سلامة: سعر صرف الليرة مستقر وموجودات البنك المركزي بالعملات الأجنبية الأعلى تاريخياً

أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ «رداءة الأوضاع لم تؤثر على الوضع النقدي الذي يحافظ على استقراره»، لافتاً إلى «أنّنا نشهد ارتفاعاً في الودائع بنسبة 6 في المئة سنوياً، فضلاً عن فائض في السيولة يتجاوز الـ16 مليار دولار، مما يتيح للمصارف تسليف القطاع الخاص ضمن الحدود التي تفرضها تعاميم مصرف لبنان».

كلام سلامة جاء خلال رعايته مؤتمر «الاتجاهات الحالية والمستقبلية للنظام المصرفي في المنطقة»، الذي نظّمته مجموعة «البنك والمستثمر»، قبل ظهر أمس، في فندق «الفورسيزون» بيروت، في حضور الوزير السابق رئيس مجلس إدارة بنك «الموارد» مروان خير الدين، ومحافظ سلطة النقد الفلسطينية جهاد الوزير، ورئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير.

وأشار سلامة إلى أنّ «الفوائد مستقرة وستبقى على هذا النحو. أما المخاطر السيادية أي بمعنى آخر المخاطر السياسية والأمنية، فقد طوّرت السوق مناعة حيالها وهذا ما يتجلى في سوق القطع حيث لا حركة تحويلات من الليرة اللبنانية إلى الدولار»، لافتاً إلى أنّ «سعر صرف الليرة اللبنانية مستقر، وموجودات البنك المركزي بالعملات الأجنبية باتت اليوم الأعلى تاريخياً».

وأضاف: «نحن على ثقة من استمرار الاستقرار النقدي الذي سيسمح لنا، متى تحسّنت أوضاع البلد، أن ننعش الاقتصاد اللبناني، باعتبار أنّ نسب النموّ لهذه السنة تتراوح بين 1.5 و2 في المئة وهي نسب نموّ متدنية مقارنة لحاجات لبنان، وأنّ نسبة التضخم لن تتعدى الـ4 في المئة». وتابع: «أنّ هذه المعطيات أساسية، فنجاحنا في تجاوز أزمة الـ2008 كانت له نتائج إيجابية، وليس بشكلٍ موقت فحسب. كما أنّ هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، إذ جاء نتيجة النموذج المصرفي الذي طبقناه في لبنان والذي نحافظ عليه والذي يقوم على فصل المصارف التجارية عن المصارف الاستثمارية والذي سمح بحماية مدخرات المودعين وحصر المضاربات بالأوراق المالية. سنحافظ على هذا النموذج، بل نعمل أيضاً على تحسين نوعية العمل المصرفي بالتعاون مع المصارف، وذلك من خلال وحدة معنية بحماية المستهلك تابعة للجنة الرقابة».

وأعلن «أنّ مصرف لبنان سيصدر خلال الأسابيع المقبلة تعميماً حول هذه الوحدة لتحديد مهامهما ومسؤولياتها. كما أننا نسهر على التقيد بالمعايير الدولية، ولا سيّما معايير بازل 3». وقال: «وفي هذا السياق، اتفقنا أن تصل نسبة الملاءة لدى القطاع المصرفي اللبناني إلى 12 في المئة في عام 2015، علماً أنّها حالياً بحدود الـ10 في المئة. هذا يعني أنّ نسبة الملاءة التي نفرضها تتخطى ما هو مطلوب في بازل 3». وأضاف: «وإلى ذلك، تواجه المصارف حالياً أزمة ثقة. فتطوّر صيرفة الظلّ ما كان ليظهر لولا تراجع الثقة بالصيرفة التقليدية»، مشيراً إلى أنّ «صيرفة الظلّ لا تخضع للضوابط والرقابة المفروضة على المصارف التقليدية، وهذا برأيي يشكّل نقطة ضعف. لذا، نحن في لبنان وضعنا أسساً وتعاميم يخضع بموجبها أي تحرك في القطاع المالي لتراخيص أو رقابة من قبل مصرف لبنان. نأمل بأن تطبّق مثل هذه الضوابط على صعيد دولي كي لا تنتقل الحركة المالية من مكان إلى آخر».

وأعلن أننا «نشجع المصارف في لبنان على اعتماد مقاربة، وإن كانت مكلفة، تتيح إعطاء صورة واضحة عن المصارف اللبنانية وعن كيفية عملها وعن التشريعات ذات الصلة النافذة في لبنان»، مؤكّداً «وضع كلّ التشريعات اللازمة في لبنان».

وأضاف: «لا شك في أنّ أزمة 2008 غيرت طبيعة عمل المصارف المركزية التي لم تعد اليوم، بعد مواجهة الأزمة، تقول إنّ هدفها الوحيد هو استقرار الأسعار، ولم يعد لديها وسيلة، ألا وهي الفوائد، لكي تتحكم بالسيولة، بل تدخلت هذه المصارف في أسواق الأوراق الحكومية، علماً أنّ مصرف لبنان قام بهذه الخطوة قبلها بكثير»، لافتاً إلى أنّ المصرف المركزي الأوروبي يقوم بشراء هذه الأوراق، والبنك المركزي الأميركي قام أيضاً بشراء سندات الدولة من خلال ما عرف بـquantitative easing. وقد أجرينا هذه العملية قبله إلا أننا لم نكن نعرف هذا التعبير».

كما أوضح أنّ «المصارف المركزية اشترت أيضاً شركات ومصارف وأصبح لديها دور في إنعاش الاقتصاد وفي المسؤولية الاجتماعية. وهنا أيضاً سبقها لبنان ما أسفر عن نتائج ايجابية من حيث تدعيم الثقة وحماية القطاع المصرفي».

شقير

من جهته، أشار شقير إلى أنّ «المصارف اللبنانية برهنت عن قدرة استثنائية في مواكبة التطورات العالمية والتعايش مع الواقع المحلي، وقد ساهم ذلك في اكتساب القطاع المصرفي مناعة جنبت القطاع والاقتصاد انعكاسات الأزمة المالية العالمية».

واعتبر أنّ «المصارف العابرة للحدود في حاجة إلى كتل نقدية وإدارة فاعلة وحكيمة إضافةً إلى طاقات بشرية، وهذه امور جميعها متوافرة في قطاعنا المصرفي».

كما لفت إلى أنّ «التحديات الناجمة عن التهديدات الإرهابية والقيود المتزايدة من أجل الحد من استغلال الجريمة المنظّمة من الاقتصاد الحر تشكّل تحدياً كبيراً للمصارف حول العالم».

خير الدين

وعرض خير الدين «بعض الإنجازات الأساسية التي تم تحقيقها في القطاع المصرفي والمالي في لبنان خلال العقدين المنصرمين»، لافتاً إلى أنّ «مصرف لبنان نجح في تحقيق الطلاق بين السياسة والاقتصاد».

كما تحدث عن مجموعة التعاميم المتعلّقة بتطبيق اتفاقية «بازل 3»، إضافة إلى اجراءات تلزم المصارف تطبيق أعلى معايير الإدارة الرشيدة وإدارة المخاطر».

الوزير

أما المحافظ الوزير، فشرح التجربة المصرفية في فلسطين المحتلة وكيف استطاعت سلطة النقد فيها الحفاظ على «الاستقرار المالي وتطوير الجهاز المصرفي وتعزيز مكانته». وأكّد «تطبيق كلّ المعايير الدولية كقواعد الحوكمة الرشيدة، والشروع في تطبيق اصلاحات او متابعة تطبيقها وتطبيق إصلاحات «بازل 2» ومن ثم «بازل 3» إضافة إلى أسس اخرى مصرفية».

وشرح عناصر الجهاز المصرفي في فلسطين أنّ «موجوداته تجاوزت 12 مليار دولار»، وعدّد «الاجراءات العملية والتنظيمية داخل القطاع المصرفي».

كما تناول «كيفية تعاطي السلطة النقدية مع تجربة حرب غزة وتعاملها معها، ما أدى إلى نجاح الجهاز المصرفي في ان يستمر بدوره الحيوي في حرب استمرت 51 يوماً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى