زهير الخطيب: معركة عرسال لن تقفل قبل معالجة موضوع المجموعات المسلحة في سورية والمنطقة

حاوره محمد حمية

اعتبر أمين «جبهة البناء اللبنانية» عضو المجلس الشرعي الأعلى الدكتور زهير الخطيب «أنّ ترك الجيش اللبناني وحيداً في المعركة من دون التنسيق مع الحكومة والجيش السوري هو خيانة كبرى للبنان وللجيش»، داعياً: «المؤسسة العسكرية التي هي المؤسسة الوحيدة الجامعة والضامنة للاستقرار أن تؤمن بأقصى سرعة كل ما يحتاجه الجيش من سلاح وعتاد ومن أي جهة بمعزل عن القرار السياسي».

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» لفت الخطيب إلى «أنّ معركة عرسال لن تقفل قبل معالجة موضوع المجموعات المسلحة في سورية والمنطقة».

وتطرق الخطيب إلى الاستحقاق الرئاسي معتبراً: «أنّ هذا الملف مرتبط بالوضع الإقليمي وكل ما يقال عن أسماء هو على سبيل شراء الوقت». وأمل: «بأن تعود دار الفتوى إلى لعب دورها كحكم وناصح في الحياة السياسية والوطنية الإسلامية في لبنان».

وفي الشأن السوري، اعتبر الخطيب «أنّ الرئيس بشار الأسد استطاع أن يواجه ويصمد ويحبط هذه المؤامرة الكبرى»، مشيراً إلى «أنّ الدول المتآمرة على سورية أدركت أن لا إمكانية لإسقاط الدولة السورية التي حافظت على تماسكها الإداري والسياسي والديبلوماسي». ولفت إلى «أنّ المسيحيين من خميرة وتاريخ وحضارة هذه الشعوب وهناك مسؤولية كبرى للمسلمين في الحفاظ عليهم».

معركة عرسال لن تقفل

وعن الأحداث التي شهدتها جرود عرسال في اليومين الماضيين قال: «هذه المعركة فتحت ولن تقفل قبل معالجة موضوع المجموعات المسلحة ليس في عرسال فقط بل في سورية والمنطقة».

وأكد الخطيب صعوبة أن يجد تنظيم «داعش» في لبنان بيئة حاضنة له إلا في بعض المناطق، و«رأينا أنّ هناك أفراداً من الطائفة السنية للأسف فجروا أنفسهم وانتحروا ضلالاً وجهالاً وألحقوا الأذى بلبنانيين وغير لبنانيين ودمروا ممتلكات، كما نسمع عن أنّ بعضهم يقومون بأعمال قتل في سورية والعراق وهم لبنانيون، ورغم ذلك فإنّ هذه ليست بيئة حاضنة بقدر ما هي بيئة مولدة لهذه العناصر بسبب الفقر والجهل الذي يعمّ الكثير من المناطق السنية والتي يجب على الدولة اللبنانية أن توليها اهتماماً، فهناك حالة من اليأس التي تعيشها بعض العائلات في عكار وطرابلس وجبل محسن والبقاع ودفعت أرباب عائلات في عكار إلى الرهان والتضحية بأبنائهم، كما حصل في حادثة غرق العبارة في أندونيسيا، ويجب معالجة هذا الوضع عبر الإنماء المتوازن الذي أصبح ضرورة استراتيجية في لبنان».

وفي ملف العسكريين المخطوفين، دعا إلى «تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة عن التأثيرات السياسية للبحث في أسر العسكريين وعن كيفية نقلهم أثناء المعركة إلى المغاور في الجرود»، لافتاً إلى «أنّ هذه المعركة سيسقط فيها المزيد من الشهداء والجرحى، وعلى الدولة أن تستخدم كل الوسائل المباشرة أو غير المباشرة لإخراج المخطوفين من يد الإرهابيين». وأضاف: «هناك غرف عمليات يديرها ضباط أجانب في الـ»ناتو» وأتراك ولديهم كل وسائل الاتصال والكشف وتحركات هذه المجموعات لا يمكن أن تكون عشوائية بل تديرها دول كبرى كما يحصل من تنسيق بين هذه المجموعات في سورية والعراق».

عدم التنسيق مع سورية خيانة

وحول رفض الحكومة اللبنانية التنسيق مع الحكومة السورية، لفت الخطيب إلى أنّه «لولا دعم الجيش السوري للجيش اللبناني في نهر البارد لم يكن للجيش اللبناني أن يصمد، والآن خيانة كبرى للبنان وللجيش اللبناني أن يترك وحيداً في المعركة من دون تنسيق مع الجيش السوري ودعم منه، خصوصاً أنّ المعركة والحدود مشتركة والعصابات المسلحة التي يقاتلها الجيش السوري هي العصابات نفسها التي يقاتلها الجيش اللبناني والحدود مشتركة وغير مرسّمة».

الرئاسة مؤجّلة

ورأى الخطيب: «أنّ ملف رئاسة الجمهورية مؤجل لارتباطه بالوضع الإقليمي وكل ما يقال عن أسماء هو على سبيل شراء الوقت ليس أكثر»، مشيراً إلى «أنّ حزب المستقبل مربك وضائع الآن، وأهم أهداف زيارة الحريري هي محاولة استنهاض هذا الحزب الذي فقد الكثير من شعبيته على مستوى لبنان».

النأي بالنفس نفاق

وأشار إلى أنّ «سياسة النأي بالنفس كانت سياسة نفاق وقد سمحت وأمّنت لهذه المجموعت التكفيرية المرتبطة بالمخابرات القطرية – التركية زيادة وتيرة انتشارها وعملها في سورية، معتمدة على قواعد خلفية لوجستية في التدريب والتمويل والاستشفاء، وهذه المجموعات أخذت الأرض من حزب المستقبل بعد أن استخدمت عباءته للتخفي بها طيلة هذه الفترة». وأضاف: «من الطبيعي أن نتصور لبنان ساحة لهذه المجموعات من عرسال كبداية مخطط وحتى الآن لا نرى أي جديد سوى الكلام على مستوى الحكومة ولم نرَ استعدادات جديدة على مستوى الشعب والجيش والمقاومة لمواجهة هذا الخطر الحقيقي الذي يهدّد لبنان والمنطقة».

تقاطع المصالح بين «داعش» وأميركا

وأشار إلى تقاطع مصالح «داعش» مع المصلحة الأميركية والأوروبية، وهي تستخدمها «فزاعة لابتزاز العملية السياسية في العراق لفرض ما تريد وتخويف إيران بأنه لو وصل «داعش» السني إلى إيران سيؤدي إلى فتنة سنية – شيعية على مستوى المنطقة». ولفت إلى أنّ «هناك تيارات ضمن النظام السعودي تشعر بأنّ هناك أجندة أميركية لنقل الفتنة والحرب إلى السعودية وتفتيتها وأصبحت السعودية الآن محصورة بين قاعدة في حضرموت وأخرى في الأنبار وعرعر للابتزاز وتحقيق أكبر قدر من المنافع والمصالح».

لا فائدة من التمديد

وتطرق الخطيب إلى ملفّ التمديد للمجلس النيابي الحالي، وسأل: «ما فائدة التمديد للمجلس النيابي والشعب اللبناني يصرف من رواتبه مصاريف نوابه، وهم لا يجتمعون ولا يشرّعون بل يعملون لأهداف وأجندات خارجية»؟

وعن اقتراح العماد ميشال عون انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب اعتبر «أنّ هذا الأمر مهم جداً وديمقراطي ولكن ليس بالصيغة الطائفية التي اقترحها عون»، مضيفاً: «إما أن نخرج من الصيغة الطائفية للنظام السياسي إلى نظام مواطنة فعلية بحيث يتساوى الجميع من دون حواجز وموانع وضوابط طائفية، وإما أن نبقى على هذه الحالة إلى نهاية الكيان»، موضحاً: «من الطبيعي أن يكون رأي الشعب هو الحاسم في الشخص المناسب لكن ليس بالصيغة الطائفية».

دريان متوازن ووطني

وعن خيارات دار الإفتاء بعد انتحاب المفتي عبداللطيف دريان، اعتبر الخطيب: «أنّ المفتي دريان هو شخص متوازن ووطني ووعد أن يكون على مسافة واحدة من اللبنانيين وأن يلعب دوره كمفتٍ للجمهورية وليس للسنّة أو لفئة منهم، وأن يبعد السياسة عن دار الفتوى لكي تعود إلى لعب دورها كحكم وناصح في الحياة السياسية والوطنية الإسلامية وفي لبنان.

الأسد أسقط المؤامرة الكبرى

وفي الشأن السوري، رأى الخطيب أنّ الرئيس بشار الأسد «استطاع أن يواجه ويصمد ويحبط هذه المؤامرة الكبرى، وأصبح واضحاً للدول المتآمرة على سورية أن لا إمكانية لإسقاط الدولة السورية التي تقوم بواجباتها في كثير من المناطق السورية تجاه الشعب السوري وحافظت على تماسكها الإداري والسياسي والديبلوماسي، بما يؤكد أنها دولة رصينة وليست كالكثير من الدول الشكلية وهي دولة متجذرة في أرضها، ولكنّ قرار إنهاء العصابات المسلحة هو قرار إقليمي دولي ونحن الآن في بداية الطريق للقضاء عليها».

الوجود المسيحي

وعن دور المسلمين في الحفاظ على وجود المسيحيين في الشرق في ظلّ الممارسات التي يتعرضون لها من قبل التنظيمات المتطرفة، قال الخطيب: «يجب أن ننظر إلى شعوب المنطقة كشعوب ومواطنة متساوية في الحقوق والواجبات، فكثير من المسلمين كانوا مسيحيين واعتنقوا الإسلام بقناعتهم خصوصاً في لبنان وسورية، فلم يفرض عليهم الإسلام فرضاً، كما نرى اليوم على يد ما يسمى بالدولة الإسلامية». وأكد أنّ «المسيحيين هم من خميرة وتاريخ وحضارة هذه الشعوب، وهناك مسؤولية كبرى للمسلمين في الحفاظ على إخوانهم المسيحيين وغير المسيحيين، فهناك مصالح واحدة تجمع هذه الشعوب والطوائف والأعراق، لكنّ المسلمين اليوم عاجزون حتى عن حماية أنفسهم أمام هذه الظواهر الظلامية».

سقوط الوظيفة الإستراتيجية لـ«إسرائيل»

ورداً على سؤال عن انعكاسات الهزيمة «الإسرائيلية» في غزة على الوظيفة الاستراتيجية «لإسرائيل» في الشرق الأوسط، أجاب: «إسرائيل كانت في الأساس مشروع رأس جسر لعبور الإمبريالية القديمة إلى الشرق الأوسط وإلى آبار النفط في المنطقة ولعبت دورها بنجاح حتى العام 2000، فكانت تقوم بوظيفتها في إشعال الساحات العربية وتدمير الإنجازات العربية، أما اليوم فإنّ هذا المشروع الصهيوني الذي فشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية يبحث عن استعادة تموضع ودور له، وحتى مع انشغال سورية في أزمتها وانشغال جزء من حزب الله في مواجهة عصابات التطرف والإرهاب في المنطقة، نجد أنها أعجز من أن تخوض حرباً مع لبنان أو سورية مباشرة، فاختارت برأيها الجبهة الأضعف وهي غزة المحاصرة منذ سنوات من الدول العربية قبل الكيان «الإسرائيلي» وهي لم تتعظ من فشلها في حروبها السابقة».

تداعيات الحرب

وفي قراءته للحرب من حيث المكاسب والخسائر، اعتبر الخطيب: «أنّ هناك أعداداً هائلة من القتلى والجرحى في صفوف العسكريين الصهاينة والمستوطنين أكثر بكثير من ما أعلن عنه في الإعلام «الإسرائيلي»، وأيضاً خسائر اقتصادية هائلة لأنّ الاقتصاد «الإسرائيلي» يحقق أرباحاً تصل إلى 100 مليار دولار ويعتمد على السياسة والخدمات وكل هذه الحركة توقفت وأصبحت عبئاً كبيراً ما دفع العدو إلى الاعتراف ضمناً بفشله، وطبعاً أعادت المقاومة التأكيد على خيارها في المقاومة».

واعتبر أنّ النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة «أعاد للشعوب العربية معنوياتها، وهي التي عاشت الفوضى الناتجة من ما يسمى الربيع العربي والتي وصلت إلى حدّ الإحباط من إمكانية التقدم وإعادة الاستقرار، كما أنّ هذا النصر هو جرعة كبيرة للشعب للفلسطيني لكي يستمر في نضاله ومواجهته العدوان «الإسرائيلي». وعلى المستوى «الإسرائيلي» جرعة من الإحباط».

واعتبر أنّ المكاسب السياسية التي حققتها المقاومة في هذه الحرب، «ضمن توازن القوى وما تحقق من فتح المعابر إلى إدخال المواد إلى تحويل الأموال ومدّ مجال الصيد البحري، إنجازات ممتازة أدت إلى تأكيد وجودها وحضورها، كما أثبتت أنّ الطريق نحو التحرير هو المقاومة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى