جنبلاط ورعد: عودة لحلف… وقطر في عرسال وعد بوقف الذبح تركيا تهدّد بتدخل في سورية وتهاجم مصر… وتطلب مكانة السعودية

كتب المحرر السياسي :

تهديد الرئيس التركي رجب أردوغان لسورية واللغة العالية السقف اللذين تضمّنتهما كلمته في طلب تفويض الجيش المشاركة في الحرب على «داعش»، وفرضيات التدخل البري التي امتلأت بها وسائل الإعلام التركية، شغلت المحلّلين حول التفسيرات والخلفيات ومدى وجود إرادة جدية وقدرة عملية على ترجمته.

محللو تلفزيون بورصة التركي اليساري المعارض قدموا لكلام أردوغان تفسيراً، بربطه بالمواجهة التي تخوضها حكومة حزب العدالة والتنمية مع حكومة الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر، والمستوى الحادّ للتخاطب بينهما، وما يعنيه السعي التركي إلى حجز مقعد على المشهد الإقليمي من بوابة فرض موقع ودور للجناح العربي من «الإخوان المسلمين»، في واحدة من دول المركز العربي، سورية أو مصر، ليتسنّى لتركيا الإخوانية حجز المقعد الذي تحتله السعودية في المعادلة الإقليمية، وخصوصاً في العين الأميركية.

وفقاً للمحللين أنفسهم يقول أردوغان لواشنطن، إذا كان دور تركيا محورياً في الحرب على «داعش»، وإذا كانت هذه الحرب مصيرية لأميركا، فتركيا تعلم أنّ الوقت هو لحجز المقاعد والأدوار والأحجام في معادلات المنطقة، وأنه مقابل إيران تتكرّس السعودية، وأنّ «إسرائيل» لم تعد بقوتها. لكن من بوابة الحرب على «داعش» يضع أردوغان سقفاً عالياً ليفاوض على دور ومكانة، يضمّانه مع حليفيه قطر و«إسرائيل» وبقوة لحجز المكانة للإخوان في تسويات مصر وسورية المقبلة.

ليس بعيداً عن خطاب أردوغان، عرفت سورية تطورات عسكرية ميدانية حملت كلها تقدماً للجيش في أكثر من موقع، بينما ضربت «جبهة النصرة» بتفجير انتحاري في حمص حصد أكثر من عشرين شهيداً من الأطفال.

والعلاقة المميّزة بين «النصرة» و«داعش» من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى، تظهرها مفاوضات الإفراج عن العسكريين المخطوفين في لبنان، حيث شكل نجاح الموفد القطري بالسيطرة على الموقف مع كلّ من «داعش» و«النصرة» مفاجأة، بعدما كان النفوذ محصوراً بـ»النصرة» وحدها، فإذ يبدو أنّ «داعش» تحت السيطرة أيضاً، فكان إطلاق «داعش» العسكري كمال الحجيري من يد «داعش» أول من أمس، وتبعته ليل أمس مواقف من عرسال لهيئة العلماء تبشر بوقف عمليات استهداف العسكريين المخطوفين وذبحهم، كشرط لمواصلة التفاوض بعدما نجح المفاوض اللبناني اللواء عباس إبراهيم بفرضه، كما نجح بفرض وقف تحركات أهالي العسكريين نحو قطع الطرقات وفقاً لما تضمّنه التمني الصادر من عرسال.

في المشهد السياسي اللبناني كانت قبة المجلس الحدث، حيث طارت الجلسة التشريعية المخصصة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، بعدما ترتب على التعديلات السنيورية لإقرارها إشعال غضب الأسلاك العسكرية، في ظرف لا يستطيع أحد تبرير مدّ اليد إلى جيوب الذين يُطلب منهم تقديم الدم رخيصاً في سبيل وطنهم، الذي يبخل نوابه عليهم بكفاف العيش الكريم.

السلسلة مؤجلة إلى مزيد من الدرس في اللجان المشتركة، والتمديد للمجلس مؤجل للمشاورات، والتطور اللافت في المشاورات كان عودة الحلف بين النائب وليد جنبلاط وحزب الله، عبّر عنه ما تسرّب عن اللقاء الذي جمع جنبلاط برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.

داخلياً، وفي حين أرجأ المجلس النيابي إقرار سلسلة الرتب والرواتب وأحالها مجدداً إلى اللجان المشتركة بسبب إجحافها السلك العسكري، أحبط الجيش محاولة تفجير في عرسال كانت تستهدف آليات للجيش.

فقد أوضحت قيادة الجيش في بيان مساء أمس أن دورية تابعة لمديرية الاستخبارات عثرت «على ثلاثة أكياس سوداء اللون مشتبه بها في محلة عين الشعب – عرسال، وبعد الكشف عليها من الخبير العسكري، تبين أنها معبأة بمواد كيماوية تستعمل للتفجير زنتها نحو 66 كلغ مجهزة بصاعق كهربائي، حيث عمل على تعطيلها وتم نقلها إلى مكان آمن، وبوشر التحقيق في الموضوع».

ورجحت مصادر أمنية لـ«البناء» أن تكون المتفجرة مركبة بشكل متطور ومكونة من «تي أن تي» أو «سي فور»، وأنها كانت ستحدث في حال انفجارها مجتمعة إصابات كبيرة في الأرواح، فضلاً عن أضرار مادية جسيمة، عكس تفجيرها بشكل متفرق أي كل عبوة تحتوي على 20 كلغ.

مجلس الوزراء يبحث المقايضة

وجاء هذا التطور الأمني عشية جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومية اليوم والتي ستبحث في ملف العسكريين المخطوفين من خارج جدول أعمال الجلسة، ومبدأ المقايضة مع الخاطفين الذي يواجه باعتراضات كبيرة ولا سيما من حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح.

وأشارت أوساط مطلعة إلى أن حسم هذا الأمر رهن بما سيطرحه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق في هذا الشأن.

وكان النائب وليد جنبلاط الذي يؤيد المقايضة، نشط على هذا الخط. وأكدت مصادر في التكتل لـ»البناء» أن رسالة جنبلاط التي نقلها وزير الزراعة أكرم شهيب إلى رئيس التكتل النائب ميشال عون تتعلق بهذا الموضوع، متمنياً على الأخير القبول بمبدأ المقايضة.

في حين رجحت مصادر نيابية في تيار المستقبل أن تكون الرسالة تناولت مسألة التمديد للمجلس النيابي، معربة في الوقت عينه عن قلقها من الحراك الدائر بين فريق «8 آذار» والتيار الوطني الحر من جهة والنائب جنبلاط من جهة أخرى، معتبرة أنه يدور حول الاستحقاق الرئاسي.

وفي إطار هذا الحراك، التقى جنبلاط مساء أمس وفداً من حزب الله ضمّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الوزير حسين الحاج حسن، النائب علي عمار ورئيس وحدة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا بحضور الوزير وائل أبو فاعور والنائب غازي العريضي.

وأكد رعد عقب اللقاء أن «الأجواء إيجابية وجيدة ونتطلع إلى فتح نوافذ لإخراج لبنان بأسرع وقت وأقل كلفة من هذا القطوع الذي نمر به لتلافي التداعيات». وأشار إلى أن «البحث كان متشعباً خصوصاً في ما يدور حولنا»، مؤكداً أن «الآراء تلاقت على ما يصب في مصلحة اللبنانيين». كما لفت إلى أنه «تفهمنا وجهة نظر جنبلاط وسنلتقي معاً لمواجهة الاستحقاقات».

وشدد رعد على «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، لأن البلد يحتاج إلى رئيس يقوم بمهامه الدستورية».

من ناحيته، أكد جنبلاط أن اللقاء «كان ممتازاً وجرى خلاله البحث بأمور داخلية وخارجية عدة»، ورأى أنه «لا بد بأن تتوسع هذه اللقاءات»، لافتاً إلى أن «العلاقات مع الحزب جداً خاصة وممتازة»، مشيراً إلى أن «هذا لقاء خاص وليس الأول ولن يكون الأخير».

وذكرت مصادر المجتمعين أن اللقاء تطرق إلى موضوع التمديد للمجلس النيابي وملف العسكريين المخطوفين وتحصين منطقة راشيا من تداعيات الأزمة السورية.

وكان جنبلاط التقى مساء أول من أمس الرئيس السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري واستبقاهما إلى مائدة العشاء.

من جهة أخرى، أوضح مصدر موثوق أن مسار المفاوضات التي يتولاها القطريون والأتراك في شأن العسكريين تسير في سياق مقبول بعد وضع قواعد لمسار المفاوضات. إلا أن المصدر قال إن حصول تقدم مرهون بقدرة الوسطاء على تقريب المواقف ما بين الحدود الممكنة التي تكفلها القوانين وتحفظ هيبة الدولة وبين ما تطالب به المجموعات الإرهابية. وشدد المصدر على أن لا مواعيد محددة أمام الوسطاء لإطلاق سراح العسكريين، لأن الأمور لا تحتمل الاجتهادات، خصوصاً أن المجموعات الإرهابية لا تتنازل بسهولة عن شروطها حتى مع القطريين والأتراك، مشيراً إلى أن التسريبات عن مواعيد معينة غير دقيقة ولا تخدم مسار التفاوض.

وفي السياق نقل وفد هيئة علماء القلمون، خلال اجتماع عسكري علمائي في عرسال تعهدات من الخاطفين بعدم التعرض لأي عسكري لديهم مهما طالت المفاوضات، فيما وصف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في عملية إطلاق سراح المعاون أول كمال الحجيري أول من أمس «بأنها مقدمة لحصول تطور بالمفاوضات مع الخاطفين».

طارت السلسلة والسنيورة يعترض على الزيادة للعسكريين

نيابياً خابت الآمال مجدداً في شأن إيجاد خاتمة سعيدة لسلسلة الرتب والرواتب لتطير مجدداً حتى إشعار آخر، بعد أن رماها مجلس النواب مرة أخرى في أدراج اللجان المشتركة بسبب الاعتراضات الشديدة التي برزت على الصيغة المطروحة، ولا سيما في ما يخص السلك العسكري الذي وجد المعنيون به إجحافاً بحقه.

وبسبب إرجاء إقرارها في جلسة الأمس تزايدت الشكوك حول مصيرها في المدى المنظور، لسببين الأول: أن اللجان لن تعقد جلستها الأولى قبل منتصف الشهر الجاري، والثاني هو أن التعديلات المفترضة ستعيد النقاش إلى الصفر في شأن الكلفة والإيرادات المقدرة في حال أقرت الزيادات المطلوبة على السلسلة الخاصة بالسلك العسكري، خصوصاَ أن كتلة المستقبل ترفض هذا الأمر.

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل أعرب في الاجتماع الذي ترأسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري قبل الجلسة بحضور رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل والنائبين جورج عدوان وإبراهيم كنعان عن «اعتراض قطعي» على الصيغة المطروحة، مطالباً بفصل العسكريين عن باقي القطاع العام ووضع مشروع سلسلة خاص بهم.

أما التيار الوطني الحر فأبلغ على لسان النائب كنعان رفضه للسلسلة المجحفة المطروحة للعسكريين وأبدى الرئيس بري تفهمه الكامل لاعتراض المؤسسة العسكرية، لكن السنيورة اعترض على تعديل سلسلة العسكريين الذي يوجب زيادة غير قليلة في الكلفة، ما جعل النقاش يدور في حلقة مفرغة، ولم يتم حسم الأمر فاتجه الرأي إلى التأجيل سعياً إلى سد هذه الثغرات.

كما علمت «البناء» أن قائد الجيش العماد جان قهوجي التقى في اليومين الماضيين وزير المال علي حسن خليل وبدا غير راضٍ على نسبة الزيادات للعسكريين، أعقب ذلك لقاء جمع قهوجي بكبار الضباط رفض خلاله قائد الجيش أيضاً ما أقر للأسلاك العسكرية.

ويضاف إلى ذلك بروز اعتراضات من المعلمين في القطاع العام والخاص، وتفاوت بين الرتب في احتساب الدرجات الأمر الذي جعل بري ينفذ ما كان لوح به آسفاً لعدم تقديم السلسلة عيدية لأصحابها، وأحال الملف مجدداً إلى اللجان المشتركة.

وطرحت أجواء جلسة الأمس أسئلة حول مصير الجلسة المقبلة التي تردد أنها ستعقد يوم الأربعاء المقبل. واقتصرت جلسة الأمس، التي لم تدم أكثر من نصف ساعة على إقرار ستة قروض تتعلق بمشاريع إنمائية مائية وتربوية وغيرها لعدد من المناطق. كما تجاوز المجلس مطبّ عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين في الشهرين المقبلين أي لغاية نهاية العام الحالي، بإقرار اقتراح اعتماد إضافي بقيمة 626 مليار ليرة لدفع الرواتب.

وكانت الجلسة تواكبت مع اعتصام لهيئة التنسيق النقابية في ساحة رياض الصلح وإضراب جزئي في بعض المدارس الخاصة احتجاجاً على صيغة السلسلة بينما أعلن نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمة محفوض أن اليوم هو يوم دراسي عادي.

حبس العميل الربعة 6 سنوات

في مجال آخر، قضت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد أنطوان فلتاكي بحبس الموقوف المهندس طارق الربعة ست سنوات وتجريده من الحقوق المدنية بجرم التعامل مع «إسرائيل».

وكان الربعة، وهو مهندس وموظف في شركة الخلوي «الفا»، أوقف في 12 تموز 2010 .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى