نقاط على الحروف
نقاط على الحروف
إيران تفرط حلف كيري
ناصر قنديل
– وقع الأميركي في فخ إيراني محكم عندما توهم أن فك الصلة بين إيران وروسيا يمكن، على قاعدة التصعيد ضد روسيا والانفتاح على إيران، والمدخل هنا نظرية قوامها ما قاله مارتن أنديك، أحد مهندسي السياسات الخارجية الأميركية، والمنسق المعني بشؤون الشرق الأوسط والوسيط المعتمد لعملية التفاوض الفلسطيني – «الإسرائيلي»، «دخلنا المواجهة في الشرق الأوسط وفي حسابنا أن إيران هي العدو وعلينا تحييد روسيا لنكتشف أن روسيا هي العدو والمطلوب تحييد إيران».
– خلاصة أنديك هي نتيجة الفشل في تحييد روسيا من الصراع حول الشرق الأوسط، خصوصاً في الاختبار المفصلي في سورية الذي يقرر مستقبل المنطقة ومن خلفها شكل التوازنات العالمية، فقد أدركت روسيا أن أميركا القوية متفردة ومتغطرسة ولا تحترم توازن المصالح ولا القانون الدولي، وإذا تمكنت لا تتورع عن إذلال من يمكن أن تتوسل إليهم إذا أحست بضعفها، ولذلك فمعادلة العلاقة النزيهة والمتوازنة مع واشنطن هي القوة ثم القوة.
– تفترض نظرية أنديك، أن إيران أقل فطنة من روسيا، لأن ما ظهر من حسابات روسية وراء الموقف في سورية بصورة خاصة، ولم تفلح الإغراءات المالية الخليجية بتغييره ولا التهديدات الغربية من بوابة أوكرانيا بتبديله، تخطى القراءة المصلحية الضيقة، التي افترضت واشنطن أنها تلخص المصالح الروسية، بعيداً عن السعي لإقامة توازن دولي جديد، فصار الحديث عن بيع الأسلحة وحوض سفن حربية في بانياس أو طرطوس، ليبنى عليه أن التعويض ممكن وحفظ ذات المصالح ممكن، ويكتشف الأميركي عناداً روسياً غير مسبوق، وكذلك هو برهانه على تحييد إيران من محاصرة روسيا، يفترض أن المصالح الإيرانية ذات بعد ضيّق يرضيها تعاون في العراق، وتشارك في مياه الخليج ودور وازن في أفغانستان ومصالحة مع السعودية، وطبعاً اعتراف بملفها النووي، لكن إيران تدرك أن قوتها هي ما يجلب الأميركي للبحث عن تفاهمات، وفي صلب هذه القوة التحالف مع روسيا والصلابة في الملف السوري.
– كما تصرفت روسيا لسنتين كشريك مسالم في المشاركة بالبحث عن حل سياسي في سورية وهي تخبئ ورقة الفيتو وراء ظهرها، كلما بدا أن الأميركي يريد الذهاب أبعد من المقبول، تصرفت إيران كشريك هادئ ومسالم في الملف العراقي بحثاً عن المشتركات، حتى راجت نظرية أن نموذج المالكي سيتكرر في سورية ولبنان وستبيع إيران حلفاءها لتحصل على الرضا الأميركي، وطبيعي أن الرهان على انفراط الحلف الروسي الإيراني صار أكثر من شائع، بعد تواتر مشهد تركيب المؤسسات الدستورية العراقية وصولاً لتشكيل الحكومة.
– وصلت ساعة الفيتو الروسي سابقاً وساعة الفيتو الإيراني راهناً، فدعا الأميركي «لحلف كيري» للحرب على داعش، ورهانه أن العراق يكفي ساحة تفاهم مع إيران لغض النظر عن دور أميركي في سورية ضد داعش خلافاً لمشيئة حكومتها، باعتبار ذلك ضرورة أمنية عراقية، وأن الفيتو الروسي لن يلقى شبيهه الإيراني، حتى وصلت الدعوة لإيران إلى لقاء باريس للحلفاء ليوم الاثنين، فقالت إذا لم تدع الحكومة السورية فلن نشارك، لتسحب الدعوة ويطير الحلف.
– بلا روسيا تقبلت أميركا حلفها الشرق أوسطي، وبلا سورية هي تريده، لكن بلا إيران وهو أصلاً بلا تركيا، فهو محض حلف فرنسي أميركي سعودي، ليس فيه صفة من صفات الحلف الدولي ولا الإقليمي.