الفروسية… رياضة عريقة لها تاريخها وشغفٌ لا حدود له

تحقيق ريما يوسف

الفروسية، أو ركوب الخيل، رياضة عريقة لها تاريخها الذي يعود إلى عصور الحضارة البشرية الأولى، عندما استطاع الإنسان ترويض الحصان واستخدامه كوسيلة من وسائل النقل والصيد، وكوسيلة عسكرية وحاسمة في ساحات القتال.

كانت الخيول رفيقة كبار القوم. يمتطيها الملوك والمشايخ، وتعتبر مدينة فيينا في النمسا، مدينة الفروسية الامبراطورية Riding school ، وهي المؤسسة الوحيدة في العالم التي حافظت على فن الفروسية الأصيل من عصر النهضة وحتى يومنا هذا، وما زالت ترعاه بعناية، وتتمايل الأحصنة بدقّة لامتناهية مع أنغام الموسيقى.

أما في لبنان، فانتشرت في الآونة الأخيرة مدارس تعليم الفروسية، نظراً إلى ارتباط هذا النوع من الرياضة بالشجاعة والشهامة والنبل، أما نادي الفروسية الأول في لبنان، فأسّسه النائب الراحل فوزي عبد الفتاح الحص في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، والذي توفي عن عمر يناهز 55 سنة، بعدما سقط عن صهوة جواده.

الأميرال ميشال الهاشم، جنرال بحري متقاعد من الجيش اللبناني، اختار بعد تقاعده افتتاح نادٍ لتعليم الفروسية في البترون، لأن قواعد الجيش والفروسية ترتبط بالبطولة والشجاعة، ولشغفه وعشقه وركوبه الحصان حتى قبل ولادته كما يقول، لأن والدته كانت تمتطي الحصان وهي حامل به، فاز ببطولات عدّة في الفروسية في لبنان وفرنسا، ونقل شغفه بـ«أجمل الكائنات الموجودة في العالم» كما يقول، إلى ابنته ميشا التي تتدرّب على امتطاء الحصان والفروسية، وربحت بطولات بالقفز على الحواجز والماراتون والمسافات الطويلة وبطولة لبنان وبطولة العرب.

ولم يكتف الفارس الهاشم بالتدريب على ركوب الخيل، بل قام بتزويج الأحصنة مع الفرس وجعل المهر بطلاً كوالديه، ويكون اختيار الزوج وفقاً لمواصفات الأنثى وتحمل مدة 11 شهراً، وبعد أن يولد بسنتين، من الممكن «تكبيس» ظهر المهر لمدة شهر ثم يروّض. أما عن عمر الحصان، فيقول الهاشم إنّ الخيول تعيش أحياناً 30 سنة، ويبقى الحصان رياضياً حتى عمر 16 و17 سنة، ويمارس السباق بين عمر 3 و8 سنوات.

يُعتبر مستوى النادي الذي أسسه الهاشم عالٍ جدّاً، ويعتبره آخرون أنه من أفضل النوادي في لبنان، بحيث يصبح المتدرّب خلال وقت قصير فارساً.

واعتبر الهاشم في حديث إلى «الوكالة الوطنية للإعلام» أنّ لديه رسالة ليتعرّف الناس إلى الحصان بشكل صحيح، ولينقل إليهم عشقه له كمخلوق أليف. ويقول الهاشم: «لا أحبّ تصنيف الحصان في خانة الحيوان. فمثلاً أجمل صبية في الكون يقال عنها مثل الفرس، والشاب القوي يطلقون عليه لقب الحصان، فغدا التشبه بالحصان مديحاً بينما التشبه بأيّ حيوان آخر مذمّة».

وعن الأعضاء المتدرّبين يقول الهاشم: «هناك 250 عضواً في النادي، 65 في المئة منهم إناث، وأصغر الأعضاء يبلغ عمره خمس سنوات ويتدرّب على Poney، وثمة متدرّب آخر عمره ست سنوات ونصف السنة ويتدرّب على الحصان العادي».

وعن أنواع الأحصنة يقول: «هناك الحصان العربي وهو مشهور بجماله، لا بل هو الأجمل في العالم، ويمتاز بقوّة دمه وسرعته، وهو محبوب في العالم، خصوصاً في اميركا حيث هناك 400 ألف جواد عربي أصيل، وبعد الجواد العربي، يأتي حصان الـ« WAHO»، وثمّة منظمة في لندن مسمّاة بِاسمه، ويُختم على رقبته مدى الحياة وشم الـ«WAHO Book»، وهو الوحيد في العالم الذي يشارك في مسابقات القدرة والتحمل والمسافات طويلة التي تصل أحياناً إلى 160 كيلومتراً في بطولة العالم، فنَفَسه طويل وقلبه صامد.

أما الحصان الأوروبي كالإنكليزي والفرنسي والألماني ثمّ الهولندي وغيره، فهو متخصّص بقفز الحواجز، ثم تأتي الخيول الأقزام مثل «Poney». ولا بدّ من الإشارة إلى الحصان «Thoroughbred»، الموجود في ملبورن ـ أستراليا، وهو هجين ناتج عن تزويج حصان عربي بفرس إنكليزية، وذلك منذ 300 سنة، ويعتبر أسرع حصان في العالم».

وأشار الهاشم إلى أنّ رياضة القفز موجودة في لبنان بقوة ومنذ زمن، وسباق المسافات الطويلة 100 كيلومتر ، والقدرة على التحمل، وقد جرت منذ عدّة سنوات في لبنان من جرود عيون السيمان وحتى جرود العاقورة ثلاث مرات وعلى مستوى بطولة العرب، وفازت ميشا الهاشم به، أما سباق السرعة، فهو مثل السباق الذي يجري في ميدان سباق الخيل في بيروت. والأهم في العالم،

وتابع: «هناك ترويض الخيل، والتدريب على المسابقات والرقص، إضافة إلى نشاطات العربات حيث يجري في رومانيا سباق يشارك فيه الحصان من أصول عربي. أمّا الحصان الأميركي فهو خاص بأميركا منذ القدم، وهو ممتاز للمسافات الطويلة وغير متخصّص، ويدعى Mustang، ورياضة البولو على الحصان تمارس في كل دول العالم، ومن أهمّها الأرجنتين التي غالباً ما تفوز بكأس البطولة».

وختم الهاشم: «من يدرّب الخيول نسميه السايس، فعاملوا خيولكم بالسياسة يكون لديكم خيول جيدة، وأفضل فارس في العالم هو الفارس الذي يربح بطولات على صهوة جواده».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى