واصل: العراق لن يعادي سورية وإيران ولن يكون حزمة في المشروع الأميركي

حاوره سعد الله خليل

رأى عميد كلية الحقوق في جامعة دمشق الدكتور محمد واصل «أنّ ما يقوم به كل من واشنطن وحلفها ألاعيب صهيونية تهدف إلى إسقاط دول في المنطقة وهويتها لا محاربة تنظيمات بعينها في العالم»، مؤكداً «أنّ داعش وكلّ هذه الحركات صناعة أميركية صهيونية عربية تركية لضرب صمود الجيش السوري».

وشبّه واصل ما يجري في العراق اليوم بما جرى في سورية سابقاً، معتبراً «أنّ المشهد يتكرر بشعار تحقيق السلام والأمن في العراق ، موضحاً أنّ الغرب يسعى إلى تحويل العراق إلى دولة معادية لإيران في شكل رئيسي ولضرب سورية ، مؤكداً أنّ العراق لا يستطيع أن يكون كذلك ولا يمكن أن يتحمل معاداة إيران وسورية .

وشكّك واصل في جدية الغرب في مكافحة الإرهاب واصفاً المؤتمرات والاجتماعات بالمسرحية الهزلية ، متسائلاً: هل من المنطق أن تستبعد دول معروفة بمواجهتها الإرهاب كسورية وإيران والصين وروسيا من مؤتمرات تعنى بمكافحة الإرهاب؟ . وتطرق إلى الدور الروسي في المنطقة، لافتاً إلى أنها تحاول أن تعيد الكرة إلى مكانها الطبيعي المتمثل باحترام القانون الدولي وعلى رغم الخروقات ممن صنع القانون وأكله ، مشيراً إلى أنّ الدول الكبرى لا تؤمن بالقانون فيما الدول المحبة للسلام متمسكة به، وإنّ حروب الإرادات في العالم قد تمنع الولايات المتحدة من تجاوز القانون الدولي .

وإذ وصف كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول عرض بعض الدول إرسال قوات برية لمواجهة داعش بالكلام التهويلي بهدف كسر معنويات الدول التي ترغب بمحاربتها من بوابة داعش التي صنعوها، أكد واصل أن لا أحد له مصلحة في الحرب، وما يدور في الغرف المغلقة ربما يسير وفق تسويات تخرج الجميع بماء الوجه .

وفي الشأن السوري، أكد واصل أنّ وراء كلّ مبعوث دولي سيناريو ومخططاً يوصل الملف السوري إلى مكان معين وينسحب كما فعل الإبراهيمي .

وفي حوار مشترك بين صحيفة البناء وقناة توب نيوز ، اعتبر واصل أنّ تصريحات الرئيس الأميركي وأتباعه وقرعه طبول الحرب ليس بالحدث الآني إنما عمره ثلاث سنوات ونصف سنة»، قائلاً: «إنهم لم يتركوا وسيلة للخداع والتحريض والاستفزاز ضدّ سورية إلا ومارسوها لإسقاط حلف المقاومة والممانعة». وأضاف: «الكل يعلم أنّ ما تقوم به واشنطن وحلفاؤها ألاعيب صهيونية تهدف لإسقاط دول في المنطقة وهويتها، لا محاربة تنظيمات بعينها في العالم ،لأنهم باختصار صانعو الإرهاب، وهم من يفبركون الملفات ويمولون ويحرضون ويضعون خطط التحرك»، لافتاً إلى ما «قامت به المعارضة منذ البداية وهي تظهر أسلحتها وتبرز أنيابها وتعتدي على المؤسسات وتقتل رجال الأمن، وتصرّ على تسمية نفسها معارضة حرّة».

وتابع واصل: «مع فشل أبواقهم لجأوا إلى أساليب ومسميات أخرى حتى ظهر الجيش الحر وجبهة النصرة كفرع من فروع تنظيم القاعدة بعد إدراجها على لائحة الإرهاب، وما تبعه من إنتاج الجبهة الإسلامية التي وصفها الغرب بالجبهة المعتدلة لإسقاط الدولة السورية، فداعش وكلّ هذه الحركات صناعة أميركية – صهيونية – عربية – تركية لضرب صمود الجيش السوري».

مَنْ موّل ومَنْ سلّح؟

وتساءل واصل عن منشأ وتمويل وتسليح النصرة و القاعدة والدور الأميركي في كل ذلك والجوقة التي تتظاهر بالسعي إلى مكافحة الإرهاب والتي باتت ألاعيبها مكشوفة، معتبراً أنّ صناعة داعش مسعى لضرب المجتمع العراقي والسوري وتهديم بنيته وتخريب الدولتين السورية والعراقية، وبالذات الدولة السورية، لذلك فتحت لهم مخازن الأسلحة العراقية لدفعهم والزج بهم في سورية لممارسة كل أعمال الإرهاب والقتل والتدمير والتخريب في سورية والعراق .

وعن مؤتمر باريس ومحاولة واشنطن إظهار المؤتمر على أنه خاص بالعراق على رغم أنّ أوباما يتحدث عن تدخل في سورية والعراق وأنّ القرار الدولي 2107 خاص بسورية والعراق، قال: لقد وصلت واشنطن وحلفاؤها إلى نتيجة بأنّ الشعب العراقي شعب مقاوم ولن يخضع لمطالبهم، ولن يكون حزمة في المشروع الأميركي ، موضحاً أنّ المطلوب من العراق معاداة إيران وصناعة حكومة عراقية معادية لطهران على اعتبار أنّ إيران هي الهدف المقبل للمشروع الأميركي في المنطقة . وأضاف: منذ الغزو الأميركي للعراق حاول بريمر صناعة حكومة معادية لإيران، ولم يتحقق ذلك ففتح جبهة العراق كما فتح جبهة سورية بعد انتصار المقاومة في لبنان عام 2006 .

تحقيق السلام والأمن بوابة لشن الحروب

وأكد واصل «أنّ تحقيق السلام والأمن في القانون الدولي يحلّ عبر الوساطة وفض النزاعات وتقريب وجهات النظر، ومساعدة الدول للتخلص من الأورام السرطانية الإرهابية فيها»، لافتاً إلى أنّ «الشعارات التي تطلقها أميركا وعملاؤها تهدف إلى عكسها، فكما انتهت مجموعة أصدقاء سورية من أكثر من مئة دولة إلى بضع دويلات لم تحقق للشعب السوري سوى تعميق الجراح والفتن والتخريب والتدمير وتهجير الشعب السوري من أرضه وتدمير مؤسسات الدولة، يتكرر المشهد اليوم بشعار تحقيق السلام والأمن في العراق، والذي يسعى إلى تحويل العراق إلى دولة معادية لإيران في شكل رئيسي لكي يساعد على ضرب سورية ، لافتاً إلى أنّ العراق لا يستطيع أن يكون كذلك ولا أن يتحمل معاداة إيران وسورية، لأنه يدرك أنّ سورية وإيران تقفان إلى جانب الشعب العراقي، وقد جرّب حرباً مع إيران استمرت ثماني سنوات بتحريض خليجي – غربي ودفع الثمن من البشر والحجر والبنية التحتية .

خروج عن القانون الدولي

واعتبر واصل «أنّ ما يقوم به الغرب يندرج ضمن العناوين التي تخرج عن القانون الدولي، والذي يهدف إلى إقامة الحقّ والعدل وإرساء التعاون بين الشعوب، فيما الغرب يسعى إلى عكس ذلك، وما قدمه أصدقاء سورية للشعب السوري سيقدمه الغرب للشعب العراقي، فالشعب السوري اليوم يدفع ثمن صداقة لم تأتِه إلا بالشياطين وانعكست عليه عدم استقرار وتخريب وهجرة أبنائه في مسعى لتدمير مكامن القوة في الدولة السورية، وبالتالي فإنّ تاريخ الغرب لم ينقل للشعوب الأخرى إلا التخريب والتدمير، فهو لا يقدم الحلول لمشاكلهم ولا يقيم للقانون الدولي أي احترام ولا يتمسك بلغة الحق والعدل».

وشكك واصل في جدية الغرب في مكافحة الإرهاب واصفاً المؤتمرات والاجتماعات بالمسرحية الهزلية، وأنها طريقة من طرق الخداع التي صنعوها، متسائلاً: «هل من المنطق أن تستبعد دول معروفة بمواجهتها الإرهاب كسورية وإيران والصين وروسيا من مؤتمرات تعنى بمكافحة الإرهاب»؟ ورأى أنّ استبعاد دول أساسية يثبت أنّ الغرب يتاجر بدماء الشعوب ولا تعنيه قضية الأمن والسلام.

الدور الروسي

وثمّن الدكتور محمد واصل الدور الروسي في منع العدوان على سورية والعراق، ووصفه بالحاسم في الوقوف إلى جانب سورية، إضافة إلى دول أخرى تؤمن بالحقّ والعدل والسلام، وهي أيضاً من حلفاء دمشق في المنطقة».

وأشار إلى أنّ «محاربة داعش في المنطقة هي محاربة وحش صنعته وأطلقته أميركا، لذلك كان موقف الخارجية السورية حازماً في الوقوف مع القوى الراغبة حقيقة بمحاربة الإرهاب والتي لن تسمح بأي عملية عسكرية على سورية».

وحول قيمة القانون الدولي الذي تتمسك به روسيا في ظلّ تجاهل الغرب له وعدم اعترافه به، قال واصل: «إنّ روسيا تحاول أن تعيد الكرة إلى مكانها الطبيعي المتمثل باحترام القانون الدولي وعلى رغم الخروقات ممن صنع القانون وأكله، فالدول الكبرى بتاريخها الحافل لا تؤمن بالقانون فيما الدول المحبة للسلام متمسكة به وتؤمن به وتسعى إلى إعادة الآخرين إليه، لأنه إن خرج الجميع عن القانون فليس هناك من حل سوى الحرب والحرب أوزارها كبيرة ولا تتحمل تبعاتها أية دولة، فالحرب دماء ودموع ومن الصعب جداً أن يتحملها العالم».

وحول قدرة القانون الدولي على وقف العدوان على سورية والعراق إن قررت واشنطن تكرار ما فعلته في ليبيا والعراق، قال واصل: «ما يمنع العدوان هو عدم قدرة الدول على المواجهة والدفاع عن نفسها، وهذا ما دفع أوباما إلى القول إنه لن يقوم بعدوان بري إنما بضربات جوية من بعد ويستخدم من درّبهم من مرتزقة، ولكن عندما تقع الواقعة لا أحد يتجنب الحرب ولا أحد يضمن أن يبقى قوياً».

ولم يؤيد واصل الرأي القائل إنّ الضعيف فقط هو من يتمسك بالقانون الدولي، موضحاً أنّ «الدول الكبرى أنتجت القانون الدولي لأنها لم تستطع تجاوزه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ولأنها أدركت أنها لا تستطيع أن تكون في منأى عن الحرب واليوم في عصر التكنولوجيا تبدو الحاجة أكبر إلى القانون الدولي لأنّ الحروب كارثية وباتت أسبابها اقتصادية، وهناك دول تعاني من تصدع اقتصاداتها كأميركا وأوروبا أمام نشأة الاقتصادات الجديدة، وهذا ما يثبت أنّ الدول الكبرى في حاجة أكثر إلى القانون الدولي، أما بالنسبة إلى النبرة الأميركية العالية فإنها لا ترهب الدول المعادية لها ولا ترضخها لإملاءاتها».

الحرب بين القوة والضعف

ولفت واصل إلى «أنّ العالم في حالة رعب لأنّ من يعتقد نفسة قوياً ليس كذلك، وهو ما يدفع الدول المتعقلة إلى التمسك بالقانون أكثر من أي وقت مضى، فالتخلي عنه يعني الفوضى والحروب»، لافتاً إلى «أنّ حروب الإرادات في العالم قد تمنع الولايات المتحدة من تجاوز القانون الدولي، وهو ما بدا واضحاً في القرم وأوكرانيا، ومن يحاول كسر القانون الدولي يحاول كسر نفسه». ورأى «أنّ التزامن بين أحداث الشرق الأوسط وأوكرانيا والقرم محاولة جسّ نبض وطرق خداع أميركية معروفة، عبر وضع سيناريوات منها ما هو للتجربة ومنها ما يهدف إلى استعراض القوة بإرهاب الآخرين، لكنّ الوضع تغيّر اليوم بعد أن امتلك الخصم سلاحاً وهو لا يهاب الموت ويعشقه عشقه للحياة».

من أوكرانيا إلى العراق

وحول تأثير التطورات في أوكرانيا بعد بدء توريد «الناتو» الدبابات الألمانية إلى أوكرانيا على المشهد السوري والعراقي، قال واصل: «إنّ الغرب يصعّد في كل مكان وسيزرعون الصواريخ قرب روسيا في محاولة للتأثير على المارد الروسي الرئيس فلاديمير بوتين، وهذا لن ينجح حيث فشلت المحاولة الأولى في القرم، وفي حال استمرار الرئيس الأوكراني في سياساته ستصبح أوكرانيا جزءاً من الاتحاد الروسي». وأوضح «أنّ القرار 2107 لا يختلف في الجوهر عن قرارات 1373 و 1566 و 1624 المتعلقة بمكافحة الإرهاب»، معتبراً تلك القرارات «دعاية وإرهاباً بحدّ ذاته هدفه رفع العلم الأبيض وشرذمة الجيش السوري وانهيار الدولة السورية، لكنّ النتيجة كانت عكس ما تمنوا وهي قرارات إرهابية تخويفية تهديدية ورسائل موجهة أبعد من سورية إلى إيران وروسيا تحديداً، بدليل إرسال قواهم الظلامية إلى القرم وأوكرانيا وهو ما يفرض على الشعوب مقاومة هذا الإرهاب القادم».

كلام كيري تهويلي

وإذ وصف كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول عرض بعض الدول إرسال قوات برية لمواجهة «داعش» بالكلام التهويلي بهدف كسر معنويات الدول التي يرغبون بمحاربتها من بوابة «داعش» التي صنعوها، أكد واصل «أنّ من الكذب ادعاء محاربة داعش وكأنهم يحاربون أنفسهم»، لكنه في المقابل لم يقلل من شأن تصريحات كيري «ومحاولاته المتكررة بشن الحرب على سورية بأشكال عدة، سواء عبر تركيا والأردن وبالذرائع المتعددة كمقدمة للتدخل العسكري لكسر سورية، كما فعلوا في ليبيا، والنتيجة اليوم أنّ الشعب الليبي يحارب نفسه».

وأكد واصل «أنّ التاريخ لن يكتب أنّ حرباً أنهت نزاعاً، بل هي دائماً تسحق الشعوب والدول كالحرب العالمية الأولى والثانية»، متسائلاً: «هل أنهت الحرب الأميركية على الإرهاب طالبان في أفغانستان وحركة الشباب في الصومال؟».

وحول الحديث عن أن إمكانية تدخل عسكري غربي في سورية بذريعة مكافحة الإرهاب تعززت عشية إخفاق مؤتمر جنيف ـ 2، لفت واصل إلى «أنّ الغرب يدرك فشل جنيف قبل انطلاقه وهو جزء من السيناريوات الموضوعة واستعداداتهم المستمرة لشن العدوان على سورية وهو ما لم يستطع تنفيذه».

لا غالب ولا مغلوب

وحول المخارج السياسية للتهديدات الأميركية لسورية والتي قد تخرج الجميع وفق مبدأ لا غالب ولا مغلوب، قال واصل: «لا أحد له مصلحة في الحرب وما يدور في الغرف المغلقة ربما يسير وفق تسويات تخرج الجميع بماء الوجه، ومؤتمر جنيف كان فرصة لحل موسع، وحتى تاريخه ليست هناك رؤية واضحة لإطلاقه ومن يريدون الحرب قلة، ولعلّ أبرزهم الكيان الصهيوني، أما باقي الدول فلا مصلحة لها في الحرب لأنّ مصالحها غير مهدّدة».

وحول تزامن مؤتمر جدة مع جولة المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في المنطقة قال واصل: «وراء كل مبعوث دولي سيناريو ومخطط يوصل الملف السوري إلى مكان معين وينسحب كما فعل الإبراهيمي الذي جلّ ما فعله هو عقد موتمر جنيف 1 و2 واليوم دي ميستورا له مهمة محدّدة، ولكننا نعتقد أنّ الصهيونية لن تسمح بإحلال السلام في المنطقة».

يُبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة عصراً على شاشة «توب نيوز» تردد 12036

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى