واشنطن تكرّس البرزاني بديلاً لـ«الجيش الحر» شمالاً و«النصرة» جنوباً تركيا تخسر رهان «المنطقة العازلة»… والشوكة الكردية في خاصرتها

كتب المحرر السياسي

قال ديبلوماسي روسي في جلسة ضمّت عدداً من الديبلوماسيين في باريس بينما كان اجتماع وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري يتخطى الساعة الثانية، إذا أردتم معرفة ماذا يريد الأميركيون من سورية عليكم أن تنتظروا ماذا سيجري في كوباني؟

قبل أسبوع قال البيت الأبيض في بيان عقب لقاء بين رئيس الاستخبارات التركي هاكان فيدان وليزا موناكو مساعدة الرئيس الأميركي للأمن القومي إنّ الأخيرة «عبّرت عن تقديرها لدعم تركيا للعمليات العسكرية الأميركية الحالية في العراق وسورية». وأضاف البيان: «إن موناكو أكدت أهمية تسريع المساعدة التركية في إطار استراتيجية شاملة لإضعاف الدولة الإسلامية وتدميرها في نهاية المطاف».

وقبل أربعة أيام قال وزير الخارجية الأميركية جون كيري إنه لا يعتبر منع سقوط كوباني هدفاً إستراتيجياً بعدما قال في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند إنه «من المروّع متابعة ما يجري في كوباني في حينه. عليك أن تتروى وتتفهم الهدف الاستراتيجي».

وأكد كيري أن الأهداف الأصلية لجهود بلاده والتحالف الذي تقوده هي مراكز القيادة والسيطرة والبنية الأساسية، قائلاً: «نحن نسعى لحرمان «داعش» من القدرة الكاملة على ذلك، ليس في كوباني فقط ولكن في جميع أرجاء العراق وسورية».

بالمقابل قبل ثلاثة أيام صرح الناطق باسم «البنتاغون» الأميرال جون كيربي بأن الجيش الأميركي يعتقد أنه قتل بضعة مئات من مقاتلي «الدولة الإسلامية» في كوباني وحولها. وقال إن الزيادة في عدد الغارات الجوية حول المدينة للائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة يمكن أن تعزى جزئياً إلى زيادة في نشاط مقاتلي التنظيم في المنطقة، ولكن على رغم الغارات لا يزال ممكناً أن تسقط المدينة في أيدي التنظيم المتشدد.

بالمقابل قال أردوغان، أمام لاجئين سوريين في مخيم في غازي عنتاب، إن «إلقاء القنابل من الجو لن يوقف الرعب. الرعب لن يتوقف بغارات جوية، ولن يتوقف ما لم نتعاون لشن عملية برية مع الذين يقاتلون على الأرض»، مضيفاً: «لقد مرّت أشهر من دون تحقيق أي نتيجة. كوباني على وشك السقوط». وتابع: «لقد حذرنا الغرب. وكنا نريد ثلاثة أشياء… منطقة حظر طيران ومنطقة آمنة موازية لها، وتدريب المعارضين السوريين والعراقيين المعتدلين». وكرّر أن أنقرة ستتدخل إذا حدث تهديد للجنود الأتراك الذين يحرسون ضريح سليمان شاه.

لم يقدم أردوغان ما طلبته واشنطن، ولم تسقط كوباني فماذا حدث؟

فجأة منذ يومين ينعقد في هولير بكردستان العراق، اجتماع قيادي كردي يضم كل قادة الأحزاب الكردية يعلن بنتيجته تولي زعيم البشمركة مسعود البرزاني قضية كوباني، وتبدأ وحدات البشمركة بالتوجه نحو تركيا ومنها إلى كوباني، يسمح الأتراك بذلك، يتزايد القصف الأميركي تركيزاً وكثافة، يصير القصف الجوي مجدياً، وتعلن وزارة الدفاع الأميركية أن منع سقوط كوباني صار ممكناً، فما الذي تغير؟

الذي حدث ببساطة أن القوى الكردية التي كانت تتولى حماية عين العرب كانت خارج العباءة الأميركية، وأن قرار واشنطن كان منذ البداية تسهيل مهمة «داعش» وصولاً لاستنزاف قدرات لجان الحماية الشعبية ودفع قيادتها السياسية للانضواء تحت زعامة مسعود البرزاني، الذي قررت واشنطن تكريسه بديلاً لما تسميه المعارضة المعتدلة في مناطق الشمال السوري التي يشكل الوجود الكردي الثقل الأساسي فيها، والتي يسيطر عليها مقاتلو «داعش» حالياً، من دير الزور إلى الحسكة والقامشلي، وهذا التحول ينبئ وفقاً لمراجع كردية متابعة، بمشاكل سياسية وأمنية متعددة لن يعفي منها مبايعة عبدالله أوجلان وصالح مسلم للبرزاني، وربما تتمظهر بانشقاقات وتمرد وربما مواجهات عسكرية بين مجموعات كردية سورية ووحدات البشمركة التي قرر الأميركيون دعمها بالسيطرة لاستعادة كوباني.

مقابل هذه المتغيرات شمالاً كان جنوب سورية يشهد مع كلمات موشيه يعالون عن التعاون مع «جبهة النصرة» إشارة قوية تتزامن مع تقدم الجيش السوري على حساب وحدات أغلبها من مكونات الجبهة الإسلامية التي شكلت خلال السنة الماضية حصان الرهان السعودي لتصير «جبهة النصرة» والبشمركة على طرفي الحدود السورية موضع الرهان الأميركي، وضمناً السعودي، بينما «داعش» في حضن الأتراك ضمناً بصورة أو بأخرى، ليتلقى رجب أردوغان خيبته الكبرى بالتخلص من الأكراد كقوة مجاورة له على الحدود مزودة بالسلاح، وبعدم القبول بمشروعه لاحتواء «داعش» ولا بإقامة المنطقة العازلة، حتى يصير السؤال الأهم هل تخوض واشنطن وحلفاؤها معركة «القاعدة» فيعتمد ممثلها الرسمي وتحارب المنشقين عنها لتأديبهم وإعادتهم إلى بيت الطاعة لأن «القاعدة» هي الحليف الرسمي المعتمد؟

الأهم أن سياسة واشنطن الحدودية تعني اللاسياسة تجاه مركز سورية وتعني أن أمن «إسرائيل» تحميه «النصرة» حتى يعود العمل بفك الاشتباك المعمول به منذ عام 1974 وفقاً لواشنطن، مقابل جيب كردي على حدود تركيا لتعديل التوازنات التركية الداخلية، وليست ذات تأثير على الداخل السوري، وكل من الخيارين، لا يشكل عناصر خطة لمواصلة حرب إسقاط النظام في دمشق.

لبنان لم يكن بعيداً عن هذه التطورات بمتابعته لقضية عسكرييه المخطوفين أو بالاعتداءات التي تعرض لها الجيش شمالاً، ولكن بصورة أخص في ترددات كلام النائب وليد جنبلاط المتوافق مع المناخ القائم على تبييض صفحة جبهة النصرة، أو في كلام الرئيس السابق إميل لحود لـ «البناء» بصورة معاكسة كلياً للقراءة الجنبلاطية عن فرصة التعاون مع الجيش السوري لإنهاء أزمة عرسال وعدم الخشية من شق الجيش.

ووسط هذه الأجواء، تواصلت الاعتداءات على الجيش شمالاً وآخرها إطلاق مسلحين النار على دورية للجيش في البيرة قضاء عكار ما أدى إلى استشهاد الجندي جمال جان هاشم. وقد أثارت الجريمة ردود فعل شاجبة لاستمرار الاعتداءات على المؤسسة العسكرية مطالبة بإطلاق يد الجيش في وجه التنظيمات الإرهابية.

إجهاض مخطط للفتنة

وفيما أشارت مصادر متابعة إلى أن استهداف الجيش في شكل يومي يندرج في إطار مخطط لإحداث فتنة في الشمال، رأت مصادر أخرى لـ»البناء» أن اعتراف الموقوف إبراهيم بحلق من عرسال، بقتله المقدم الشهيد نور الجمل في البلدة خلال أحداث الثاني من آب الماضي، أجهض خطة «تيار المستقبل» إثارة الفتنة وكشف نيات الإرهابيين ضد الجيش ولا سيما الضباط السنة». وأكدت المصادر «أن العمليات في طرابلس التي استهدفت الجيش تأتي مواكبة لتقدم التحقيقات في أحداث عرسال وكشف المجرمين».

لحود: الاتفاقيات تتيح لسورية قصف المسلحين

في غضون ذلك، أكد الرئيس إميل لحود في مقابلة مع «البناء» «أن لبنان في خطر وجودي كبير»، لافتاً إلى أن «هناك معاهدات بين لبنان وسورية تستطيع سورية عبر طيرانها قصف المسلحين بالتنسيق مع الجيش اللبناني».

وطالب الرئيس لحود بإعطاء الجيش «أمراً بالدخول إلى عرسال، والتنسيق مع الجيش السوري لمحاربة المسلحين لأن الأمور إذا بقيت على هذه الحال يعني أن «داعش» ستدخل إلى لبنان».

وأكد لحود أن إعطاء الجميع السلسلة باستثناء الجيش يعني ضرب معنوياته. راجع ص 3 .

من جهة أخرى، أكد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «أن وضعنا على الحدود الشرقية للبنان، وعلى الحدود الجنوبية، متينٌ جداً لا تهزه العواصف ولا الثلوج ولا الدواعش ولا النصرة». وقال في احتفال تربوي للحزب: «لسنا قلقين ولا خائفين، سنعمل ما علينا وثابتون في مواقعنا»، معتبراً أنه «إذا أردنا أن ننتهز الفرصة في هذه التعقيدات الموجودة في لبنان فلا بدّ أن نتفاهم مع بعضنا بعضاً، نحن نعلم أن أي اتفاق يتطلب تنازلاً من الأطراف، نحن حاضرون ولكن هل أنتم حاضرون من أجل بناء البلد؟».

وعلى خط آخر، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «أن لبنان لم يعد يستقبل أي نازح سوري، موضحاً أن «الإجراءات التي اتخذتها الدولة للحد من النزوح والمتفق عليها في اللجنة الوزارية وضعت قيد التنفيذ». وأشار إلى أنه سيطرح في اجتماع وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في 30 الجاري في شرم الشيخ، وجوب مشاركة الدول العربية في تحمل وزر اللجوء السوري إلى لبنان كما سيثير الملف في اجتماعات دول مجموعة الدعم الدولي للبنان في27 و28 الجاري. وأكد أنه تم صرف النظر عن فكرة إنشاء مخيمات للنازحين بعدما لم تتوافر التغطية السياسية الكاملة من جميع الأطراف.

من جهته، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال ندوة حول «البلديات ضمانة الاستقرار» في قصر المؤتمرات في ضبية من تنظيم حزب «الكتائب»، أن أكثر من ثلث المقيمين هم من النازحين السوريين، وأشار إلى «أن عدداً من النازحين تسبب بانعكاسات أمنية كبيرة وخطيرة».

وأشار المشنوق إلى أنه بعد أحداث عرسال، ارتفعت بعض الأصوات المنادية بحمل السلاح وحماية القرى، مؤكداً أن مثل هذه الدعوات والإشاعات تحمل في طياتها مخاطر على اللبنانيين وتخدم ضمن أهدافها أعداء لبنان القدماء والجدد، مشدداً على رفضه أي ترويج لمقولة الأمن الذاتي.

وفي الندوة نفسها تناول رئيس حزب الكتائب أمين الجميل موضوع الاستحقاق الرئاسي فرأى أن «كل الجهود ناقصة إن لم نجهد في إنقاذ مؤسستنا الدستورية بدءاً برئاسة الجمهورية»، وقال: «لا نفهم كيف يجهد بعض القادة من أجل إساءة تفسير الدستور وعرقلة الانتخابات الرئاسية ولا يعقل أن يستعمل القوانين لتعطيل انتخاب الرئيس»، مشيراً إلى انه «في البلدان المتحضرة حضور النواب لجلسة البرلمان إلزامي فبأي حجة يتغيب النواب عن حضور جلسات انتخاب الرئيس؟».

جنبلاط جعجع: خلافات عديدة

وحضرت التطورات الأمنية والسياسية في لقاء بين رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب. وأكدت مصادر القوات لـ»البناء» أن «اللقاء كان جيداً وإيجابياً وبحث في كل المواضيع والاستحقاقات، خصوصاً ضرورة الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية التي تشكل مدخلاً لحل الأزمات، وأن المرحلة تستدعي البحث في رئيس توافقي، وأجمع الفريقان على أن العقدة لا تزال عند رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب الجنرال ميشال عون».

ولفتت المصادر إلى أن جنبلاط وجعجع اتفقا على «أن ما يجري في سورية يشكل خطراً على لبنان، وأن على الحكومة بذل كل ما في وسعها للإفراج عن العسكريين»، لافتين إلى «أن الحكومة جادة في ما تقوم به إلا أن شروط الخاطفين غير واضحة». كما اتفق الرجلان بحسب المصادر القواتية «على ضرورة تحصين لبنان قدر الإمكان، إلا أنهما تباينا في طريقة الحل، ففيما أكد جعجع ضرورة مناقشة حزب الله في ضرورة الانسحاب من سورية، أكد جنبلاط أن ذلك لن يساعد فحزب الله لن ينسحب من سورية».

وبعد اللقاء توافق الجانبان على وجود اختلافات في وجهات النظر حيال العديد من المسائل لكن جنبلاط أكد ضرورة الحوار، مشدداً على أن «هنري حلو مرشحنا وما زال».

متفجرات وذخائر قرب منزل ابراهيم

في تطور أمني خطير، عثرت عناصر من الأمن العام في الجنوب، مساء أمس على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة موضوعة في أكياس من النايلون وموزعة في ثلاث مناطق قريبة من منزل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في بلدة كوثرية السياد. وعلى الأثر أبلغ الأمن العام فوج الهندسة في الجيش والشرطة العسكرية الذي قام عناصره بنقل تلك المواد الى احد مراكز الجيش في الجنوب، وبوشرت التحقيقات.

وتجدر الإشارة إلى أن الأمن العام كان أوقف منذ فترة شبكة من السوريين الذين اعترفوا بالتخطيط لعمليات تخريبية ضد اللواء إبراهيم أثناء زيارته بلدته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى