«إسرائيل»: نفضل «الجيش الحر» لكن «النصرة» ليست سيّئة «داعش» لمناصريه: تعميم صور حزّ الرؤوس نصف الحرب

كتب المحرر السياسي

عمّم قادة «داعش» على مناصريهم من خلال صفحات أنصار الخلافة على مواقع التواصل الاجتماعي، الدعوة إلى أوسع عملية نشر لصور وتسجيلات الإعدام عن طريق حز الرؤوس باعتبارها نصف الحرب التي يخوضها تنظيم الخلافة الإسلامية، ويعتبر التنظيم في أحد منشوراته ردّاً على الداعية السلفي أبو محمد المقدسي الذي هاجم هذه الصور بالقول إنّ الحرب النفسية التي تتحقق نتائجها عبر عملية النشر توفر الكثير من الدماء على مجاهدي دولة الخلافة.

بالمقابل لم تنجح لبنانياً محاولات تيار المستقبل باستثمار صورة الفيديو الذي سرّبه تنظيم «داعش» للمشهد الوحشي بذبح الرقيب في الجيش اللبناني علي السيد لتهريب صفقة تبادل تقوم على الإفراج عن ثلاثين موقوفاً وفقاً لإحدى الروايات مقابل دفعة أولى من عشرة من العسكريين المخطوفين وخمسة عشر موقوفاً وفقاً لرواية أخرى مقابل ستة عسكريين.

في الحالتين «داعش» يبقى خارج الصفقة كما رسمها «أبو طاقية» المستفيد الأول من الصفقة بتسوية وضعه وسحب عشرات مذكرات التوقيف الصادرة بحقه، كما يبقى بيد الخاطفين العسكريون المنتمون للون طائفي يعتبر الدواعش أنه البيئة الحاضنة لمشاركة حزب الله في سورية، وأنّ إخراجه منها يجب أن يتمّ بواسطة توظيف التهديد بذبحهم.

مجلس الوزراء وحده المخوّل بالقرار وفقاً لمصدر وزاري متابع أكد لـ«البناء» أن لا صفقة، وأنّ هذا البيع والشراء إعلان وفاة للدولة وللحكومة، وعندها لا مبرّر للبقاء في الحكومة، مضيفاً أنّ النتائج الأولية تفيد بأنّ كلّ شيء تجمّد بانتظار جلسة الحكومة اليوم، بينما مجلس النواب سينعقد لانتخاب رئيس جمهورية ويخرج كما كلّ مرة بلا نصاب وبلا انتخاب.

إقليمياً كان الحدث، هو الكشف عن سيطرة «جبهة النصرة» على معبر القنيطرة السوري المقابل للجولان المحتلّ، بعدما جرى إخفاء الأمر ليومين بالقول إنّ ما يُسمّى بـ»الجيش الحر» أو ما سُمّي بـ»جبهة ثوار سورية» هما المسيطران، ليكون ذلك مناسبة لصدور مواقف «إسرائيلية» ذات مغزى ربما تؤسس للكثير لاحقاً.

بعد إنكار لأيّ علاقة بـ»النصرة» و«الحر» تعلن «إسرائيل» عبر وسائل إعلامها وتسوّق لحملة إعلامية موجهة للرأي العام الداخلي، مضمونها أنّ الحرب مع الرئيس بشار الأسد تستدعي مثل التحالفات التي تقيمها «إسرائيل» مع المعارضة المسلحة، وما تقدمه لها من تسهيلات بما في ذلك «جبهة النصرة» مع التمييز الدائم لصالح «الجيش الحر» الذي يتبع لـ «الائتلاف» المقيم في اسطنبول.

وقال محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة «الإسرائيلية» ألون بن دافيد: «الآن على مستوى العلاقة بين «إسرائيل» وجبهة «النصرة» لا توجد عداوة بين «إسرائيل» والمتمرّدين في الجانب السوري من الجولان، مثلاً في الأسبوع الماضي سلّمونا بهدوء الصحافي الأميركي الذي خطفوه، وهناك المئات من جرحى المتمرّدين الذين يعالجون في مستشفيات «إسرائيل»، ولكن المنظمات السوريّة العاملة في الجولان الآن تستعمل القانون القديم في الشرق الأوسط، وهو عدو عدوّي صديقي، ومن ناحيتهم لا يرون في «إسرائيل» عدواً، وطاقاتهم موجهة نحو نظام الرئيس بشار الأسد. أيضاً لا يوجد أيّ ضغط في «إسرائيل» من سيطرتهم على المعبر في القنيطرة».

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر أمني «إسرائيلي» رفيع المستوى قوله «إنّ إسرائيل لا ترى وجود خطر فوري في الوضع الذي تشكّل في القنيطرة، وأنّ المنطقة الواقعة على مقربة من الحدود يسيطر عليها الجيش الحرّ، الذي تُعتَبر نظرته إلى «إسرائيل» مقبولة». وقدّر أنه «على المدى القريب، الميليشيا الأكثر اعتدالاً ستكبح أيّ عمل لجبهة النصرة ضدّ إسرائيل، خشية من ردّ عنيف من جانب الجيش الإسرائيلي».

وقال المصدر أنه «تقريباً، لم يوجه أحد من الجانب السوري سلاحه باتجاهنا، لأنهم يعلمون أنهم سيتلقون ضربة قوية في حال حاولوا القيام بذلك». ومع ذلك فقد أقرّ المصدر أنه «ليست هناك حصانة على الإطلاق»، وأنّ التغييرات المتكرّرة في الوضع في سورية من المتوقع أن تؤثر أمنياً على إسرائيل أيضاً».

وختم المصدر قائلاً: «حتى الآن يمكننا القول إننا نفضل «الجيش الحر» لكن «النصرة» ليست سيئة».

صفقة التبادل بين الإسراع والتعقيدات

في ظل هذه الأجواء، بقيت الساحة الداخلية مشغولة بمصير ما تبقى من عسكريين مخطوفين لدى المجموعات الإرهابية وسط معطيات تشير إلى أنّ إنجاز صفقة التبادل بين الحكومة والمجموعات المسلحة والتي تتضمّن الإفراج عن عدد من الموقوفين الإسلاميين مقابل تحرير العسكريين، يحيط بها الكثير من التعقيدات السياسية والقانونية، خصوصاً في ظلّ وجود رفض سياسي ورسمي لهذه الصفقة وما تحمله من تداعيات أمنية ووطنية.

ووفق معلومات «البناء» فإنّ اتصالات رفيعة جرت في الساعات الماضية لتدارك أي مضاعفات سلبية قد تنتج من حصول صفقة يرتبها فريق معيّن. وعُلم أنّ جهات سياسية تبلّغت خلال هذه الاتصالات أنّ الصفقة في مقابل إطلاق سراح العسكريين، مشيرة إلى أنّ عملية الإسراع في محاكمة الموقوفين لا علاقة لها بإطلاق العسكريين.

وعلى رغم قصر جلسة مجلس الوزراء المقرّرة قبل ظهر اليوم في السراي الحكومية بسبب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في المجلس النيابي، رجحت مصادر عليمة أن يتطرق المجلس إلى موضوع الصفقة لأنّ تيار المستقبل يريد إنجازها في أسرع وقت، وأكدت المصادر أنّ تمرير الصفقة يحتاج إلى موافقة الحكومة لعدم وجود رئيس للجمهورية الذي وحده يستطيع إصدار عفو، ولذلك فإنه في ظلّ الشغور الرئاسي فالقرار السياسي من الحكومة يتطلب موافقة كلّ الوزراء، وأشارت إلى صدور عدة مواقف رافضة للمقايضة من القوى السياسية والكتل النيابية المشاركة في الحكومة بينها النائب وليد جنبلاط وحزب الكتائب والتيار الوطني الحر. فيما دعت مصادر نيابية في تيار المستقبل الحكومة إلى تقديم التنازلات والقبول بالمقايضة لإطلاق سراح 30 عسكرياً، ولا سيما أنّ عدد الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية الذين قد يفرج عنهم ليس كبيراً.

وسط هذه الأجواء رأت مصادر مطلعة أنّ ما يُحكى عن توجه لإطلاق سراح بعض الموقوفين في سجن رومية في مقابل إطلاق سراح العسكريين المخطوفين غير واضح وغير متيسّر لأنّ الأمر يتطلب إجراءات سياسية وقانونية لم تتضح معالمها حتى مساء أمس. ولذلك تستبعد المصادر إمكان إطلاق سراح المزيد من العسكريين المخطوفين الموجودين لدى تنظيم «داعش». وأضافت انّ المعلومات تشير إلى معالم صفقة حصلت مع «جبهة النصرة» بينما لم يتضح الثمن الذي يريده «داعش».

وفي معلومات خاصة حصلت عليها «البناء» فإنّ «داعش» وضع شروطاً تعجيزية منها الإفراج عن رموز إرهابية كبيرة بينهم عماد جمعة وجومانا حميد كما تطالب أيضاً بأن يعلن حزب الله عدم مشاركته في القتال في سورية وأن يضع جدولاً زمنياً للانسحاب منها، بالإضافة إلى مطالبته بالحصول على أموال من قطر.

وكان أهالي العسكريين المخطوفين واصلوا تحرّكهم فقطعوا عدداً من الطرقات في القلمون والعبدة والمنية ودير عمار وبر الياس وضهر الأحمر والشويفات.

من جهتها، أكدت مصادر قضائية أن هناك سعياً للإفراج عن قسم من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية. وأشارت إلى أنّ تخلية سبيلهم كانت موضع متابعة ودراسة جدية منذ فترة وقبل عملية خطف العسكريين من قبل تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة». وأشارت المصادر إلى أنّ الإفراج عن قسم منهم ممن يسمح وضعهم القانوني بذلك سينعكس إيجاباً على قضية العسكريين.

جنبلاط: نرفض مبدأ المقايضة

وفي المواقف قال رئيس الحكومة تمام سلام إن مواجهة الموجة الظلامية عملية معقدة وطويلة، موضحاً أن المعركة مع الإرهاب ما زالت في بدايتها والشرط الأول للفوز بها هو رص الصف الداخلي، مشيراً إلى أن الحكومة تتعامل مع قضية الأسرى باعتبارها أولوية قصوى ونبذل كل الجهود للإفراج عنهم. بينما أكد النائب جنبلاط أن مبدأ المقايضة مرفوض لأن من شأنه أن يكرّس سابقة جديدة ويفتح المجال أمام تكرار سيناريوات مماثلة فضلاً عن الانعكاسات السلبية التي قد يرتبها على معنويات المؤسسة العسكرية.

هيئة العلماء المسلمين تعود إلى التفاوض

إلى ذلك، تسلّمت «هيئة العلماء المسلمين» زمام التفاوض من جديد بملف المختطفين العسكريين بتكليف من الحكومة، حيث توجه وفد أمس إلى جرود عرسال وتسلم جثة الشهيد الرقيب في الجيش علي السيد وسلمها للصليب الأحمر عند مدخل البلدة، ليتمّ تسليمها بعد ذلك إلى استخبارات الجيش الذي أعلن أنه سيتمّ إجراء فحوصات الـ «dna» للتأكد من هويتها.

من ناحية أخرى قتل أمس زكريا الأحمد وهو أحد قادة جبهة النصرة من منطقة الملولة في طرابلس خلال قتاله مع الجبهة خلال الاشتباكات مع الجيش السوري في جبال القلمون بريف دمشق.

اشتباكات ليلاً بين الجيش ومسلحي «داعش» في جرود عرسال

وليلاً سُمعت أصوات قذائف صاروخية ومدفعية في السلسلة الشرقية، تبيّن أنها ناجمة عن اشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلّحين في منطقة وادي سويد في جرود عرسال.

وفيما كشفت صفحات تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي أنّ مجموعة منه حاولت التسلّل إلى جرود رأس بعلبك ودارت اشتباكات عنيفة مع الجيش اللبناني، حيث رصد الجيش تحرّكاتها في وادي رافق في جرود القاع فاستهدفها بقذيفتين، كما توجهت قوة من الفوج المجوقل إلى هناك، واشتبكت مع مجموعة من المسلّحين في وادي سويد.

لا نصاب لجلسة الانتخاب

على صعيد آخر، من المؤكد أن لا يكتمل نصاب الجلسة النيابية اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية ما سيدفع رئيس المجلس نبيه بري إلى تحديد موعد جديد للجلسة وكل ذلك وسط مراوحة في الاتصالات حول ملء الشغور في رئاسة الجمهورية. ونقل زوّار بري عنه أمس أن لا معطيات جديدة في الموضوع الرئاسي.

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن هناك اتجاهاً إلى سحب ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تحت ضغط الأمر الواقع بعد الجلسة النيابية اليوم.

واعتبرت مصادر تيار «المستقبل» أن الضغط سيزداد هذا الشهر لإنهاء الفراغ في سدة الرئاسة الذي بات ضرورياً، فلبنان سيكون طرفاً من الحلف الجديد لمحاربة الإرهاب الذي بدأت تظهر ملامحه بالتفاهم الإيراني الأميركي في العراق. واعتبرت المصادر أن الوضع في سورية لجهة قصف الطائرات الأميركية معاقل الإرهابيين غير واضح، ومتى اتخذ القرار فإن لبنان سيكون جزءاً من هذا الحلف، فهناك بعض الأطراف التي عرضت بطريقة غير مباشرة المشاركة في محاربة التنظيمات الإرهابية.

من ناحية أخرى أكد مصدر مطلع على اتصالات الرئيس سعد الحريري مع المسؤولين السعوديين في شأن الهبة السعودية لـ«البناء» أن لبنان سيشتري من روسيا آليات مصفحة، ومدفعيات ميدانية وميغ 24، في حين أنه سيشتري من الولايات المتحدة طائرات استكشاف واستطلاع، معتبراً أن تنويع مصادر التسليح هدفه سياسي أكثر مما هو عسكري.

إلى ذلك، سيتوجه وفد عسكري في الأيام القليلة المقبلة برئاسة قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى موسكو من أجل متابعة مسألة التسليح من جانبها التقني بعدما أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق السفير الروسي الكسندر زاسيبكين رغبة لبنان شراء أسلحة من روسيا.

ويبدأ رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الإيطالي، السيناتور نيكولا لاتوري، اليوم زيارة إلى لبنان. ومن المرتقب أن يلتقي في خلال الزيارة الرئيس بري ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع سمير مقبل والعماد قهوجي والبطريرك الماروني بشارة الراعي وغيرهم من المسؤولين اللبنانيين.

وفي سياق آخر، يلتئم مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومية عند التاسعة والنصف صباحاً لغاية الحادية عشرة والنصف، لتزامن الجلسة مع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عند الثانية عشرة ظهراً وستبحث الجلسة في الوضع المالي، لجهة مترتبات الدين العام والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، كما سيبحث في إصدار سندات اليورو بوند. وأكدت مصادر وزارية أن جلسة مجلس الوزراء لن تبحث في الشأن السياسي وسيكتفي الوزراء بالإطلاع من الرئيس سلام على ملف العسكريين وما توصل إليه الاجتماع الأمني يوم الأحد الماضي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى