العودة إلى الثابتة الثلاثية في محاربة الإرهاب

محمد احمد الروسان

من له علاقات منّا بخلايا التفكير دبّابات الفكر think tanks في الداخل الأميركي المحتقن الآن، يعرف أنّ الولاء للولايات المتحدة الأميركية الأمبراطورية الرومانية الجديدة عبر دولة كردستان أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، فهل تعي نواة الدولة الأردنية ذلك ومثيلاتها من شقيقاتها الكبرى والصغرى؟

يقول كيسنجر المعروف برمز الواقعية السياسية real politic في كتابه الذي لم ينشر بعد world order: واشنطن الآن تناقش نفسها بنفسها حول العلاقة بين مصالحها وموقعها من نشر الديمقراطية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة، ويضيف: متى أصلاً كانت أميركا تقيم وزناً للمثل والقيم الإنسانية اذا تعلق الأمر بمصالحها الحيوية؟ ويضيف أيضاً: كل مغامرة قام بها الغرب في الشرق الأوسط لعبت فيها السعودية دوراً إيجابياً تمويلاً وتغطيةً، امّا علناً أو من وراء ستار، ومنذ الحرب العالمية الثانية تتحالف السعودية العربية مع الغرب.

ويقول: النظام السعودي نظام ثيوقراطي ارتكب خطأ استراتيجياً قاتلاً عندما اعتقد قادة النظام لوهلة ما ومحدّدة أنهم يستطيعون مواصلة دعم الإسلام الراديكالي والحركات الإسلامية في الخارج بدون ان تصل آثارها إلى الداخل السعودي الملتهب، والذي ينتج التنظيمات والحركات المتطرفة الساكنة حتّى اللحظة، حيث لم تعد الأخيرة على تخوم السعودية بل في الداخل وفي غرف النوم.

انّ الصراع في الشرق الأوسط الآن صراع ديني سياسي جغرافي في آن واحد ونتائجه: أرخبيلات الدول الفاشلة، حيث أميركا تقتضي مصالحها الإبقاء على أنظمة متناقضة لتسهل السيطرة عليها، فهي لا تريد فعلاً عودة سنيّة قويّة الى مراكز الحكم في المنطقة.

الجميع عاد ويعود كرهاً أو حبّاً الى الثابتة السورية والمسنودة من الروسي والصيني، في أولوية محاربة الإرهاب المصنوع في أقبية الغرف السوداء لمجتمع المخابرات الأميركي، والمصنّع بعضه في بعض الدواخل العربية المجاورة بسبب ظروفها الاقتصادية الخاصة، وغياب العدالة وحقوق الانسان والبطالة والفقر والجوع، هذا الإرهاب المدخل الى الداخل السوري من جهات الأرض الأربع، حيث الجميع عاد الى الثابتة السورية او إنْ شئت الثلاثية السابق ذكرها.

ضرب فيروسات الإرهاب

سورية وحزب الله وايران حاجة إقليمية ودولية، لمحاربة فيروسات الإرهاب التي أنتجتها واشنطن في مختبراتها البيولوجية الاستخباراتية، من دواعش وفواحش وبواعص وقوارض وزواحف، وأي جبهة اقليمية ودولية لضرب تلك الفيروسات تحتاج الى تسويات سياسية تسبقها في بؤر الخلافات وملفاتها.

في حين تعمل واشنطن ومجتمعات مخابراتها ومن تحالف معها، على دعمها للاتجاهات الإسلامية الانفصالية في روسيّا، مناطق الشيشان داغستان وقوميات أخرى القوزاق في كازاخستان، فهي ترى أنّ في دعمها لأي طرف اثني يتجه داخل روسيّا للانفصال، سيؤدي الى إشغال موسكو بنزاعات داخلية، فتضعف قدراتها على التحرك على الساحة الدولية، ونفس هذا السيناريو تريد فرضه على الصين وفي دعم اثنية الايغور المسلمين وغيرها في الشمال الصيني.

وحتّى لا نغرق في التفاصيل ونتوه بالمعنى التكتيكي والاستراتيجي، لا بدّ أن نطرح ما يعرف باسم نظرية المنطق في السياسة جانباً، مع تناسي علم الرياضيات السياسية وقواعد التفكير السليم في تفكيك المركب وتركيب المفكك، مع تناسي الغوص في التحليل بشكل عمودي وأفقي، لأنّ الأشياء والأمور والمعطيات لم تعد كما يبدو عليها أن تكون، وجلّ الأزمات ان لجهة المحلي، وان لجهة الإقليمي، وان لجهة الدولي، صارت أكثر تعقيداً وترابطاً، والتفاعلات والمفاعيل لمعظم الممارسات الدولية لم تعد تخضع لقانون أو قيم أو أخلاق.

بعبارة أخرى أكثر وضوحاً، اذا أردنا أن نفهم ونعي بشراسة فكرية أبعاد ومعطيات ودلائل المؤامرة علينا في المنطقة والعالم، ووضع قاعدة بيانات وداتا معلومات لها، علينا أن نفكر جميعاً بعقلية المؤامرة نفسها، ومن يعتقد أنّ الولايات المتحدة الأميركية جاءت الى المنطقة لمحاربة الإرهاب، فهو لا يكون الاّ متآمراً أو جاهلاً أو متخلفاً عقلياً وذا جنون مطبق لا متقطع.

هناك استراتيجية أميركية جديدة في تشكيل حلف دولي الناتو واقليمي سني من دول ما يسمى الاعتدال العربي، لا بل دول الاعتلال العربي، لمحاربة الإرهاب في سورية والعراق، وهذه الاستراتيجية أصلاً تتعارض مع مفهوم ومقتضيات محاربة الإرهاب من جهة، وتنقض نظرياً رؤية كيسنجر للحروب المذهبية السنيّة الشيعية والتي اعتمدتها الإدارة الأميركية كخيار بعيد المدى، لضرب العمق الاستراتيجي العربي لإيران في أفق عزلتها ومحاصرتها ثم تفجيرها من الداخل عبر مفاوضات 5 + 1، ونقل مجتمعات الدواعش والفواحش والقوارض والبواعص الى مناطق السنّة في الداخل الإيراني.

أميركا تستولد استراتيجية جديدة أيضاً اسمها ادارة التوحش في البلقان وآسيا الوسطى، فخرج علينا زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري من كهفه بعد سبات، حتّى أنّ شكله صار مثل الكهف الذي يسكنه، وبشّر الأمة بميلاد فرع جديد للقاعدة في شبه القارة الهندية بنغلادش، كشمير، الهند، باكستان وعلى الحدود مع ايران، وهذا أثار ثائرة روسيّا والهند والصين أعضاء دول البريكس ، لإدراكهم أنّ أميركا قرّرت نقل ادارة التوحش من الشرق الأوسط الى منطقة آسيا حيث تهديدات داعش لروسيّا.

واشنطن تدرك أنّه يستحيل في هذه المرحلة المبكرة من عمر الصراع في المنطقة من تفجير حرب سنيّة شيعية شاملة، على ضوء نتائج المحاولات الجنينية الفاشلة التي اختبرتها في لبنان وسورية والعراق، والآن تحاول في الأردن عبر الفتنة بين الشرق الأردني الكح والشرق الأردني ذي الأصول المختلفة، حيث جلّ السفلة من صنّاع القرار الأميركي يريدون إدخال «داعش» وتصنيع مثيلاتها في الداخل الأردني، وتحريك الخلايا السريّة النائمة والتي لا تنام ولا تنكفئ أصلاً، كل ذلك عبر إشراك عمّان سرّاً أو علناً في محاربة مجتمعات الدواعش، كي يصار الى نشر الفوضى في الداخل الأردني لجعل الملف الأردني كملف مخرجات للملف الفلسطيني، ضمن رؤية محور واشنطن ـ تل أبيب ومن ارتبط به من عرب ومسلمين صهاينة.

انّ «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما، هي يمثابة مخرجات السياسة الأميركية في المنطقة، تمّ إنتاجها وحواضنها في الدواخل العربية بتوظيفات واستثمارات الفقر والظلم والجوع والقهر والبطالة والفساد وغياب العدالة وحقوق الإنسان.

وعندما قالت «اسرائيل»: «إنّ إيران صارت جارة لنا»، وقالت السعودية: «إنّ طهران تسعى إلى محاصرتنا وتحجيم دورنا وتقليص نفوذنا في العالمين العربي والإسلامي»، فهم الحاج باراك حسين أوباما أنّ الخطر هذه المرة تجاوز الأدوات، ليتحوّل الى تهديد استراتيجي داهم على أمن بلاده القومي والمتمثل في ثلاثية النفط و»إسرائيل» والكرد.

المقاومة حق شرّعته السماء وسار عليه العرف البشري ونظّمه القانون الدولي، لذا تعتبر واشنطن دي. سي. أنّ حركات المقاومة في المنطقة تمثل خطراً استراتيجياً على مصالحها وعلى «إسرائيل»، في حين أنّ مجتمعات الدواعش والزواحف والقوارض الإرهابية يمثل خطراً تكتيكياً يمكن التعامل معه وإدارته، فيما أميركا تعِدّ في الوقت نفسه لمخططات تتفرّغ من خلالها للنظام المصري الجديد وعبر البوّابة الليبية، بالتحالف من جديد مع الإسلام السياسي…

هكذا تقول الملعلومات التي تتحدث أيضاً أنّ المشروع الذي تعمل عليه مصر والسعودية وبعض آخر من عرب، إزاء سورية يتمثل عبر ضرب الدواعش من خلال التحالف الدولي، ثم إجبار النظام السوري بقبول حكومة ائتلاف تجمع السلطة وجلّ الخونة الذين يُسمّون أنفسهم معارضة لإدارة مرحلة انتقالية، تنتهي بتحويل سورية العلمانية المنفتحة والمتجانسة الى نظام معاق قائم على المحاصصة الطائفية، كما في العراق المُراد احتلاله من جديد عبر محاربة الدواعش، ولبنان المصادر الى حين، مع محافظة سورية على الدولة والمؤسسات بما فيها الجيش، على أن يقبل الرئيس الأسد الرحيل الى «منفاه الذهبي الاختياري».

للولايات المتحدة الأميركية متاهاتها الاستراتيجية العميقة، حيث كانت المتاهة الأولى لها في أفغانستان وما زالت، ثم العراق وما زالت، وعبر الدواعش والأنبار تعود من جديد، فسورية الأصعب والأشدّ وما زالت، والآن المتاهة الأوكرانية وعقابيلها التي تتدحرج ككرة الثلج، الى المتاهة العرضية في شبه القارة الهنديّة حيث تتفاعل من جديد.

سورية أمّ المتاهات الأميركية

فأم المتاهات العمودية والعرضية الاستراتيجية الدولاتية الأميركية، هي المتاهه السورية الأصعب والأعمق والأشدّ، والنتيجة فيها تحدّد مصير المتاهات الأخرى كما تحدّد شكل العالم الجديد.

انّ جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأميركي هو صاحب هذه المتاهات وصانعها، فيستغلّ حالة الاستعصاء الدولي والاحتقانات الشاملة كنتاج للحدث والمسألة السورية، وما خلّفته من سحب دخانيّة سوداء عميقة قد تستمرّ لسنين عديدة، من شأنها أن تحجب عيون العالم عن ساحات أخرى من المعمورة، لا تقلّ أهميتها الاستراتيجية عن أهمية سورية أو أهمية الحدث الأوكراني الحالي مثلاً، من أجل تحقيق عمق مصالحه ومكتسباته كحكم أممي، وربط اقتصاديات العالم من جديد بالاقتصاد الأميركي، للخروج من الأزمة الاقتصادية الأميركية الحالية، والتي في حالة استمرارها وتفاقمها، قد تقود الى إفلاس الولايات المتحدة الأميركية.

لذلك سارع الكونغرس أخيراً إلى السماح لإدارة أوباما بالاقتراض المالي بدون سقف محدّد، وهذا لن يمنع الإفلاس المالي في أميركا وانما يؤجّله، وتحتاج واشنطن الى مصادرات لاحقة ستجري لأموال الدول الخليجية المخزّنة في خزائن المال الأميركية، بحجة دعمها لمكافحة الإرهاب وما شابه، عبر مشاريع قوانين قادمة من نواة هذا البلدربيرغ الى بيت التشريع الأميركي. لذا سارعت الرياض وعبر التشريع لقوانين مكافحة الإرهاب في الداخل السعودي والخارج السعودي، مع سحب لبعض الملفات ووضعها في عهدة آخرين، وإجراء لديناميات مراجعات سعودية شكلية إزاء الحدث السوري.

لا أوهام في الموقف الجديد للرياض، فليس هناك تحوّل سعودي نوعيّ في مقاربة الحرب على سورية، الخلاف الأميركي السعودي في الملف السوري خلاف على الأولويات، وعلى الإدارة كمفهوم لهذه الأولويات، فإدارة بندر بن سلطان لتلك الأولويات استفزّت الأميركيين وأشعرتهم بتقليص قدراتهم على المناورة في الملف السوري أمام الروس، فتمّ سحب الملف من بندر وتسليمه إلى محمد بن نايف، وهذا يعني انتصار تحالف محمد بن نايف مع متعب بن عبدالله على تحالف أولاد سلطان في ساحات القتال خارج السعودية في اليمن وسورية ولبنان، وهذا من شأنه أن يقود الى احتدام الصراع بين محمد بن نايف الذي يسعى للحكم وتدعمه المؤسسة الوهابية من جهة، ومتعب بن عبدالله الذي يوسّع دائرة نفوذه كونه يريد أن يستقرّ الحكم لأولاد الملك الحالي في حياته، فمتعب أفضل للمنطقة كونه بعيداً عن التطرف وأكثر كياسة من غيره في العائلة المالكة هناك، وتعمل الحكومة هناك على إعادة إنتاج لمفهوم الفتاوى والعمل على تقليصات لنفوذ المؤسسة الوهابية وإعادة تحالفاتها مع العائلة الحاكمة في السعودية.

أهداف أميركية ـ «إسرائيلية» في شبه القارة الهندية

وتتحدث المعلومات المسرّبة من بعض مؤسّسات المجتمع المدني الغربية التي تعنى بالرصد الاستخباري وتحليل ما ترصده لصالح عدد محدّد من أجهزة أمنية ترتبط معها وتموّلها، لمواجهة الخصوم من الأجهزة المماثلة في ساحات أخرى في خارج أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أنّ العديد من مجتمعات المخابرات في منطقة جنوب أسيا ومنطقة جنوب شرق أسيا، بالأضافة الى أجهزة مخابرات دولية متشعّبة لدول هي في حقيقتها دول عظمى، لكنّها تتصرّف على أنّها دول إقليمية، أجرت أخيراً الكثير من جلسات العصف الذهني السياسي والمخابراتي، وتحليل الكثير من المعلومات المجموعة رصداً وتحليلاً حول خط العلاقات الهندية الأميركية وما وراء هذه العلاقات، من علاقات سريّة على خط العلاقات الصهيونية الهندية، مع بحث محفزات الرؤية الاستراتيجية الأميركية، باتجاه الهند بشكل خاص ومنطقة جنوب وجنوب شرق أسيا بشكل عام، وإسقاطات هذه الرؤية الأميركية على جلّ مواقف واشنطن، إنْ لجهة الصين، أو باكستان، أو الفدرالية الروسية، أو إيران رغم اتفاق جنيف النووي الإيراني ، أو الهند ومجالها الحيوي، حيث تشكل أفغانستان جزءاً من هذا المجال الحيوي الهندي.

كما تمّ االتطرق بعمق وإسهاب كبيرين إلى علاقات الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وتأثيره على سلّة المحفزات الأميركية إزاء نيودلهي، وتداعيات ذلك على التوازنات الاستراتيجية لجهة أقاليم مناطق جنوب وجنوب شرق أسيا، وان لجهة الجغرافية الأممية ككل، والى ماذا يسعى محور واشنطن تل أبيب من أهداف ورؤى في شبه القارة الهنديّة، بوصفه ذراع موثوق من أذرع جنيين الحكومة الأممية البلدربيرغ .

وتشي نتائج جلسات العصف الذهني لتلك الأجهزة المخابراتية، بأنّ واشنطن تحديداً ترمي من وراء التحالف الاستراتيجي مع نيودلهي، الى استخدام وتوظيف وتوليف الأخيرة في متتالية عمليات احتواء الصين التي تتصرف كدولة اقليمية قويّة رغم انّها دولة عظمى، وفي ذات الوقت احتواء إيران لجهة ترتيبات مصالحها الاستراتيجية في أسيا الوسطى، وفي الحدّ من النفوذ الروسي هناك.

كما تشي النتائج أيضاً، أنّ الولايات المتحدة الأميركية وضعت في حسابها الخطّة ب في سياستها لاحتواء الباكستان، في حالة تغيّر النظام السياسي في إسلام أباد باتجاه واشنطن وبشكل معاد ومعارض، كما تشي النتائج تلك أنّ هناك دوراً قوياً وواضحأً ومؤثراً للدولة العبرية اسرائيل ، وعبر أدواتها في الداخل الأميركي ومنها الأيباك ، لجهة دفع الولايات المتحدة الى بناء تحالفات استراتيجية مع الدولة الهنديّة، من دون الأخذ في الحسبان وفي عين الأعتبار آثار ذلك، على خط العلاقات الأميركية ـ الصينية، وخط العلاقات الأميركية ـ الروسية، وخط العلاقات الأميركية ـ الباكستانية.

بعبارة أخرى وأكثر وضوحاً من الآنف ذكره نقول: إنّ من شأن التعاون الأميركي الاستراتيجي مع الهند، أن يلحق ضرراً فادحاً بسلّة محفزات التعاون الأميركي الصيني الشامل السياسي، الدبلوماسي، الاقتصادي، المخابراتي، العسكري، وحتّى في إطار الثقافي الفكري، وأثره الشامل على القطاعات الأخرى.

لكن للدولة العبرية اسرائيل وعبر أدواتها جماعات ضغطها داخل المجتمع الأميركي وإدارته الحاكمة، ذهبت باتجاه استبدال رؤية أو عقيدة التعاون على خط العلاقات الأميركية الصينية، برؤية أو عقيدة المخاطر، أي دفعت جماعات الضغط الإسرائيلي ونجحت حتّى الآن في مسعاها، باتجاه أن يكون القرار الأميركي المركزي إزاء تفضيل التعاون والتحالف المطلق مع الهند وحدها من دون الصين، واعتبار الأخيرة مصدراً للخطر المهدّد لمصالح الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجية في شبه القارة الهندية.

كما أنّ من شأن هذا التعاون مع نيودلهي، أن يؤدّي الى الإضرار بمخططات واشنطن الساعية، لإبعاد بكين عن موسكو، لإضعاف الدور الروسي في مناطق جنوب شرق آسيا وفي آسيا الوسطى، وفي الملف الإيراني، وفي الصراع العربي الإسرائيلي، وقبل ذلك في المسألة السورية والوضع في لبنان والتحالفات غير المعلنة مع حزب الله اللبناني.

كذلك من شأن تعاون وتحالف واشنطن مع الهند، أن يلحق ضرراً بالغاً على خط العلاقات الأميركية الباكستانية، لجهة ايران، وجهة أفغانستان، وجهة روسيا، وجهة شبه القارة الهندية ككل، ومع كلّ ذلك ضغط الإيباك الى خيار التعاون مع الهند، من دون الالتفات الى مسألة التعاون مع اسلام أباد، كون الأخيرة هي أكثر حاجةً إلى وجود واستمرار الدعم الأميركي المتعدّد.

انّ المثير في الفقرة السابقة بالذات، والمتعلقة بقطع الطريق على الفدرالية الروسية، لجهة بناء تحالفات مع باكستان، نتيجة تفضيل واشنطن للتعاون مع الهند من دون اسلام أباد، متمثل في معلومات مخابراتية ذات مصداقية دقيقة في تلك المنطقة، وعبر تقارير مجاميع مخابرات تابعة لها، تعمل في الداخل الأميركي وبعلم المخابرات الأميركية والمجمع الأمني الفدرالي، وبمتابعة دقيقة لجهاز FBI لها، حيث تتموضع المعلومة الأمنية الدقيقة في:

أنّ جماعات الضغط اليهودي الإيباك وعبر توجيه البلدربيرغ، دفعت وتدفع إدارة أوباما الى مسك العصا من الوسط، لجهة علاقاتها مع كلّ من الهند والباكستان، بحيث يتمّ من خلالها الحفاظ أميركيّاً على مذهبية ومنظومة، من نسق التفاعل الدبلوماسي المتوازن، لقطع الطريق على موسكو في استغلال ذلك لصالحها وبناء تحالف استراتيجي بديل عن واشنطن مع باكستان، خاصةً مع وجود موافقة باكستانية قويّة على ذلك، داخل الأطر السياسية والأمنية الاستخبارية، مدعومة من قوى شعبوية باكستانية ضاقت ذرعاً من واشنطن.

تقول المعلومات المؤكّدةً، بأنّ خط العلاقات الهنديّة الإسرائيلية، وعلى مدار أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً خلت، كان خطّاً بمضمون تعاون استراتيجي خلاّق، وخاصةً في الأنشطة المتعلقة بالفضاء والمجال النووي، والصاروخي والعسكري، وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات المتطورة ومراكز الأبحاث العلمية، وخاصة البيولوجية وصناعة أسلحتها الكيماوية، حتّى أنّ البرنامج النووي الهندي، هو نتاج تعاون نووي اسرائيلي هندي عميق، وبدعم أميركي وما زال، في حين أنّ البرنامج النووي الباكستاني كان وما زال نتاج لتعاون صيني باكستاني عميق، وبرؤية صينية واضحة المعالم، حيث يحتفل نهاية هذا العام بالذكرى الرابعة والستين، لقيام العلاقات الصينية ـ الباكستانية، وهناك طرفة دبلوماسية قالها يوماً، المندوب الصيني السابق في الأمم المتحدة لأحد الدبلوماسيين الأميركيين، «انّ باكستان هي اسرائيلنا في شبه القارة الهندية».

هذا وقد سعت نيودلهي، الى بناء المزيد من الروابط المختلفة مع الدولة العبرية اسرائيل ، وضمن المستويات السريّة وبدعم وغطاء شامل من الولايات المتحدة الأميركية، حيث ظهر التعاون الوهم المعلن للعامة، على أنّه مع واشنطن، في حين أنّه كان وما زال مع «إسرائيل»، وظلّ كذلك لأكثر من ثلاثة وعشرين عاماً بالسرّ، في حين أنّه في مرحلة كشف العلاقات السريّة على خط تل أبيب نيودلهي، حصلت الدولة العبرية على تسهيلات صناعة وإطلاق أقمار التجسّس الإسرائيلية، من طراز أوفيراك عبر القواعد العسكرية الهندية، مع استخدام الصواريخ البالستية الهندية.

انّ من شأن التعاون الأميركي مع الهند، أن يعيق وبشكل سلبي وعميق وبالغ حرية الحركة وتوافقها، في سلّة التفاهمات الأميركية الروسية، لجهة أفغانستان، وايران، ولجهة الباكستان، خاصةً في ظلّ اعتبار نيودلهي أنّ أفغانستان، جزء من مجالها الحيوي لاستخداماته من زاوية الهند ضدّ الباكستان، وفي ذات الوقت والمسعى، تعتبر روسيا الفدرالية أنّ الهند حليفة لها.

أعتقد وحسب ظني، أنّ المعادلة السياسية الأمنية العسكرية في شبه القارة الهندية تقول: في حالة لجأت واشنطن الى التحالف الاستراتيجي مع الهند، فإنّ موسكو ووفق رؤية استراتيجية معدة مسبقاً وطارئة، سوف تلجأ بالضرورة الى بناء تحالف استراتيجي مع الباكستان، مهما كانت الظروف والمعطيات الدولية والإقليمية في شبه القارة الهندية.

من جهة أخرى تتحدث المعلومات، أنّ جماعات الضغط الإسرائيلي الإيباك في الداخل الأميركي، وانطلاقاً من تفاهمات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية، على مضمون خط العلاقات الهنديّة الإسرائيلية، تدفع جماعات الضغط تلك، ادارة أوباما الى التخلي عن مسألة مشروع دعم عضوية ألمانيا واليابان الدائمة في مجلس الأمن الدولي مجلس الحرب الدولي، بسبب ارهابية وديموغوجية السياسة الأميركية، مع مؤسسات الأمم المتحدة واستبداله بمسألة ومشروع دعم عضوية الهند الدائمة في مجلس الأمن الدولي مجلس الحرب الأممي .

الثمن… «فيتو» هندي

كل ذلك كثمن تقبضه الهند نظير تعاونها السري والعلني مع الدولة العبرية، حيث يعني ذلك ببساطة مفرطة، تمتع الهند بحق النقض الفيتو الذي سيصار لاحقاً وتلقائيّاً، لاستخدامه وتوظيفه من قبل محور واشنطن تل أبيب الفيتو الهندي ، لكي يقوم بدور حق الاعتراض بالوكالة عن واشنطن، وهو لردع واحتواء الفيتو الصيني والفيتو الروسي، كذلك من أجل مزيد من الإخلال بتوازن القوى داخل مجلس الأمن الدولي مجلس الحرب الأممي ، ومن شأن ذلك منح الولايات المتحدة الأميركية، أربعة أصوات فيتو، مقابل صوتين واحد لروسيا والآخر للصين، انّها الفوضى المنظمة داخل هذه المؤسسة الأممية، ولكنها على الطريقة الأميركية.

ومن الآن تسوّق أميركا للهند باعتبار الأخيرة تتمتع بقدرات طبيعية واقتصادية خلاّقة، وقدرات سكّانية وتكنولوجية، وقدرات عسكرية وسياسية برلمانية، وهذه الصفات للهند في الواقع حقيقية وهي صح 100 ، وهذا حق للهند يُراد به باطل، من قبل محور واشنطن تل أبيب.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

WWW.ROUSSANLEGAL.0PI.COM

MOHD AHAMD2003 YAHOO.COM

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى