صراع قواتي ـ عوني… للسيطرة على «الحكمة»

ابراهيم موسى وزنه

منذ ما يزيد على عشر سنوات وأبناء نادي الحكمة وجماهيره يعيشون في دوامة من القلق والخوف على مصير «أخضرهم» الذي بات مهدداً باليباس. وللتذكير فبعد ترجّل رئيسه التاريخي وباني نهضته وصانع أمجاده أنطوان الشويري عن صهوة الرئاسة عام 2004 اندفع العديد من أصحاب الطموحات والمصالح الخاصة والعامة لقيادة النادي الذي أبصر النور عام 1943 في محلّة الأشرفية وفي لعبة كرة القدم تحديداً، لكن إنجازاته في كرة السلة على الصعيدين الآسيوي والعربي جعلته على كل شفة ولسان ومحل اعتزاز اللبنانيين كل اللبنانيين… وللتاريخ، فإن سيطرة «المسلمين» على مقاليد لعبة كرة القدم في لبنان بدءاً من عام 1985، ونتيجة للإحباط السياسي الحاصل في الشارع المسيحي على مدى عقدين من الزمن، هذه المعطيات شجّعت الراحل أنطوان الشويري الخبير في الاستثمار والتسويق الإعلاني والإعلامي على دعم الأندية المسيحية والإمساك بدفّة نادي الحكمة عام 1992 على أمل التعويض المعنوي وإثبات الذات في المواقع الرياضية، ومعه انطلق «الأخضر» في صالات كرة السلة وملاعب كرة القدم، فتحققت إنجازات وبطولات أسهمت في زيادة الجماهير المواكبة، ولا يخفى على أحد أن مدرجات فرق الحكمة تحوّلت إلى منابر ومنصّات لإطلاق المواقف والهتافات السياسية، ومن يومها صنّف النادي «قواتياً» لأن الشويري نفسه كان أحد أبرز ممولي حزب القوات اللبنانية، وبما أن من «يموّل يمون» فقد نجح الرجل سريعاً في فرض سيطرته على الساحة الفنية والإدارية للعبة كرة السلة، فيما بقي عاجزاً بلا حول ولا قوة في الساحات الكروية. وإنصافاً للرجل، لا ينكرن أحد أفضاله في إحداث النقلة النوعية للعبة كرة السلة إذ أعطاها الاهتمام والدعم فأعطته الشهرة والوجاهة.

خلاف مسيحي ـ مسيحي على الحكمة

مع انسحاب الشويري من الحياة الرياضية واستقالته من رئاسة النادي، تسارعت الأحداث المؤثّرة في الحياة اللبنانية على أكثر من صعيد، فمع عودة الجنرال ميشال عون من الخارج وخروج قائد القوات اللبنانية سمير جعجع من السجن، تنفّست جماهير «الأخضر» الصعداء نتيجة تبدّل الأحوال والمجريات السياسية، ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه، فمع زوال الإحباط السياسي غابت البطولات السلويّة ليبرز محتكر جديد لها هو النادي الرياضي. وعلى ضوء استفحال العداء السياسي بين التيار العوني و»القوات» عاش النادي ارتدادات هذا العداء فبرزت لعنة الانقسامات داخل البيت الواحد، فعلى مدى عشر سنوات مضت انبرى لقيادة النادي «رجال أعمال»، ودائماً على قاعدة «ادفع لتكون في الواجهة»، وكان كل رئيس يأتي بفريق عمله الخاص فيما بقي أعضاء الجمعية العمومية من الحكماويين الأصيلين صامتين بلا رأي ولا تأثير، ولطالما دارت معارك جانبية بين الساعين للسيطرة على مقاليد النادي العريق، فتخللت المشهد اعتكافات واستقالات ودعاوى قضائية مع تهرّب دائم من تبيان ما للنادي وما عليه على الصعيد المادي، فلا حسيب ولا رقيب، كل هذه المستجدات أفقدت المطرانية دورها الفعلي نتيجة استفحال الصراع السياسي العوني ـ القواتي ، والذي ظهر إلى العلن مع تبرّع رجل الأعمال الزحلاوي وديع العبسي بمبلغ 250 ألف دولار لدعم النادي المتعثّر مادياً تلبية لرغبة عراب النادي إيلي مشنتف الذي استنجد بالعديد من الفعاليات المسيحية لإنقاذ النادي، ولما رأى «القواتيون» في مكرمة العبسي محاولة من التيار الوطني للاستيلاء على النادي تدريجياً، خصوصاً أن للأخير علاقات طيبة مع قيادات بارزة في التيار، ومنذ تلك المكرمة التي جاءت في زمن التحضير لانتخابات نيابية لم تحصل في حينها، توزّع أبناء الحكمة بين فريقين سياسيين، ولغاية اليوم ـ وربما إلى سنوات آتية ـ سيبقى «الأخضر» أسير تلك التجاذبات، في حين تواصل مرجعيته مطرانية بيروت سعيها الدؤوب إلى جمع رعاياها تحت شعار سبق أن أطلقه الراحل هنري شلهوب الحكمة لكل لبنان … وبقي الشعار شعراً يردده الصدى… فلا حياة لمن تنادي.

صحافي وناقد رياضي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى