وزير البيئة: القلاع التربوية لا تكفي ويجب التفاعل مع المحيط

افتُتح أمس الاجتماع الإقليمي التشاوري للدول العربية المتعلق ببرنامج العمل العالمي للتربية من أجل التنمية المستدامة في مكتب «اليونيسكو» الاقليمي، وهو من تنظيم مكتب «اليونيسكو» الاقليمي ـ بيروت، وقسم التربية من أجل التنمية المستدامة في «اليونيسكو» ـ باريس، بالتعاون مع اللجنة الوطنية اللبنانية لـ«اليونيسكو»، برعاية وزير البيئة محمد المشنوق وحضوره، وبحضور مدير مكتب «اليونيسكو» الاقليمي الدكتور حمد بن سيف الهمامي، سفير النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في المنطقة العربية الفنان راغب علامة، مدير عام مؤسسة الفكر العربي رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لـ«اليونيسكو» هنري عويط، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لـ«اليونيسكو» الدكتورة زهيدة درويش جبور، ممثلة جامعة الدول العربية شهيرة وهبي، القائم بأعمال سفارة سلطنة عمان في لبنان الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة الحارثي، وعدد من الأمناء العامين وممثلي المنظمات الدولية والخبراء.

الهمامي

وألقى الهمامي كلمة قال فيها: «يهدف هذا الاجتماع إلى التعريف ببرنامج العمل العالمي للتربية من أجل التنمية المستدامة، وإيجاد الالتزام المناسب لتطبيقه في المنطقة العربية، ومراجعة نتائج الرصد والتقويم النهائي لفعاليات العقد الدولي 2005 – 2014 ، والذي يعتبر أحد المدخلات الرئيسة لبرنامج المؤتمر الدولي حول التربية من أجل التنمية المستدامة إيشي ـ ناجويا، اليابان، 10 ـ 12 تشرين الثاني 2014 . إعداد خريطة طريق إقليمية، شبه إقليمية لنشاطات البرنامج العالمي في المنطقة العربية 2015 ـ 2019 ، وتحديد الأولويات في مجالات عمل البرنامج العالمي».

وقال: «تتضمن مجالات عمل البرنامج العالمي للتربية من أجل التنمية المستدامة ما يلي: دعم السياسات، تحويل بيئة التعليم والتدريب، بناء قدرات التربويين والمدربين، تمكين الشباب وحشدهم، والتسريع بالحلول المستدامة على المستوى المحلي.

يشارك في أعمال الاجتماع الإقليمي 40 مسؤولاً وخبيراً يمثلون 16 دولة عربية، وممثلون عن المنظمات الدولية والإقليمية وعدد من مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال التربية من أجل التنمية المستدامة والتنمية المستدامة عموماً. وأكد المؤتمر العام لليونسكو في دورته الـ37 تشرين الثاني 2013 ضرورة متابعة فعاليات عقد الأمم المتحدة للتربية من أجل التنمية المستدامة 2005 ـ 2014 في برنامج عمل عالمي، من المنتظر أن يُطلق رسمياً في المؤتمر الدولي في تشرين الثاني 2014».

وختم: «لا شك أن النزاعات والأزمات التي يمر بها عدد من دول المنطقة لها تأثير سلبي على التنمية المستدامة عموماً، والذي يؤدي إلى زيادة نسب الفقر والبطالة في المجتمع، وتحدّ من التحاق الفتيات والشباب بالبرامج التعليمية والتدريبية المناسبة. ومن هنا أدعو المسؤولين والخبراء في الدول العربية إلى أخذ هذه المشاكل والصعوبات بعين الاعتبار عند مناقشة تطبيقات برنامج العمل العالمي في المنطقة العربية».

جبور

وقالت الدكتورة زهيدة درويش جبور: «يتخذ هذا الاجتماع الاقليمي التشاوري للبحث في برنامج العمل العالمي للتربية من أجل التنمية المستدامة، أهمية خاصة في ظل الظروف الراهنة، لأن فيه تأكيد على المثابرة في مسيرة بناء الإنسان على رغم مما يحيط بمجتمعاتنا ودولنا من صعوبات وما يتهددها من مخاطر، كما ان فيه تكريساً لدور التربية في تعميق الوعي وفي إيجاد الحلول المشكلات التي يعانيها كوكبنا وما أكثرها تأسيساً على مجموعة من القيم والسلوكيات».

وأضافت: «ظهر مفهوم التنمية المستدامة كما تعلمون في أواخر الثمانينات كبديل عن مفهوم التنمية الذي ارتبط غداة الحرب العالمية بفكرة التفاوت بين عالم متقدم وعالم ثالث، عالم نامٍ يسعى إلى الخروج من التخلف واللحاق بركب التطور. ثم اعتمد هذا المفهوم رسمياً في مؤتمر قمة الارض في ريو دو جانيرو سنة 1992، ولا يقتصر معنى هذا المفهوم على الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية بل ينضوي على رؤية اكثر شمولية تهدف إلى عملية تطوير الارض والمدن والمجتمعات بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر من دون المساس بقدرة الاجيال القادمة على تلبية حاجاتها».

وتابعت: «لكن البعد البيئي لهذا المفهوم على أهميته يجب ألا ينسينا بعده الاقتصادي وبعده الاجتماعي، ذلك ان الإنسان يبقى المحور الاساس في نهاية المطاف».

وشدّدت جبور على أن التعليم من أجل التنمية المستدامة يستدعي تأمين التعليم الجيد الذي يمكن الفرد من التفكير النقدي ومن تكوين رأي مستقل ويتيح له فهم وتحليل النظم المعقدة وصولاً إلى المشاركة في صنع القرار، كما انه يستلزم اعادة توجيه النظم والهياكل التعليمية ومنهجية التدريس. لكن ما لا يقل اهمية عن ذلك كله، أنه يتطلب العمل على الحدّ من الفقر والقضاء على بؤر العنف التي تتهدّد السلم في المجتمعات. يتضح من كل ذلك ان الطريق لا تزال طويلة أمامنا وأنّ المطبات التي تعترض المسيرة كثيرة والصعوبات جمة ليس أقلها عملية إعداد المعلمين وتدريبهم، وتحسين أوضاع المعلمين الاقتصادية وإعادة الاعتبار إلى هذه المهنة السامية، ما يصعب تحقيقه إن لم تتوفر الموارد المالية اللازمة.

وأشارت إلى أنّ التعليم من أجل التنمية المستدامة يتطلب تضافر جهود العاملين من صانعي قرار وتربويين ومجتمعات محلية ومنظمات المجتمع المدني، فهو عملية تشاركية تتنوّع مكوّناتها وتتكامل.

علامة

وتحدّث علامة فشدّد على أهمية الاجتماع التشاوري على الصعيد الاقليمي والذي يؤكد رغبة حقيقية في التأثير على مختلف مسارات المناقشات على المستوى الاممي بما يعكس الوعي المتنامي بحجم التحديات التي تواجهها المنطقة العربية.

المشنوق

وألقى المشنوق كلمة جاء فيها: «إن أهمية اجتماعكم الاقليمي اليوم تكمن في محاور البرنامج الخمسة وهي: دعم السياسات إذ يشكل ترابط السياسات أمراً بالغ الاهمية لجهة تعميم الممارسات الجيدة وإحداث التغيير المنهجي نحو التنمية المستدامة . تحويل بيئة التعلم والتدريب، لجهة الاهتمام ببيئة التعلم المستدامة وتعزيز كفايات الاستدامة مثل دعم مؤسسات التعليم وتعزيز النهج الشامل للمؤسسة نحو التربية من أجل التنمية والعمل مع الشركات الخاصة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني ومرافق التدريب كافة لتحويلها إلى نماذج رائدة للاستدامة. بناء قدرات التربويين والمدربين. تمكين الشباب وحشدهم. وتسريع الحلول المستدامة على المستوى المحلي».

وتابع: «إذا أردنا النظر إلى السنوات الخمس المقبلة ندرك أنكم تعملون على التربية المستدامة، وأعتقد أن أحد أبرز الامور المطروحة عليكم اليوم، أنكم تعملون على الإنسان كل إنسان. علينا أن نعمل على بناء القدرات في مدارسنا وأن نعمل أيضاً على تنمية قدرات المعلمين. ومن هنا ضرورة التغيير المطلوب في المنهج التربوي. إن التخطيط والنهج الجديد سيحكمان مواقفنا طويلاً، ولكن أود أن نعمل على الإنسان وأن نمنع الاستنزاف في طاقاتنا وأن نبرمج البناء التدريجي وألا نهمل المجتمع المدني وأن نطلب ما نستطيع أن نأخذه من كل إنسان لا أن نطلب ما نريد. نريد أن تتشابك الخناصر وأن نطور مفهوم الانماء لدى شبابنا. لا أريد أن آخذ دوركم في النقاش ولكن يجب أن نخرج خارج أسوار المدارس، فالقلاع التربوية لا تكفي ويجب التفاعل مع المحيط».

وختم متحدثاً عن ثلاثية الفقر والجهل والاقتياد إلى العنف، معتبراً أن ما نشهده في العالم العربي حالياً من عنف يرتبط في كثير من جوانبه بالجهل والفقر، «ودوركم اليوم كيف تربطون هؤلاء الناس بمسيرة تربوية تأخذهم من الجهل نحو المعرفة وتأخذهم من الفقر إلى حيث الخير، وتنقلهم إلى سلام داخلي يؤدي إلى بناء مشترك بين الجميع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى