مصر أم السعودية وراء المبادرة الحمقاء لسورية؟

تناقلت وسائل الإعلام معلومات عن مبادرة مصرية لحلّ الأزمة السورية، تشكل اختراقاً سياسياً في أوضاع المنطقة وتجيب على التحدي الذي يمثله ظهور «داعش»، وتستند المبادرة كما قيل إلى خلاصة المناقشات التي أجراها الرئيس المصري مع معاونيه حول الأزمة السورية.

الرئيس المصري عبد القتاح السيسي التقى رؤساء تحرير الصحف، وتحدّث أمامهم، ونقلوا عنه أفكاراً تتصف بالاتزان وتخالف المنقول عن مضمون المبادرة وفقاً لما يجري تداوله.

قال السيسي لرؤساء تحرير الصحف، إنّ مصر لا تقف مع النظام ولا مع المعارضة في سورية، ولا تنحاز لأي منهما، وما يهمّها هو وحدة سورية وحمايتها من خطر التقسيم، ولذلك فهي تعمل على حلّ سلمي للنزاع الدائر في سورية.

مضمون ما يجري تداوله ويعوزه الكثير من الاتزان، يقول إنّ مبادرة السيسي تقوم على رحيل الرئيس بشار الأسد، ضمن حلّ سياسي لمصالحة تنتج حكومة تضمّ جميع المكوّنات السورية.

السؤال الأول هو لمن يقدّم هذا العرض، ومَن هي الجهة القادرة على الإمساك بسورية ودولتها وجيشها بدون الرئيس بشار الأسد؟

بل من يستطيع أن يفرض هذه التنحية داخلياً كان ام خارجياً؟ وما هي أدواته وبدائله لسورية؟

وهل هذا طرح جديد؟ أم انّ هناك جديداً صار يسمح بتطبيقه؟

المشكلة أنّ كلّ الأجوبة على كلّ الأسئلة هي سلبية.

والمشكلة أنّ الأغبياء والحمقى وحدهم يغامرون بإعادة طرح ما كان مستحيلاً، في ظروف أفضل لتطبيقه او تصديقه، بينما الظروف أمامه صارت أشدّ سوءاً وتعقيداً.

درجة التطابق بين وحدة الجيش السوري والرئيس الأسد لم تكن كما هي اليوم، والجيش السوري ضرورة لوحدة سورية وبقاء دولتها، كما لا غنى عنه في الحرب على الإرهاب مع تفكك جيوش المنطقة كلها وانهيارها، وخصوصاً الجيش السعودي في اليمن والجيش العراقي في الموصل والجيش الإسرائيلي في غزة.

ودرجة التطابق بين مطلب بقاء سورية موحدة والحاجة إلى بقاء الرئيس الأسد لم تكن كما هي اليوم.

إيران وروسيا تدركان هذا لو رغبتا بالتفاوض، ولو كان وارداً ذلك لكان من قبل، يوم كانت الفرضيات قابلة للرواج أكثر، وقبل أن يظهر أنّ انكفاء الجيش السوري وتراخي الرئيس الأسد كانا سياسة صبر، وليسا ضعفاً أو قلة حيلة.

وعي الحلفاء لمعادلة سورية الحقيقية، لا يقع في الخطأ الذي يقع فيه بعض العرب، من مقارنة بين رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وبين الرئيس السوري بشار الأسد.

فكسب العراق صار ممرّه الإلزامي رحيل المالكي، بينما كسب سورية ممره الإلزامي بقاء الأسد.

الأرجح أنّ السيسي لم يقل ما قيل عن مضمون مبادرته، والأشدّ رجحاناً أنها تسريبة سعودية تعكس الرغبات، ومحاولات تخريب العلاقات السورية ـ المصرية واستباق الانفتاح الأوسع مدى فيها.

هل يُعقل ان يقول نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي تومي بيلنكن، إنّ الحرب على «داعش» لها عنوان واحد هو التحدّث مع الأسد، ويقول السيسي إنّ رحيل الأسد مفتاح الحرب على داعش؟

مفارقة يستحيل تصديقها لمن يعتبر أنّ السيسي أشدّ ذكاء من الوقوع في هذا الفخ.

«توب نيوز»

هل سورية في خطر؟

– مع تطورات سيطرة «داعش» في العراق، وتالياً في الرقة، ومجازر دير الزور، تسرّب قلق إلى بعض النفوس حول المستقبل في سورية، وجاء الحراك الأميركي الجوّي تحت عنوان «داعش» ليطرح السؤال عن وجود خطر مزدوج على سورية… «داعش» من جهة وأميركا من جهة أخرى.

– قبل عام تماماً كانت أميركا تحشد أساطيلها قبالة سورية، وكان الغرب يستنفر لحرب شاملة عليها، وكانت الذريعة استخدام السلاح الكيميائي، وبلغت التعبئة الإعلامية مداها بأنّ سورية خطر على الأمن والسلم الدوليّين، وتخطت الخطوط الحمر، بينما اليوم الحملة على «داعش» كخطر تعني ضمناً وجود عدو مشترك مع سورية، فلماذا اخترع الأميركيون يومها تسليم السلاح الكيميائي كمخرج للانسحاب إنْ كانوا يريدون حرباً؟

– قبل عام ونصف العام كانت حمص بيد المسلحين تقريباً وحماة وريفهما وحلب محاصرة وكلّ ريفها ومداخلها بيد المسلّحين وريف دمشق بكلّ متفرّعاته، وكانت الاشتباكات في قلب دمشق على شارع المزة ومبنى الأركان… أما اليوم فالصورة مقلوبة.

– سورية خرجت من الخطر، ولم تعد في أولوية الحروب، لذلك تتروّى وتتريّث لاكتمال المشهد الدولي والإقليمي… فلا قلق.

التعليق السياسي ـ هيئة التحرير

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى