هيئة علماء المسلمين تبدأ اختبار تحدّي دار الفتوى

يوسف المصري

حددت هيئة العلماء المسلمين يوم الجمعة ليتم خلاله إحياء فعالية «لا لذبح عرسال» وذلك في كل المساجد والمحافظات. يشي التحرك بافتعال واضح، إذ أنه في حين يتحرك أهالي الجنود المخطوفين تحت عنوان «لا لذبح أبنائهم» من قبل داعش والنصرة، فإن هيئة العلماء تحاول أخذ قضية الجنود المخطوفين للتفاعل ضمن إطار يحض على شد عصب «البيئة الحاضنة»، ويتم هنا استخدام اسم عرسال تورية وذلك باتجاه تأويل سياسي يفيد بأنها البلدة السنية المظلومة!.

ليس هناك التباس لدى كافة المحافل الأمنية والسياسية اللبنانية، أن هيئة العلماء المسلمين هي فرع لحراك إسلامي سلفي – إخواني يتخذ من الدوحة مقراً لنشاطه على مساحة البلدان العربية، وهو يحظى بدعم من قطر.

وعلى رغم أن قطر اضطرت أخيراً تحت ضغط خليجي – مصري إلى إبداء مسافة مع التنظيم الدولي للإخوان، إلا أن إجراءات طردها لقيادات إخوانية من أرضها، تنظر إليها الجهات التي تطالب قطر بتغيير سلوكها، على أنها مجرد مناورة من قبل الدوحة لاحتواء الغضب منها وبخاصة الغضب السعودي.

ماذا تريد هيئة العلماء؟!

يقول مصدر مطلع على أجواء نشاط الهيئة إن هناك ثلاثة أهداف تضمرها هيئة العلماء المسلمين من وراء تحركها:

أولها إعادة الاعتبار لدورها في هذا الملف بعد أن فشلت في الحصول على تفويض رسمي بلعب دور المفاوض أو الوسيط. ولم تكن رغبة هيئة العلماء بلعب هذا الدور من دون أهداف تتعدى موضوع إطلاق الجنود المخطوفين ليطاول أموراً أساسية أرادت تحقيقها، أهمها الإيحاء بأن هناك فرقاً بين جبهة النصرة وداعش، وأن الأولى يهمها مصلحة أهالي عرسال وتعمل لحماية النازحين السوريين. بمعنى آخر أرادت هيئة العلماء استغلال دورها كوسيط لبث حملة دعائية بين أهل السنة في لبنان والنازحين السوريين لمصلحة جبهة النصرة. والهدف غير المباشر من ذلك، هو تشكيل بيئة حاضنة لها في لبنان.

الهدف الثاني وهو الأهم ويعود إلى رغبة هيئة العلماء ومن وراءها قطر «برد الكف» لكل من تيار المستقبل والسعودية وأيضاً مصر الذي تلقته نتيجة إخراجها من دار الفتوى.

وبرأي الهيئة فإن «المستقبل» تلقى تعليمات من القاهرة والرياض بأن عليه التحالف حتى مع خصومه السياسيين من أجل تحقيق هدف «تكنيس» نفوذ السلفيين والإخوان من كل المؤسسات الدينية الإسلامية السنية في لبنان، واستتباعاً من الشارع السني اللبناني. وكانت معركة انتخاب مفت جديد لدار الفتوى هو أول مسار تنفيذ هذه الخطة المصرية السعودية المتواطئة مع تيار المستقبل على هذا الصعيد. وبحسب معلومات هيئة العلماء كما ينقلها المصدر نفسه، فان حرب تحالف الرياض – القاهرة على الإخوان والسلفيين في مصر انتقل أيضاً إلى لبنان وغير دولة عربية، عدا سورية حيث الرياض تقبل حتى الآن بهدنة معهم لمقايضتهم بالضغط على النظام السوري، علماً أن مصر لا تجاريها في هذه النقطة.

وتضيف هذه المعلومات أن هيئة العلماء المسلمين قررت مدعومة من قطر ركوب موجة عرسال من أجل إنتاج مناخ سني تصعيدي متصادم مع المناخ الحريري – السعودي. باختصار تحاول هيئة العلماء سحب بساط الشارع السني من تحت أرجل المستقبل قبل أن يباشر الأخير بفعل ذلك.

وتؤكد هذه المصادر أن قرار هيئة العلماء بإطلاق حركتها يوم الجمعة المقبل انطلاقاً من المساجد إنما يريد تحدي دار الإفتاء بقيادة المفتي الجديد. وهي تسعى من وراء توسل «قميص عرسال» للسيطرة على هذه المساجد وعزل نفوذ دار الإفتاء عنها. وخلاصة القول إن الجزء الأهم من تحرك هيئة العلماء انطلاقاً من المساجد هو إعلان بدء صراع مفتوح مع دار الفتوى بحلته الجديدة.

وتختم هذه المعلومات أن اتجاهات في تيار المستقبل تعي الخطة القطرية لرد الكف على خلفية تسوية دار الفتوى، وهي تحاول فتح قنوات حوار مع أجزاء من الطيف السلفي في لبنان. وأبرز مثل على هذه المحاولات قيام أحد نواب المستقبل مؤخراً بالطلب من الجهات المعنية بتخفيف الضغط عن جماعة أحمد الأسير في صيدا، وإعطائهم حرية الحركة في أعمالهم وعلاقاتهم مع ضمانة المستقبل بأنهم لن يعودوا إلى أية ارتكابات ضد القانون. وتريد هذه الجهات في المستقبل مقايضة هذه الأجواء السلفية بالحماية مقابل الولاء لها والابتعاد عن خط قطر السلفي في لبنان.

ثمة هدف ثالث تسعى إليه هيئة العلماء من وراء بدء تحرك شعبي سني انطلاقاً من مساجد صلاة الجمعة، هو لفت الأنظار عن شعار «لا لذبح العسكريين المخطوفين» لمصلحة شعار «لا لذبح عرسال». والمعنى المقصود في قلب هيئة العلماء هو «لا لذبح أهل السنة». وباتت هذه النغمة معروفة المقاصد، وهي أخذ لبنان إلى مناخ العراق لتبرير حدوث «موصل ٢» فيه. ولم تعد خافية في هذا المجال وفرة المعلومات المتراكمة عند المحافل اللبنانية المعنية بهذا الملف والمتحدثة عن إمكانية حدوث «غزوة» لداعش للسيطرة على منطقة عكار وصولاً إلى البحر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى