فايز تبشراني… الياس كعدي… شكيب حداد… ميشال لبكي… راغب جابر… قوميّون مناضلون حتّى الشهادة

لبيب ناصيف

عرفت قوسايا 1 الحزب السوري القومي الاجتماعي ابتداء من العام 1940، بعدما كان الشاب كرم كعدي قد تعرّف إلى رفقاء في رياق من خلال عمله معاوناً لعمه، طبيب الأسنان فريد كعدي. وفي رياق بدأ كرم يتلقى شرح المبادىء من منفذ عام البقاع الأوسط الأمين يوسف الدبس، فانتمى.

بدأ الرفيق كرم ينشط في قوسايا فتأثر عدد من الشبان بما كان يطرحه من أفكار فانتموا، لتتأسس بهم أول مديرية للحزب في البلدة مطلع اربعينات القرن العشرين ويتولى مسؤوليتها الرفيق كرم كعدي، فيكون أول مدير لمديرية قوسايا.

عام 1946 تسلّم الرفيق خليل كعدي مسؤولية المديرية فازداد نشاطها وانضم إليها العديد من شبان القرية، بينهم الرفيقان فايز وجورج تبشراني اللذان كانا من المتميّزين، وكان من أعضاء المديرية، على ما يفيد الرفيق خليل كعدي، الرفقاء: شكيب حداد، جوزف، بشارة، الياس جرجس كعدي، ناصيف ديب كعدي وحسان كعدي.

بعد انتقال الرفيق خليل الى بيروت للالتحاق بوظيفته في وزارة البريد والبرق، تسلّم الرفيق فايز تبشراني مسؤولية المدير. وعندما استشهد الرفيق فايز عام 1958 تولى الرفيق شاهين حداد المسؤولية ونشط، مستمراً في حمل لواء النهضة في القرية التي شكل الحزب فيها حضوراً مميزاً.

عام 1948 زار سعاده قوسايا بعد انتهاء المهرجان الكبير الذي أقامته منفذية البقاع الأوسط في دير الغزال 2 ، فاستقبلته بأقواس النصر والهتافات وزحفت البلدة بأجمعها لاستقبال زعيم الحزب. ألقى مدير المديرية الرفيق خليل كعدي خطاباً ترحيبياً، وأنشد الرفيق جورج تبشراني قصيدة زجلية، ورد سعاده بكلمة حيا فيها رفقاء قوسايا وأهلها.

معركة شملان، والاستشهاد

جاء في مخطوطة مذكرات الأمين كامل أبو كامل وكان منفذاً عاماً للغرب، الآتي:

« كانت زمرة من رفقاء قوسايا قد وصلت بهجومها الى مرتفعات عيناب المتقدمة جداً فدخلت بيتاً وجدت فيه الأمان لاستراحة قصيرة اغتنمتها لتناول طعامها، ولكن القدر المشؤوم لعب دوره وحرم هذه الزمرة المتفوقة في هجومها من نشوة الانتصار عما قامت به من أعمال وسجلته من بطولات، فقد سقطت قنبلة وحيدة أطلقها الجيش المرابط في كيفون رداً على مدفعية الخصوم على البيت الذي دخله رفقاؤنا لتنفجر بينهم وتقضي عليهم جميعاً.

وبادرت القيادة عندنا للاتصال بالجيش وتحذيره من هذه الأعمال فأجاب القائد معلوف معتذراً عن هذا الخطأ، فالقنبلة كان القصد منها الفصل بين قواتنا وقوات الخصم، والذي أطلقها هو صديق لكم، ولم يتصور بأنكم قد وصلتم بالهجوم الى هذا الحد من التقدم، لذلك أرجو أن تقبلوا الاعتذار. واستمر القتال مقتصراً على رصاص البنادق الى المساء بينما كانت قواتنا تمشط بيوت عيناب بيتاً بيتاً ».

1 : تقع بلدة قوسايا في السفح الشرقي من سهل البقاع، ومن القرى التي تقع في جوارها: رعيت، دير الغزال، وعين كفرزبد.

2 : زيارة سعاده تمت بتاريخ 23 نيسان 1948. بعد استقباله في المريجات سار موكب الزعيم الذي كانت تنضم إليه مواكب أخرى مروراً بمكسة، شتورة، بر الياس، رياق، وصولاً الى دير الغزال حيث أقيم المهرجان الحاشد وفيه ألقى سعادة خطابه المشهور بادئاً بالحديث عن مار جرجس، أو الخضر الذي يصادف عيده يوم المهرجان.

نشرت «البناء» في عددها 614 بتاريخ 2 تموز 1960 مقالة في الصفحة الرابعة بتوقيع رفيق، نقتطف منها الآتي:

«أيها الشهداء الأبرار

هو ذا تموز يطلّ، فجراً مشرقاً في ليل أمتنا الدامس… وفي إطلالته البهية يحمل الى النفوس ذكراكم… هذه الذكرى التي تتجدد في كل يوم، والتي منها نستمد غذاءً خيراً في صراعنا الدائم، المستميت، لنبعد عن هذه الأمة تلك الموجة العاتية، التي تكاد تجتاحها من جديد.

منذ عامين، وفي مثل هذا اليوم، الثاني من تموز عام 1958، وفي شملان، بلغتم مع عدد كبير من رفقائكم الأبطال ذروة البطولة، إذ قدمتم بسخاء أغلى ما تملكون، ورددتم الوديعة الغالية التي ائتمنتم عليها.

وها نحن رفقاءَكم، في نهضتكم الفتية، وجنود هذه الأمة الساهرين اليقظين، نعاهدكم في ذكرى استشهادكم الثانية، بأن تظل سيوفنا أبداً مسلولة بوجه كل من تسوّل له نفسه إيذاء هذا الشعب، وسنبقى درع الوطن في الملمات… ولن نغيب عن الساح مهما جهد البعض بأن يبعدونا عن مراكز القيادة، ويحولوا دون وصولنا الى نظام جديد.

وستبقى دماؤكم الطاهرة الذكية، الإكسير الحي الذي يمدنا بالقوة والبطولة، لمواصلة الصراع ولكم منا عهداً بأننا لن نلقي السلاح ولو تراكمت جثثناعلى طريق الحياة. ونحن سائرون في طريق الشهادة، الى أن يتم الخلاص الأخير لهذه الأمة.

ذكراكم الحية أبداً غذاؤنا، ودماؤكم الطاهرة تلهب منا الدماء، وقدوتنا، كما كان قدوتكم، سعادة الخالد».

أضخم حشد شهده البقاع

تحت هذا العنوان- المانشيت في صفحتها الأولى، عرضت جريدة «البناء» في عددها يوم الثلثاء 11 تشرين الأول عام 1960 تفاصيل الحشد الضخم الذي أقيم في قوسايا يوم الأحد 9 ت1 احتفالاً بنقل رفات شهداء قوسايا الأربعة: فايز تبشراني، شكيب حداد، الياس كعدي وميشال لبكي الى ضريح جديد أقيم لهم.

قالت «البناء»: كان عرس في البقاع، كانت أعلام الزوبعة الحمراء تخفق وكانت حناجر القوميين الاجتماعيين وأبصارهم وشرايينهم تندفع في عرمرم زاحف. لم يكن لهم حد ولم تسعهم أرض. من كل مناطق لبنان جاءت وفودهم كي تعاهد وتؤكد بأن مفاتيح الدم لم تزل في يد الأمة وستظل معها، تفتديها وترد عنها الكيد والجريمة.

تكلّم في الحشد كل من المندوب المركزي لمنطقة البقاع الأمين مصطفى عز الدين، الرفيق منير تبشراني، شقيق الرفيق الشهيد فايز، ناظر إذاعة منفذية زحلة الرفيق فؤاد فضول، ورئيس الحزب في حينه الأمين الدكتور عبدالله سعاده.

كان حضرة رئيس الحزب يرافقه عمد الداخلية والمالية والإذاعة والدفاع قام، بعد انتهاء عرض آلاف الرفقاء في صف طويل منتظم، بزيارة بيت الرفيق الشهيد الياس كعدي حيث استقبله أهل الشهداء، ثم توجهوا جميعهم الى الضريح.

بعد انتهاء الاحتفال الحاشد في قوسايا، وفي طريق عودته الى بيروت، زار حضرة رئيس الحزب والموكب المرافق بلدة بوارج، وعند بيت الرفيق الشهيد راغب جابر كان في استقباله ذوو الرفيق الشهيد، والقوميون الاجتماعيون، وتوجهوا جميعهم الى ضريح الرفيق الشهيد، حيث وضع رئيس الحزب إكليلاً من الزهر.

الرفيق فايز غانم زيدان تبشراني:

مواليد قوسايا عام 1929.

والدته : أدما لبكي.

انتمى في قوسايا عام 1948.

تولّى مسؤوليات مدرب، ناموس، وكان يتولى مسؤولية مدير مديرية قوسايا عندما شارك في معارك شملان واستشهد.

نظم الحراسة في بلدته قوسايا وساهم في الدفاع عنها ، كذلك في العديد من أعمال الحراسة والمجابهات في منطقة البقاع الغربي، خاصة في محور مشغرة عيتنيت، في مواجهة تسلل قوات «المقاومة الشعبية» من الشوف في اتجاه منطقة راشيا الوادي.

كان شاعراً شعبيّاً وله العديد من القصائد، من أبياته :

بريدك تكوني بالنظام مقيدي وبكل أول مارس كوني معيدي

وارفعي راياتنا فوق الربـى

وعن طريق المجد أوعا تحيدي

بريدك تكوني لسورية مشعل هدى

وتفدي بروحك مثل ما سعاده فدى

وما بريد تبقي بالجهالة مكبلة

بريدك لصوت معلمك تبقي صدى

وله أيضاً :

عنا قوة إرادة

مع نـظام و حرية

و واجب دحـر الأعــادي

شعار النهضـة القومية

نحن إلّي وحّدنا الديـن

بين نصارى ومسـلمين

ومش ممكن بالمبدأ نلين

ولو بقي منا ميّة

ما منتبع إلاّ مبدأ

للزعيم المفدّى

وما راح نسكت أو نهدا

قبل الضربة القوية

: يفيد الرفيق محمد أحمد الخشن سحمر بأن رفقاء عديدين منها التحقوا في صيف 1958 بمخيم الحزب في شتورة حيث خضعوا للتدريب العسكري. ومنه توجهت قوة من القوميين الاجتماعيين الى قوسايا ووصلت أولاً الى منزل المسؤول الرفيق فايز تبشراني ثم توزعت مع رفقاء قوسايا الى مجموعات، للحراسة وللدفاع عنها في وجه المتسللين إليها. ويذكر من بين رفقاء سحمر كلٌّ من نعمة الله منعم ومحمد موسى.

وعنه يفيد الأمين جورج مينا بأن الرفيق الشهيد فايز «كان حزبياً مندفعاً وكان من الشباب الاقوياء جسدياً وإيماناً وكان مقاتلاً شرساً وذا حركة مستديمة. قاد الشهيد فايز المديرية يوم استقبل الزعيم في دير الغزال عام 1948، وهو الذي أوعز للرفقاء بتأدية التحية للزعيم. وسارت المواكب أمام الزعيم من بلدة رعيت الى بلدة دير الغزال حيث أقيم المهرجان وكان يومذاك خطاب الزعيم الشهير في 23 نيسان 1948».

الرفيق الياس جرجس كعدي

-مواليد: قوسايا عام 1930.

-الوالدة: ظريفة كعدي.

-انتمى في قوسايا عام 1948 في أسرة قومية اجتماعية، فشقيقه الأكبر، كرم، هو من مؤسسي العمل الحزبي في قوسايا، وأول مدير لمديريتها. أشقاؤه الآخرون رفقاء، وتولوا مسؤوليات حزبية محلية، ونشطوا في الوطن، كما في البرازيل :

الرفيق خليل: كاتب مسرحي، تولّى مسؤوليات حزبية عديدة منها ناموس منفذية زحلة، ومدير مديرية قوسايا أكثر من مرة.

الرفيق جوزف: غادر إلى البرازيل حيث وافته المنية، كذلك شقيقه الرفيق بشارة، وهما والرفيقة تاج كعدي عقيلة الرفيق جوزف كانوا مواظبين على حضور الاجتماعات الدورية، والقيام بواجباتهم بصدق وتفان وإيمان وطيد.

اعتقل في العام 1949 إثر الثورة القومية الاجتماعية الأولى.

شارك في حراسة بلدته قوسايا وفي صدّ الهجمات ومطاردة المتسللين.

بسبب مغادرة أشقائه الثلاثة إلى البرازيل وانتقال شقيقه الرابع، خليل، إلى بيروت ملتحقاً بوظيفته في وزارة البريد والبرق، أصبح هو المعيل الوحيد لأسرة من ثلاث شقيقات ووالدة مريضة. رغم ذلك أبى أن ينساق مع عاطفته تجاه والدته وشقيقاته يرجينه ألا يغادر قوسايا ويلتحق بالمخيم الحزبي في ضهور الشوير، خاصة في موسم حصاد القمح، الذي ينتظره المزارعون عاماً بعد عام.

«ماذا ينفعنا جمع الحصاد وحزبنا في خطر؟» وغادر الرفيق الياس بيته ووالدته وشقيقاته الدامعات الباكيات، وذهب إلى حيث كان يناديه الواجب ليرتفع مع رفقائه الخمسة إلى رتبة الشهادة مقدّماً أثمن ما لديه في سبيل ما آمن به، وأقسم عليه بالشرف والحقيقة والمعتقد. وعاد الى بلدته شهيداً من معركة شملان 1958.

الرفيق شكيب يوسف حداد

-مواليد: قوسايا عام 1930.

-والدته: شفيقة تبشراني.

-انتمى الى الحزب في قوسايا عام 1948.

-اقترن من الرفيقة ناديا حداد ورزقا: المواطن نظام، الرفيقة مينرفا، المواطن ابراهيم 1 الذي توفى إثر مرض وهو يافع.

-اقترنت الرفيقة ناديا بعد استشهاد الرفيق شكيب من شقيقه الرفيق شاهين حداد ورزقا: غسان، الرفيق خليل، الرفيق أنطون، يوسف وابرهيم.

-شارك الرفيق شكيب في أعمال الحراسة لبلدته قوسايا، كما في الدفاع عنها خلال أحدى الهجمات التي تعرّضت لها من جانب «المقاومة الشعبية».

-عندما استنفرت القيادة الحزبية، الرفقاء للتوجه إلى شملان لم يشأ المسؤول في قوسايا أن يبلغ الرفيق شكيب نظراً إلى وضعه العائلي، إلاّ أن الرفيق شكيب حمل بندقيته وهرع إلى السيارة ملتحقاً مع الرفقاء المتوجهين إلى المعركة، ومعهم منشداً مزغرداً شعر الأمين عجاج المهتار:

عينيك يا سعاده تجي وتشوف جيش الزوبعة

شراقيط نور ملوهجه وعا كل عتمه موزعة

1 : أوردت جريدة البناء في عددها 41، السبت 30/10/1971. الخبر الآتي:

يصادف يوم الأحد 21/10/1971 ذكرى أربعين الفقيد ابرهيم ابن الرفيق الشهيد شكيب حداد، وذلك عند الساعة العاشرة صباحاً في كنيسة السيدة قوسايا.

الرفيق ميشال يوسف لبكي

– مواليد: قوسايا عام 1940.

-والدته: منظر أبو أنطون.

-انتمى إلى الحزب في قوسايا مطلع العام 1958 بناء على معلومات قديمة مسجلة ، إنما يفيد مدير مديرية «الشرقي» التابعة لمنفذية زحلة الأمين جورج مينا، في رسالة له بتاريخ 05/1/2014 بأنّ الشهيد ميشال «كان ما يزال على طريق الانتماء عندما سقط شهيداً «.

-شارك في حراسة قوسايا والدفاع عنها، ثم التحق بمخيم الحزب في شتورة.

-أصيب مع رفقائه في انفجار القذيفة في عيناب، نقل على أثرها إلى المستشفى وصارع الموت إلى أن استشهد بعد يومين في 4 تموز 1958.

الرفيق راغب محمود جابر.

-مواليد بلدة بوارج عام 1930

-الأم: ليلى الميس.

-انتمى الى الحزب في مديرية بوارج وكان مثالاً في الانضباط الحزبي والتفاني. صادقاً في تعامله، خلوقاً، محبوباً من رفقائه واصدقائه.

كان ملتحقاً في مخيم ضهور الشوير صيف العام 1958. قبل معركة شملان، منح إجازة لزيارة والدته وأشقائه الصغار حيث كان مسؤولاً عن إعالتهم، كون العائلة فقدت الأب منذ زمن.

لكنه عندما رأى رفقاءه في المخيم يُستدعون للتوجه الى شملان، ألغى إجازته وانضم الى رفقائه.

-كان، مثل والده قبله، يعمل مزارعاً في أرضه.

-سقط شهيداً مع رفقائه من قوسايا بتاريخ 2 تموز 1958.

رئيس لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى