الممثل والمخرج الكبير ريتشارد اتنبره صانع تحفتي «غاندي» و«شابلن» يغيب مخلّداً

يرى كثر في الوسط الثقافي البريطاني أن غياب الممثل والمخرج البريطاني الكبير ريتشارد أتنبره هو خسارة كبيرة للوطن، لكنّ عزاءهم الوحيد أن هذا المبدع ترك إرثاً فنياً كبيراً على صعيد التمثيل والإخراج والإنتاج.

شارك ريتشارد أتنبره ممثلاُ في 64 فيلماً أبرزها «برايتون روك»، «الهرب الكبير» و»الحديقة الجوراسية». كما أخرج 12 فيلماً ذا بصمة خاصة في المشهد السينمائي البريطاني، بينها «ونستون الشاب» و»غاندي» و»شابلن»، فضلاً عن أفلام أخرى لن تغادر ذاكرة محبّي هذا المخرج المبدع الذي نال جائزتي أوسكار وأربع جوائز «بافتا» وأربع جوائز «غولدن غلوب».

الجدير ذكره أن أتنبره ساهم في إنتاج 13 فيلماً مهماً «في الحب والحرب» و»البومة الرمادية» وسواهما من الأفلام المعروفة أوروبياً وعالمياً.

توالت التصريحات إثر غيابه من كبار الشخصيات الفنية والسياسية، فأعرب زميله بِن كينغسلي عن أسفه لغياب هذا الممثل الكبير قائلاً «إنه يفتقده كثيراً». أما ديفيد كاميرون فقال في تغريدة إن تمثيله في «برايتون روك» كان رائعاً، وإخراجه لفيلم «غاندي» كان مذهلاً. «كان أتنبره واحداً من عظماء السينما»، أضاف أتنبره. وقالت الممثلة الأميركية ميا فارو: «كان ريتشارد أتنبره الرجل الألطف الذي لم أحظ بشرف العمل معه».

كان أتنبره مولعاً بالسِير الذاتية للعظماء، ولعل فيلم «ونستون الشاب» الذي أنجزه عام 1972 خير دليل، إذ يرصد هذا الفيلم حياة ونستون تشرشل في مراحل متعددة. ومثلما تحضر الحرب بقوة هذا الفيلم فإن فيلم «جسر بعيد جداً» يقوم عليها أيضاً إذ يروي فشل عملية «ماركيت غاردن» خلال الحرب العالمية الثانية، ومحاولة الحلفاء اختراق خطوط الدفاع الألمانية والسيطرة على عدد من الجسور في هولندا المحتلة للالتفاف على المقاطعات الألمانية.

تتكرر السيرة الذاتية في فيلم «غاندي» الذي يعتبر تحفة فنية نادرة إذ يتناول شخصية المهاتما غاندي في لحظة حاسمة، لدى رميه من قطار مخصص للبيض في جنوب أفريقيا عام 1893، وينتهي باغتياله ودفنه عام 1948. وفاز هذا الفيلم بعدة جوائز أوسكار لأفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل تصوير.

صنع أتنبره من ذكريات شابلن تحفة فنية أخرى في فيلمه «شابلن»، بدءاً بطفولته ومراحل الفقر المدقع التي مرّ بها هو وعائلته الصغيرة، ثم سفره إلى أميركا والشهرة الكبيرة التي حققها هناك، ووضعه في مرتبة الفنانين الكبار الذين أغنوا التعبير المشهديّ في العالم كلّه.

يعود أتنبره إلى ثيمة الحرب بين حين وآخر، ففي فيلم «في الحب والحرب» الذي تدور حوادثه خلال الحرب العالمية الأولى وتتعزّز قصته أثناء إصابة همنغواي ونقله إلى المستشفى حيث يقع في حب الممرضة أغنس فون موروفسكي، لكن علاقتهما العاطفية تتعثر ولا تصل إلى نهايتها السعيدة.

يميز أفلام أتنبره عن سواه من المخرجين البريطانيين تنوع مواضيعها التي تمتد من الحب إلى الحرب، ومن سير العظماء إلى أساطير الشعوب. كما أنّه ركز على القضايا الإنسانية، ووضع مصائر الشعوب في ضميره، بدءاً من الهند، مروراً بأوروبا كلها، وصولاً إلى كندا وأميركا الشمالية، وتحديداً إلى هنودها الحمر وحياتهم البدائية التي تغرف من النبع الأول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى