نقاط على الحروف

نقاط على الحروف

من هي «جبهة النصرة» التي يمتدحها يعالون وجنبلاط؟

ناصر قنديل

– قال وزير حرب العدو موشي يعالون قبل يومين: «صحيح أنّ المسلحين ينتشرون هناك، لكن الأمور تحت السيطرة، إذ لم يبق سلاح كيماوي تقريباً في سورية، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش غير موجود على الحدود في الجولان، والجهة التي تسيطر على الحدود هي ميليشيات موالية للجيش السوري الحر، مع وجود في أجزاء من الحدود لجبهة النصرة، لكنها التيار الأكثر اعتدالاً في تنظيم القاعدة».

– أضاف يعالون: «ليس سراً أن الجهات التي تسيطر على الحدود منتفعة من المساعدات التي تتلقاها من قبل إسرائيل، وليس سراً أننا نوفر لهم العلاج الطبي والحليب والغذاء للرضّع ومعدات وبطانيات تقي برد الشتاء، لكن كلّ هذا يأتي في سياق الشرط القائم، وهو أن يمنعوا التنظيمات الأكثر تطرفاً، من الوصول إلى الحدود»… نتذكر حفاضات وبطانيات وحليب النائب عقاب صقر التي تكشفت وفقاً للغارديان عن تجارة للسلاح.

– يعترف يعالون بخطأ التقديرات الإسرائيلية تجاه نيات حزب الله، مشيراً إلى انه «يحتمل أن يكون حزب الله قد راكم ثقة بالنفس أكثر مما قدرنا، وها هو يحاول تثبيت معادلة ردع جديدة على الحدود الإسرائيلية مع سورية ومع لبنان، وهذه المعادلة تنصّ على أن الحزب سيهاجم أراضينا رداً على أي عمل عسكري ينسب إلى إسرائيل في الأراضي اللبنانية».

– يختم يعالون: «إن نظرية بيت العنكبوت لنصرالله صحيحة، لكن تغيّرت الأمور، ونحن في وضع آخر وتصميم آخر».

– قال النائب وليد جنبلاط قبل يومين: «جبهة النصرة والجيش السوري الحر ليسا أعداء ويجب التعامل مع الوضع الجديد في سورية»، مشيراً إلى أنّه لا يعترف بـ»أنّ النصرة إرهابية، بل هم مواطنون سوريون وأحياناً يجب أن نرى المصلحة الوطنية والتأقلم مع الوضع الجديد في سورية».

– قال جنبلاط أيضاً: «يجب أن نرى أين ستكون خطوط النفط الجديدة التي رسمت سابقاً خطوط سايكس ـ بيكو، وأنّ إسرائيل هي من تتحكّم بالقيادة الأميركي «.

– التجارب علمتنا أنّ مواقف جنبلاط بقضايا حساسة من هذا المستوى لا تعبّر عن تسرّع وانفعالية، وهو الذي يحسب جيداً ما يقول، وقد صرّح بوضوح عن طريقته في الحساب، بقوله: «نحن أقلية مسلمة يجب أن نتعايش مع المحيط الإسلامي أكثر من أي وقت مضى في لبنان وسورية وفلسطين، ويجب أن نؤكد إسلامنا وعروبتنا»، مشيراً إلى «أنّ الأصولية موجودة أينما كان ولا يمكن أن نعيش في هذا البحر السني والشيعي».

– إذن جنبلاط يبلغنا مجموعة معطيات، منها أن في هذا البحر السني والشيعي قوتين لا يجوز التصادم معهما لتعبيرهما عن وجدان عام للطائفتين هما حزب الله وجبهة النصرة، ويبلغنا أنّ السياسة الأميركية تصنعها «إسرائيل»، ويعالون يبلغنا ما تريده «إسرائيل»، التعاون علناً مع «النصرة» وتقديم الدعم لها، والنيل من حزب الله وتدفيعه ثمن رفع سقف الردع ويجزم بأنّ الأمور تغيّرت منذ كانت نظرية «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت صحيحة»، على رغم الفشل «الإسرائيلي» المتواصل من حرب تموز 2006 حتى حرب غزة.

– التغيير الوحيد المستجدّ الذي يفسّر رهان يعالون هو التحالف مع «جبهة النصرة»، ووفقاً لمعادلة جنبلاط الصحيحة بأنّ السياسة الأميركية تصنعها «إسرائيل»، فأميركا التي وصف رئيسها باراك أوباما «المعارضة السورية المعتدلة» بالفانتازيا التي تضيّع الوقت والجهد ستتبنّى «النصرة» بوجه سورية وحزب الله تحت غطاء اعتدالها الذي أشاد به يعالون، وتمثيلها للشعب السوري الذي اكتشفه جنبلاط نافياً عنها صفة الإرهاب.

– لأنّ جنبلاط لا يسمح لأحد حتى من حلفائه الأقوى منه أن يغمس في صحنه فهو لا يغمس في صحن غيره، وهو في قضايا أقلّ خطورة وحساسية لا يتخطى خطوط السعودية الحمراء، فكيف في صحن مذهبي يعتبره من مسؤوليتها، وكيف وكلامه نفسه تضمّن دعوة لرفض هبة السلاح الإيرانية، مساهمة منه في المواجهة الناشبة بين إيران والسعودية انطلاقاً من هذا التموضع المطلق حيث تكون السعودية.

– صار في جعبتنا حصيلة تقول من كلام جنبلاط ويعالون أنّ قراراً أميركياً سعودياً باعتماد «جبهة النصرة» كترجمة لخيار «المعارضة السورية المعتدلة» بدلاً من الفانتازيا التي يمثلها الائتلاف المعارض قد اتخذ، وهذا هو خيار «إسرائيل» لتعديل التوازن مع حزب الله.

– سؤال للنائب جنبلاط: هل يشعر بشيء من الكآبة عندما يحقق كلامه ما يريده يعالون في تبييض لصفحة «جبهة النصرة»، خصوصاً أن هذا يجري استعداداً للحرب في وجه حزب الله؟

– ماذا سيفعل جنبلاط بثنائية توازنه في البحر السني الشيعي عندما يستعمل تبييض صفحة «النصرة» للحرب على حزب الله الطرف الثاني في ثنائية جنبلاط؟

– الأهمّ مَن هي «جبهة النصرة» التي يلتقي على اعتمادها وتسويقها جنبلاط مع السعودية وأميركا و»إسرائيل»؟

– «جبهة النصرة» هي فرع تنظيم «القاعدة» في بلاد الشام، وزعيمها أبو محمد الجولاني هو الوكيل المعتمد من قائد تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري والملتزم بشروط البيعة كما تقول بيانات الظواهري، وهي من يجسّد سياسات ووجود القاعدة في لبنان وسورية وفلسطين وهي الدول التي يهمّ «إسرائيل» كما يهمّ جنبلاط رسم الموقف من القاعدة على جغرافيتها علماً أنه بتاريخ كانون الأول 2012 قامت الحكومة الأميركية بتصنيف «جبهة النصرة» على أنها جماعة إرهابية وفي 30 أيار 2013 قرّر مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة بالإجماع إضافة «جبهة النصرة لأهل الشام» إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعة لتنظيم «القاعدة».

– مبروك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى