حقائق عن الرجل الشجاع محمد الضيف

محمد الضيف أرعب الكيان الصهيوني وأذلّ الاستخبارات الصهيونية ونتنياهو ومن قبله شارون.

حاولت الاستخبارات الصهيونية مراراً تصفية القائد العام لكتائب عزّ الدين القسّام، محمد الضيف، لكنها فشلت في كلّ مرة، وبرّرت فشلها بأنه هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار. وهو في انضباط عالٍ ومهنية متزايدة. شخصية تحاط بالكثير من السرّية، وارتبط اسمه دائماً بالحذر والحيطة وسرعة البديهة، ولا يظهر إلّا لماماً.

من فنان مسرحيّ ساهم في تأسيس فرقة فنية اسمها «العائدون»، إلى أحد أهمّ المطلوبين «إسرائيلياً» للتصفية، لم يظهر منذ محاولة اغتيال فاشلة ـ من بين محاولات كثيرة ـ أواخر أيلول 2002، وكان حينذاك قريباً من الموت. «رأس الأفعى» كما تلقّبه «إسرائيل» نجا بأعجوبة، وبقي منذ ذلك الوقت مشلولاً.

المولد والنشأة

ولد محمد دياب إبراهيم المصري، وشهرته محمد الضيف، عام 1965. فقر أسرته المدقع أجبره باكراً على العمل في عدّة مهن ليساعد والده الذي كان يعمل في محل للغَزْل. نما هذا الطفل وكبرت معه أحلامه، فكان أن أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، ثم حصل على رخصة القيادة لتحسين دخله.

درس العلوم في الجامعة الإسلامية في غزّة، وكان طالباً نشيطاً، كما أبدع في مجال المسرح. وفي التوجيه الفكري المقاوم للصهيونية، تشبّع الضيف في فترة دراسته الجامعية بالعمل الفدائي.

ويعُدّ الضيف من أبرز رجال المقاومة الميدانيين. ويحسب له ألف حساب، فهو من جسم الممانعة لا يلتفت إلى التجاذبات ومخطّطات التدجين والإخضاع التي تقوم بها قطر في رقصة العفاريت، فبوصلتة تحرير فلسطين، كما كان القائد الشهيد أحمد الجعبري الذي رفض مقابلة أمير قطر في غزّة.

التجربة السياسية

اعتقلته «إسرائيل» عام 1989، وقضى 16 شهراً في سجون الاحتلال حيث بقي موقوفاً من دون محاكمة بتهمة العمل في جهاز «حماس» العسكري. تزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية بعد أن نفّذت عدّة عمليات ضد أهداف صهيونية.

محمد الضيف الذي انتقل إلى الضفة الغربية مع عددٍ من قادة القسّام في قطاع غزّة، ومكث فيها لفترة من الزمن حيث أشرف على تأسيس فرع للقسام هناك، برز قيادياً للكتائب القسّامية بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.

أشرف على عدّة عمليات، من بينها أسر الجندي الصهيوني نخشون فاكسمان. وبعد اغتيال يحيى عياش ـ أحد أهم رموز المقاومة ـ يوم 5 كانون الثاني 1996، خطّط لسلسلة عمليات فدائية انتقاماً للرجل، أوقعت أكثر من 50 قتيلاً «إسرائيلياً».

اعتقلته السلطة الفلسطينية في أيار 2000، لكنه تمكّن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى، وساعدة في الاختباء والتخفّي مجموعة من ضباط فتح الرافضين المفاوضات مع «الإسرائيليين»، ثمّ أصبحوا من قادة كتائب شهداء الأقصى في غزّة.

محاولات اغتيال المطلوب رقم واحد

كشفت تلك المرحلة عن قدرة الضيف في التخطيط، وتنفيذ عمليات كبيرة قضّت مضاجع الاحتلال، وأوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى. ولهذا، كانت أهمية الرجل العسكرية، وجعلته مطلوباً على درجة كبيرة من الأهمية لـ«إسرائيل» التي ما فتئت أجهزة استخباراتها تعمل ليلاً ونهاراً في تعقّبه، وتتصيّد الفرصة للإيقاع به.

«القائد البطل» أو «الرجل الشجاع» كما يلقّبه الفلسطينيون، كان يعلم أنه مستهدف في كلّ مكان وزمان، لذلك كان يتعامل بحيطة ويقظة، لا يستعمل أجهزة الهاتف المحمولة كما لا يستعمل الأجهزة التكنولوجية الحديثة، كان يحذر في كل تحرّكاته تماماً كحذره في اختيار دائرته القريبة منه قليلة العدد.

وعلى رغم نجاحه في البقاء حيّاً في السنوات الماضية، كان الضيف الملقب بـ«أبي خالد» قريباً من الموت في خمس محاولات اغتيال تعرّض لها. أشهرها كانت أواخر أيلول 2002، إذ اعترفت «إسرائيل» بأنه نجا بأعجوبة عندما قصفت مروحياتها سيارات في حيّ الشيخ رضوان في غزّة، لتتراجع عن تأكيدات سابقة بأنّ الضيف قُتل في الهجوم المذكور.

وعلى رغم أنه أصيب إصابة مباشرة جعلته مشلولاً ويجلس على كرسيّ متحرّك، لم يهدأ لـ«إسرائيل» بال، وحتى الآن لا تزال تعدّه أحد أهم المطلوبين لديها.

حاولت الاستخبارات الصهيونية تصفيته مجدّداً، وبرّرت فشلها بأنه هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار.

عدوان 2014

عاد اسم الضيف ليبرز بقوة أثناء العدوان الذي شنّته «إسرائيل» على قطاع غزّة في تموز 2014، والذي حمل اسم «الجرف الصامد»، ونجحت أثناءه المقاومة في إلحاق خسائر غير مسبوقة بجيش الاحتلال.

وفي بيان أذيع في 29 تموز، أكّد الضيف أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار مع «إسرائيل» إلا بوقف العدوان على قطاع غزّة ورفع الحصار عنه، معتبراً أنّ موازين المعركة أصبحت مختلفة، وأن استمرار عمليات الإنزال التي تقوم بها كتائب القسّام خلف خطوط العدو تؤكّد أن الاحتلال يرسل جنوده إلى محرقة محقّقة.

وأضاف الضيف في تسجيل صوتي: «جنودنا يتسابقون إلى الشهادة كما تفرّون أنتم من القتل والموت، وقد آثرنا مهاجمة جنود العدو خلافاً للعدو الذي يستهدف المدنيين كلّما استعر القتل بجنوده، ولن ينعم هذا العدو بالأمن ما لم يأمن شعبنا، ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار إلا بوقف العدوان ورفع الحصار كاملاً».

وانتقاماً منه، قُصف منزله، واستشهدت زوجتة وابنته، وكانت الجريمة الجديدة في بيت آل الدلو. وعلى لسانه، وصف مفاوضات القاهرة بـ«رقصة عفاريت»، فسُحب الوفد، وألغيت التهدئة. وحذّر أبو خالد الضيف عبر «أبي عبيدة» شركات الطيران العالمية من الوصول إلى مطار «بن غوريون»، وعليها وقف رحلاتها منه وإليه، ومنع أيّ تجمعاتٍ كبيرةٍ لجمهور العدوّ في المدن التي تصلها صواريخ القسّام، خصوصاً الحشود في ملاعب كرة القدم، وغيرها من الأماكن المفتوحة. كما طالب سكّان ما يسمى بـ«غلاف غزّة والمدن القريبة» بعدم العودة إلى بيوتهم، مضيفًا: «على من يظلّ منهم للضرورة البقاء داخل الملاجئ والمناطق المحصّنة».

وفي مفاوضات الهدنة في القاهرة، طلب نتنياهو عبر الوفد «الإسرائيلي» موافقة الضيف شخصياً على الهدنة.

شتات الاستخباري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى