صفقة مع «النصرة» مقابل 15 أولهم تسوية «أبو طاقية» «إسرائيل»: لغز طائرة استطلاع لحزب الله فوق الجولان

كتب المحرر السياسي

انشغلت «إسرائيل» بتفكيك لغز ما وصفتها بطائرة استطلاع تابعة لحزب الله فوق الجولان، وتراوحت التحليلات بين اعتبارها طائرة من تصنيع سوري، تتولى استكشاف مناطق انتشار المجموعات المسلحة، وتوغلت عشرات الأمتار فوق الجولان المحتل، وتفسيرات حفلت بها المواقع «الإسرائيلية» التابعة للجيش والاستخبارات، تشير إلى تأكيدات أن الطائرة كانت تصور مواقع الانتشار «الإسرائيلية»، وتقوم ببثها فورياً إلى قيادة عمليات المقاومة، لتربط ذلك بما وصفته بتجميع معلومات، لا يمكن فصله عن التحضير لعمل ما يستهدف اختراقاً معيناً بالجبهة، ربطه بعض المواقع «الإسرائيلية» بإدخال معدات وأعتدة لمجموعات تعمل في الداخل الفلسطيني.

في هذه الأثناء كانت المعلومات التي تتحدث عن صفقة الإفراج عن العسكريين المخطوفين، تشير إلى التوصل للاتفاق عبر وساطة غير معلنة يقوم بها القطريون، ومضمون الصفقة بدأ تنفيذه بالإفراج عن خمسة من العسكريين أول من أمس، على أن يستتبعها الإفراج التدريجي عن ستة آخرين موزعين على دفعتين، وصولاً للإفراج عن كل المخطوفين، بينما قالت مصادر متابعة للمفاوضات وما دار في الاجتماعات الأمنية القضائية، أن الصفقة محصورة بجبهة النصرة وحدها ولا تطاول المخطوفين لدى داعش. وفقاً للصفقة ستقوم الأجهزة الأمنية والقضائية بترتيب الإفراج عن خمسة عشر موقوفاً من الإسلاميين المتطرفين، بموجب قرارات إخلاء سبيل قضائية لهؤلاء الموقوفين، الذين لم تصدر بحقهم بعد قرارات اتهامية تجعل الإفراج أشد تعقيداً.

وكان الكلام الصادر عن الرئيس نبيه بري ليلاً في ذكرى غياب الإمام موسى الصدر تأكيداً على عدم وجود حل نهائي واضح، لقضية عرسال والعسكريين، بتركيزه على الحاجة لتعبئة وطنية شاملة بوجه خطر الإرهاب، بما يوحي أن التفاهمات هشة وغير ثابتة أو مجتزأة وغير شاملة، بينما جاء تأكيده على الاستحقاق الرئاسي، ليشير إلى حجم المأزق من دون أن يبدو أن في الأفق حلولاً.

وكانت «جبهة النصرة» أطلقت خمسة عسكريين إلى الحرية مساء هم إبراهيم مصطفى شعبان، محمد عمر القادري، أحمد عبود غية، وائل سعيد درويش والعريف في قوى الأمن صالح البرادعي، فيما لا يزال ثلاثون آخرون لدى الجبهة وتنظيم «داعش».

وفيما استقبل العسكريون الخمسة باحتفالات شعبية حاشدة في بلداتهم، واصل أهالي العسكريين الذين ما زالوا محتجزين، تحركاتهم لإطلاق أبنائهم حيث قاموا أمس بقطع طريق بعلبك الدولية عند نقطة التعاضد وطريق اللبوة الدولية وطريق القلمون التي تربط طرابلس مع بيروت بالاتجاهين للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم.

الغالي: مشايخ سوريون تفاوضوا مع النصرة

وأكد عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي لـ«البناء» «حلحلة قضية العسكريين المختطفين في اليومين المقبلين»، كاشفاً أنه «سيفرج عن العسكريين المسيحيين، ليعقب ذلك الإفراج عن الدروز، أما الإفراج عن المخطوفين الشيعة فمرتبط بمطالب جبهة النصرة المتعلقة بانسحاب حزب الله من سورية، ومطلب داعش بالمقايضة مع المعتقلين في سجن رومية».

وأشار إلى أن «مجموعة من المشايخ السوريين الذين كانوا وسطاء بيننا وبين المسلحين، تابعوا تفاوضهم بعد انسحاب الهيئة وأجروا الاتصالات مع «النصرة» التي وافقت على إطلاق العسكريين الخمسة لإعطاء دفع للشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» الذي يعتبر من أبرز مؤيديها في عرسال وسلمته إياهم من باب فتح القنوات بينها وبين الأجهزة الأمنية».

وإذ أكد أن الهيئة لم تعد إلى التفاوض حتى الساعة، أشار إلى أنها طلبت من الحكومة تنفيذ مطالب المسلحين، لافتاً إلى أن الاجتماع الأمني الذي عقد في السراي الحكومية أمس برئاسة الرئيس تمام سلام سيوافق على المطالب التي نقلها وفد الهيئة إلى الحكومة، المتعلقة بالمقايضة بالسجناء واحترام حقوق النازحين». وتحدث الغالي عن وساطة قطرية لإخراج جزء من النازحين السوريين إلى خارج لبنان.

وأمل سلام خلال الاجتماع الأمني «أن تفلح الجهود المبذولة في تحرير جميع المفقودين من أفراد الجيش وقوى الأمن الداخلي وإعادتهم إلى عائلاتهم سالمين». وأكد أن اللجنة الوزارية الخاصة بمتابعة هذا الملف ماضية في عملها بدأب وصبر، وبعيداً من الأضواء، لإنهاء هذه المأساة الوطنية في أسرع وقت ممكن».

وفي الإطار، أشار وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى أن المفاوضات قد تفضي إلى إطلاق سراح عسكريين مسيحيين اثنين قريباً.

ورفضت أوساط السراي الخوض في الحديث عن صفقة لإطلاق سراح العسكريين، لافتة إلى أن «هناك تكتّماً شديداً حول كل الاتصالات في ما يتعلق بإطلاق سراح العسكريين». إلاّ أن مصادر مطلعة لم تستبعد أن يتم مقابل ذلك إطلاق موقوفين من سجن رومية. وتحدثت عن معلومات تشير إلى أن الساعات المقبلة قد تشهد إطلاق سراح عسكريين آخرين.

في موازاة ذلك، زعمت جبهة «النصرة» وفق بيان نشرته «وكالة الأناضول» التركية أن عملياتها الإرهابية في قرى القلمون ستبدأ خلال أيام، مهددة بقتل العسكريين الشيعة في حال تدخل حزب الله ضدها. «كذلك توجه القيادي في تنظيم «عبدالله عزام» سراج الدين زريقات عبر «تويتر» إلى أهالي العسكريين المحتجزين بالقول: «اعلموا أنه لولا «حزب الله» وحماقاته لما اعتقل أبناؤكم»، معتبراً أن الحرب في لبنان لم تبدأ بعد.

كما أعلن قيادي في «جبهة النصرة» لوكالة الأناضول أن تجميد إطلاق الأسرى المسيحيين يعود إلى إحراق علم «الجبهة» في الأشرفية.

وفي ظل هذه الأجواء، لم تتضح الأبعاد التي أفضت إلى لجوء «جبهة النصرة» الإرهابية لإطلاق العسكريين الخمسة، وما إذا كان وراء عملية الإطلاق «صفقة ما» بعض بنودها مؤجلة، إلاّ أن المؤكد بحسب جهات معنية، هو «أن لا أحد ضد إطلاق سراح العسكريين المخطوفين وعودتهم إلى أهلهم سالمين، لكن من الواضح أن الإرهابيين يريدون من وراء تطييف قضية العسكريين المختطفين والتعاطي معهم على أساس طائفي إثارة الفتنة المذهبية من جهة، ومحاولة إيجاد بيئة حاضنة لهم في بعض المناطق بعد أن تأكدوا أن ليس هناك في أي منطقة بيئة حاضنة لإرهابهم، من جهة أخرى». وتلاحظ الجهات المعنية «أن إثارة الغبار من المجموعات الإرهابية بعد إطلاق سراح العسكريين يستهدف إحداث الفتنة، خصوصاً أن عملية الإطلاق ترافقت مع قيام عناصر ترتبط بهذه المجموعات بكتابة شعارات في بعض أحياء طرابلس تزعم «بقدوم الدولة الإسلامية»، وأيضاً إحراق صلبان في باب التبانة وسبقها أيضاً وضع شعارات لـ «داعش» في ساحة ساسين في الأشرفية قام لاحقاً بعض الشبان بإحراقها.

وفي الموازاة، رفعت المجموعات الإرهابية وتيرة التحريض الطائفي في منطقة الشمال وبخاصة في طرابلس في سعيها إلى إحداث فتنة، حيث قام مؤيّدون لـ«داعش» و«جبهة النصرة» ليل أول من أمس بكتابة شعارات على بعض الكنائس في القبة والميناء تزعم أن «دولة الإسلام قادمة». وعلى أثر ذلك، أزال الجيش هذه الشعارات بعد أن كان سبق هذه المحاولات الفتنوية للإرهابيين، إقدام آخرين على إحراق صلبان على طريق أوتوستراد التبانة رداً على ما زعموه إحراق أعلام «داعش» في ساحة ساسين في الأشرفية. في حين أن لجوء وزير العدل أشرف ريفي إلى طلب ملاحقة الذين أحرقوا أعلام «داعش» بحجة تحقير الشعائر الدينية، أثار الكثير من الاستهجان وعلامات الاستفهام حيال هذا التصرف. وحاول ريفي أمس إثارة نوع من التوازن عبر الطلب من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود تكليف الجهات المختصة الكشف عن الذين أحرقوا الصلبان في طرابلس وملاحقتهم.

كنعان: لماذا لا يطبق العدل على من يعتدي على الجيش؟

وتوكل أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان الدفاع عن الشبان الذين أحرقوا علم داعش. وأكد لـ«البناء» أنه قرر أن يتوكل في هذا الملف من موقعه القانوني لا السياسي كنائب عن التيار الوطني وتكتل التغيير والإصلاح. وتمنى ألا يسيس هذا الملف. واعتبر أن ما قام به الشبان كان اعتراضاً على استغلال الدين والشعائر الدينية للقيام بأعمال جرمية، لافتاً إلى أن تحركهم لا يمس الدين الإسلامي، بل اعتراضاً على تنظيم إرهابي يقوم بأعمال جرمية مدانة وتدان كل يوم من قبل دول العالم ليس فقط اللبنانيين.

واعتبر كنعان أن إجراء ريفي في غير محله، سائلاً: «لماذا لا يطبق العدل على من يعتدي على سيادة الدولة والجيش اللبناني».

قزي لا يستبعد وجود طابور خامس

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء»: «بغض النظر إن كان حرق العلم أمراً صحيحاً أم خطأ، يفترض معرفة الظروف التي أدت إلى نشر الصور يوم السبت أول من أمس ، ولا سيما أن عملية الحرق حصلت منذ أسبوعين وليست يوم السبت». وسأل: «لماذا تم تظهير الموضوع اليوم؟ ومن يقف خلف ذلك؟»، مشيراً إلى «أن هذه اللعبة ليست نظيفة».

ولم يستبعد قزي وجود طابور خامس أو من يلعب بالأمن في لبنان وبالعلاقات بين الطوائف لخلق أجواء تؤدي إلى معادلات ومعطيات جديدة، ولا سيما أن الإعلان عن عملية حرق علم داعش أعقبها ردود فعل في مناطق أخرى ضد الشعارات المسيحية، وكأن هناك أوركسترا تنظم كل الأمور.

بري: لتعبئة وطنية لمواجهة الإرهاب

وفي الذكرى الـ 36 لتغييب الإمام موسى الصدر حيث توحّدت الأقنية التلفزيونية اللبنانية لبث شريط عن الإمام الصدر وظروف اختفائه، شدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمة متلفزة مساء أمس على «أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية لأن ذلك يشكّل الخيط الأبيض لانتهاء ليلنا المظلم، ويفتح الباب لإتمام باقي الاستحقاقات بدءاً من الانتخابات النيابية ويمكّن لبنان من مواجهة الإرهاب العابر للحدود». وشدد على «أن كل حدود الوطن أصبحت مهددة جنوباً وبحراً من «إسرائيل»، وبقية الحدود من الإرهاب التكفيري، وبالتالي أصبح الاتفاق على استراتيجية دفاعية وتعميم المقاومة إلى جانب الجيش في كل اتجاه، أمراً وطنياً لازماً بل ضرورة وطنية بديهية»، مؤكداً أن «مواجهة الإرهاب تحتاج لتعبئة وطنية لمواجهة الفكر التكفيري التعصبي».

وشدد بري على «الالتزام بالدستور ووقف تعطيل مؤسسات الدولة». وإذ لاحظ «أن تعطيل إقرار سلسلة الرتب عنوان لتعطيل عمل مجلس النواب»، أكد أن «العبور إلى الدولة يستدعي التزام الجميع بالدستور ووقف سياسة تعطيل مؤسسات الدولة».

الفاتيكان قلق على مصير المسيحيين في الشرق

إلى ذلك، يعود البطريرك الماروني بشارة الراعي من زيارته الفاتيكانية يوم غد الثلاثاء. وأكدت مصادر مطلعة على أجواء لقاءات الراعي مع المسؤولين في الكرسي الرسولي لـ«البناء» «أن الفاتيكان قلق على مصير المسيحيين في الشرق، في ظل الأوضاع السائدة في المنطقة والهجوم الذي يتعرضون له في العراق وسورية»، ولفتت المصادر إلى «أن المسيحيين في لبنان يعيشون حالة قلق وخوف من الأحداث الجارية». وإذ اعتبرت «أن انتخاب رئيس للجمهورية هو عامل إيجابي للوضع المسيحي في لبنان والمنطقة ويبعث نفحة أمل متجددة في ظل ما يحصل من مآس»، أكدت المصادر «أن لا انتخابات رئاسية قبل نهاية تشرين الأول المقبل»، لافتة إلى «أن كل مرشح يحظى بغالبية أصوات المجلس النيابي ويحتضن الوثيقة الوطنية التي صدرت عن مجلس المطارنة في بكركي يحصل على تأييد البطريركية المارونية».

جلسة مالية لمجلس الوزراء غداً

على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء غداً جلسة في السراي الحكومية مخصصة للملف المالي وسندات الخزينة باليورو، وسيستمع المجلس إلى شرح من وزير المال علي حسن خليل حول الوضع المالي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى