موسكو تنفي إرسال قواتها إلى أوكرانيا وتطالب الغرب بتقديم أدلة

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يحدث حالياً في أوكرانيا بالمأساة المشتركة للشعبين الروسي والأوكراني، مجدداً الدعوة لوقف الاقتتال وإطلاق عجلة الحوار.

ودعا الرئيس الروسي أثناء لقائه مع المشاركين في منتدى «سيليغير» الشبابي أم الغرب إلى الاعتراف بأن السلطات الأوكرانية غير قادرة على إحلال الاستقرار في البلاد، مضيفاً أن على الغرب أن يدفع كييف لإطلاق مفاوضات شاملة مع جنوب شرقي البلاد. وقال: «أنا فهمت موقف شركائنا الذين يقولون نعم، يجب الجلوس إلى طاولة المفاوضات. لكن يجب الآن السماح لقوات أوكرانيا بإطلاق النار قليلاً. قد تتمكن من ترتيب الأمور هناك بسرعة». وأضاف: «إن هذا لم يحدث وحان الوقت لإدراك هذه الحقيقة، ويجب دفع السلطات الأوكرانية إلى بدء مفاوضات متكاملة في جوهر الموضوع».

وتابع بوتين إن الجانب الروسي تحدث كثيراً مع قيادة أوكرانيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية عن ضرورة إنهاء الحرب بين الإخوة والجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن كييف قامت بوقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوع بشرط إلقاء قوات الدفاع سلاحها أو القضاء عليها. وأكد أن ذلك الإنذار النهائي غير مقبول، مضيفاً أن المواطنين الذين حملوا السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم لم يوافقوا على هذه الشروط بطبيعة الحال.

من جهة أخرى، اعتبر الرئيس الروسي قرار القيادة العسكرية الأوكرانية بعدم السماح لقواتها المحاصرة في شرق أوكرانيا بالخروج من منطقة المعارك من خلال ممر إنساني خطأ جسيماً، مشيراً إلى أن ذلك سيؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا.

وذكّر بأنه وجه لذلك رسالة إلى مسلحي قوات الدفاع في منطقة دونباس، داعياً إلى فتح ممر إنساني للقوات الأوكرانية.

وقال الرئيس الروسي إن قصف القوات الأوكرانية لمدن شرق أوكرانيا يذكّره بقصف القوات الألمانية الفاشية لمدينة لينينغراد أثناء الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أنه يتفهم تماماً قوات الدفاع في جنوب شرقي أوكرانيا التي تسعى إلى إبعاد المدفعية والأسلحة الثقيلة الأوكرانية من المدن.

وأضاف أن نظيره الأوكراني أكد له خلال لقائهما في مينسك أن كييف ستسلم الجانب الروسي العسكريين الروس المحتجزين في أوكرانيا، كما كانت موسكو تسلم كييف الجنود الأوكرانيين الذين دخلوا الأراضي الروسية، معرباً عن أمله في أن تعامل أوكرانيا الجنود الروس بالمثل.

وكان بوتين قد دعا في وقت سابق قوات الدفاع الشعبي في جنوب شرقي أوكرانيا إلى فتح ممر إنساني للكتائب الأوكرانية المحاصرة بشرق البلاد، بحسب بيان نشره الكرملين الليلة الماضية. و جاء فيه: «أدعو قوات الدفاع الشعبي إلى فتح ممر إنساني للعسكريين الأوكرانيين المحاصرين، لتفادي سقوط ضحايا لا معنى لها، والسماح لهم بالخروج من منطقة المعارك من دون عوائق».

وأكد الرئيس الروسي في رسالته أن قوات الدفاع الشعبي حققت نجاحات كبيرة في قطع دابر العملية الأمنية التي تجريها كييف، والتي تمثل «خطراً مميتاً على سكان منطقة دونباس» بشرق أوكرانيا. ودعا السلطات الأوكرانية إلى وقف القتال في شرق البلاد على الفور وإطلاق مفاوضات مع ممثلي دونباس.

من جهة أخرى، أيدت قيادة قوات الدفاع الشعبي في شرق أوكرانيا دعوة الرئيس بوتين حول فتح الممر الإنساني للعسكريين الأوكرانيين المحاصرين، بشرط إلقائهم السلاح.

ورفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاتهامات الموجهة إلى بلاده بشأن تدخلها في أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذه الاتهامات وجّهت إلى روسيا أكثر من مرة، من دون تقديم أية أدلة تثبت ذلك.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في موسكو أمس: «لم تُقدّم لنا أية وقائع بشأن التدخل أو غيره من المسائل. يبدو لي أن إخفاء الوقائع هو الطابع الخاص لسياسة الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بشأن ما يحدث في أوكرانيا»، و دعا الأميركيين والأوروبيين إلى تقديم أدلة على مثل هذه الاتهامات.

وذكّر الوزير الروسي بأن موسكو أرسلت الأحد الماضي مذكرة رسمية إلى وزارة الخارجية الأوكرانية بشأن نية إرسال قافلة مساعدات إنسانية ثانية إلى جنوب شرقي أوكرانيا، مؤكداً أن روسيا تنوي التوصل إلى اتفاق بشأن كافة الإجراءات المطلوبة مع كييف وبمشاركة الصليب الأحمر الدولي.

وأكد لافروف أن موسكو تسعى إلى الاتفاق على تقديم ضمانات من قبل كل من كييف وقوات الدفاع الشعبي في شرق أوكرانيا وكذلك السلطات الروسية بشأن تأمين إيصال المساعدات من روسيا إلى المحتاجين في شرق أوكرانيا. وأشار إلى أن موسكو أرسلت إلى كييف يوم الخميس مذكرة ثانية بخصوص القافلة الإنسانية الجديدة تضمنت رد موسكو على اقتراحات قدمتها كييف، مؤكداً وجود تفاهم بين الجانبين حول إيصال المساعدات بشكل آمن.

وقال لافروف إن الجانب الروسي أبلغ الصليب الأحمر الدولي بكل تفاصيل البعثة الإنسانية، معرباً عن أمله في أن كييف ستقبل المذكرة الثانية في القريب العاجل، وسيسمح ذلك ببدء عملية إرسال المساعدات التي يحتاج إليها سكان المناطق المتضررة في شرق أوكرانيا.

وكان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قد دعا مجلس الأمن الدولي في وقت سابق إلى إصدار بيان يدعو طرفي النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا إلى وقف إطلاق النار.

وحمّل تشوركين في كلمة ألقاها في جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي انعقدت لبحث احتدام الوضع في المنطقة، سلطات كييف المسؤولية عن تصاعد النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا. ووصف سياسة كييف بـ»غير العقلانية»، متهماً سلطات أوكرانيا بـ»خوض حرب ضد شعبها»، مضيفاً أن هذه السياسة تتمثل في ملاحقة أصحاب الرأي المخالف وحظر أحزاب سياسية معارضة وإغلاق وسائل إعلام لا ترضي السلطة.

وقال تشوركين إن «خطة السلام» للرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو لم تكن سوى خطوة جديدة باتجاه التصعيد في جنوب شرقي البلاد، لأنها كانت تشترط لعقد الهدنة استسلام قوات الدفاع الشعبي. وأشار المندوب الروسي إلى أن عدد ضحايا عملية كييف العسكرية قد تجاوز ألفي قتيل، وهو عدد يزداد باطراد.

في المقابل دعا تشوركين مجلس الأمن إلى حث الولايات المتحدة الأميركية على التخلي عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والهادفة إلى زعزعة الأنظمة التي لا تروق لها. وتابع مخاطبا المسؤولين الأميركيين: «قللوا من مطامعكم الجيوسياسية، وحينها سيتنفس الصعداء، لا جيران روسيا وحدهم، وإنما أيضاً العديد من بلدان العالم.

الى ذلك، طالبت الخارجية الروسية السلطات الأوكرانية أمس بالإفراج فوراً عن عاملين في السفارة الروسية احتجزتهم السلطات الأوكرانية الخميس.

وقالت الخارجية إن السلطات الأوكرانية قامت بـ «خطوة جديدة مثيرة للانزعاج»، إذ احتجزت عدداً من حراس السفارة الروسية، بمن فيهم الحارس الشخصي للسفير الروسي في أوكرانيا. وأشارت إلى أن توقيفهم تم على رغم حيازتهم جوازات سفر دبلوماسية، وبذريعة مفتعلة، إذ ادعت كييف العثور على قنابل يدوية بحقائبهم.

وجاء في بيان الخارجية الروسية: «نصر على الإفراج فوراً عن العاملين في السفارة ومنع تكرار أي انتهاكات للاتفاقات الدولية الخاصة بالحصانة الدبلوماسية».

أوباما يستبعد تدخّل واشنطن عسكرياً لحلّ أزمة كييف

أوكرانيا تتجه للانضمام إلى الناتو

استبعد الرئيس الأميركي باراك أوباما تدخل الولايات المتحدة عسكرياً لحل الأزمة الأوكرانية. وقال في كلمة ألقاها في البيت الأبيض: «لا ننظر إلى القيام بعمليات عسكرية كحل للقضية الأوكرانية».

وأكد الرئيس الأميركي في الوقت ذاته تمسك واشنطن بحماية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. وقال: «أوكرانيا ليست من الدول الأعضاء في الناتو، إلا أن عدداً من الدول القريبة منها هي من أعضاء الحلف، ونحن متمسكون بالتزامنا بالدفاع عن بعضنا بعضاً».

جاء ذلك في وقت أعلن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك عن البدء بالإجراءات القانونية الهادفة للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي «الناتو».

وقال خلال اجتماع للحكومة الأوكرانية أمس: «نقوم بإحالة مشروع قانون بشأن إلغاء وضع «خارج الأحلاف» إلى برلمان أوكرانيا، ويقضي هذا المشروع بتوجه أوكرانيا إلى الحصول على العضوية في حلف الناتو».

وأضاف رئيس الحكومة الأوكرانية أن المشروع سيحظر قانونا عضوية أوكرانيا في أية اتحادات أخرى باستثناء الاتحاد الأوروبي، داعياً البرلمان إلى إقرار هذا المشروع بشكل عاجل.

من جهة أخرى، بحث الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هاتفياً الوضع في شرق أوكرانيا والخطوات اللازمة لإقامة الحوار من أجل تسوية الوضع سلمياً.

وأشار المكتب الإعلامي للرئاسة الأوكرانية أمس إلى أن بوروشينكو دعا ميركل إلى بذل الجهود في الاتحاد الأوروبي وعلى الساحة الدولية من أجل دعم أوكرانيا.

وأكدت ميركل استعدادها لدعم الخطوات الحازمة من جانب الاتحاد الأوروبي خلال الاجتماع المقبل للمجلس الأوروبي في 30 آب، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يظهر تضامنه مع أوكرانيا.

وبحث الجانبان في هذا الإطار إمكان توجيه بوروشينكو رسالة إلى رؤساء الدول والحكومات في اجتماع المجلس الأوروبي، واتفقا على مواصلة الحوار المكثف بهدف الرد على تطورات الوضع في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى