المطران حنّا: مَن قتل سعاده يسعى هو نفسه إلى تدمير سورية

كرّمت مديرية لوس أنجليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في مدينة القدس المطران عطا الله حنّا، فأقامت مأدبة عشاء حضرها مدير هيئة المديرية وأعضاؤها، وجمع من القوميين والمواطنين.

تلكي

وألقى مدير المديرية رودولف تلكي كلمة ترحيبية، دعا في مستهلّها إلى الوقوف دقيقة صمت تحيةً للشهداء، وقال: «نكرّم اليوم رجلاً من رجالات أمتنا النادرين، وهو الذي نذر نفسه لنصرة الحق والعدالة والإنسانية، وفي تكريمه نكرّم أمة أنجبت رجالاً لا يرتضون إلا حياة الأحرار وأخلاق الأحرار.

المطران الجليل عطا الله حنّا، مناضل ومقاوم، ليس دفاعاً عن فلسطين فحسب، بل عن الشام وعن كلّ أمتنا. ومسيرته حافلة بالمواقف وهو الذي واجه بكلّ شموخ وصلابة كلّ محاولات اقتلاعه من أرضه».

وتابع: «مواقفكم يا سيادة المطران تذكّرنا بمواقف مطران المنفى المقاوم إيلاريون كبوجي الذي وقف مع خيار المقاومة ورفض الاحتلال الاسرائيلي وحافظ على هويته، فها أنتم تحملون الشعلة ذاتها، وتسيرون على طريق الجلجلة كما سار عليها السيد المسيح، حاملين على أكتافكم صليب الإنسانية لإكمال المسيرة الشاقة، من أجل تحرير فلسطين، كلّ فلسطين».

وأشاد تلكي بمواقف المطران حنّا الثابتة والراسخة دفاعاً عن الشام والمقاومة في فلسطين والأمة، متحدّياً بمواقفه الضغوط وحملات الترهيب والتهديد التي مارسها الاحتلال ضدّه.

وأضاف: «نعلم أنّ أصحاب المواقف يدفعون أثماناً باهظة، لكن مواقفكم هي جزء من المعركة المفتوحة، وفي سبيل بلادنا ترخص التضحيات.

إنّ الصراع مع كيان الاحتلال المغتصب أرضنا، مصيري وحادّ، ونحن معاً في هذا الصراع، لأننا تعلّمنا في مدرسة باعث النهضة القومية الزعيم أنطون سعاده، أنّ أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتي على الأمم الحية فلا يكون لها إنقاذ إلا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة».

وختم تلكي كلمته بنقل تحيات قيادة الحزب إلى المطران حنّا، كما أثنى على دور لجنة العرب الأميركية للدفاع عن سورية والجهود التي بذلتها عبير زويدي من أجل إنجاح الحفل.

طوبيا

بعد ذلك، ألقى مسؤول «ADC ضدّ التمييز العنصري» في ولاية كاليفورنيا، الدكتور القومي سهيل طوبيا، كلمة أشار فيها إلى تكريم سابق أقامته منظمة ضدّ التمييز للمطران حنّا، مؤكداً أنّ التكريم مردّه إلى أنّ القوميين الاجتماعيين يقدّرون مواقف المطران الصلبة ويلتزمون بها.

المطران حنّا

ثم ألقى المطران عطا الله حنّا كلمة استهلها بالقول: «نحن هنا لأجل سورية، وعندما ندافع عن سورية ندافع عن فلسطين كما ندافع عن حريتنا وكرامتنا وإيماننا وتراثنا».

وقال متوجهاً إلى القوميين في مديرية لوس أنجليس: «أشكركم وأفتخر بدعوتكم لي لأنها أتت من حزب رفع راية الوحدة ودافع عنها وبذل في سبيلها التضحيات، وأنا أعتقد، وأظن بأنكم تشاطرونني الاعتقاد، بأنّ من حكم بالإعدام على سعاده هو نفسه من يسعى إلى تدمير سورية وتدمير العالم العربي من المحيط إلى الخليج».

وأضاف: إنّ الذين قتلوا أنطون سعاده، هذا المعلّم وهذا المفكّر وهذه الشخصية الوحدوية السورية المتميّزة، إنما أرادوا أن يقتلوا هذه النهضة التي جاء بها. إنّ إعدام سعاده وصمة عار في جبين الإنسانية، إنه إعدام رجل أراد الخير والوحدة لأمته، ودافع عنها وعن هويتها فكان عقابه الموت، إنما موت سعاده هو حياة، إنه مات في سبيل المبادئ التي نادى بها، ولذلك فإنّ استشهاده كان حياةً جديدة وانطلاقة جديدة للفكر النهضوي الذي نادى به، وأنا إذ استحضر هذه الشخصية التي احترمها، فلأني قرأت كتب سعاده وبعضها قرأته مرّات عدّة».

وتطرّق المطران حنّا إلى الإرهاب الذي تتعرّض له سورية والسوريون بكلّ شرائحهم، ودعا الإكليروس المجتمِع في واشنطن إلى أن يقولوا لباراك أوباما بأن يكف عن دعم الإرهابيين الذين يعيثون فساداً وقتلاً وتدميراً في كلّ الأمة السورية. وقال: «أودّ أن أنقل إليكم تحية القدس، فأنا ساكن في القدس لا بل القدس ساكنة في قلبي وحيثما أذهب أحمل معي القدس، أحمل آلامها ومعاناتها وجراحها، أحمل معي صليب مسيحها السائر في طريق آلامها على رجاء قيامة الحرية وإنهاء الاحتلال العنصري وتحرير فلسطين».

وتابع: «نحن نحمل في قلوبنا صليب المسيح رمزاً للفداء والتضحية والمحبة، ولكنه في الوقت نفسه هو رمز القيامة والانتصار على الموت وعلى الظالمين.

الفلسطينيون كافة، مسيحيّين ومسلمين، يحملون صليب مواجهة الاحتلال والعنصرية والصهيونية، ويسيرون في طريق الجلجلة وهم على قناعة تامة بأنّ بعد الموت قيامة… نحن متفائلون بالمستقبل، وهنالك من يسعون إلى بثّ القنوط واليأس في قلوبنا وفي حياتنا وفي ثقافتنا».

وحمل المطران حنّا على الفضائيات التي تبثّ سمومها لتبقينا في حالة يأس وقنوط واستسلام وقال: «جوابنا لهم، لن نيأس ولن نتراجع قيد أنملة إلى الوراء، وسنبقى متمسّكين بحقنا الوطني والقومي والديني والإنساني في فلسطين التاريخية، لن نتنازل عن ذرّة تراب واحدة من أرض فلسطين، وستبقى فلسطين حاضرة لأنّ أبناءها متمسكون بها».

وحيّا المطران حنّا المقاومة الباسلة في غزّة وفلسطين التي لقّنت العدو «الإسرائيلي» درساً لن ينساه، كما حيّا المقاومة الباسلة في لبنان وكلّ مقاومة تعمل لأجل انتصار أمتنا لكي تبقى عصيّة على التقسيم.

وقال: «أنطون سعاده أحّب فلسطين وقد استشرف معاناتها وخطر اليهود عليها، وكأن لسان حاله اليوم يقول: يا أيها الفلسطينيون تمسكوا بهذا الحق فلن يموت».

وختم قائلاً: «غذاؤنا هذه الليلة آت من أنطون سعاده، وهو حاضر في مأدبتنا بروحه ومواقفه ورسالته، فتحيّة لمريديه ولكلّ أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي بمسؤوليه وكوادره».

وبعد حوار بين المطران والحضور، دعا المدير تلكي، الفنان أسامة حسن لتسليم المطران درع تقديرية، والدرع تحمل رسماً لخريطة الأمة السورية وشعار الزوبعة، وقد صمّمه الفنان حسن خصيصاً للمناسبة. كما أهدى المدير المطران حنّا كتاب سعاده «الإسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية».

… ولجنة العرب الأميركية للدفاع عن سورية

إلى ذلك، شارك مدير مديرية لوس أنجليس في «القومي» على رأس وفد من القوميين الاجتماعيين في الحفل الذي أقامته لجنة العرب الأميركية للدفاع عن سورية على شرف المطران عطا الله حنّا.

قدّمت للحفل الإعلامية فاطمة عطية، وقرأت أ. عبير الزويدي قصيدة مؤثرة للشاعر سميح القاسم، ثم ألقى المهندس يوسف اسماعيل كلمة ترحيب، بعدئذٍ ألقى مفتي الجمهورية السورية الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسّون كلمة عبر «سكايب»، ثم كلمة المطران حنّا الذي حيّا مواقف المفتي حسّون، وتحدّث عن الأوضاع في فلسطين والشام والعراق ولبنان، لافتاً إلى أنّ الإرهاب الذي يتهدّد بلادنا يمارَس من قبل 80 دولة تدعم المجموعات الإرهابية التكفيرية المتطرّفة.

وتخلل اللقاء حوار بين الحضور والمطران حنّا، وكان لافتاً إسهاب المطران حنّا في الحديث عن «الرجل العظيم أنطون سعاده».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى