اليمن يحسم الرئاسة اللبنانية

روزانا رمّال

في كلّ مرة يتمّ فيها الحديث عن تقارب سعودي ـ إيراني لم تكن السعودية تسارع الى النفي او رفض ما يُشاع من أجواء، علماً أنّ السعودية عمدت في السنوات الماضية إلى تصوير إيران على أنها الخطر الأكبر في الخليج، حيث يجب مواجهته مع حلفائه، خصوصا لما يثيره البرنامج النووي الإيراني من قلق لدى دول الخليج، التي تخشى أن يعطي النفوذ الإيراني المتزايد أملاً للمعارضات الصامتة في تلك الدول، والتي تتهمها السعودية بأنها تتلقى أوامر إيرانية… من أجل إعلاء صوت التغيير في الخليج.

اليوم بدأ فجر الفصل الجديد بين السعودية وإيران، وهو ما أعلن عنه وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف بعد اجتماعه إلى نظيره السعودي سعود الفيصل، في ما وصف بأنه لقاء مفصلي أعقب أحداث اليمن المفاجئة، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن ظريف قوله بعد اللقاء الذي استمرّ ساعة: «نأمل أن يشكل هذا الفصل الجديد فصلاً مثمراً في مسار إرساء السلام والأمن على المستويين الإقليمي والعالمي، وصون مصالح جميع الشعوب الإسلامية في العالم».

كذلك نقلت الوكالة نفسها عن الفيصل قوله: «للسعودية وإيران نفوذ كبير في المنطقة التعاون بينهما سيؤدي إلى تأثيرات لا تنكر في إرساء السلام والأمن إقليمياً ودولياً».

بعد اربع سنوات من الأزمات في المنطقة اتفق الطرفان فجأة على «أنّ لهما نفوذاً كبيراً في الشرق الأوسط، وأنّ التعاون بينهما يساهم في إرساء السلام الدولي وليس فقط الإقليمي…

واضح انّ تطورات اليمن جمعت الطرفين رسمياً اخيراً…

إنه اليمن الذي يقلق الطرفين أيضاً، والذي جاءت تطوراته الأخيرة لصالح الحوثيين الذين يتمتعون بعلاقة طيبة مع ايران… إنه اليمن وما يعنيه من أمن للسعودية قومياً واستراتيجياً.

فرض اليمن واقعاً جديداً سيكون مقدمة للتعاون الرسمي والمقايضات والتسويات المقبلة بين السعودية وإيران حيث لم تسجل الأحداث الماضية فرصة مؤاتية او ملحة للتعاون الإيراني السعودي مثل الذي فرضه تقدم الحوثيين في اليمنز..

لا يبدو أنّ إيران تريد اعتبار تطور الأحداث في اليمن نقطة لصالحها عبر المنابر الإعلامية او الاجتماعات او المبالغة بإطلاق تصريحات تضرّ بثورة اليمنيين الجديدة، معتبرة أنّ ما جرى نابع من الشعب اليمني وحاجته إلى الإصلاح…

إلا أنّ الواقع يؤكد أنّ ما جرى قلب المعادلات في الخليج لصالح إيران، الأمر الذي جعل التواصل معها حاجة وضرورة من قبل السعودية، لأنّ المكابرة لا تنفع…

تعرف السعودية جيداً أنّ اليمن قد يكون مقدمة لدول خليجية أخرى، وهي من بينها، تخرج شعوبها للمطالبة بتغيير الحكم في الممالك والإمارات، وهذا أكثر ما تخشاه… من هنا باتت السعودية تتطلع إلى أيّ تعاون إيراني يعطي ضمانات بالحدّ الأدنى الا تتدهور الساحة الخليجية، وعليه فإن التعاون المنشود يفترض ان ينعكس على عدة ملفات في المنطقة.

ولعلّ أبرزها لبنان… العالق بين استحقاقات أمنية ودستورية ينتظر أن يأتي «ضوء أخضر ما» لكي يبتّ فيها، أما اليوم وبعد ما جرى في اليمن، تشير الاتصالات والحركة الديبلوماسية إلى أنّ اقتسام السلطة في اليمن وترتيب الأوضاع فيه سيكونان تحت العين السعودية الإيرانية من دون تلكؤ، نظراً إلى حساسية اليمن وقربه من السعودية، وهو الأمر نفسه الذي سيحصل في لبنان، حيث يُعتقد أن تؤثر أحداث اليمن على تقريب موعد حسم اسم الرئيس اللبناني العتيد، الذي على ما يبدو لم تعد مدة انتظاره طويلة، وذلك أيضاً تحت العين السعودية ـ الايرانية، لأنّ المقايضات والتسويات بعد لقاء نيويورك تجري على نار حامية وأسرع من اي وقت مضى، على وقع ضربات التحالف وكذلك المخاوف من انزلاق الأمور في الخليج… وعندها قد لا ينفع ندم سعودي بتجاهل نفوذ إيراني قادر على أن يعيد ترتيب أوراق القوة في المنطقة لصالحه ولصالح حلفائه.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى