يد الإرهاب تتسلل مجدداً إلى المؤسسة العسكرية: استشهاد جنديين وجرح 3 بتفجير استهدف شاحنة عسكرية في عرسال

وسط الانقسام السياسي الحاد الذي تعيشه البلاد على خلفية أكثر من ملف دستوري وقانوني ومعيشي، وفي موازاة الحملة العنيفة التي يشنها بعض السياسيين، لا سيما في تيار المستقبل وعدد من الشخصيات الدينية على المؤسسة العسكرية، تسللت يد الإرهاب مجدداً لتنال من الجيش بتفجير غادر في بلدة عرسال البقاعية أسفر عن استشهاد عسكريَين وإصابة 3 آخرين.

وكالعادة توالت ردود الفعل المستنكرة للجريمة التي تؤمن الغطاء الفعلي للجيش لحماية عناصره والدفاع عن الوطن بعيداً من التهجمات والافتراءات التي تنهال عليه قبل وخلال وبعد أن يوارى شهداؤه الثرى. كما لا تزال الهبات السعودية المخصّصة لتسليح القوى الأمنية مجمّدة وغير قابلة للصرف على رغم التهليل الذي واكب الإعلان عنها، بينما الإرهابيون يسرحون ويمرحون في طول البلد وعرضه مع كامل عدتهم الإجرامية، بينما القوى السياسية اللبنانية والدول المتضررة من الإرهاب تريد لهذا الجيش أن يكون في مقدمة جبهة التصدي للإرهاب والقضاء عليه.

التفجير

في تفاصيل التفجير، أنه أثناء مرور شاحنة للجيش كانت تقل 7 عسكريين، بين منطقة المصيدة ووادي حميد في قلب عرسال ظهر أمس، انفجرت عبوة ناسفة كانت موضوعة إلى جانب الطريق في وادي الجمل، ما أدى إلى استشهاد عنصرين من الجيش هما محمد ضاهر من عيدمون وعلي أحمد حمادة الملقب بعلي الخراط من صيدا، وجرح 3 آخرين، نقلهم أهالي عرسال بسياراتهم إلى مستشفى الرحمة في المدينة، وهم محمود فاضل ويحيى محيش ومحمود البعريني.

وعلى الفور، طوق الجيش مكان الانفجار الذي خلّف حفرة عمقها نحو 60 سنتمتراً، وحضر الخبير العسكري لتحديد زنة العبوة، كما قام الجيش بمسح موقع الانفجار بدقة، قبل أن يرفع الشاحنة المستهدفة من المكان، واستقدم الجيش تعزيزات عسكرية من فوج المجوقل.

وبعد الظهر، استهدف الجيش بالأسلحة الثقيلة، تحركات للمسلحين في جرود عرسال عند السلسلة الشرقية، كما نفذ فوج المجوقل مداهمات في وادي حميد.

إلى ذلك، عمّت حالة من الغضب بلدة عيدمون العكارية، التي تبلغ أهلها عبر وسائل الإعلام نبأ استشهاد ابنهم الجندي محمد عاصم ضاهر، في انفجار عرسال. وغصّ منزل عائلة ضاهر بأبناء البلدة الذين توافدوا متضامنين مع العائلة.

تنديد واسع بالجريمة

وأثار التفجير ردود فعل نددت بالجريمة الإرهابية معتبرة أنّ الهدف منها النيل من هيبة المؤسسة العسكرية، ودعت إلى الالتفاف حول الجيش لتحصين البلد وحمايته من الأخطار وتطهيره من «الرجس السرطاني» الذي يحاول أن يفتك به.

وأكد رئيس الحكومة تمام سلام ضرورة التنبه والاستعداد في مواجهة القوى التكفيرية المستمرة في اعتداءاتها في منطقة جرود عرسال. وترحم على أرواح الشهيدين معزياً عائلتيهما ومتمنياً للجرحى من جنودنا البواسل الشفاء العاجل.

وجاء كلام سلام خلال اتصالين مع نائبه وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي حيث تابع تطورات الأوضاع في عرسال بعد تفجير العبوة الناسفة.

واستنكر مقبل، بدوره، التفجير مشيراً إلى أنه «عمل إرهابي ضدّ الجيش الذي يقوم بحماية أهله في عرسال والمناطق المجاورة» مؤكداً «أنّ الهدف من هذا التفجير هو الإيقاع بين الجيش وشعبه لخلق بيئة حاضنة لهؤلاء الإرهابيين».

وأعرب عن ثقته بأنّ الشعب اللبناني يعي كل ما يحاك من مؤامرات وشائعات «كتلك التي طاولت الرئيس ميشال سليمان أخيراً بأنه توسط لدى قيادة الجيش لإطلاق سراح ابن الأمير بندر بن سلطان والذي لا أساس له من الصحة كون الأمير المذكور لم يتم إيقافه أصلاً ولم يكن داخل الأراضي اللبنانية في حينه».

واتصل الرئيس سعد الحريري بالعماد قهوجي، مديناً الاعتداء الذي استهدف دورية للجيش في عرسال، معتبراً أنّ «هذا الاستهداف ينوي توريط عرسال وأهلها». ودعا الحريري إلى «الالتفاف حول الجهود الحالية لإطلاق المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية».

ورأى الرئيس نجيب ميقاتي أنّ «التضامن الكامل بين جميع اللبنانيين في هذا الظرف العصيب ودعم الجيش اللبناني كفيلان بتحصين وطننا وحمايته من الأخطار الكثيرة التي تتهدّده»، آملاً بأن «تنجح الجهود في الإفراج عن العسكريين الرهائن ليعودوا إلى عائلاتهم بخير وسلامة».

وقدم ميقاتي في بيان التعازي لأهالي شهداء الجيش الذين سقطوا أمس في عرسال.

ورأى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه أنّ «قدر الجيش اللبناني أن يدفع ثمن غياب القراءة السياسية الواحدة والتعاطي بواقعية ومسؤولية».

واعتبر رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن أنّ «الكمين الذي نُصب للجيش، وأدى إلى استشهاد عسكريين اثنين وجرح آخرين، هو بحدّ ذاته فعل آثم وغادر ومشين بحق الأمن»، مؤكداً أنه «يوم أسود ودامٍ دفعت فيه المؤسسة العسكرية ثمناً جديداً غالياً من خيرة عناصرها».

وأشار إلى أنّ «الجيش حامي الحياض والناس، وهو مُطلق الحرية في التحرّك والتصرّف، ولا يستأذن أحداً»، لافتاً إلى أنّ «الكمين الذي نُصب لدورية أمنية يطرح السؤال: من هو العدوّ الحقيقي لأمن المواطن في لبنان، ولماذا يُسمح بإيواء أعداء هذا الأمن؟». وأضاف: «آن الآوان لوضع حدّ لهذا الفلتان والسيبان القاتل والاعتداء والاختطاف وليكن شعارنا المنقذ: لا ملجأ آمناً لأيّ مطلوب، وكلنا واحد في مُصاب الجيش لأنه خشبة الخلاص الأخيرة للبنان».

ودان حزب الله في بيان «هذه الجريمة الإرهابية بحقّ الجيش، المؤسسة الوطنية الجامعة التي تحمي لبنان واللبنانيين»، وحيا «شجاعة العسكريين الذين يبذلون الغالي والنفيس لمنع دخول الإرهابيين عبر الحدود ومنها إلى لبنان لنشر إجرامهم بين المواطنين».

ورأى الحزب «أنه في مثل هذه الظروف الحساسة فإنّ المهم هو التكاتف حول المؤسسة العسكرية الواحدة والموحدة في مواجهة ما يتهدّدها من أخطار إرهابية». وتقدم حزب الله من المؤسسة العسكرية، قيادةً وضباطاً وجنوداً بأحر التعازي بالشهداء، كما عزى أهالي الشهداء وتمنى للجرحى الشفاء العاجل.

ودانت حركة أمل «الاعتداء الإرهابي الآثم الذي استهدف الجيش اللبناني في جرود عرسال»، واعتبرت في بيان صادر عن مكتبها السياسي، أنّ «هذا العمل الإجرامي والإرهابي يستهدف كل الوطن والمواطنين».

ودعت الحركة إلى «أعلى درجات الأهبة الوطنية، وذلك عبر الالتفاف حول الجيش اللبناني للقيام بواجبه في مواجهة التحديات والعواصف التي تضرب المنطقة»، لافتة إلى أنّ «هذا الاستهداف هو دليل على أنّ أصابع الفتنة تسعى إلى ضرب الأمن والسلم الأهلي في لبنان في مثل هذه الظروف الحساسة».

وعزت قيادة الجيش وأهالي الشهداء، متمنية للجرحى الشفاء العاجل.

ودانت منسقية عرسال ــ الهرمل في تيار المستقبل «العمل الإرهابي المجرم الذي استهدف جيشنا الوطني في وادي حميد»، وتقدمت من المؤسسة العسكرية ومن ذوي الشهداء بـ«أحر التعازي بشهدائنا الجدد الذين سقطوا على مذبح الوطن في مواجهة الإرهاب المجرم»، مؤكدة «الوقوف خلف الجيش اللبناني، ليستكمل بالتكافل والتضامن مع أهالي عرسال، المسيرة التي بدأوها معاً في مواجهة الإرهاب».

وقال حزب الاتحاد في بيان: «مرة جديدة يستهدف الإرهاب المؤسسة العسكرية الوطنية بعبوة ناسفة للنيل من هيبة ومعنويات الجيش اللبناني، في محاولة لإضعاف قدراته ومنعه من استكمال مهمته الوطنية». ورأى «في هذا الاعتداء الآثم محاولة خبيثة لاستهداف الاستقرار في لبنان عبر النيل من المؤسسة العسكرية التي طالما كانت ملاذ اللبنانيين في الحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار».

وشدّد الحزب في بيان على أنّ «هؤلاء المجرمين الذين نالوا بعبوة ناسفة من أرواح العسكريين اللبنانيين يشكلون خطراً على الوطن وشعبه ومؤسساته ما يقتضي من اللبنانيين كافة الوقوف خلف المؤسسة العسكرية الوطنية وتعزيز قدراتها واحتياجاتها عدة وعدداً وقراراً سياسياً لتتمكن من أخذ دورها الفعال في تطهير لبنان من هذا الرجس السرطاني الذي يحاول أن يفتك بالبلد».

وأكد السفير الأميركي ديفيد هِلْ، بدوره، أنّ الجيش اللبناني والأمن العام «يظهران البسالة والشجاعة لحماية أمن لبنان واستقراره»، مبدياً «التزام الولايات المتحدة العمل مع الشعب اللبناني والمؤسسات الأمنية لضمان وحدة البلاد من أجل بناء لبنان».

وتقدمت السفارة الأميركية في لبنان عبر «تويتر» بالتعازي إلى عائلتي الجنديين اللذين استشهدا في عرسال وتمنت الشفاء العاجل للجرحى.

صاروخ على اللبوة

ومساء، سقط صاروخ في سهل اللبوة، مصدره السلسلة الشرقية، ولم يوقع إصابات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى