«داعش» الأوسترالي…

روزانا رمّال

بما أنّ الدواعش أصبحوا في سيدني، يبدو أنّ مشروع دولتهم قد تخطى منطقة الشرق الاوسط وأوروبا ليصل الى القارة الأوسترالية، بعدما أحبطتت الشرطة الاوسترالية عملية كانت تهدف إلى خطف أيّ مواطن كيفما كان ولفه بالعلم «الداعشي» ثم ذبحه في أحد شوارع سيدني وتصويره في محاولة لبث الذعر بين الناس.

لماذا اوستراليا؟ لماذا تهاجم الدواعش اوستراليا بنفس الممارسات والمخططات والتجمّعات؟

أليست اوستراليا بلد حريات؟ وهل فيها أوجه شبه بينها وبين سورية بنظامها الحالي بقيادة الرئيس الأسد «ظالماً وديكتاتوراً» كما تصفه المعارضة… فكان ما كان وجاءت الدواعش لفضّ الظلم عن الطائفة السنية كما يقولون، فاندلعت ثورة مسلحة سبقت «داعش» اليها «جبهة النصرة» وقبلهم مَن انشق عن الجيش السوري ليصبح الشعب المنتفض من أجل مطالب معيشية وحياتية آخر من يتمّ التركيز عليه؟

ثم هل تشبه اوستراليا العراق في شيء؟ أو مثلاً عرسال اللبنانية؟

لا شك ان ما يجري في دول العالم من أعمال إرهابية يؤكد خطورة ما تؤول اليه الأمور، ويشير الى أنّ ما يتحدّث عنه «داعش» وأخواته ليس نصرة للسنة، أو إسقاط أنظمة طاغية لترتاح الأمة، «أمة داعش»، من الظلم والقهر الذي يلحق بالشعوب الاسلامية.

تعرف اوستراليا وعدة دول غربية كبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا انّ وصول «داعش» اليها هو هدف لطالما سعت لنجاحه بغضّ النظر عما ساهمت بالمباشر وبالغير المباشر في تغذية هذه الجماعات خدمة لـ«إسرائيل»، سواء اعترفت بذلك أم لم تعترف.

يدرك الغرب تماماً أنّ «داعش» ليس وليد قهر وفقر ومطالب إصلاحية وسعي إلى المشاركة في السلطة أو تغييرها، بل انّ «داعش» هو وليد من أنشأه وغذّاه وقوّاه، ويعرف الغرب أنّ السيطرة عليه واحتواءه غير متاح سوى بالتوحّد جدياً حول إنهائه كظاهرة.

تلعب الولايات المتحدة ومعها الغرب بالنار في عدم إظهارها جدية النوايا في القضاء على الإرهاب والاكتفاء باحتوائه، خصوصاً باستبعاد إيران وسورية وروسيا عن الحلف الدولي لمكافحته، واليوم يؤكد كيري عدم دعوة إيران الى مؤتمر جدة، ويردّ أوباما من جهته أنّ القوات الأميركية ليست مرسلة إلى القتال الميداني في العراق ليبقى في الحسبان انّ مشاركة الولايات المتحدة لن تتعدّى الضربات العسكرية الجوية لتعبّر إيران على لسان رئيسها الشيخ حسن روحاني عن شكها بقدرة الحلف على محاربة الإرهاب من دونها.

لطالما عبّرت مراكز الدراسات الدولية عن مخاوفها من انتقال الإرهاب من سورية الى العالم حتى قوبل هذا الكلام بالفرضيات وصولاً إلى الاستهتار فيه وتجاهله لتؤكد اوستراليا اليوم أنّ الأزمة السورية ودعم الإرهاب في سورية وتغذيته من العرب والغرب، وانّ سوريا كموقع استراتيجي على البحر المتوسط هي السبب الأساس في إنعاش الأمل في أن يكون للإرهابيين بقع جغرافية ينتقلون منها الى العالم.

لم يكن التحذير من تدهور الأوضاع في سورية ودعم الجيش السوري في مواجهته الإرهاب كلاماً سياسياً، فها هي اوستراليا تستفيق على خطر يهدّد مواطنيها، وهي سارعت إلى تنفيذ مداهمات أمنية عبر أكثر من 800 شرطي مدجّجين بالسلاح ألقوا القبض على إرهابيين في أكبر وأخطر عملية لمكافحة الإرهاب، وصفتها وسائل اعلامية غربية بالأكبر في تاريخ أوستراليا، حيث رفع مجهولون علم «داعش» في كنيسة خادم رعية سيدة لبنان في سيدني مهدّدين بذبح المسيحيين هناك…

لا يعرف طعم النار إلا من يتذوّقها واذا كان المقصود اليوم مكافحة «داعش»، فإنّ الجهد الحقيقي والتنفيذ معروف الوجهات، ولا بدّ أن لا يبقى الكلام حبراً على ورق المؤتمرات إذا ما تمّ تهديد أمن الغرب…

اليوم اوستراليا وغداً فرنسا والولايات المتحدة وبعدها بريطانيا التي يتمنى أوباما بقاءها موحدة وقوية، لأنّ نسبة المتطرّفين فيها كبيرة، وصولاً الى كافة أنحاء ما يُسمّى «العالم الأول»…

عصابات الجهل تنوي إعادة عقارب ساعات الزمن الى الوراء وإعادة العالم الى الجاهلية، فهل يعيد الغرب ساعة حساباته ويتوجه للتواصل مع سورية بقيادتها الحالية ومع إيران، من أجل التوحد حول هدف التخلص من هذه الآفة؟ أم انّ القضاء على «داعش» سيبقى رهينة حسابات أميركية مصلحية تختلف من مكان إلى آخر حتى يأتي الجواب: وحش إرهاب خرج عن السيطرة ليصبح في العمق الاميركي؟

«توب نيوز»

أوباما فشنغ

البعض قلق من حرب تخوضها واشنطن على سورية بذريعة الحرب على «داعش» والمدخل تجنيد وتنظيم كتائب معارضة برعاية سعودية وقصف أميركي جوي.

إذا قامت أميركا بقصف مواقع «داعش» في سورية من دون تنسيق، واكتفت سورية بالتقدم بشكاوى أمام مجلس الأمن ضدّ انتهاك سيادتها من دون مسوغ قانوني، فقط بهدف تسجيل علني للتدخل الأميركي، ووقعت غارة على موقع سوري سيتغيّر المشهد الدولي وسيكون على واشنطن إما الإعلان أنها بالخطأ أو أنها مقصودة.

إذا قالت واشنطن أنها خطأ فقد الاستهداف وظيفة الاستمرار، وإنْ قالت إنها مقصودة تكون واشنطن تعلن الحرب وتعطي مبرراً لاستهداف طائراتها، وتخسر عنوان الحرب على «داعش»، ويطغى دولياً وإقليمياً استقطاب جديد هو الحرب على سورية.

فلتكن الحرب إذن عندها…

ماذا يستطيع الأميركي؟

في الميدان إما تستفيد قوات «داعش» من القصف الأميركي، وهذا فوق طاقته على التبرير، أو يراهن على المعارضة التي سيدرّبها، وهذا يعني أنه قبل سنة لن تكون هناك غارات.

تذكير أنّ المعارضة قبل عام قرّرت تجنيد 5000 في الأردن والحصيلة كانت 700 وهذه المرة 200.

التعليق السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى