بري ينجح بفصل التشريع عن الرئاسة وتمديد المجلس إبراهيم يطلب منحه مناخاً مناسباً للتفاوض بوقف التحركات

كتب المحرر السياسي:

بين كلمة وزير خارجية سورية وليد المعلم وقمة الرئيسين الروسي والإيراني ومعهما انفجار الخلاف التركي – المصري بصورة مدوّية، كانت الأنظار في نيويورك، فسورية ليست قلقة على مستقبلها بل على جدية وصدقية الحرب على الإرهاب، في ظلّ الكيد والحقد من جهة والمحاباة والنفاق والمعايير المتعدّدة كمصادر في توجيه ورسم السياسات من جهة أخرى، وسورية التي جاء العالم إلى رؤيتها يعترف أنّ الخطر الأبرز في نتائج الحرب عليها هو خطر عام على العالم كلّه يمثّله تجذر الإرهاب، لا تزال متمسكة بالحلّ السياسي الذي يشكل الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية مدخله الأول، كما لا تزال متمسكة بالحاجة إلى جبهة عالمية تحت مظلّة الأمم المتحدة وقراراتها تحارب الإرهاب وفقاً لمعايير جدية لا استعراضية وتنطلق من احترام القانون الدولي ومعايير السيادة الوطنية للدول.

الرئيسان فلاديمير بوتين وحسن روحاني يقيّمان الإنجازات المشتركة، كما أفادت مصادر ديبلوماسية من نيويورك لـ»البناء»، مع اقتراب الملف النووي الإيراني من لحظة النهاية السعيدة وصوغ اتفاق نهائي وشامل باتت ولادته قريبة، إلى نجاح سورية بتلقّي الصدمة الأولى للاستفزاز الأميركي في الحرب على «داعش»، عبر فرض الرضوخ الأميركي لشرط الإبلاغ المسبق عن الغارات، وقدرة سورية على تحويل التحدي إلى فرصة، بتوظيف التشقّق المعنوي للمجموعات المسلحة بتحقيق نجاحات عسكرية باهرة في ريف دمشق، من دون منح المشروعية القانونية لهذه الغارات الأميركية.

لم تغب ثورة اليمن وتداعياتها على مجمل توازنات المنطقة، وافتتاحها عصراً جديداً في الخليج سيكون صعباً من بعده تجاهل الحركات الشعبية وأوزانها التمثيلية في تكوين السلطة، ولا غاب النجاح العراقي بتشكيل حكومة تتمسك بثوابت الحكومات السابقة ذاتها، في علاقاتها الإقليمية والدولية سواء تجاه التنسيق مع سورية أو التعاون مع إيران أو تنويع مصادر السلاح وشركات التنقيب عن النفط ومدّ الأنابيب بالنسبة الى روسيا، وصولاً إلى ما قالته المصادر الديبلوماسية نفسها عن لقاء بوتين – روحاني، من بحث مفصّل للعلاقات الثنائية وتأكيد التمسك بمضمون الحرب على الإرهاب تحت راية الأمم المتحدة من جهة، وتمتين التعاون النووي والعسكري من جهة أخرى.

القضية المدوّية في نيويورك كانت انفجار الخلاف المصري ـ التركي، بعدما وصل الرئيس التركي رجب أردوغان إلى حدّ وصف الحكم المصري بالانقلابي، واضطرار مصر إلى الردّ بقسوة، ما دعا إلى التساؤل حول تأثيرات هذا الخلاف على إعادة إشعال الحرب بين ثنائي السعودية ومصر من جهة، وتركيا وقطر من جهة أخرى، على رغم كلّ ما يُحكى عن مصالحات روّجت السعودية أنها رتبت التسليم القطري وبالتالي التركي بخروج «الإخوان المسلمين» من المسرح، ليؤكد الاشتباك التركي – المصري أنّ المشروع «الإخواني» لا يزال حاضراً بقوة، ولتجد واشنطن جناحي قوتها في المنطقة يستهلكان مصادر قوتيهما في المواجهة البينية، من دون أن تملك وصفة صلح بينهما أو قدرة انحياز كامل لأحدهما.

لبنان الحاضر في نيويورك غائب في لبنان، فالقضايا المقلقة معلقة على حبال الانتظار، وما يتحرك منها سيتحرك على حبال تسويات رجراجة تنذر بالتحوّل إلى أزمات من نوع آخر، كما هو حال سلسلة الرتب والرواتب، التي تمّ التوصل إلى تفاهمات تضمن تمريرها في الجلسة التشريعية غداً، بعدما نجح الرئيس نبيه بري بقطف نجاحه بالفصل بين التشريع والاستحقاق الرئاسي من الزاوية الدستورية، وبين التشريع والتمديد للمجلس النيابي من الزاوية السياسية، بينما شكل مضمون التسوية سبباً لتحفظات مصدرها الرئيسي الزيادة بواحد في المئة على الضريبة على القيمة المضافة، أعلنت أطراف عديدة رفضها في مقدمها الحزب السوري القومي الاجتماعي بلسان رئيسه النائب أسعد حردان، ويتوقع أن تتسع لتضمّ حزب الله والمرده والتيار الوطني الحر، لكن الخشية هي من أن لا ينجح إقرار نهاية التسوية حول السلسلة، بإنهاء النزول إلى الشارع الذي سيتقرّر مصيره في ضوء الحصيلة النيابية التي ستنتج النصوص الأخيرة للقانون، عبر اجتماعات لهيئة التنسيق النقابية وهيئات المعلمين والموظفين في القطاعين العام والخاص.

وفي المقابل ما زال القلق الأمني الذي يجتاح اللبنانيين، من خطر ما يهدّد به قادة «داعش» و»النصرة»، ومن بقاء قضية العسكريين المخطوفين معلقة وتحركات أهاليهم قنبلة موقوتة في الشارع، لكن الجديد كان في موقف للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في الاجتماع الأمني الذي عُقد أمس، دعا خلاله وفقاً لمصادر متابعة، إلى وقف التحركات في الشارع لضمان التقدم الهادئ في ملف التفاوض الذي كشف أنه يحقق تقدماً.

إقرار السلسلة مع تحفظات على الـT.V.A

داخلياً، كرّت سبحة التشريع بعد طول انتظار، وفتح التفاهم على سلسلة الرتب والرواتب الباب أمام أكثر من جلسة تشريعية سيعقدها المجلس اعتباراً من الجلسة الأولى غداً المخصّصة لدرس وإقرار السلسلة و6 مشاريع قروض.

وأفادت المعلومات ان اتصالات ولقاءات جرت في الساعات الثماني والأربعين الماضية لضمان تأييد معظم الكتل النيابية للصيغة التي تم التوصل إليها والتي تقضي بـ:

1 ـ اعطاء المعلمين والموظفين 6 درجات.

2 ـ زيادة الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة.

3 ـ تقسيط السلسلة على سنتين.

ووفقاً للمعلومات فإن كلفة السلسلة تبلغ حوالى 1950 مليار ليرة بينما تبلغ الإيرادات المقدرة حوالى 1760 مليار ليرة، مع العلم أن الدولة تدفع حالياً بدل غلاء معيشة للقطاع العام حوالى 850 مليار ليرة من دون إيرادات. وبالتالي فإنه إذا ما طبقت بنود السلسلة فإنه سيكون هناك وفر للخزينة حوالى ستمئة مليار ليرة.

وحسب المعلومات فإن رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة كان أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري موافقته على صيغة التفاهم الذي جرى مع النائب جورج عدوان ما ضمن تأييد «14 آذار» للسلسلة، ما عدا حزب الكتائب الذي أعلن مقاطعته التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فيما تركزت الاتصالات مع النائب وليد جنبلاط الذي اقترح زيادة الـ2 في المئة على T.V.A بدلاً من واحد في المئة. وقالت المصادر إن هناك بوادر ليونة في موقفه يمكن أن تؤدي إلى تصويته لمصلحة السلسلة من دون تحفظ.

جبهة النضال تمتنع عن التصويت

وعلمت «البناء» أن جبهة النضال الوطني ستحضر الجلسة «ايماناً منها بالعمل التشريعي وتفعيل عمل مجلس النواب في هذه المرحلة، الا انها ستمتنع عن التصويت». وأشارت مصادر مطلعة إلى ان موقف جبهة النضال يأتي انطلاقاً من عدم التوازن بين النفقات والواردات «التي ليست أكثر من سمك في البحر».

الكتلة القومية تتحفظ على زيادة الـ TVA

وأعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان من جهته، بعد ترؤسه اجتماعاً للكتلة القومية الاجتماعية، بحضور عضو الكتلة النائب د. مروان فارس وأعضاء في المكتب السياسي المركزي للحزب أنّ الكتلة «ستصوّت لمصلحة إقرار السلسلة بشقيها، الحقوق والواردات، لكنها ستسجل اعتراضاً وتحفظاً على البند المتعلق بزيادة واحد في المئة على ضريبة القيمة المضافة T.V.A لأنّ هذه الزيادة ستؤخذ من جيوب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وكان حرياً أن تغطى الإيرادات من أبواب أخرى وهي كثيرة».

اليوم مواقف «الوفاء للمقاومة» و«التغيير والاصلاح» و«لبنان الموحد»

أما كتلة الوفاء للمقاومة التي هي من حيث المبدأ ضد زيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة، فإنها تجتمع اليوم لتحديد الموقف النهائي لجهة التحفظ. كما سيحدّد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون موقفه من زيادة الضريبة على القيمة المضافة، بعد اجتماع «التكتل» الأسبوعي في الرابية عصر اليوم. وأكد النائب نبيل نقولا لـ«البناء» انه بغض النظر عن موقف «التكتل» إلا انه سيصوت بضد على زيادة الضريبة على القيمة المضافة.

كذلك ستعلن كتلة لبنان الحر الموحد برئاسة النائب سليمان فرنجية موقفها اليوم، وأشارت مصادرها لـ«البناء» أن هذا الموقف سيكون منسجماً مع موقف الحلفاء.

وفي مطلق الأحوال، فإن السلسلة في طريقها إلى الإقرار غداً مع باقي المشاريع الستة المتعلقة بقروض مالية متنوعة.

ولن تكون هناك كلمات في مشهد الجلسة في إطار باب الأوراق الواردة باعتبار أن الاستهلاك في مناقشة السلسلة هو استكمال للمناقشة التي بدأت سابقاً والتي أقر خلالها عدد كبير من موادها خصوصاً المتعلقة بالإصلاحات الإدارية.

ويعقد المجلس جلسة ثانية يوم الأربعاء في 8 تشرين الأول، حيث يتوقع أن يدرج على جدول أعمالها ثلاثة مواضيع أساسية هي: «اليوروبوند»، والوضع المالي وقضية تأمين الرواتب، وتعديل قانون الانتخابات في خصوص المهل المتعلقة بدعوة الهيئات الناخبة وتشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات.

وإذا كانت هيئة مكتب المجلس خلال اجتماعها أمس برئاسة بري لوضع جدول اعمال جلسة الغد، قد تجنبت الكلام في موضوع الانتخابات أو التمديد للمجلس، فإن الموضوع الثاني سيكون موضوع الساعة في الأيام المقبلة، ولا يستبعد أن يطرح النائب نقولا فتوش اقتراحه بالتمديد للمجلس سنتين و7 أشهر باعتباره معجلاً مكرراً، في جلسة الغد أو ينتظر لطرحه في الجلسة الثانية.

وتقول مصادر نيابية إن عدم طرح نواب 14 آذار في اجتماع مكتب المجلس موضوع التمديد، عائد أولاً إلى أن الرئيس بري لم يأتِ على ذكره أبداً انطلاقاً من موقفه الرافض له، وثانياً لرغبتهم في بلورة السيناريو لهذا الخيار.

وفي هذا السياق، قالت مصادر في تيار المستقبل ان هناك وقتاً امام بت الخيارات المطروحة بخصوص الانتخابات النيابية إلا أنها رجحت الذهاب نحو التمديد، لأن الذهاب إلى الانتخابات تشوبه مخاطر أمنية وشوائب دستورية. مكررة القول: «إن حصول الانتخابات في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية يأخذ البلاد نحو المزيد من الفراغ في مؤسسات الدولة بدءاً من مجلس النواب». وأوضحت ان قرار تيار المستقبل بعدم المشاركة في الانتخابات النيابية نهائي ولا رجوع عنه.

إلى ذلك، حذر حزب الكتائب من «أي مسار برلماني يؤدي الى تكريس تشريع الفراغ الرئاسي»، معتبراً «ان تشريع الضرورة ليس سوى مدخل مشبوه للتأقلم مع الفراغ الرئاسي، مما يحول رئاسة الجمهورية الى موقع هامشي يمكن الاستغناء عنه».

معلمو الخاص يلوّحون بثورة

وتترقب هيئة التسيق النقابية ما ستسفر عنه الجلسة التشريعية، لكن اوساطها اعتبرت انه «بحجة تشريع الضرورة لتمرير التمديد، يتم تمرير سلسلة ملغومة،لأن الانصاف يكون اولاً بإعطاء المعلمين والموظفين والعسكريين ما تبقى من نسبة غلاء المعيشة وهي 75 في المئة، وثانياً ان تكون الزيادات هي نفسها للجميع وليست محاولة شق هيئة التنسيق من خلال اعطاء زيادات عشوائية تنصف بعضهم نسبياً وتأكل حقوق المعلمين». وأوضحت المصادر «ان هيئة التنسيق ستحدد موقفها في ضوء ما سيصدر عن مجلس النواب لأن لا شيء واضحاً اليوم حول ما جرى الاتفاق عليه بين الكتل النيابية».

وعقدت الهيئة الادارية لرابطة موظفي الادارة العامة اجتماعاً، في اطار اجتماعاتها المفتوحة أكدت بعده رفضها «القاطع لزيادة ساعات العمل. الاصرار على ملء المراكز الشاغرة من داخل الادارة وخصوصاً في الوظائف الثلاث القيادية، واعطاء الموظف الذي يرفع من فئة الى اخرى، درجة عن كل ثلاث سنوات خدمة تزيد على السنوات المطلوبة للترفيع».

وأعلنت الهيئة «ابقاء اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة الجلسة النيابية وفي انتظار مقررات هذه الجلسة والتي سيصار بعدها الى دعوة مجلس المندوبين لتقويم الموقف واتخاذ القرارات المناسبة في هذا الخصوص».

واستغرب نقيب المعلمين في لبنان نعمه محفوض «حرمان معلمي المدارس الخاصة من الدرجات الست التي أعطيت لباقي القطاعات»، ورأى ان هذا الحرمان «خطوة على طريق فصل التشريع بين التعليم الرسمي والخاص»، لافتاً الى أن «المس بوحدة التشريع وعدم المساواة بين القطاعات هو قنبلة موقوتة ستؤدي الى انهاء العام الدراسي قبل أن يبدأ».

وأعلن أن المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان يدعو الى عقد الجمعيات العمومية في المحافظات كافة، في الثالثة بعد ظهر اليوم وعلى جدول الاعمال الدعوة الى اعلان الاضراب المفتوح اعتباراً من صباح الاربعاء في جميع المدارس الخاصة مع اعتصام امام مجلس النواب «رفضاً لفصل التشريع بين القطاعين الرسمي والخاص الذي ناضلت نقابة المعلمين لسنوات لتحقيقه». وحذر محفوض من حرمان معلمي القطاع الخاص من الدرجات الست بأنه سيؤدي الى ثورة اعتباراً من الخميس.

باب ضوء في قضية المخطوفين

في غضون ذلك بقي ملف العسكريين المخطوفين، محور متابعة حكومية مع إشاعة أجواء توحي بالتقدم على هذا الصعيد.

وبعد اجتماع عقد في السراي الحكومية ضم رئيس الحكومة تمام سلام والوزيرين وائل ابو فاعور ونهاد المشنوق والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، أكد ابو فاعور ان قضية العسكريين الأسرى تتحرك والأمور تأخذ منحى التواصل الفعلي.

واعتبر اللواء ابراهيم من جهته ان «الأهالي اذا اختاروا تنفيذ شروط الخاطفين فهذه كارثة»، مشيراً الى «باب ضوء في الملف الذي يسير على الطريق الصحيح ولا نريد ارباكاً من خلال التحركات»، رافضاً الافصاح عما يقوم به في القضية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى