مجدل عنجر… الظلام يرافق العطش!

البقاع ـ أحمد موسى

لم تعد مشكلتا النقص في مخزون المياه الجوفية والشحّ المائي أمراً يقتصر على منطقة لبنانية بحدّ ذاتها، بل صارت أمراً عامّاً وواقعاً فرض نفسه على كل لبنان كما المنطقة بكاملها. بعد أن باشر أفرادٌ، تنفيذ مشاريع بدلاً من الدولة، كمشروع المياه الذي يغذّي بلدة مجدل عنجر، وبتمويل ذاتيّ من رجل الأعمال قاسم حمود، بعد أن غلب شحّ المياه من نبع شمسين على التقنين القاسي في التوزيع الذي لم تعهده البلدة من قبل.

لا يتوقف التقنين القاسي على الكهرباء، بل ينسحب أيضاً على المياه، إنما بشكل أقسى. فلدى انقطاع التيار الكهربائي، يعجز المواطنون عن ضخ المياه إلى المنازل عبر «الموتورات».

ومجدل عنجر، البلدة البقاعية التي تتربع على مخزونٍ كبير من المياه، إذ لا يبعد عنها نبع شمسين سوى مئات قليلة من الأمتار، عطشى.

يؤكد مواطنون في البلدة أنّهم «لم يروا المياه في خزاناتهم منذ شهور»، وإذا حصل أن أنعمت عليهم شركة المياه بساعة أو ساعتين في الأسبوع، فالمياه لا تصل إلّا لمن يضع مضخة لسحب كميات كبيرة، حارماً الآخرين منها. فضلاً عن المصاريف التي تتكبدها العائلات في شراء المياه.

عدج سكان مجدل عنجر يصل إلى 22 ألف نسمة وفق الإحصاءات الرسمية لعام 2013، وتضم 7400 ناخباً وفق إحصاءات 2010، أما المقترعون فيبلغ عددهم حوالى 6 آلاف، وهذه الأرقام اليوم إلى ازدياد بنسبة لا تتجاوز الـ5 في المئة، وهي بلدة تشكل عصب تواجد النازحين السوريين الذين يشكلون أكثر من عدد سكان البلدة، 23 ألف و800 نسمة ، والبلدة عبارة عن 4200 وحدة سكنية، وتتغذّى بالمياه من نبع شمسين.

إلا أن شبكة التغذية في البلدة والتي يبلغ طولها نحو 100 ألف متر وفق رئيس البلدية سامي العجمي، بحاجة إلى تغيير بالكامل، وإعادة مدّ شبكة جديدة.

يقول العجمي لـ«البناء»: «عمر الشبكة يتجاوز 60 سنة، وأصابها الاهتراء والتآكل بفعل العوامل الطبيعية، وأصبحت غير صالحة»، كاشفاً أن صندوق التنمية الكويتي وبالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار، تكفل باستحداث شبكة جديدة في الآونة الأخيرة، «لا نزال ننتظر التلزيم من مجلس الإنماء والإعمار، إذ يخضع هذا التلزيم للروتين الإداري».

وأشار العجمي إلى أنّ البلدية غير قادرة على تنفيذ مشاريع ضخمة كهذا، نظراً إلى كلفته المالية المرتفعة. والبلدية تفتقر للتمويل، «نحن أمام معاناة مائية منذ فترة، إذ إنّ الشحّ المائي بلغ ذروته، والناس يعانون تماماً كما باقي القرى المحيطة. فأزمة المياه عامة على مستوى لبنان».

وإذ لفت إلى أن مصدر تغذية البلدة بالمياه من نبع شمسين وحده، أكّد العجمي أنّ أهالي البلدة، وأمام هذا التناقص السريع في المياه، يتكبدون خسائر فادحة، إذ يشترون المياه لاستعمالاتهم المنزلية، وتتراوح المبالغ المدفوعة من أجل المياه بين 320 ألف ليرة شهرياً بدل شراء مياه لعائلة مؤلّفة من خمسة أشخاص، و600 ألف ليرة شهرياً لعائلة تفوق ثمانية أشخاص.

وأمام تلك المعاناة اليومية والخسائر المالية، وبعد أن تقاعس كثيرون من المعنيين، ووسط تجاهل كبيرٍ من قبل نواب المنطقة الذين استفحل بهم التجاهل والتعامي عن معاناة المواطنين «الناخبين»، كان لا بد من البديل السريع والموقت، أي الآبار الارتوازية.

وبمبادرة ومسعى من أهل الخير، وجد رجل الأعمال قاسم حمّود، وأمام تلك المعاناة التي يعانيها أبناء بلدته، عمد إلى حفر بئر ارتوازية قادرة على تغذية جزء كبير من البلدة، والمباشرة السريعة في تنفيذ الأعمال اللوجستية من حفرٍ ومدّ شبكة رئيسية يتجاوز طولها 3 آلاف متر، لتصل إلى خزانات سعتها الإجمالية 40 ألف ليتر، ما يضع حلولاً لجزء كبير من أزمة المياه ومعاناة المواطنين، خصوصاً أنّ الشتاء مقبل مع استحقاقاته المالية من مدارس وقرطاسية ومازوت.

حُفِرَت البئر، ومُدّت الشبكة الرئيسية ووُصلت بالخزانات الأربعة، وبدأت عمليات الضخ، لتروي ظمأ آلاف المواطنين من أهالي البلدة الذين وجدوا في هذا المشروع جزءاً أعاد من نبضهم الحياتي والاجتماعي، وخفّف بعضاً من معاناتهم المالية التي يتكبدونها يومياً.

وأمام هذه المعضلة الحقيقية التي أرخت بظلالها على أبناء مجدل عنجر، فإن موجة التقنين الكهربائي إلى ازدياد، فما كان من أبناء المنطقة إلّا الإلحاح على المطالبة بالموافقة الرسمية على مشروع «كهرباء زحلة» الإنتاجي للطاقة وتبنّيه، وبالتالي، يصبح أبناء المنطقة أمام حلٍّ جزئي من أزمتين كبيرتين مستعصيتين: الكهرباء والماء.

وبغياب الكهرباء، تتوقف عملية ضخ المياه من الآبار التي تغذّي القرى والبلدات بالمياه. فإنّ إصرار المهندس أسعد نكد على مشروعه الإنتاجي الذي يؤمّن الكهرباء 24/24 ساعة، يوفر الكثير من الخسائر المالية، فضلاً عن المعاناة اليومية والأعطال المتكررة في الأدوات الكهربائية. والأهم من ذلك راحة البال لدى المواطن.

أمام انقطاع الكهرباء والتقنين القاسي الذي تشهده مجدل عنجر كما البقاع، ترتفع في المنطقة الأصوات المطالبة بالعمل السريع على إيجاد حلّ لهذا الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، كما التقنين القاسي وغير المبرّر الذي يشهده البقاع والذي ينعكس سلباً على باقي الأمور والحاجات الحياتية اليومية وأهمها المياه. وسط غياب تحرّكات السياسيين، وتعبير المواطنين عن استيائهم ممّا آلت إليه الأمور في موضوعَيْ الكهرباء والمياه وغياب المعالجة، والتجاهل الذي يحترفه نوّاب المنطقة وسياسيوها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى