قلق جعجع والحريري من تفاهم عون وجنبلاط 24 ساعة لمفاوضات العسكريين و48 للجلسة التشريعية

كتب المحرر السياسي

كشفت مصادر فرنسية عالية المستوى، عن أنّ قرار الرئيس فرانسوا هولاند بحصر الغارات الجوية بأهداف تعود لـ»داعش» في العراق واستثناء سورية من العمليات العسكرية، جاء بعد مشاورات عسكرية فرنسية أميركية، تبلغ خلالها الفرنسيون أنّ البنتاغون نصح الرئيس الأميركي باراك أوباما ويكرّر النصح للقيادة الفرنسية، بتفادي الغارات داخل الأراضي السورية، وإبقاء الأمر قيد التداول لفوائده السياسية لا العملية، وأضافت المصادر أنّ تقدير الموقف الذي تبلّغته يقوم على قناعة راسخة لدى ضباط البنتاغون بالاستحالة العملانية لتنفيذ ضربات منهجية تستهدف «داعش» ضمن الأراضي السورية، من دون التنسيق مع الجيش السوري، فالممرات الجوية والمعلومات المتصلة بحركة الطيران السوري من جهة وخطر تضاربها مع مواعيد وخطوط الطيران الأميركي من جهة مقابلة، يجعلان التنسيق ضرورة، كما أنّ التدمير المنهجي لمواقع «داعش» يستدعي وجود قوة في الميدان قادرة على التقدم البري، وبمعزل عن الكلام السياسي والإعلامي حول المعارضة السورية وقدراتها، فالقوة الوحيدة القادرة على توظيف ميداني لإصابة قوة «داعش»، هي الجيش السوري الذي سيستفيد حكماً من ذلك، فإنْ لم يكن هذا مطلوباً، فالأفضل عدم التفكير بالضربات، أو منحه هذه الفرصة رسمياً عبر التنسيق بما يعطي الحلف المشارك في الحرب فرصة الشراكة في تحقيق هذه الانتصارات الميدانية، أما الأهمّ فهو بحسب المصادر الفرنسية، أنّ البنتاغون ينصح بعدم التورّط في إشكاليات ستجعل الحرب على «داعش» من الجو مجرّد تخديم لحرب سورية وإيران وحلفائهما، أما إذا كان للضربات الجوية صفة المدخل للتصعيد ضدّ سورية، واستهداف جيشها بتهمة العرقلة للحرب، فنصيحة البنتاغون بصرف النظر عن ذلك، لأنّ المستفيد الوحيد سيكون «داعش» وليس أيّ فريق معارض آخر، وهنا على الغرب تحديد فهمه لمعنى تسلّم «داعش» لمنفذ على البحر المتوسط قبل التمادي.

قالها الرئيس الفرنسي إنه جاهز لإعطاء الأوامر لعمليات في العراق وليس في سورية، واتضح أنّ الحرب لن تحقق نتائج سريعة طالما القوى البرية القادرة خارج الحرب، من تركيا وجيشها وسورية وجيشها كلّ لسبب.

التوازن الهش يعني بقاء المنطقة في الحلقة المفرغة، ولبنان من ضمنها، بل في قلبها، وللخروج من الحلقة المفرغة يتحرّك رئيس جبهة النضال النيابية وليد جنبلاط، ويسوّق مشروع تفاهمه مع العماد ميشال عون، بدءاً من التفاهم على الانتخابات النيابية في جبل لبنان بين الثنائي الدرزي ـ المسيحي التقليدي، الذي يدرك جنبلاط أنّ بلوغه مع العماد عون بدعم وضمانة حزب الله سوف يغيّر الكثير من الحسابات، على رغم مساعيه لضمّ حزب الكتائب للتفاهم الجديد، الذي بشر به البيان المشترك الصادر عن لقاء عون بالسيّد حسن نصرالله، عندما دعيا إلى تكرار نماذج مشابهة لتفاهمهما، ليظهر أنّ الأمر ليس مجرّد كلام إعلامي، بل خطة ترى جنبلاط شريكاً يستهدفه التفاهم الجديد.

أول التغيير كان عند الرئيس سعد الحريري الذي ردّ بعنف على كلام جنبلاط عن التفاهم مع العماد عون على إجراء الانتخابات النيابية، وقال إنّ الأولوية لا تزال للانتخابات الرئاسية، بينما كشف سمير جعجع النقاب عن مشروع ينسبه في أوساطه إلى جنبلاط، بدعم وصول العماد عون للرئاسة لمدة سنتين يجري خلالها ترتيب البيت اللبناني الداخلي، والتمهيد لمواكبة ما يجري في المنطقة، لملاقاة انتخابات رئاسية تنافسية بعد سنتين.

على إيقاع الحلقة المفرغة أيضاً، بدا أنّ المفاوضات حول العسكريين المخطوفين قد تفادت تطوّراً سوداوياً عبر تأجيل إقدام الخاطفين على ذبح عسكريين إضافيين، بانتظار وصول موفد قطري خلال أربع وعشرين ساعة كما قال الوزير نهاد المشنوق، بينما قال زملاؤه في تيار المستقبل إنّ مصير الجلسة التشريعية التي تتعزز فرصها لتفاهم حول سلسلة الرتب والرواتب، سيحسم خلال ثمان وأربعين ساعة.

الجلسة التشريعية تنتظر»14 آذار»

داخلياً، أكدت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينتظر عودة عضو كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان بجواب من الكتل النيابية المنضوية داخل فريق «14 آذار» بشأن عقد جلسة تشريعية أو أكثر و المواضيع التي التي يفترض درسها وإقرارها في هذه الجلسات. ولاحظت المصادر أن موضوع زيارة رئيس كتلة «المستقبل» إلى عين التينة ينتظر ترتيب بعض الأمور المتصلة بانعقاد الجلسة وتحديداً ما يتعلق بالمواضيع التي ستدرج على جدول أعمالها. لكنها أكدت أن مسار الاتصالات يحمل بعض الايجابيات في ما يتعلق بعودة الكتل النيابية في «14 آذار» لحضور الجلسات، وإذ أشارت إلى وجود تبدل أولي في مواقف هذه الكتل من بعض الملفات التي كانت مدار خلاف في الفترة السابقة، خصوصاً سلسلة الرتب والرواتب، أوضحت، في المقابل، أن النقطة الخلافية لا تزال تتعلق بموضوع تسوية الـ 11 مليار دولار التي كانت صرفتها حكومة السنيورة.

وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف لـ«البناء» أن المشاورات في شأن السلسلة عادت من جديد بين لجنة النائب عدوان والرئيس بري بالتوازي مع الاتصالات الحاصلة بين وزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري ووزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، مؤكداً أن إقرار السلسلة لم يعد بعيداً. وأشار إلى أن فرض ضريبة 1 في المئة على TVA مقابل إقرار السلسلة كاملة هو أحد الخيارات المتاحة إلا أننا في النهاية علينا الاحتكام إلى المجلس النيابي عبر إدلاء كل نائب بصوته. واعتبر يوسف أن لا موازنة من دون قطع حساب، مشيراً إلى إن الوزير خليل يعمل على هذا الأمر، لأن الموازنة لا يمكن أن تنجز من دون قطع حساب لعام 2013.

أما النائب جمال الجراح فأكد بدوره لـ«البناء» أن لا سلسلة من دون TVA، مشيراً إلى أن فرض ضريبة 1 في المئة هي الأساس في أي سيناريو يتم البحث فيه. وفي ما يتعلق بالجلسة التشريعية قال الجراح: «علينا أن ننتظر 48 ساعة لمعرفة نتائج المفاوضات الجارية».

كما أكد مصدر في كتلة المستقبل لـ«البناء» أن أمر الجلسة يحتاج إلى مزيد من الاتصالات وهو الأمر الذي يتولاه الرئيس السنيورة عن كتلة «المستقبل»، ولفت إلى أن زيارة السنيورة الرئيس بري لم تتبلور حتى الآن، لكن التواصل قائم بطرق مختلفة، فيما أكدت مصادر مقربة من السنيورة لـ«البناء» أن الأخير لم يطلب موعداً للقاء حتى الساعة.

إلى ذلك، قرر مجلس الوزراء في جلسته أمس برئاسة الرئيس تمام سلام عقد جلسة خاصة لبحث موضوع النازحين، فيما ذكرت مصادر وزارية انه تم توقيع مراسيم الجلسات السابقة بعد أن عولجت الأزمة بشكل إيجابي بوساطة قام بها الوزراء محمد فنيش وسجعان قزي ووائل أبو فاعور بين الوزيرين بطرس حرب وجبران باسيل.

مبادرة «متواضعة» للجميل وجنبلاط

وبالتوازي استمرت الاتصالات بين القوى السياسية من أجل ترتيب مخرج لأزمتي الرئاسة والنيابة. والتقى رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط رئيس حزب الكتائب أمين الجميل في بكفيا التي كان نقطة انطلاقته في جولته على القيادات السياسية وعاد إليها ليستعرض والجميل حصيلة لقاءاته التشاورية.

وأكد جنبلاط بعد اللقاء استمرار التنسيق مع الجميل للوصول إلى مبادرة متواضعة لتحصين المؤسسات وفي مقدمها الجيش وسائر المؤسسات الأساسية التي تحفظ الدولة، مشدداً على أننا غير قادرين على القفز في الفراغ والامتناع عن المشاركة في الانتخابات النيابية. أما الجميل فأكد «أننا وجنبلاط على الموجة ذاتها نسعى لإيجاد حلول متواضعة للمشكلات القائمة، مشيراً إلى «أن حصول الانتخابات النيابية قبل الرئاسية يعني تهميشاً للمؤسسة الأم وتأقلماً مع الفراغ الرئاسي الخطير».

من جهته، أعرب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن أسفه لـ«عدم وجود أفق لحل أزمة الرئاسة»، مؤكداً «رفضه اقتراح بعض الوسطاء في الدوائر السياسية بتولي عون رئاسة البلاد ولو لمدة عامين فقط».

المفاوضات في شأن العسكريين معقدة

على صعيد آخر، وعلى وقع تهديدات «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» بقتل العسكريين المحتجزين لديهما، كشفت مصادر وثيقة الصلة بالمفاوضات أن الأمور معقدة وتتطلب المزيد من الجهد في اتجاهات مختلفة. وأضافت إن الجانب اللبناني لا يترك أي منفذ أو باب إلا ويطرقه للمساهمة في إطلاق سراح العسكريين المخطوفين، مشيرة إلى أن التفاوض الأساس يتم مع القطريين والأتراك لكن أنقرة تتحرك بكثير من الحذر. وأبدت المصادر خشيتها من حصول أمور غير محسوبة في هذا الملف.

في غضون ذلك، واصل أهالي العسكريين المخطوفين تحركهم والتقوا في السراي الحكومية أمس الرئيس سلام الذي أبلغهم أن المفاوضات لم تتوقف حتى الآن وأن المطالب التي تلقتها الحكومة تحتاج إلى وقت، وتوجهوا إلى الخاطفين بالقول: «العامل الأساسي باستمرار التفاوض إيقاف التهديدات بقتل أبنائنا». مشددين على أن «تعرض أبنائنا لأي تهديد لا يخدم أي مطالب».

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق من موسكو التي وصلها أمس للبحث مع المسؤولين الروس في إمكان شراء معدات عسكرية لقوى الأمن الداخلي والأمن العام، أن المعلومات المتوافرة حتى الآن تقول إن هناك مجالاً جدياً وأنه جرت اتصالات أمس من خلال الوسطاء مع الجهتين الخاطفتين للعسكريين لتهدئة الأمور واستمرار المفاوضات وخلال 24 ساعة سيكون هناك موفد من قبل دولة قطر لمتابعة هذه المفاوضات.

وأوضح أن «المقايضة مرفوضة إلا ما يستند إلى القانون اللبناني وإلى الإجراءات المرعية لأن هذا قرار مجلس الوزراء»، مؤكداً أن «آخر المعلومات التي وصلتني تقول إن هناك اتصالات جرت أدت إلى تأجيل مبدئي لإمكان قتل أي من العسكريين الرهائن».

وأكد عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي لـ»البناء» أن الهيئة أبلغت عن طريق أحد النواب أن المفاوضات في شأن العسكريين المختطفين لا تزال تراوح مكانها وهي وصلت عند النقطة التي توقفت عندها الهيئة والمتعلقة بالمقايضة، مشيراً إلى أن «جبهة النصرة» انضمت إلى «داعش» في المطالبة بالإفراج عن موقوفين في سجن رومية.

وأعرب الغالي عن ثقته بقدرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على إحداث خرق في هذا الملف العسكريين، مشيراً إلى «أن وصوله إلى حائط مسدود لا سمح الله، يعني أن الملف أغلق وأصبح شديد التعقيد، لا سيما أن أحداً لم يكن يتوقع أن يقدم تنظيم داعش على ذبح عسكريين في الجيش اللبناني، وهذا يعني أن لا شيء يردع هؤلاء».

ورأى الغالي أن إقدام الجيش على منع دخول صهاريج المحروقات إلى الجرود بعد بلدة عرسال، كان بمثابة توجيه رسالة للمسلحين أننا قادرون على إقفال الطريق وتوقيف المساعدات والمازوت مقابل الإفراج عن الجنود العسكريين، لكنه أشار إلى أن أحداً لا يعلم إلى ماذا ستؤدي هذه الإجراءات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى