خميس: لبنان والجيش اللبناني أهمّ من أيّ تفصيل

لأنّه أهمّ من أيّ تفصيل تماماً كما لبنان، ولأنّه الشرف الشرف، والسخي تضحياتٍ، والفائض وفاءً، كان لا بدّ للإعلام أن يفيه جزءاً من حقّه. لأنّ الجيش اللبناني هو رمز الوطن، كان لا بدّ للإعلام أن يساهم في التفاف الشعب حول هذا الرمز. ولأنّ الجيش اللبنانيّ هو الحامي والساهر والمضحي والباذل والمستشهِد، وذو العين الساهرة أبداً، والهمّة المستنفرة دائماً، ولأنّ أرواح جنوده البواسل على كفوفهم، ودماءهم بطولةٌ في شرايينهم اليوم وشقائق نعمان في تراب الوطن غداً، لأجل كل ذلك، كان لا بدّ للإعلام أن يقف مع الجيش.

الوقفة الداعمة هذه ليست منّة، ولا جميلاً يغدق به الإعلام على الجيش الوطنيّ، بل واجب ومسؤولية، وما عدا ذلك باطل.

إلا أن صاحب الوفاء في شعاره، أبى إلّا أن يفيض وفاءً، فارتأت قيادة الجيش تكريم الإعلام الواقف سنداً للعسكريين في الجبهات وفي خضمّ الأزمات. ولعمري أنّ خطوة قيادة الجيش هذه، وإن كانت تدلّ على صدق وفائه، فإنها تدلّ على مدى التقصير الذي نقترفه يومياً. إذ إنّ أمام تضحيات الجيش الجسام، وخطوته الأخيرة في تكريم الإعلام، نرى وبحق، أنّ ما نفعله… قليل.

للجيش اللبنانيّ «شكراً» جديدة تضاف إلى تلك الكبيرة التي نقولها له كلّ يوم تقديراً لتضحياته. أمّا «شكراً» الجديدة الإضافية، فننطق بها تقديراً لهذه الالتفاتة العظيمة في تكريم الإعلام. وحتماً ستكون الدروع التقديرية التي تسلّمتها المؤسسات الإعلامية، ومنها «البناء» بشخص مديرها الإداري زياد الحاج، ستكون أوسمة لا تقارن بثمن.

كرّمت قيادة الجيش ومديرية التوجيه عدداً من وسائل الإعلام من وكالات أنباء وقنوات تلفزيونية وصحف لبنانية وعربية، خلال مأدبة عشاء أقيمت في «مطعم ست الحسن» ـ عين المريسة، بحضور رئيس فرع مخابرات بيروت العميد جورج خميس، مدير التوجيه العميد علي قانصو، رئيس مكتب أمن منطقة الحمرا في مخابرات بيروت العميد بهاء حلال، مديرة «الوكالة الوطنية للإعلام» لور سليمان صعب، كما حضر ممثلون عن وسائل الإعلام وعدد كبير من الصحافيين.

خميس

بعد النشيد الوطني، ودقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الجيش، ألقى العميد خميس كلمة قال فيها: «جتماعنا اليوم تحت عنوان واحد، عنوان شكّل في الأيام الماضية تجسيداً حيّاً لمعنى الشرف والتضحية والذود عن الوطن».

وأضاف: «إنّ ما يجمعكم ويجمعنا ويجمع كلّ اللبنانيين كلّ يوم، هي المؤسّسة العسكرية الوطنية، التي أثبتت في التجربة الأخيرة كما في كل التجارب السابقة التي واجهت فيها كلّ أنواع الإرهاب والإخلال بالأمن، أنّها موحّدة أكثر ومتماسكة أكثر، ومستعدة كلّ يوم أكثر لأغلى التضحيات في سبيل الدفاع عن الوطن وعيشه المشترك ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي. لأنّ أيّ ثمن ندفعه نحن، يظلّ أرخص من أيّ ثمن يدفعه لبنان، إذا تمكّنت الجماعات الإرهابية من تنفيذ مخطّطاتها».

وتابع: «نحن معكم اليوم لنوجّه الشكر والتقدير لكلّ وسائل الإعلام والمذيعين والمندوبين، الذين واكبوا المعركة الأخيرة، من قلب ساحة الشرف ومن داخل محطاتهم وكانوا صوت الناس ونبضهم، ونقلوا صورة الإرهاب الحقيقية وخاطروا بحياتهم لإظهار واقع المخطّط الذي كان يُحضّر للبنان. والشكر والتقدير موجّه إلى الجميع».

وأضاف: «نحن معكم اليوم لنقول إنّ أبوابنا مفتوحة، وهواتفنا مفتوحة وقلوبنا مفتوحة لكم، لأنه بغير التعاون لن نوصل الحقيقة إلى الناس، نحن معكم كمديرية مخابرات ومديرية التوجيه تحت سقف قيادة الجيش لنكون يداً واحدة وقلباً واحداً، همّنا الوحيد لبنان ووحدته وتماسكه، فعلينا في هذه الظروف التعالي عن أيّ تفاصيل لأنّ لبنان والجيش اللبناني أهمّ من أيّ تفصيل».

قانصو

ثم ألقى العميد قانصو كلمة شكر فيها وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية على تلبيتها الدعوة، «والتي لها الدور الحساس في أيّ حدث تغطيه، لأنها عيون الرأي العام وآذانه».

وتابع: «كما تعلمون، ما زالت أحداث عرسال ماثلة أمامنا، هذه المنطقة العزيزة والغالية على كل لبنان، فرضت عليها الظروف والأحداث التي تمر، أن تكون في قلب عاصفة التهجير وانتقال التكفيريين الإرهابيين إلى جرودها، فبعد أن احتضنتهم كلاجئين وقدّمت لهم المساعدة غدروا بها. الأحداث الأليمة في الثاني من آب أدّت إلى استشهاد تسعة عشر من ضباط وعسكريي الجيش اللبناني، وجرح 209 عسكرياً وعشرين عسكرياً بين مخطوف ومفقود، إضافة إلى عددٍ من زملائنا في قوى الأمن الداخلي».

وأضاف: «عرسال الشهداء والجرحى والمفقودين، عرسال الشهيد ابنها البار الذي سقط فيها دفاعاً عن أحد مراكز قوى الأمن، تأبى إلّا أن تبقى منطقة لبنانية رمزاً للوحدة الوطنية، ولولا العناية الإلهية، لكُتب للتكفيريين السيطرة عليها وإعلانها إمارة ينطلقون منها كالسرطان إلى باقي المناطق اللبنانية، ولكان لبنان غرق في بحر من الدماء، ولكن الجيش اللبناني بقتاله للقضاء عليهم والمعارك الطاحنة التي خاضها في سبيل انكفائهم، أفشل مخطط الإمارة، وبالتالي كل ما كان سيتبعه من تكفير ومجازر بغية تذكية الفتنة الطائفية. والجيش من خلال هذه العملية التي قام بها وأد هذه الفتنة وثبت إحدى دعائم اتفاق الطائف المتمثة بالعيش المشترك والوحدة الوطنية».

وختم:«أنتم أيها الإعلاميون واكبتم هذه العملية مضيئين على كافة جوانبها، فنرجو أن تكونوا وتبقوا دائماً سلطة رابعة شفافة وواقعية».

ثم عُرض فيلم قصير عن المواجهات العسكرية التي خاضها الجيش مع المجموعات الإرهابية في عرسال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى