و«داعش» لها قيادة ويمكن لأطراف خارجية أن تمارس الضغط عليها لعدم مهاجمة المسيحيين».

آل الصدر تاريخ من النضال والإضطهاد

وعن تاريخ آل الصدر الموجودين في سورية والعراق وإيران قالت: «آل الصدر على مدار 1000 عام هم رجال دين في خدمة الدين، لكن منهم من سجن ومنهم من قتل ومنهم من أخفي، لكنهم لا يقبلون الظلم ويدافعون دائماً عن الحق وكان هناك تعاون مع المسيحيين وتقارب وتفاعل، وآل الصدر في إيران والعراق ولبنان هم عائلة واحدة وتربطهم صلة قربى وثيقة، ووالدي كان في العراق وذهب إلى إيران وتزوج والدتي وهي إيرانية وولدنا في إيران وعشنا فيها ولكنّ أصلنا من جبل عامل في لبنان، ومعروف أنّ آل الصدر منتشرون في سورية ومصر والعديد من الدول».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى