استقبالات حاشدة للمحرّرين وسط الدموع والزهور وإطلاق الرصاص ودعوات لمواصلة الجهود للإفراج عن رفاقهم الباقين في الأسر

بعد الإعلان المفاجئ لـ«جبهة النصرة» مساء أول من أمس، عن إطلاق عدد من العسكريين المحتجزين لديها، سلمت الجبهة خمسة عسكريين إلى مصطفى الحجيري أبو طاقية في بلدة عرسال ليتسلمهم الجيش لاحقاً، بينما هدّدت الجبهة بقتل المحتجزين الشيعة. وأعلنت القيادة في بيان «أنّ مديرية الاستخبارات في الجيش استلمت أمس كلاً من: الجندي إبراهيم مصطفى شعبان، الجندي محمد عمر القادري، الجندي أحمد عبود غية، الجندي وائل سعيد درويش، إضافة إلى العريف في قوى الأمن الداخلي صالح البرادعي، والذين فقدوا أثناء معارك عرسال».

وفيما أكد «أبو طاقية» أنّ المطلب الأساسي للإفراج عن باقي العسكريين هو «انسحاب حزب الله من سورية»، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق في حديث تلفزيوني: «إننا نعمل على مفاوضات قد تفضي إلى إطلاق سراح عسكريين مسيحيين اثنين قريباً. إلا أنّ جبهة النصرة هدّدت بقتل المحتجزين الشيعة إذا شارك حزب الله في المعارك ضدّها في القلمون».

ووجّهت «الجبهة»، في بيان نشرته وكالة «الأناضول» أمس، رسالة إلى «أهل السنة» أشارت فيها إلى أنها قامت «بإطلاق سراح أبنائكم كعربون محبة لكم فأنتم أهلنا وأنتم منا ونحن منكم»، مهدّدة بقتل «الأسرى الشيعة إذا شارك حزب الله في المعارك ضدّها خلال حملتها العسكرية لتحرير قرى القلمون التي ستبدأ خلال أيام».

وفي إطار الضغط على الدولة، وزع تنظيم «داعش» شريط فيديو للجندي علي الحاج حسن وهو يناشد أهله الضغط على السلطات لإطلاق سراح مساجين رومية، لأنه ورفاقه مهدّدون بـ «الذبح خلال 3 أيام إذا لم تلبِ الدولة هذا الطلب». وقال: «لم نعد نحتمل، حرّرونا قبل أن يذبحونا».

وتوجه القيادي في تنظيم «عبدالله عزام» الشيح سراج الدين زريقات عبر «تويتر» إلى أهالي العسكريين اللبنانيين الأسرى محملاً حزب الله المسؤولية عن خطف أبنائهم.

كما حرّض ضدّ الجيش متهماً إياه بأنه «بات حارساً لحدود اليهود ومربعات حزب الله الأمنية، وقاتلاً للأطفال والنساء بسلاح أميركي وولاء إيراني ومال سعودي». وأضاف: «لم تبدأ المعركة في لبنان بعد، فلا تجعلوا أبناءكم درعاً لحزب إيران».

وقد تسلّم ذوو العسكريين الأربعة في الجيش اللبناني وهم: أحمد غية، إبراهيم شعبان، محمد القادري ووائل درويش، والدركي صالح البرادعي أبناءهم المحررين، من «جبهة النصرة» في بلدة عرسال. وتوجه المفرج عنهم إلى بلداتهم في البقاع وعكار وإقليم الخروب، برفقة ذويهم حيث أقيمت لهم استقبالات شعبية حاشدة امتزجت فيها الدموع بالزغاريد ورصاص الابتهاج.

فرح عارم في بعلبك وغزة

واستقبل الدركي صالح البرادعي في منزله في بعلبك بنثر الرز، وحمل على الأكتاف، وسط فرح عارم. أما الجندي القادري فقد أقيم له استقبال من مفرق بلدة المرج وصولاً إلى ساحة غزة حيث حمل على الأكتاف وسط إطلاق الرصاص والأسهم النارية ونثر الزهور والرز ابتهاجاً. وبعدما حيا كلّ جار من جيرانه انحنى على عتبة باب منزله مقبلاً الأرض، قبل أن يعبر إلى داخله فوق خروف نحر على شرفه. وقال والد القادري: «نحمد الله على سلامة ابننا، وعقبال كل الشباب». وأكد أنّ الجيش هو مظلة للجميع، ونأمل بأن يتلاقى الجميع حوله، وأن يعود كل الأسرى إلى أهاليهم بخير وسلامة». وأضاف: «اليوم طمأنونا، حيث كنا، أنّ كل الأسرى سيفرج عنهم قريباً، والجيش وعدنا أنّ كل الشباب المأسورين سيفرج عنهم».

وجاءت زوجة الأسير الجندي محمد حسين يوسف من مدوخا – قضاء راشيا، لكي تبارك للقادري بعودته سالماً إلى اهله، وتسأله إن كانت لديه أخبار عن زوجها الأسير، والذي لا تعلم عن حاله شيئاً منذ أسره، مطالبة الحكومة اللبنانية بالتعجيل في المفاوضات.

شعبان وغية

أما في عكار، فقد أعيد قطع الطريق الرئيسيية بين عكار وطرابلس عند مفترق بلدة المحمرة حيث نصبت منذ أول من أمس خيمة الاعتصام لعائلات العسكريين الأسرى لدى المجموعات المسلحة في حضور حشد كبير من أبناء قرى وبلدات عكارية عدة، لاستقبال الجنديين المحررين شعبان وغية وتضامناً مع عائلات العسكريين الذين لا يزالون قيد الاحتجاز، وهم جورج خوري من القبيات وحسين عمار وخالد الحسن من بلدة فنيدق إضافةً إلى عائلة الرقيب علي السيد ابن بلدة فنيدق أيضاً .

ولد وصول شعبان وغية إلى الخيمة محاطين بعائلتيهما، استقبلهم المعتصمون بالزهور والدموع والأعيرة النارية والمفرقعات التي أطلقت في الهواء. ورفض شعبان وغية اللذان كانا في حال إعياء شديد الإدلاء بأية تفاصيل حول ظروف أسرهما، واكتفيا بالتأكيد على أنّ رفاقهما العسكريين المحتجزين لدى «النصرة» بخير، فيما نقل شعبان كلاماً سمعه حين كان في الأسر عن أنّ الرقيب علي السيد لا يزال على قيد الحياة، وأمل بأن يكون هذا الكلام صحيحاً وبأن يتم الإفراج عنه وعن كل العسكريين المحتجزين.

وانتقل شعبان، بعد ذلك، برفقة عائلته إلى بلدته مشحا التي أعدت له استقبالاً حاشداً، فكان عناق وبكاء وفرح، أطلق خلاله رصاص الابتهاج ونثرت الورود. وألقى رئيس بلدية مشحا زكريا الزعبي كلمة شكر فيها الذين ساهموا في إتمام عملية الإفراج عن ابن البلدة، وتمنى على الخاطفين الإفراج عن بقية الأسرى المحتجزين لديهم.

أما مصطفى شعبان، والد ابراهيم شعبان، فلفت إلى أنّ أحد المشايخ في «هيئة العلماء المسلمين» هو الذي أبلغه نبأ الإفراج عن ابنه والعسكريين الآخرين قبل ساعة تقريباً من إعلان خبر الإفراج، منوهاً بالدور الإيجابي الذي تقوم بها الهيئة، والذي يجب استكماله لحين بلوغ الأمور خواتيمها السعيدة. وأعرب عن فرحته والعائلة وأبناء بلدته مشحا والجوار بالإفراج عن ابنه وباقي العسكريين، آملاً بأن تعم الفرحة قلوب جميع عائلات العسكريين الذين لا يزالون محتجزين، وراجياً الله أن تكون الأنباء التي تحدثت عن ذبح الرقيب علي السيد كاذبة، وأن يحتفل كل لبنان بانتهاء هذه المحنة.

ولم تختلف أجواء الاحتفالات والابتهاج في بلدة تكريت، حيث صلى أحمد غية لدى وصوله وعائلته إلى البلدة، ركعتي شكر وقبّل الأرض شاكراً الله على عودته سالماً، ونحرت له الخراف ليواصل مسيرته إلى منزله من ساحة البلدة، حيث احتشد آلاف في انتظاره. ووجه والده عبود غية رسائل شكر إلى كل الذين ساهموا في عملية الإفراج عنه، وفي عودة ابنه وباق العسكريين سالمين، آملاً «بأن تتكلل هذه الفرحة بعودة باقي الأسرى العسكريين إلى عائلاتهم». وأكد أنّ الحياة عادت إلى عائلته التي عاشت أياماً صعبة للغاية، آملاً «بأن يتمكن من ردّ الجميل إلى كل الذين وقفوا إلى جانب عائلته في هذه المحنة».

درويش

واستقبلت بلدة شحيم ومنطقة إقليم الخروب الجندي المحرر درويش الذي وصل بسيارة أقاربه التي أقلته من عرسال إلى المدخل الشرقي لبلدة شحيم لجهة بلدة داريا، حيث كانت في استقباله حشود غفيرة من مختلف الأعمار، تحمل الأعلام اللبنانية وعلم الجيش وصور درويش، على وقع قرع الطبول وفرقة زفة وزغاريد ونثر الرز.

وحمل المستقبلون درويش على الأكتاف وساروا به عبر ساحة شحيم والشارع الرئيسي وصولاً إلى منزله عند الجهة الجنوبية الشرقية للبلدة في محلة الشريفة، في مسيرة استغرقت حوالى ساعة ونصف الساعة، تقدمها رئيس اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي الرائد المتقاعد محمد بهيج منصور، رئيس بلدية شحيم خالد البابا ومخاتير وفاعليات وعائلة الجندي درويش ورفاقه وممثلون عن الأحزاب والقوى الوطنية.

ولدى وصول درويش إلى منزله عانق والده المقعد وقال: «الحمد لله أنني رجعت إلى بيتي وعائلتي، فقد اشتقت إلى أهلي كثيراً، وأتمنى إطلاق سراح جميع رفاقي وفك أسرهم». وشكر أهالي بلدته وإقليم الخروب والوطن «على هذا الاستقبال الذي لم أكن اتوقعه». وأوضح أنه كان «في حالة جيدة في الأسر ولم يتعرض لي أحد»، وشكر «الشيخين أبو مالك والشيخ مصطفى الحجيري».

بدورها شكرت، والدة درويش، مهى، وسائل الإعلام وكل القيادات والعلماء ورئيس الحكومة وقائد الجيش وأهالي شحيم «الذين ساعدوا في إطلاق سراح ابننا»، مطالبة بالإفراج عن رفاقه الآخرين.

تجدر الإشارة إلى أنه حصلت اعتصامات وقطع طرق في عدد من المناطق للمطالبة بالإفراج عن باقي العسكريين، وقد قطع أهالي العسكريين المخطوفين الطريق الدولية في منطقة حوش سنيد – النقطة الرابعة في بعلبك بالاتجاهين أمام حركة السير مطالبين بالإفراج عن أبنائهم.

كما قطع الأهالي طريق اللبوة الدولية، وطريق رياق – بعلبك عن نقطة تعاضد رياق بالإطارات المشتعلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى