السيول تجرف الطرقات وتجتاح المنازل والبساتين في عكار والضنية… ولا خيرَ مأمولاً من «إغاثة الدولة»!

قام أمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، يرافقه فريق من المهندسين برئاسة استشاري الهيئة المهندس علي الحاج ـ «شركة خطيب وعلمي»، بجولة تفقدية على عدد من المواقع التي تضرّرت من العاصفة خلال اليومين الماضيين في عكار.

المحطة الأولى كانت في بلدة المحمرة، حيث رافق خير في الجولة رئيس البلدية عبد المنعم عثمان الذي قدّم له شرحاً عن أبرز المشاكل التي حصلت نتيجة العاصفة والسيول وفيضان نهر البارد، الذي اجتاح عدداً من المنازل والأراضي الزراعية والمحال والمستودعات التجارية في خراج البلدة، وبعض العبّارات والجسور الصغيرة التي تصدّعت.

المحطة التالية كانت في بلدة ببنين، حيث اطّلع الوفد أوّلاً على مجرى قناة ري نهر البارد التي تعبر عدداً من القرى، ومنها ببنين وبرج العرب، الأكثر تضرّراً من هذه العاصفة.

ثم كان لقاء مع رئيس بلدية ببنين الدكتور كفاح كسار وأعضاء المجلس البلدي في دار البلدية، وقدّم الكسار تقريراً مفصلاً عن الأوضاع الكارثية التي تسبّبت بها العاصفة والسيول الناتجة من الأمطار التي تدفقت بغزارة غير مسبوقة، واصفاً ما حصل بالكارثة الطبيعية التي يجب عدم التقليل من حجمها.

ولفت الكسار إلى أنّ البلدية بذلت جهوداً جبّارة على مدى يومي السبت والأحد الماضيين، وساهمت جرّافاتها في تنظيف المجاري والأقنية والحقول من الوحول التي حملتها السيول. ودعا الهيئة العليا للإغاثة إلى تعويض الأهالي المتضررين والمساهمة في إعادة ترميم العبّارات والجسور والأقنية التي صدّعتها الفيضانات. رافضاً تحميل البلديات أيّ مسؤولية من جرّاء هذه الكارثة التي فاقت كل التوقعات. مناشداً رئيس الحكومة والوزراء المعنيين التدخل والسعي إلى إقرار تعويضات للأهالي المنكوبين، إذ إن هناك خسائر كبيرة جداً سواء في المنشآت أو الممتلكات أو المزروعات.

وفي ختام الجولة قال الخير: «هذه الجولة تفقدية استطلاعية، الهدف منها الاطلاع على الأرض على واقع ما هو حاصل وحجم الأضرار، على أن يُعمَل لاحقاَ على إعداد تقرير مفصّل بالتعاون مع البلديات ومع الفريق الاستشاري الهندسي لدى الهيئة والذي رافقنا في هذه الجولة بشخص المهندس علي الحاج. بتوجيهات من الرئيس تمام سلام سنقوم بما يلزم وبما هو مناط حصراً بعمل الهيئة المحصور عملها بإعادة ترميم العبّارات والطرقات وجدران دعم الطرقات وفتح الطرقات لتأمين حركة التواصل بين البلدات والقرى المتضررة وتأمين السلامة العامة».

وأضاف: «من خلال المشاهدات، ما حصل عبارة عن أمطار غزيرة على مدى ساعتين من الزمن تسبّبت بالوضع القائم، وأنا لم ألمس أنّ هناك كارثة طبيعية وما شاهدناه أنّ الأضرار التي حصلت ناتجة عن هذه الكمية من المياه المتساقطة التي لم تجد لها منافذ مفتوحة لها لتصريف هذه الكمية الكبيرة من المياه».

وسجّل الخير عدداً من الملاحظات كضرورة تعزيل مجاري الأنهر وأقنية تصريف المياه الشتوية ورفع التعدّيات عن هذه المجاري والأنهر. وقال: «هناك قانون يمنع التعدّيات على مجاري المياه وإزالتها من على مجاري الأنهر، وهذا أمر من شأنه الحدّ من مخاطر الفيضانات التي تحصل بحلول الشتاء. وعلى المسؤولين المعنيين التحوّط لهذا الامر كما هو مفترض وعلى الجميع أن يتحمّلوا مسؤولياتهم. والملاحظة الثانية أن هناك عدم تقيد بالشؤون الانشائية، إذ إنّ القسم الاكبر من التصوينات المنشأة من دون أساسات، وهذا يعني أنّ انهيارها أمر وارد في أيّ لحظة، على البلديات مراقبة الشؤون الانشائية ضمن نطاق عمل كل بلدية ومن ضمن التقيد بالشؤون الانشائية وتأمين التراجعات عن الطرق العامة ومجاري الأنهر والاودية وأقنية الري والتصريف الشتوية وتأمين أقنية صرف مياه الأمطار في الطوابق السفلية للأبنية».

وأكّد الخير أنّ الهيئة العليا للإغاثة من غير الوارد عندها تقديم مساعدات لتعزيل البيوت أو المستودعات من الوحول التي تسرّبت إليها، أو دفع بدل أثاث منازل، وقال: «الهيئة ستساعد، كما قال الرئيس سلام، المواطنين في فتح الطرقات المقفلة وإزالة التعديات التي تشكل خطورة على المباني، ترميم العبارات وتأمين الجسور، وخلاف ذلك أمر غير وارد. وكل ما يتعلق بالسلامة العامة سنعوّض عليه، ولكن أي أضرار ناتجة عن إهمال شخصي الهيئة لن تعوض، وكل مؤسسة يجب ان تقوم بواجباتها، أما بشأن المسح العام للأضرار فانه يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء».

وختم الخير: «إزاء الوضع القائم وشكوى الأهالي علينا أن نتعاون جميعاً مع بعضنا كوزارات معنية وبلديات ومواطنين وكهيئة عليا للإغاثة لمعالجة الامور وتجاوزها».

وكان خير قد تفقد الأضرار في المنية وبحنين. ثمّ أكمل جولته على المناطق التي تضررت بالعاصفة في الضنية، خصوصاً بقاعصفرين، جرد النجاص، وبقرصونا.

وبعد الجولة قال الخير: «إن الكارثة كبيرة جداً ولا يمكن حصرها في وقت محدّد، لأن الأضرار والخسائر فادحة ومكلفة، والهيئة لا تملك ما يمكنها من تعويض هذا الحجم من الأضرار». مضيفاً: «على المسؤولين في الدولة تأمين إمكانيات مالية كبيرة لرفع الضرر عن أبناء المنطقة».

أضرار العاصفة في الضنية

وكانت تقارير عدّة وردت تباعاً منذ يوم السبت الماضي، وتفيد بأنّ أضرارً كبيرة وقعت في بعض مناطق الشمال، لا سيما عكار والضنية.

إذ تضررت شبكة مياه الشرب في بلدات وقرى جرد الضنية ووسطها بسبب العاصفة، ونتيجة تدفق السيول والأتربة والصخور على مصادر المياه والينابيع، ما أدّى إلى انقطاع المياه عن عدد كبير من المنازل.

وتسببت الأمطار الغزيرة في تسرّب الأتربة والوحول إلى الينابيع، ما أدّى إلى جعل مياه الشرب في المنطقة عكرة وغير صالحة للاستعمال.

كما أفيد عن نحو خمسين عائلة في بلدة قرصيتا في أعالي جرود الضنية، أمضوا ليلتهم خارج بيوتهم ليل السبت ـ الأحد، بسبب الأضرار التي لحقت بمنازلهم، من جرّاء الفيضانات والسيول التي ضربت البلدة، إذ اضطرت هذه العائلات إلى المبيت عند أقارب لها في البلدة وخارجها، بعدما أصبحت غالبية بيوتهم غير صالحة للسكن كلّياً، إما بسبب كميات المياه والأتربة والحجارة التي دخلتها، أو نتيجة تصدّعات أصيبت بها.

وأدّت الأمطار والسيول التي تدفقت في البلدة، إلى إصابة المواطن عامر زين الدين بجروح متفرقة في جسمه، بعد دخول السيول إلى منزله، ما أدّى إلى انهيار شرفة منزله التي كان واقفاً عليها، ونُقل إلى مستشفى الضنية الحكومي للمعالجة.

وأوضح رئيس البلدية محمد علوش في اتصال مع «الوكالة الوطنية للإعلام» أن هذه العائلات تحتاج إلى مساعدات عاجلة لإيوائها، لافتاً إلى أن أكثر من نصف طرقات البلدة ما تزال مقطوعة، أما الطرقات الأخرى فقد فتحت جزئياً.

وناشد علوش المسؤولين والجهات المعنية إغاثة البلدة بسرعة وبشكل جدّي، لا الاكتفاء بالتصريحات، لأنها أصبحت بلدة منكوبة بكل معنى الكلمة.

كما ناشد رئيس اتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، في بيان، الجهات الرسمية المبادرة فوراً إلى إنقاذ الضنية ومساعدتها بعد الكارثة الطبيعية غير المسبوقة التي تعرّضت لها، والتي لم تبق بلدة أو قرية أو بيتاً في جرد الضنية ووسطها إلا وألحقت به أضراراً كبيرة.

واعتبر أن الكارثة التي حلت بالضنية، والأضرار التي أصابتها، تستدعي استنفار كل الطاقات والورش من أجل رفع الضرر وإصلاحه، والتعويض فوراً على كل من تضرّر ولحقت به خسائر، وقضت على مصادر رزق غالبية المواطنين في المنطقة وعلى جنى عمرهم وتعبهم.

ورأى أن السبب الرئيس للكارثة يعود إلى عدم وجود بنى تحتية جاهزة لتلافي وقوع أضرار وخسائر، وأن إهمال الدولة المتمادي للمنطقة طوال العهود السابقة، يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية لما أصاب الضنية اليوم.

ونبّه سعدية من أن الضنية مقبلة على كارثة أكبر إذا لم يتم تفادي الوضع فوراً، خصوصاً أن موسم الشتاء ما يزال في بدايته، وفي حال لم تُستنفَر الطاقات كافة، فإن الكارثة ستكون أكبر.

وأفادت معلومات بأنّ المدارس الرسمية والخاصة في بلدات وقرى جرد الضنية، أغلقت أبوابها صباح السبت أمام التلامذة والأساتذة الذين عادوا إلى بيوتهم أو ظلّوا فيها بسبب الأمطار والسيول التي سببت انقطاع غالبية الطرقات المؤدّية إليها.

وأوضح عدد من مديري المدارس الرسمية في المنطقة، أنه بسبب الأمطار الغزيرة لم يتسنّ لهم الوصول إلى مدارسهم وتفقدها، ومعرفة الأضرار التي خلفتها العاصفة.

وأفادت تقارير أنّ الجسر الذي يربط منطقة عيون السمك ببلدة قرحيا والذي يؤدّي إلى بلدة بطرماز، قد انهار، وأدّى ذلك إلى تضرر منزلين.

كما أنّ الورش الفنية التابعة لبلدية بخعون ـ الضنية والدفاع المدني، أعادا فتح طريق جسر بخعون ـ طاران، الذي يربط بين وسط المنطقة وجردها، بعدما سدّته الأتربة والوحول التي تدفقت مع السيول نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت ليلاً بغزارة غير مسبوقة.

وأوضح رئيس بلدية بخعون الدكتور عاهد عبيد في اتصال مع «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الساتر الترابي الملاصق للجسر انهار جزء كبير منه نتيجة تدفق سيول ضخمة عليه من الجبل المشرف عليه، وأن عمال البلدية وعناصر الدفاع المدني قد أمضوا ساعات في إزالة الأتربة والحجارة عن الجسر تمهيداً لإعادة افتتاحه جزئياً أمام المواطنين.

ودعا إلى إنشاء جدار إسمنتيّ بدلاً من الجدار الترابي على طرف الجسر، كي لا يتكرر هذا الأمر مجدداً، وتجنباً لوقوع أضرار وانهيارات مستقبلاً.

وكانت بلدية بخعون قد أعادت أيضاً افتتاح طريق فرعي في حي حقليت في البلدة، بعدما أغلقته الأتربة والحجارة بسبب السيول، وعزلت الأهالي المقيمين في الحي عدة ساعات.

كما أدّت الأمطار والسيول التي هطلت بغزارة ليل الجمعة ـ السبت في الضنية، إلى انهيار عبّارة للمياه تربط بين بلدتَيْ عين التينة ونمرين في أعالي جرود الضنية، وأيضاً إلى ردم بئر المياه الوحيدة في المنطقة، كما أدّت إلى زحل أراض وأتربة وانهيار جدران طرقات فرعية ما أدّى إلى عزل أربعة منازل في خراج بلدة قرصيتا المجاورة. وناشد سكان هذه المنازل الجهات المختصة التدخل لمساعدتهم، بعدما صاروا معزولين عن العالم الخارجي.

… وفي عكار

وبعدما قامت فرق الإسعاف في الصليب الاحمر اللبناني في منطقة عكار بإجلاء عددٍ من أبناء العائلات السورية في عددٍ من القرى والبلدات العكارية، بدأت أمس وحدة إدارة الكوارث في الصليب الاحمر، بمسح ميداني سريع لحاجات الأسر المتضررة من الفيضان، لا سيما في بلدة قبة شمرا، ووزعت على 140 عائلة سورية و40 عائلة لبنانية بطانيات وشوادر.

وفي بلدة برج العرب، غمرت المياه المتدفقة من قناة ري نهر البارد المنازل وألحقت أضراراً كبيرة بأثاثها ودفعت بالعائلات إلى اللجوء إلى الطوابق العليا، كما غمرت المياه السيارات على طرقات البلدة الداخلية.

والامر لم يكن بأفضل في بادة المحمرة ومخيم نهر البارد، إذ فاضت مياه النهر ودخلت المشاريع الزراعية وخرّبتها لتصل إلى داخل المنازل والمستودعات والمحال التجارية.

وناشد رئيس بلدية المحمرة عبد المنعم عثمان الجهات المسؤولة في الهيئة العليا للإغاثة بتفقد المنطقة ومسح الأضرار مع البلديات والتعويض على الأهالي والمزارعين خسائرهم.

وفي بلدة ببنين جرفت السيول السيارات كما الحجارة، وألحقت ضرراً كبيراً بالممتلكات.

أما رئيس بلدية الحميرة الياس سليمان فقال إن طريق الدير وجدران الدعم في البلدة قد جرفتها السيول التي خربت البساتين والحقول.

ولفت رئيس بلدية بزال حاتم عثمان إلى أن الخسائر أكبر بكثير من قدرة الأهالي والبلديات وعلى الدولة المسارعة للوقوف إلى جانب الأهالي المنكوبين. مشيراً إلى أنّ طرقات البلدة تحولت إلى أخاديد ومثلها طرقات جرد القيطع والبساتين.

وأفادت معلومات بأنّ الأمطار الغزيرة أدّت إلى انهيار جلّ مزروع بالزيتون في منطقة برقايل عكار ـ حي عين الخنزير، على منزل المواطن علي عبد الكريم موسى، الذي ناشد البلدية مساعدته لكن من دون جدوى، لأنها لا تملك المعدّات اللازمة، لافتاً إلى أن الأمطار إذا استمرت على هذا النحو فإن المنزل سيتضرّر أكثر.

إلى ذلك، أزال عمّال الصيانة في بلدية حلبا ـ عكار أمس، الأتربة التي قطعت الطريق أمام دخول الموظفين وسياراتهم إلى سراي حلبا، بسبب غزارة الأمطار ليل السبت ـ الأحد.

وناشدت بلدية بيت الفقس ـ المنية، في بيان، رئيس الحكومة ووزارة الأشغال العامة والجهات المعنية مسح أضرار العاصفة التي أدّت إلى انهيار بعض المنازل في حي آل طالب وآل شحادة، ودخول المياه والاوساخ والأتربة إلى معظم منازل البلدة، كما أدّت إلى قطع أكثر من طريق في البلدة. وطالب رئيس البلدية مصطفى ديب بالإسراع في تعبيد الطرقات وترميم جدران الدعم على جانب الطرقات في داخل البلدة وفي خارجها.

سيل الفاكهة

وأمس، أفادت معلومات أنّ الأمطار الغزيرة تسبّبت بسيل جارف في بلدة الفاكهة ـ البقاع الشمالي، وعبر السيل الجسر عند طريق بعلبك ـ الهرمل في محلة الجديدة، محمّلّاً بالأتربة والأحجار وصولاً إلى السهول المجاورة، ومجرى نهر العاصي في الهرمل، ومصدر هذا السيل سلسلة الجبال الشرقية في جرود رأس بعلبك والفاكهة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى