قرار العبادي وقف قصف مواقع «داعش» في المدن المكتظة

حميدي العبدالله

أصدر رئيس الوزراء العراقي، بوصفه القائد الأعلى للجيش، قراراً بوقف قصف مواقع «داعش» في المدن العراقية الآهلة بالسكان التي سيطر عليها التنظيم، ولا سيما مدن الفلوجة والموصل وتكريت وغيرها من المدن والبلدات الأخرى.

القرار أثار سجالاً حول كيفية إلحاق الهزيمة بـ»داعش» التي تتحصّن في المدن والبلدات المكتظة بالسكان. في سياق تفسير هذا القرار يمكن الإشارة إلى الاحتمالات الآتية:

ـ الاحتمال الأول، أن يكون القرار مجرّد حملة علاقات عامة موقتة تهدف إلى تسهيل إعادة رصّ صفوف القوى السياسية التي شاركت في العملية السياسية من كلّ الطوائف والمذاهب، بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين للوقوف في وجه «داعش»، بمعنى أنّ هذا القرار موقت، حيث سيُصار لاحقاً إلى التراجع عنه بعد أن يتمّ التفاهم مع المكوّنات الأخرى، ولا سيما السنية، على ضرورة شنّ حرب لا هوادة فيها ضدّ «داعش» بوصفه خطراً على الجميع.

ـ الاحتمال الثاني، محاولة العبادي إجهاض الاصطفاف المذهبي عبر إيكال مهمة قتال «داعش» في المناطق المكتظة حيث الغالبية السنية للعشائر والصحوات والمتطوّعين الذين قرّرت الحكومة الجديدة تجنيدهم في محافظة الأنبار ومحافظة نينوى، وتدريبهم والإشراف على عملياتهم القتالية من قبل خبراء ومستشارين أميركيين، وهو ما كشف النقاب عنه أخيراً، حيث أنّ أيّ قصف جوّي في المستقبل على المناطق الآهلة التي تتحصّن فيها «داعش» سيكون بطلب من المستشارين والخبراء الأميركيين والمجالس المحلية في المحافظات السنية وليس بقرار من حكومة العبادي، وبالتالي يكون قرار العبادي إعادة نظر باستراتيجية محاربة «داعش» باتجاه تحسين هذه الاستراتيجية، وإخراجها من دائرة الاصطفافات المذهبية التي طبعت ردّ فعل حكومة نوري المالكي في الشهرين الماضيين.

ـ الاحتمال الثالث، أن يكون قرار العبادي خطوة أولى على طريق الإقرار بالأمر الواقع الفيدرالي، حتى لو كان الثمن المترتب على ذلك سيطرة تنظيم «داعش» على الإقليم ذي الغالبية السنية، لأنه من الصعب تصوّر قهر «داعش» وإخراجها من المدن من دون قصف جوّي، وسكان المدن لن يغادروا بيوتهم طواعية إلا إذا أكرهتم ظروف الحرب على تركها، وتحديداً القصف الجوّي الذي يكون أثره كبيراً، لا سيما إذا تزامن مع قصف مدفعي وصاروخي، وهذه شروط لنجاح أي عملية عسكرية ضدّ «داعش». فـ»داعش» بات لديه خبرة واسعة على التكيّف منذ عام 2004 وحتى الآن في مواجهة القصف الجوّي والمدفعي والصاروخي الذي كانت تقوم به القوات الأميركية وحلفاؤها الغربيون، ولا سيما في محافظة الأنبار.

حتى الآن يبدو أنّ الاحتمال الثاني هو المرجح الذي يفسّر قرار رئيس الحكومة حيدر العبادي، ولكن لا بدّ من الانتظار لحسم أيّ من الاحتمالات هو الذي كان في أساس حسابات القرار بوقف القصف على مواقع «داعش» في المناطق الآهلة بالسكان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى