لجينة الأصيل:رسوم الأطفال تعكس بيئتنا الثقافيّة

كتب محمد سمير طحان من دمشق سانا : لعبت المصادفة دوراً رئيسياً في توجه الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل نحو التخصص في رسوم الأطفال، إذ دخلت أروقة مجلة «أسامة» بعد تخرجها مباشرة من قسم العمارة الداخلية في كلية الفنون الجميلة في دمشق. ونالت الأصيل في هذه المجلة المتخصصة بعالم الطفل الرعاية اللازمة في بداية مسيرتها لتمتلك مفاتيح نجاح لوحة الطفل، فكانت مجلة «أسامة» بالنسبة إليها أما ومعلمة، وعلى صفحاتها تطورت رسومها وانتشرت ووجدت نفسها في عالم مليء بالخيال والمتعة، ليمتد مشوارها الفني حتى اليوم بنجاح وتميّز كبيرين.

عن مشوارها ومشروعها الفني مع عالم الطفل تقول الأصيل: «إن مشروعي هو اللوحة في كتاب الطفل، وأعمل على نشرها عبر إعداد الكوادر الفنية المتخصصة والموهوبة ومع الفنانين المتميزين الذين يرغبون في العمل في هذا المجال عن طريق ورش العمل والاطلاع على ما وصل إليه هذا الفن في العديد من دول العالم. سورية غنية بالمواهب الفنية في مجال رسوم الأطفال التي أفاد منها الوطن العربي، وفي أكثر من سياق تربوي وثقافي، حتى أضحى لدينا أسماء معروفة الآن لدى دور النشر المهتمة بالطفل على المستوى العربي والعالمي، فهذا الفن لا يزال غير واضح المعالم في سورية ولم ينل حقه كعمل فني تشكيلي مهم».

توضح الرسامة «أن رسوم كتب الأطفال مشروع متكامل يجب أن يدرس حاجات الطفل الموجه إليه بحسب بيئته الثقافية والاجتماعية، مع ضرورة توافر خطة تربوية كاملة ومحكمة لأي مشروع موجه إلى الأطفال، فالسلامة النفسية لمجتمع ما تبدأ من الطفل وما يقدم إليه من معارف تدعم ثقته بنفسه وبمجتمعه ليكبر مبدعاً ومحباً لبيئته ووطنه»، معتبرة أن تطوير الرسوم في كتب الأطفال هي مسؤولية الدولة في المقام الأول من خلال وزارات الثقافة والتربية والتعليم العالي على حد سواء ووضع خطط تدريسية تهتم بهذا الاختصاص في كلية الفنون الجميلة والمعاهد الفنية المتخصصة، إلى جانب التسهيلات لدور النشر لإنتاج كتب الأطفال وتقديم الحوافز التشجيعية للمبدعين في هذا المجال وإقامة ورش عمل تساعد في تطوير هذا العمل، مع استقدام المعارض الدولية المتخصصة في عالم الطفولة ليطلع عليها الفنانون والناشرون»، وترى أن الرسم لهذه الفئة موهبة مضافة على الموهبة التشكيلية ومسؤولية علمية وتاريخية حيال ما يقدم للطفل، لذا يجب أن يتحلى الفنان بالقدرة على التطوّر والحداثة مع سعة في المخيلة وقدرة عالية في الرسم والكثير من الصبر والشغف.

عن واقع الرسوم المتحركة تقول الأصيل، الخبيرة في هذا المجال: «إن تقنية صناعة الرسوم المتحركة تختلف تماما عن رسوم كتب الأطفال، كما أن تكلفتها الأولية عالية جداً، لذا فإنّ هذه الأفلام تحتاج إلى دراسة التكلفة لإعدادها قبل الاقدام عليها، لكي يكون العمل في النهاية مجدياً تجارياً، ولا شك في أن ذلك يتم غالباً على حساب القيمة الفنية ولا يتحمل شطحات مخيلة الفنان. إن الرسوم الموجهة إلى الطفل يفهمها جميع أطفال العالم، لكن من الضروري أن تتمتع بأصالة البلد الذي نشأ فيه الفنان، ومن هنا أهمية أن تكون صناعة كتب الأطفال من الألف إلى الياء من بيئة الطفل، ما يؤكد ضرورة الاهتمام بهذا الفن وتطويره».

تختم صاحبة المسيرة الطويلة في رسوم وكتب ومجلات الأطفال بالقول: «إن رسوم كتب الأطفال في بلادنا العربية عامة لا تنال حقها من التقدير نظراً إلى عدم الاعتراف بأهمية هذا الفن، والجهد الذي يبذل في تحقيقه، لكن ذلك لا يمنع انتشار هذه الثقافة في بعض الدول العربية وتوجهها على نحو إيجابي إلى الطفل، إذ بات العمل مع بعض دور النشر العربية المهتمة يكفي الفنان كي يتفرّغ للعمل في هذا المجال».

لجينة الأصيل من مواليد دمشق عام 1946، تحمل إجازة في العمارة الداخلية من كلية الفنون الجميلة في دمشق منذ عام 1969 وتعمل منذ تخرجها حتى اليوم في رسوم الأطفال والإشراف الفني وتضع سيناريوات كتب ومجلات الأطفال في سورية وعدة دول عربية. ألقت الكثير من المحاضرات وأشرفت على العديد من ورش العمل في هذا المجال، فضلا عن معارض عديدة داخل سورية وخارجها للتصوير الزيتي، وأعمالها مقتناة في عدد من المتاحف الوطنية والعالمية الى جانب تأليفها ثلاثة كتب للأطفال، وحازت العديد من الجوائز المحلية والعالمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى