أوباما يبدأ جولة أوروبية محورها الوضع في أوكرانيا

بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس جولة إلى البلدان الأوروبية، يزور خلالها استونيا قبل التوجه إلى بريطانيا للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو».

وكانت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن قالت للصحافيين إن أوباما سيلتقي في عاصمة إستونيا ممثلي السفارة الأميركية وسيجري محادثات مع رؤساء استونيا توماس هندريك إيلفيس ولاتفيا أندريس بيرزينش وليتوانيا داليا غريباوسكايته، يناقش فيها مسائل التعاون الثنائي وكذلك الشراكة الإقليمية والدولية.

وأضافت الناطقة أن أوباما يتوجه بعد ذلك إلى بريطانيا للمشاركة في قمة الناتو المقرر إجراؤها يومي الرابع و الخامس من الشهر الجاري، حيث يجري محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ويشارك في جلسة لجنة أوكرانيا- الناتو.

وقال كبير مدراء مجلس الأمن القومي الأميركي للبيت الأبيض شارلز كوبتشان أن جزئي الجولة الأوروبية للرئيس يهدفان إلى إرسال إشارة الى روسيا مفادها أن تصرفاتها «غير مقبولة». وأضاف أن اجتماع لجنة أوكرانيا- الناتو ستتركز على بحث إمكانات الدول الأعضاء في الحلف لتعزيز أمن أوكرانيا وكذلك مسائل تقديم المساعدة المالية لها في مجالات الأمن والاقتصاد.

جاء ذلك في وقت أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن واشنطن وبعض العواصم الأوروبية وحلف الناتو تشجع ما وصفه بـ»فريق الحرب» في كييف، أي القوى الداعمة للحل العسكري في أوكرانيا.

وأشار لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامدي في موسكو أمس إلى أن «فريق الحرب» الآنف الذكر يحاول إحباط محاولات التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية، فيما يحاول «فريق السلام» إحراز تقدم في عملية البحث عن حلول سياسية وتفاوضية لكل القضايا التي يواجهها الأوكرانيون.

وأضاف أن مبادرة الحكومة الأوكرانية للتخلي عن وضع أوكرانيا الحيادي خارج الأحلاف والسعي إلى الانضمام إلى الأطلسي دليل على أن «فريق الحرب» يتخذ خطوات لتقويض جهود التسوية السلمية، وخصوصاً تلك التي تبذلها مجموعة الاتصال التي التقت في مينسك أول من أمس. وقال: «الساسة الجديون في أوروبا والولايات المتحدة يعارضون أية استفزازات من أجل إيجاد حل سياسي».

وأكد الوزير الروسي أن الهدف الرئيسي اليوم هو إقناع فريق الحرب في كييف داعياً الولايات المتحدة إلى «إرسال إشارات ضرورية إلى السلطات الأوكرانية حول ضرورة الانتقال من محاولات حل الأزمة باستخدام القوة إلى العملية السياسية». وذكر أن البيت الأبيض قال إن زيارة الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو إلى الولايات المتحدة المقرر إجراؤها في 18 أيلول ستستخدم للتعبير عن دعم واشنطن لكييف في سعيها للديمقراطية والاستقلال والاستقرار. وعبر عن أمله بألّا يدور الحديث هناك عن الديمقراطية على النمط العراقي أو الليبي وبأن تدعم واشنطن كل القوى الأوكرانية.

وأشار لافروف إلى أن جلسة مجموعة اتصال حول أوكرانيا في مينسك ناقشت لأول مرة مسائل التسوية السياسية، الأمر الذي وصفه بأنه «مهم بحد ذاته». وأضاف: «لقاء مينسك أمس كان أول لقاء أجريت فيه بحضور الممثلين من كييف وقوات الدفاع الشعبية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك مناقشة مسائل التسوية السياسية، وهي قضايا لم تناقش وفق هذه الصيغة من قبل، وهو أمر مهم بحد ذاته»، لافتاً إلى أن الأطراف تبادلت خلال اللقاء وثائق تتضمن اقتراحات ملموسة حول طرق تسوية الوضع، واتفقت على مواصلة العمل وفق هذا الشكل خلال الأسبوع الحالي.

ودعا لافروف إلى الاعتماد في المفاوضات المقبلة على القاعدة القانونية المتفق عليها دولياً وخصوصاً على «اتفاق جنيف المؤرخ في 17 نيسان الذي يشير إلى ضرورة المشاركة الشاملة والمتساوية لجميع المناطق والقوى السياسية في تحديد سبل تطوير أوكرانيا».

وكان النائب الأول لرئيس حكومة «جمهورية دونيتسك الشعبية» أندريه بورغين أكد في وقت سابق أن المفاوضات في مينسك قد تكتسب طابعاً رسمياً، مشيراً إلى أن هذه المفاوضات أثمرت اتفاقاً على أن يكون الطرف الأوكراني ممثلاً ليس فقط بالرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما، بل بشخصية لها وزن في الإدارة الحالية للبلاد.

وقال بورغين: «في الجلسات المقبلة سيكون الطرف الأوكراني ممثلاً ليس فقط بكوتشما، بل بشخص يمتلك صلاحيات فعلية في الإدارة الحالية وله صفة موظف رسمي. ولا يهمنا مَن بالتحديد سيكون هذا الممثل».

وحول تفاصيل لقاء مجموعة الاتصال قال بورغين: «كنا نرغب في تحقيق نتائج أكبر في بعض الملفات، لكننا لم ننجح بعد. وحاول ذلك الطرف الأوكراني أيضاً، لكنه لم ينجح هو الآخر هناك نوع من التباعد بين مواقفنا، لكن لدينا نقاط يمكن لنا أن نتقدم فيها. أقصد على سبيل المثال تكثيف مشاركة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والصليب الأحمر في النشاط الهادف إلى منع المزيد من عمليات القتل الجماعي للمدنيين وبدء تبادل الأسرى على أساس «الجميع مقابل الجميع»، الذي يعارضه الطرف الأوكراني. أعتقد أننا سنحقق ذلك».

من ناحية أخرى، لفت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أنظار حكومات البلدان الغربية إلى استحالة الحل العسكري للأزمة الأوكرانية. وقال إن «الاتحاد الأوروبي والأميركيين وغالبية الدول الغربية يبحثون جدياً في ما بينهم في الطريق الواجب اتباعها» للتعامل مع ما أسماه «التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية». وأضاف: «من المهم أن يدركوا أن لا حل عسكرياً لهذه الأزمة. والحل السياسي يتطلب حواراً سياسياً وهذا الطريق أكثر عقلانية»، وذلك في معرض تحذيره الغربيين من مخاطر حصول تصعيد مسلح للنزاع في وقت يستعد حلف شمال الأطلسي لتعزيز وجوده في شرق اوروبا.

وعبر بان عن قلقه من التطورات الأخير في أوكرانيا، مشيراً إلى رغبته في تجنب تصعيد حدة توتر الأزمة التي «تتحول إلى وضع خطر للغاية وفوضى». وتابع: «لها تداعيات إقليمية وعالمية. لذلك أدعو السلطات الأوكرانية والروسية إلى الجلوس وحل هذه المسألة بطريقة سلمية بمساعدة الحوار».

وأفادت إدارة المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد من نزحوا من ديارهم بسبب النزاع المسلح في شرق أوكرانيا تجاوز المليون، وأن 260 ألفاً من أصل مليون هم نازحون داخل الأراضي الأوكرانية.

ونقلت الإدارة عن معلومات السلطات الروسية أن 814 ألف أوكراني وجدوا منذ 1 كانون الثاني ملجأ في الأراضي الروسية. وأشارت إلى أن 121,2 ألف منهم طلبوا منحهم اللجوء في روسيا بينهم 66 ألفاً في شهر آب.

أما بلدان الاتحاد الأوروبي فطلب اللجوء إليها منذ أوائل السنة الحالية إلى نهاية تموز 4106 أوكرانيين، إذ يُسجل أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين في بولندا 1082 لاجئاً وألمانيا 556 لاجئاً والسويد 500 لاجئ .

ونقلت الإدارة عن السلطات الأوكرانية أن نحو 2,2 مليون أوكراني مازالوا في المناطق التي تحولت إلى ساحة معارك بين القوات الأوكرانية وقوات الدفاع الشعبي.

من جهة ثانية، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن القوات الأوكرانية مسؤولة عن قتل الكثير من المدنيين في لوغانسك، مشيرة إلى أنها استخدمت قنابل عنقودية في قصف المدينة.

وجاء في بيان صدر عن المنظمة أن: «الهجمات غير الشرعية من قبل القوات المسلحة ومن قبل قوات الدفاع الشعبي في لوغانسك وحولها أدت إلى وقوع ضحايا بين المدنيين. تدل معلومات الطبيب من مشرحة لوغانسك على أن أكثر من 300 مدني قتلوا في المدينة منذ أيار بسبب استخدام وسائل الإصابة المتفجرة».

وأشارت المنظمة إلى أنه «كان من الصعب تحديد بدقة من يتحمل المسؤولية عن هجمات منفصلة أثناء المعارك»، مضيفاً في الوقت ذاته أن ثمة أدلة غير مباشرة على أن القوات الأوكرانية تتحمل المسؤولية عن الهجمات العديدة التي قامت المنظمة بالتحقيق فيها»، ولفتت إلى أن القوات الأوكرانية استخدمت في قصف المدينة قنابل عنقودية المحظورة في معظم بلدان العالم، الأمر الذي أدى إلى وقوع ضحايا بين المدنيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى